هل نشهد سقوط الرأسمالية؟

قليل من التمعن في حركة «احتلوا وول ستريت»، يعطينا انطباعاً ذهنياً واضحاً بأنها أول حركة احتجاج شعبية إيجابية كبيرة من نوعها في التاريخ الحديث للرأسمالية العالمية وأنظمتها السياسية والاجتماعية، فما سبقها من حركات لم يتعدَ السلبية وإيذاء الذات، مثل انتشار ظاهرة «الهيبيين» بين الشباب في الستينات، وتنامي ظاهرة حقوق الشواذ، في العقدين الأخيرين، أما على الجانب الإيجابي فلم نشهد سوى بعض الاحتجاجات على المؤتمرات الاقتصادية العالمية، مثل مؤتمرات «منظمة التجارة العالمية»، و«مجموعة العشرين»، وحلقات «منتدى دافوس»، وغيره من المنتديات التي تجمع أعداداً من المفكرين والخبراء، إضافة إلى المتلقين، خصوصاً من العالم الثالث، للفكر الرأسمالي والتوجهات المستقبلية لنموه.

والحقيقة أنه بعد تفكك الاتحاد السوفييتي إلى خمس عشرة دولة في الفترة من 11 مارس 1990 إلى 25 ديسمبر 1990، هيمنت الرأسمالية على العالم، واندفعت عنيفة مدمرة كالإعصار الجارف الذي لا يقف في وجهه شيء، وبدأ التهافت على فكرها وتطبيقاتها من الدول كافة، التي كانت قد فرضت عليها الاشتراكية تحت ظروف معينة، وفي مقدمتها روسيا الاتحادية ودول أوربا الشرقية، ودول العالم الثالث كافة التي كانت تدور في الفلك السوفييتي.

ولقد منحت هذه الفرصة التاريخية، في التفرد للرأسمالية، أقصى ما يمكن أن يمنح لمذهب اقتصادي بالتعبير عن نفسه بأبلغ ما يمكن من وسائل التعبير، فأنشأت «منظمة التجارة العالمية» لتحل محل ترتيبات قديمة للتعرفة الجمركية، وبدأ سحب البساط من تحت أقدام الحكومات لصالح ملاك الشركات الكبرى، الذين أصبحوا قادرين للمرة الأولى في التاريخ على رسم وتنفيذ استراتيجيات الصناعة والتجارة، والتعاملات كافة بما فيها السياسية بين الدول، وتنامى دور منتديات النخبة الاقتصادية حتى لم تعد تكفيها الدنيا بما اتسعت، فاستولت على عجلة القيادة في سفينة التجارة والتعاملات الاقتصادية العالمية، وبدأ الحديث عن العولمة والقرية الصغيرة، وحتى الحكومة الكونية الواحدة التي تتنازل فيها الدول القومية عن جزء من سيادتها لمصلحة ورفاهية العالم.

وفي معمعة النشوة بالرأسمالية الجديدة، التي نقلت ما عرف بالحلم الأمريكي بالثروة والرفاهية إلى كل بيت وريف وقفر في أنحاء العالم كافة، لم يتوقف أحد كثيراً عند الركائز الخطيرة للفكر الذي يستند إليه النظام الاقتصادي الرأسمالي، ومنها الركائز الثلاث التي أودت برفاهية المجتمعات والأفراد، وزادت من تعداد جموع الفقراء والجياع، وقادت دولاً عدة في العالم إلى إعلان إفلاسها، أو الوقوف على حافته. وأهم هذه الركائز الملكية المطلقة بلا قيد ولا شرط لأموال طائلة يمكن الحصول عليها بطرق وأساليب قد تكون محظورة وفق المبادئ والقيم الإنسانية المتعارف عليها، ومنها ركيزة التمويل بالفائدة الربوية، ومعالجة الديون بمزيد من الديون، ومنها تعزيز الجانب المالي «الوهمي» في الاقتصاد على حساب الجانب الحقيقي «الملموس».

والحقيقة أن النظام أرسل علامات متعددة على فشله الذريع في الحفاظ على مكتسبات الناس في الانهيارات المتعددة للأسواق المالية، التي كان أشهرها سنة 1928، فيما عرف بـ«الكساد الكبير».

وعلى الرغم من التعديلات والتحسينات التي أدخلت على النظام على مدى السنوات الخمسين اللاحقة، إلا أن انهياراً مالياً كبيراً آخر ضرب «وول ستريت» على أبواب التسعينات سنة 1987، ولكن العالم لم يقف عنده كثيراً؛ بسبب اشتداد أوار الحرب الباردة، وظهور علامات السقوط المدوي للاتحاد السوفييتي، ثم ما لبثت مجموعة دول جنوب شرق آسيا، التي عرفت بـ«النمور الآسيوية»، أن استيقظت ذات صباح سنة 1997 لتجد بنوكها خاوية من الأموال، وأسهمها مرمية في البورصات لمن يأخذها من دون ثمن، وعقاراتها تنعق فيها الغربان، وبدأنا نسمع، حينها، عن الأموال الساخنة التي ينقلها الكبار عبر الإنترنت من سوق مالي إلى آخر؛ فتجرف في طريقها الأرباح، وتترك لأهل البلاد الحسرات، وبدأنا نسمع بأن المال لا وطن له، وأن الرأسمالي إنسان عالمي.

