ولد
في 1889
بـ المحيدثة - المتن الشمالي
جبل لبنان -
لبنان
توفي في 1957
بـ نيويورك، الولايات المتحدة
الوظيفة شاعر، صحفي، ناشر
الجنسية
لبنان
الولايات المتحدة
نوع أدبي شعر المواضيع الحب، التفاؤل ا
لحركة الأدبية المهجر، الرابطة القلمية
نشأته :
ولد ايليا أبو الماضي في قرية المحدثة من قضاء المتن بلبنان ، وكانت مدرسة القرية أول بيت علم دخله ونال من علمه ما استطاع نيله ؛ وفي سنة 1902 حدثته نفسه بالهجرة إلى اميركة ، فترك قريته وتوجه أولا إلى الإسكندرية حيث كان له عم يتعاطى بيع السجاير .
قال أبو الماضي في ذلك : (( وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجاير في النهار في متجر عمي ، وفي الليل كنت أدرس النحو و الصرف وتارة على نفسي ، وتارة في بعض الكتاتيب )) .
وهكذا راح الفتى يحصل من العلم ما استطاع التحصيل ، إلى أن كانت سنة 1911 فأصدر ديوانه الأول بعنوان (( تذكار الماضي )).
إلا أن الحياة في مصر لم تقدم له كل ما كان يصبو إليه ، وفي سنة 1912 يمم الولايات المتحدة التي جذبت الألوف من أبناء وطن ، واستقر في مدينة سنسناتي إلى جانب أخيه مراد يعمل في التجارة ويملأ أوقات فراغه بالدرس والمطالعة و نظم الشعر . وفي سنة 1916 انتقل إلى نيويورك وإلى حياة الصحافة والأدب ، فعهد إليه في تحرير ((المجلة العربية )) ، وفي سنة 1918 عهد إليه في تحرير مجلة ((مرآة الغرب )) لصاحبها نجيب دياب ، و في سنة 1929 أنشأ مجلة (( السمير )) وقد حولها سنة 1936 إلى جريدة يومية . وكان في سنة 1920 قد اشترك في تأسيس (( الرابطة القلمية )) وكان شاعرها الفذ الذي غزا صسته العالمين القديم والجديد . وفي سنة 1957 توفاه الله وهو لا يزال في أوج نشاطه الصحفي والشعري .
أدبه :
لإيليا ماضي عدة دواوين شعر نشر منها في حياته (( تذكار الماضي )) {1911} ، و ((ديوان ايليا أبي الماضي )) {1918} ، و ((الجداول )) {1927} ، و ((الخمائل)) {1946} وبعد وفاته ، أي في سنة 1960 نشرت له دار العلم للملايين في بيروت ديوانه الأخير بعنوان ((تبر وتراب)) .
شعر ايليا أبي ماضي :
تطور شعر أبي ماضي مع الزمن والبيئة ، فكان في مصر تقليداً للشعر القديم ، وجارياً على خطة شعر البار ودي وشوقي و حافط ، وعندما انتقل الشاعر إلى العالم الجديد ، وقد ازداد نضجاً وثقافة آفاق ، راح يواكب رفاقه في الرابطة القلمية ، ويقدم للعالم شعراً جديداً يعبر عن نفسية العصر وروحية البيئة . قال زهير مبرزا في مقدمة المجموعة التي أصدرتها دار اليقظة لشعر أبي ماضي : (( إذا نظرت في ديوانيه ( الجداول والخمائل ) فلن تجد المطالع الفخمة التي تذكرك بالمعلقات أو بلاميتي العرب والعجم وما اتصل بذلك . وإنما تجد لوناً جديداً ليس فيه إلا محاولة التعبير عن أفكار جديدة هي وليدة التي عاشها مع زملائه أعضاء الرابطة القلمية )) .
