رد: استفسار عن شرعيه المتاجرة علي الذهب
- حكم المتاجرة بالذهب والمعادن السؤال: من بنك دبي الإسلامي عن موضوع المتاجرة في الذهب والمعادن عن طريق الأمانة العامة للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية .
نتيجة لأن الاستثمار في المتاجرة بالذهب يحقق قدرا كبيرا من العناصر الأساسية الجيدة للاستثمار، فقد أصبحت تجارتها رائجة ومجالها خصيبا.
وبما أن المصرف الإسلامي لا يتعامل في سوق النقد أسوة بالبنوك التجارية، فإن مجال المتاجرة في الذهب هو البديل. وهو وإن كان يخضع للربح والخسارة. إلا أن عامل الضمان فيه أكبر وكذلك درجة السيولة وعنصر المخاطرة فيه أقل اعتمادا على دقة التنبؤات واليقظة وسرعة التصرف.
والذهب وبعض المعادن الأخرى لها أسواق عالمية منتظمة - " بورصات " والتعامل يكون في الذهب تبرا في شكل قضبان أو سبائك - أي غير المضروب ويتم التعامل بواسطة متخصصين، وهنالك العديد من أساليب التعامل في الذهب يهمنا فقط منها نوعان:
النوع الأول: الشراء والاستلام والتخزين عند تدني الأسعار ثم البيع والتسليم عند ارتفاع الأسعار.
والنوع الثاني: وهو عبارة عن وعد بالشراء ووعد بالبيع في آن واحد، وهو مما يعرف بالشراء والبيع المتوازيين، يتفق فيه على السلعة بمواصفات محددة بدقة وعلى الكمية وتاريخ الاستلام في حالة الشراء وتاريخ التسليم في حالة البيع. وعند حلول الأجل المقرر يتم تنفيذ الوعد.
وبما أن الأسلوبين المشار إليهما لا غضاضة فيهما، فقد شرعنا في ممارستهما كنشاط حلال مباح. ويتابع البنك بواسطة مندوبيه - تحركات الأسعار محليا وخارجيا ثم يصدر أوامره المفصلة المحددة للتنفيذ.
ولما كانت المتاجرة في الذهب لها صفة العمومية بالنسبة للبنوك الإسلامية وقد تكون وجهات النظر فيها غير متفقة.
فإن ذلك يقتضي حسم المسألة بالقول الفصل ليكون عرفًا حسنًا وتقليدًا كريمًا ومالًا تقتدي به البنوك الإسلامية وتنتهج منواله.
وعليه نرجو من الاتحاد أن يتولى الحصول على الرأي المعزز بالأدلة الشرعية التي تبيح أو تحرم ممارسة هدا النوع من التعامل.
الجواب:
الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل، والصلاة والسلام على رسول الله، أرشدنا إلى الطريق المستقيم، وعلى آله وصحبه الذين اهتدوا بهديه وسلكوا طريقه، وعلى من جاء بعدهم إلى يوم الدين..
أما بعد: 1- فإن الذهب والفضة اعتبرهما الشرع الشريف أثمانا لا فرق في ذلك بين مضروبهما أو تبرهما أو مصاغهما، ولا بد من مراعاة قواعد الصرف فيهما؛ لأن تكون مثلا بمثل يدا بيد للأحاديث الكثيرة الواردة في هذا الباب، والتي لم تفرق بين المضروب وغير المضروب، ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية في كتابه منتقى الأخبار، والذي تولى شرحه محمد بن علي الشوكاني، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:
لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منهما غائبًا بناجز
متفق عليه .وفي لفظ:
الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء
رواه أحمد والبخاري
وقال الشوكاني في أول باب ما يجزي فيه الربا ما يأتي:
(قوله)
الذهب بالذهب
ويدخل في الذهب جميع أنواعه من مضروب ومنقوش، وجيد ورديء، وصحيح ومكسر، وحلي وتبر، وخالص ومغشوش، وقد نقل النووي وغيره الإجماع على ذلك.
ومن هذا يتبين لنا أنه لا فرق في الأحكام بين أن يكون الذهب والفضة أن يكونا سبائك أو مضروبين أو غير ذلك كما تقدم.
2- أما عن مبادلة الذهب والفضة سواء كانا مضروبين أو غير مضروبين بالأوراق النقدية (البنكنوت) فإن الذي أدين الله عليه أن الأوراق البنكنوت تأخذ حكم النقدين في جميع الأحكام، سواء كان في وجوب الزكاة أو في مبادلة بعضها ببعض، وإني أحمد الله -سبحانه وتعالى- أن كان رأيي موافقا لرأي جماعة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في هذه المسألة.فقد جاء في قرار رقم 10 بتاريخ 16\4\1393هـ بعد استعراض آراء المختصين من الاقتصاديين جاء في الفتوى ما يأتي:
" بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح بحيث يلقى قبولا عاما كوسيط للتبادل كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: وأما الدرهم والدينار فما يعرف له أحد طبعي ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح؛ وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به ، بل الغرض أن يكون معيارا لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانا - إلى أن قال - والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت اهـ ج29 ص251 من مجموع الفتاوى.
وذكر نحو ذلك الإمام مالك في المدونة من كتاب الصرف، حيث قال: ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نسيئة. وعليه فإن الصورة الأولى في بيع وشراء الذهب والفضة في الأسواق العالمية بالنقد الورقي تجري عليه أحكام الصرف المبينة آنفا.
وأما الصورة الثانية: فينظر إذا اعتبرنا الوعد ملزما، فيكون الحكم كما تقدم في الصرف، وإذا اعتبرناه غير ملزم فلا بد أن تراعى أحكام الصرف.