ولم ننجُ في منطقتنا العربية من بعض كرامات الرأسمالية بتضخم أسواقنا المالية، وانهيارها المروع سنة 2006، وسقوط معظمنا في فخ المديونية، واقتصاداتنا في وحل الركود أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية، التي صدرتها الولايات المتحدة للعالم ابتداء من الربع الأخير من 2008، ومازالت تطل برأسها البشع حتى هذه اللحظة مؤذنة بمزيد من الإفلاسات على مستوى الدول، وعلى مستوى الأفراد.

في الولايات المتحدة، وفي الدول التي أعجبت بتطبيقاتها الرأسمالية واعتمدتها، فقد الناس بيوتهم التي بنوها من خلال نظم الرهن العقاري، وبيعت، في المزاد العلني، بأسعار لا تخطر على بال، وصلت إلى دولار واحد فقط في بعض الحالات، وفقد آخرون مدخراتهم من خلال المشتقات المالية المختلفة التي ابتكرت؛ لتذويب أموالهم.

ولذلك لا أعتقد أن حركة «احتلوا وول ستريت»، التي بدأت فوق جسر بروكلين في 5 أكتوبر 2011 وما لبثت أن تمددت فيما يزيد إلى ألف مدينة أمريكية وعالمية، هي حركة عابرة أو موجة غضب ما تلبث أن تخمد، بل هي حركة تصحيح رئيسة قد تنسف النظام الرأسمالي من جذوره، أو تحدث فيه تغييرات جوهرية، وتفرض عليه أدوات ضبط وردع، تمنعه من العودة إلى سيرته الأولى.
منقول

التوقيع

'' اللهم إني أسالك إيمانا دائما وأسألك قلبا خاشعا وأسألك علما نافعا وأسألك يقينا صادقا وأسألك دينا قيما وأسألك العافية من كل بلية '
دعاء دخول السوق
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير
{الحمدلله الذي تواضع كل شيء لعظمته}
{الحمدلله الذي استسلم كل شيء لقدرته}
{الحمدلله الذي ذل كل شيء لعزته}
{الحمدلله الذي خضع كل شيء لملكه}

نعم بالطبع سيسقط اى نظام فاشل و قابل للسقوط.....قوانين فيزيائية بحتة....شكراً على النقل

التوقيع

عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي وقال :" حديث حسن صحيح "

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام عبد العظيم

نعم بالطبع سيسقط اى نظام فاشل و قابل للسقوط.....قوانين فيزيائية بحتة....شكراً على النقل

السلام عليكم
اخي حسام فعلا كلامك صح سيسقط اي نظام فاشل بس هل سيسقط بنظام ام بفشل

التوقيع

'' اللهم إني أسالك إيمانا دائما وأسألك قلبا خاشعا وأسألك علما نافعا وأسألك يقينا صادقا وأسألك دينا قيما وأسألك العافية من كل بلية '
دعاء دخول السوق
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير
{الحمدلله الذي تواضع كل شيء لعظمته}
{الحمدلله الذي استسلم كل شيء لقدرته}
{الحمدلله الذي ذل كل شيء لعزته}
{الحمدلله الذي خضع كل شيء لملكه}

جزاك الله خير
أخي / محمد
الرأسمالية صعب نقول أنها يمكن أن تسقط
الحكاية ببساطة مثل شخص عنده 100 مليون دولار ونظراً لظروف معينة خسر 5 مليون فهو يتكلم عن خسارته الـ 5 مليون والفقراء يتكلمون معه ونسوا أنه مازال أغناهم
أتمنى يكون المعنى وصل

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمود 1

جزاك الله خير
أخي / محمد
الرأسمالية صعب نقول أنها يمكن أن تسقط
الحكاية ببساطة مثل شخص عنده 100 مليون دولار ونظراً لظروف معينة خسر 5 مليون فهو يتكلم عن خسارته الـ 5 مليون والفقراء يتكلمون معه ونسوا أنه مازال أغناهم
أتمنى يكون المعنى وصل

السلام عليكم
اهلا ابو محمود
مشكور علي التوضيح

التوقيع

'' اللهم إني أسالك إيمانا دائما وأسألك قلبا خاشعا وأسألك علما نافعا وأسألك يقينا صادقا وأسألك دينا قيما وأسألك العافية من كل بلية '
دعاء دخول السوق
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير
{الحمدلله الذي تواضع كل شيء لعظمته}
{الحمدلله الذي استسلم كل شيء لقدرته}
{الحمدلله الذي ذل كل شيء لعزته}
{الحمدلله الذي خضع كل شيء لملكه}