رد: الدولار الأميركي: ينتظر الدولار الأميركي بروز معالم اتجاه واضح للمخاطر، وهو يتطلّع الى
اتّبع الدولار خلال الأسبوع المنصرم مسارًا تخيّم عليه تذبذبات نسبيّة؛ إلا أن العملة الموحّدة لم تبدِ أي استعداد لتوسيع الاتجاه الهابط الذي ساد تجاراتها لشهرين أو لبذل الجهود اللازمة لتحقيق الانتعاش الذي تتوق إليه الأسواق. وقد يتمثّل العبء الذي يثقل كاهل الدولار الأميركي ليس في افتقاره للتوجيه الأساسي وإنما في وفرة البيانات. وقد شكّلت سلسة البيانات الاقتصاديّة المخيّبة للآمال، الى جانب قراءات الأرباح للفصل الثاني المشكوك بها، ونشوء عوامل خطر جديدة تهدّد الاقتصادات العالميّة وبالتأكيد دور الترسيخ الذي اضطلعت فيه اختبارات التحمّل للاتحاد الأوروبي قوّة تدفع العملة الى مواقع غير مألوفة. ويحفل الأسبوع المقبل بالعديد من الملابسات المماثلة؛ مع ذلك، من المرجّح أن نجد هذه المرّة ما يكفي من التوافق على النمو واتجاهات المخاطر لاسترداد مسار تحركات الأسعار – سواء كان إيجابيًّا أو سلبيًّا.
أولا وقبل كل شيء، يحمل دور الدولار الأميركي كعملة ملاذ آمن التأثير الأكبر على الاتجاه وكثافة تحركات الأسعار؛ إلا أن هذا التيّار الأساسي نفسه ليس مؤكّدًا. ويبدو أنّ الأسواق تلقّت نتائج اختبارات التحمّل الصادرة عن الاتحاد الأوروبي بشعور من اللا مبالاة أو ربما كمفاجأة سارّة. ولكن في الواقع، لا يزال يتعيّن علينا أن نرى ردود فعل حقيقيّة ازاء هذه التفاصيل، وإجماع عام على التقرير. وعند صدوره يوم الجمعة المنصرم، تعمّد الساسة نشر التقرير في إعقاب الإقفال الرسمي للأسواق الأوروبيّة لتقتصر ردود الفعل على الأسواق الغربيّة فقط؛ حتّى أنّه لم يكن لديها سوى بضع ساعات فقط للاستجابة لهذا الوضع المعقّد. وإذ يمتلك المشاركون في الأسواق أسبوعًا كاملا لقراءة التقرير المؤلّف من خمس وخمسين صفحة، يمكنهم التحديد بأنفسهم ما إذا كان مدعاة للطمأنينة. ومع ذلك، فإن السيناريوهات المتساهلة المبيّنة أعلاه، الى جانب عدم الأخذ بعين الاعتبار انكشاف الديون السياديّة والافتقار العام الى الدعم إذا ما تدهورت الأوضاع بشكل كبير توفر جميعها مبررات كثيرة تثير الشكوك.
والأكثر من ذلك، يبدو أن المحفزات المحتملة للمخاطر باتت تتضاعف. ويمكن لاختبارات التحمّل التي نشرت في الأسبوع المنصرم الحدّ فقط من المخاوف أزاء قدرة أبرز مصارف المنطقة على توفير التمويل. ولا يؤكّد هذا الأمر تحسّن الوضع الاقتصاديّ للاتحاد الأوروبي وحصول الحكومات على التمويل. وعلاوة على ذلك، قد تشعل دول محيط المنطقة نارًا من المرجّح أن تمتدّ الى صميمها. فقد تمّ تناقل أنباء حول خضوع هنغاريا لتخفيض في تصنيفها من قبل ستاندارد أند بورز؛ ومن الممكن أن تعدّ الأزمة التي تنشأ هنا مدعاة للقلق تمامًا كما تلك التي اندلعت في اليونان. ويعود تركيز الاهتمام على منطقة اليورو الى مبرر رئيسي. تحتلّ هذه السوق وصحّة الاقتصاد مركز الثقة في الوقت الراهن؛ ولكن على اعتبار اليورو النظير الرئيسي للدولار، من المرجّح أن يعيد مستقبل العملة الموحّدة تحديد مركز الدولار. وعلى نطاق أوسع، قد نلحظ بروز حاجّة ملحّة لملاذ آمن عند نشوء أي اضطرابات في الصين، أو في الأسواق الناشئة أو حتى على الصعيد المحلّي. ويشير تقرير نشرته وكالة بلومبرغ الى أن الحكومة في الصين قد تواجه صعوبات في سداد 23% من القروض التي حازت عليها من المصارف والبالغة قيمتها 1.1 تريليون دولار بعدما فشلت في تحقيق الأرباح. وقد لحظنا بعض أوجه التشابه في تقرير مثير للاهتمام نشره بنك اليابان ما بين القرار الذي يواجهه قادة الأسواق الناشئة والوضع الذي ساد في اليابان في 1980 حيث أدّى اعتماد سياسة فضفاضة الى ضياع عشر سنوات.
لا تعدّ المخاوف من نشوء أزمة العامل الوحيد الذي يحدّد الاتجاه. إذ يتجسّد شعور التفاؤل الكامن في النمو والفوائد المترتّبة عنه. مع ذلك، يتوقّع أن يشهد العالم تراجع مستويات التوسّع خلال الأشهر المقبلة. وسنرى إذا ما كانت هذه هي حالة أوسع اقتصاد في العالم يوم الجمعة. يقدّر الخبراء الاقتصاديّون تراجع الوتيرة السنويّة للنمو من 2.7 الى 2.5 خلال الفصل الثاني. لا يشكّل هذا الأمر نموذجًا للعالم فقط، وإنما يقلّص قوّة الدولار النسبيّة عند مقارنته بنظرائه.
Daily FX
المواضيع المتشابهه 
