السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من اروع ماقرأته من مقالات ايمن بارود في ادب الرفق بالاعصاب وفن منع الخسارة اترككم لاستمتاع بالقرأئة . مُحدّثي كنت قد حدّثته بمشهد قلّ من لم يشاهده على شاشة التلفاز. غزال يرعى في مرج أخضر ، هو يتلذذ عشبا طريا ساهيا عن كلّ ما سواه . على مسافة غير بعيدة أسدٌ يتربص اللحظة المناسبة للانقضاض ، هو يمني النفس بلحم طري منصرفا عن كلّ ما سواه . في السماء جماعة من الكواسر تبحث عن حصّة في رزق قد يكون المولى ادخّرهُ لها في جعبة كرمه وإحسانه .
اللحظة دنت . ألأسد ينقضّ . الغزال ينهار . جماعة الأسود تشارك . جماعة الطير تنزل إلى الأرض . تتجمع على بعد أمتار قليلة . هي تعرف قدرها . تعرف أنها غير مدعوة . تقدّر الخطر .
البعض منها يغلبها طمعها ، تسيطر عليها شهوة غريزية ، تندفع إلى المغامرة ، تحبّ المخاطرة ، تقترب من الفريسة مستغفلة شبلا ، تلتقط حينا ما تستطيعه من رزق ناجية من شرّ انتقام ، وتقع حينا في وزر جنونها فما تصيب إلا جروحا في عنق أو جناح عوضا عن نصيب في وليمة .
ألطيور المجرّبة تتصبر وتنتظر . هي تعرف أن ساعتها لم تأتِ بعد . هي تراقب بدقة العالم ألفهيم . هي تدرك أنها ستصيب من الغذاء ما تحتاج إليه . هي لا تطمع بأكثر مما تحتاج إليه
دقّت الساعة . شبعت الأسود . انصرفت عن المكان . تسابقت الكواسر إلى الفريسة . نالت كلها ما تحتاج إليه ، كل بحسب قدرته وحاجته .
أخي المتعامل . أن شئت أن تلقى نصيبك في هذا السوق ، عليك:
1 - بالدرجة الأولى أن تسعى بكل ما أوتيت من حيلة وقدرة وحنكة ، حتى لا تكون الغزال .
2 - بالدرجة الثانية أن تقتنع بكل جوارحك ، وتدرك بكل مداركك ، أنه ليس باستطاعتك أن تكون الأسد ، هذا دور غيرك من اللاعبين .
3 - بالدرجة الثالثة أن تعرف أنه قدّر لك أن تكون الطير الكاسر في هذا السوق ، فتشكرَ الله على نعمته ، وتراقبَ بدقة جماعة الطير في هذا المشهد ألتلفازي ، وتركزَ على كل حركة من حركاتها ، وتعملَ على التمثل بها ، وتقليد كل تصرّفاتها .
أن غامرت فكن طائرا سريع الحركة ، يحسنُ الاستعانة بجناحيه أن خانته قدماه ، كن حريصا على منع الخسارة ، أو في أسوأ الأحوال على تقليلها . وأن لم تغامر فأنتظر ساعتك ، إذ لن يفيدك بشيء أن تلبس جلد أسد . ألأسود تعرف بعضها نسأل الله ان لا نكون الغزال مع التحيات والتقدير ..........