فلسفة الحياة في شعر أبي ماضي : الحياة في نظر ايليا أبي الماضي سانحة من سوانح الوجود يجدر بالإنسان أن يغتنمها منفحاً على جمالها ومستمتعاً بما تقدمه له من نعمة ، وما توفره له من متعة :
إن الحياة قصيدة أعمارنا أبياتها والموت فيها القافيه
متع لحظك في النجوم وحسنها --------- فلسوف تمضي والكواكب باقيه
وفي هذه الفلسفة التي تبدو مشرقة والتي تسمعها على ألسنة الكثيرين من الناس تلمس في أعماقها مأساة الوجود ، ويصعقك (( المضي )) الذي تنتهي إليه ، فهي فلسفة الموت تحت غطاء كثيف من الورود والابتسامة والتفاؤل ؛ وهكذا فأبو ماضي يحاول أن يخرج الإنسان من هاوية حقيقية الزوالية ، إلى أجور التفاؤلية التي تجعله يعيش غارقاً في جمالية الموجود .
وقبل أن يعلن هذه الفلسفة عانى الشاعر ما يعانيه كل إنسان عندما ينظر بعمق إلى مصيره ، ولا شك أنه واجه في داخله الصراع الذي يقوم بين عوامل التشاؤم وعوامل التفاؤل ،ولا شك أنه تقلب بين هذه وتلك ، ورأى في آخر المطاف أن الاستسلام للتشاؤم مموت مبكر ، وأن العيش في أجواء التفاؤل إبعاد للملل واليأس والانتحار المعنوي .
أما الحياة الاجتماعية في نظر ايليا أبو ماضي فهي حياة الواقع الإنساني التي يجب على الإنسان أن يلبسها كما هي ، فيقتنع بما تقدمه له ، ولا يطلب من الناس أكثر مما يستطيعون أن يعطوا ، على أن الشاعر يريد أن يعرف الناس أنهم جميعاً من طينة واحدة ، وان للجميع الحق في العيش ، وان التغطرس والجشع والظلم تجاوز للحدود الإنسانية ، وخروج على النظم الكوني ، وإساءة إلى الطبيعة التي وزعت الطاقات ومنهل السعادة على جميع الناس .
والسعادة الحقيقية (( عنقاء )) وشبح وهمي ، فلا هي في الغنى ، ولا هي في المتعة ، ولا هي في ا شيء خارجي. إنها في رضى و الاقتناع بما قسم لكل واحد منا ؛ إنها انطواءة إلى سواه :
فتشت جيب الفجر عنها والدجى ------ ومددت حتى للكواكب إصبعي
ولكم دخلت إلى القصور مفتشاً -------- عنها وعجت بدارسات الأربع
إن لاح طيف قلت يا عين انظري، ------- أو رن صوت قلت يا أذن اسمعي
حتى إذا نشر القنوط صبابة ------------- فوقي فغيبني وغيب موضعي
عصر الأسى روحي فسالت أدمعاً ----- فلمحتها ولمستها في أدمعي
وعلمت حين العلم لا يجدي الفتى ----- أن التي ضيعتها كانت معي
ومن أنجع عوامل السعادة الإنسانية في هذه الحياة أن يكون الإنسان ، في قناعته ، مصدر عطاء ، أي أن يشرك الناس فيما يرضاه لنفسه ، وأن يكون عطاؤه اندفاقاً ذاتياً كأنفاق الماء من الينبوع والنور من الشمس .
وايليا أبو ماضي يقف من حقيقة الوجود ، في مصادره ومصايره ، وفي تركيبه ، موقفاً لا أدريا مشهوراً ، وقصيدته ((نضلاسم )) من أشهر ما دار على . فهو ، وإن مؤمناً وبعيداً عن الكفر ، لا يحجم قسمه عن بعض الفلتات التي لا من الشك والقلق العقائدي .
ميزات شعر ايليا أبي ماضي :
تظهر في شعر أبي الماضي قوة الحياة متدفقة العاطفية ، فيشعر الناس على طبقاتهم ومذاهبهم وعلى تباعد أوطانهم ومشاربهم أنهم يرون فيه صورة عن نفسهم نوازعهم وآماهم وتفكيرهم .
