طوال رحلة بحثى فى سبر اغوار هذا العالم الساحر التعقيد السهل مصادقته لطالما كانت امامى هذه الاية و غيرها الكثير مما يثبت بما لا يدع مجالا للشك بان علم الغيب و المستقبل ليس من الخصائص الانسانية و كيف ان الايمان بهذا يخالف الايمان بمبدأ التعامل مع هذا السوق الا و هو توقع المستقبل
نعم اضع اعتبارات كثيرة للاجتهاد فى العمل و التنظيم الجيد له و الالتزام بما جاء فى المسار المتوقع و بعد كل ذلك ياتيك رزقك المكتوب دون زيادة او نقصان و ما عليك الا الحمد فى كل الاحوال , لكن مع كل ذلك تظل هناك حلقة مفقودة لدى الكثيرين عن المعنى الملموس او المادى لعلوم التحليل جميعها و كيفية ربطها بطرق التداول و ربما يتضح هذا اللبس فى المعنى بالنظر الى التعريف التالى:
علم التحليل(اى كان نوعه) : هو تخطيط المسار المستقبلى للسلعة بناء على المعطيات الحالية و محاولة استقراء نتائجها المحتملة بمساعدة تاريخ تعاملات السلعة السابقة
اذن لا توقع مطلقا فى الموضوع انما تقييم الوضع من عدة زوايا و رسم اغلب الاحتمالات الممكنة بناء على سلوك السلعة نفسها و بدون ادنى شك هذا يستلزم القدر الجيد من اساسيات هذا العلم و الا ما كان هناك قيمة للاجتهاد فى العمل
انطلاقا من هذا المبدا يخرج لدينا تعريفا اخر الا و هو التداول
علم التداول(اى كان نوعه): هو علم يختص بترجيح احتمال او اكثر من الاحتمالات المخطط لها مسبقا و محاولة اتباع هذا المسار كلما امكن ذلك
هنا ايضا لا نجد توقعا من اى نوع فقط خطة مرسومة مسبقا تحاول دائما ان تظل لصيقا لها كلما امكنك ذلك اى انه ليس ضروريا ان تظل دائما داخل السوق فمهما حاولت و اجتهدت لن تكتسب صفة من صفات الالوهية الا و هى علم الغيب لكن على قدر معارفك و تجاربك و خبراتك السابقة و امكانياتك فقط هى ما تؤهلك لان تكون رابحا فى سوق اغلبه من الخاسرين و عندما تتحدث عن الامكانيات الفردية يجب ان تنقسم الى عاملين متضادين فى الاتجاه متفقين على الاهداف متساويين فى التاثير على مجريات تجربتك باكملها
الاول هو العامل المادى و بالنسبة للمتداول يتمثل فى العلاقة ما بين كمية المعارف و المعلومات التى يحصلها دوما سواء بالتعلم او بالتجربة و مدى قدرته على التطبيق و الاستفادة من هذه التجارب للخروج بربح و لذلك تجد ان هناك من يجتهد لسنوات لتحصيل قدر معين من العلم فى حين ان هناك من يستطيع الربح و تحصيل نفس القدر بوقت اقل لان عقله مهيأ للتطبيق بصورة اسرع و بالنظر لهذا العامل فانه اما ان يكون هبة تولد مع الشخص دون غيره او شخص استطاع تنمية القدرة التطبيقية له و هذا لا ياتى الا مع الوقت و البحث المتواصل و هذه النقطة تم الحديث فيها على مدار سنوات سابقة من خلال الابحاث القائمة على دراسة سلوك العباقرة و المفكرين و اختلافه عن سلوك الاشخاص العاديين لكن لم يتم الاشارة الى تطبيقاته على كل المجالات و خصوصا اسواق المال لان هناك العامل الاخر المؤثر على المتعاملين بها و الذى يتمثل فى
العامل المعنوى و الذى يمثل لدى المتداول العامل النفسى لكن كثيرا ما نقرا هذا المصطلح و من معظم المتعاملين لكن دون الاشارة الى كيفية التحكم بمشاعر الخوف و الطمع و الطموح و الرغبة و الفضول و هى المشاعر الاساسية المؤثرة على المتعاملين باسواق المال فى حين ان البحث فى اصل الاشياء هو ما يوجهك دائما ان تشعبت فروع الشىء فستجد ببساطة ان العامل الثانى بكل ما يحويه يمكن ان نلخصه فى مفهوم الثبات الانفعالى
فمع هذا الكم من المؤشرات و انواع التحليل و تقنيات التداول ستجد ان الجميع تقريبا يتفق على نقطة واحدة على التشارت لكن يبقى التعامل مع هذه النقطة سواء بالبيع او بالشراء رهينة الثبات الانفعالى للمتداولين على مستوى العالم و مدى ترجيح كفة اى منهم و ثقته فى الاتجاه بخلاف المعسكر الاخر
علميا الثبات الانفعالى هو قدرة الشخص على السيطرة على انفعالاته و بالتالى طريقه تفكيره و من هنا ينتج التحكم فى النتائج المرجوة من التجربة و هى خاصية قلما تتوافر فى بنى البشر و لا يمكن تنميتها الا بتراكم التجارب و قياس مدى التعامل معها ثم تقييمه للخروج بالتصرف الصحيح الواجب انتهاجه فى نفس الموقف
وعموما من كل هذا يمكننا بسهولة التفريق بين الفئتين الغالبتين على اسواق المال بكل صورها
الرابح هو من يمتلك الحد الادنى من العلم ثم يستطيع التطبيق به جيدا نظرا لاستفادته من الخبرات السابقة اما بالقراءة او بالتجربة فى ظل حالة ثبات او اتزان انفعالى تسيطر على قراراته للخروج فى النهاية بمحصلة ربحية
اما الخاسر هو من يغيب لديه احد او كل اركان الحد الادنى من العلم او من يسيطر الاضطراب الانفعالى على سلوكه و تصرفاته او كلاهما سويا
فى النهاية نجد انه اتفقت اغلب الثقافات على المعنى العام للنظرية فاسماها فرويد الوسطية فى اتخاذ القرارات و اقرها القران و السنة فى مصطلح مجاهدة النفس و الذى اكدته دراسات الغرب من خلال عمليات التوجيه الذاتى للاشخاص بعدم السماح لرغباتهم بالسيطرة على افعالهم بل التحكم فى الرغبات و محاولة عكس تاثيرها كأن تستخدم الفضول فى مزيدا من التعلم بدلا من البحث عن مزيد من المراكز او ان تستخدم الخوف بصورته الصحية للتعامل مع المراكز الرابحة او ان تجعل الطمع دافعا للالتزام بخطة التداول دائما
هل رايت الان انك لست ملزما بقراءة المستقبل بقدر ما انت مطالب بمسايرة السعر الحاضر
شكرا جزيلا و بالتوفيق للجميع.......