وأول ما يستلفت النظر هو أن أبا الماضي يسير في شعره نحو أهداف تنبع من المجتمع وتستمد قوتها وعمقها من صدق صاحبها وإخلاصه ، ومن اتصال وشغف بالطبيعة بحيث يأخذ مواضيعه وأمثلته وإهامه من نباتها وجمادها ، من أشواكها من مائها وسمائها ، ومن حيوانها وطيرها .
ويصطبغ شعر أبي الماضي بالصبغة الفلسفية . هو يحب الحياة ويجب إلا ويصورها لهم نقية حلوة ويستهف سعادة المجتمع ، ويدعوه إلى تنقية الحياة من والأدران .
أما أسلوبه الشعري فهو صاف رقراق كفقسه نقرأه بثغور مشرقة وقلوب والأمل . هو أسلوب البساطة والوضوح الذي يحمل أبعد معاني الحياة .
والذي يزود شعر أبي الماضي بعناصر الحيوية والتأثير هو أن شعره ينبع من قلبه ما يقرب هذا الشعر إلى النفوس نواح ثلاثة : النزعة الإنسانية ، والدعوة إلى محبة واستلهام الطبيعة .
وتعجبك عند أبي الماضي هذه الثورة التي تمزق الأقنعة المزيفة وتكشف للإنسان ذاته في عريها الجميل ، في براءتها وأصالتها ، في حقيقتها التي لا تعرف التشويه والخداع ؛ إنها عملية غوص على الجوهر المدفون تحت ستاءر الوهم والضياع ، إنها الدعوة الصادقة إلى الإعراض عن التوافه والتخلي عن بشاعة الغرور والادعاء ، للوقوف بنصاعة أمام مجهر الحقيقة ، أمام وجه الشمس التي تحرق بأشعتها كل البراقع ولا يكبر في عينيها إلا الذين طهرت نفوسهم وسمت عن لأدران الكذب والبغض والاستبداد .
وأبي الماضي في محاولته الإنسانية ، قد لا يكون من الذين قبضوا على الرؤى البعيدة الكامنة في أعماق الإنسان ، ولكن استطاع ، بالجدل والاستفهام والخبر ، أن يجسد الفكرة التي رمى إليها ، وأن يكون مؤثراً ومقنعاً في آن واحد . فالأمثل التي عرضها والتأكيد على ضعف الإنسان وحقارته تشير إلى براعة أبي الماضي في استنفاد المعنى وتطويقه من كل جوانبه بحيث يسمي الغرض واضحاً والغاية مقيدة.
أسلوبه :
يغلب على أسلوب أبي الماضي طابع الجمود ، فهو على متانة اللفظة وأصالتها ، لا يقبض على الكلمة ذات المضمون النغمي الذي يذيب النفس ويحملها في نشوة الذهول إلى عوالم السمفونيات الشعرية الخالدة . الكلمة عند أبي الماضي مقيدة بالمعنى شأن الكلمة العلمية ، إنه يكتب تعقاه لا بشروده وانخطافه ، يكتب بوعيه لاباغترابه خلف جدران الصمت والتجربة النفسية المزلزلة .
شعر أبي الماضي يهز النفوس ويطربها ولكنه لا يترك فيها الجرح الذي تبغيه الأعمال الشرعية العظيمة ، ولا النشوة التي يعيشها القارئ في إيجاره خلف الصورة وغرقه في بحور الضوء والظل واللون والرموز .
إنه يكثر من الاستفهام والجواب والنفي والنداء ملبياً بذلك حاجة مباشرة في النفس تزول حالما ينتهي وقعها .
ومهما يكن من أمر يظل أبي الماضي من الرواد الذين فتحوا صدر الشعر لغير الغنائية الذاتية فورعوا فيه مواسم جديدة لموضوعات شعرية جديدة تتناول الإنسان ، في شتى صوره ، وتتناوله فكرة وجوهراً ، نفساً وعقلاً .