حول التخفيف الكمي الثالث
مع التراجعات بنتائج البيانات الأميركية بالشهرين الأخيرين (مايو وجون -2012) ارتفعت نبرة الباحثين عن الحلول السهلة والمبتهجين للبيانات الضعيفة والسيئة للاقتصاد الأميركي كونها تتوافق مع رهاناتهم حول اضطرار الفدرالي الأميركي إلى تقديم وجبة جديدة من عمليات التسهيل الكمي بنسختها الثالثة .
نقطة الضعف لهذه الرهانات بالمرحلة الحالية (الربع الثالث من هذا العام )ان الاقتصاد الأميركي وان كان يمر بحالة من الضعف ,بالمقارنة مع الربع الأخير من العام الماضي (2012) والربع الأول من العام الحالي (2012) إلا انه لم يصل لدرجة الضعف التي اقتضت تدخل الفدرالي ببرنامج التخفيف الأول والثاني , أي ان الاقتصاد الأميركي يتراجع نعم , ولكن ليس بالسرعة ولا بالدرجة التي تتطلب من الفدرالي اللعب بالنار وإلقاء أخر الأوراق ,بمغامرة التخفيف الثالث وما تحمله من مخاطر .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه ,لماذا لا نسمع ردا حاسما من الفدرالي الأميركي , على المطالبين والمراهنين بضرورة إقرارا البرنامج ألتسهيلي لثالث ,لا بل يبقي الباب مفتوحا لإقرار البرنامج ,ويلمح بكثير من الأحيان ,لاقتراب اتخاذ القرار ؟!!!
للإجابة على السؤال يجب علينا أن ننظر للأسباب الحقيقة التي أدت إلى الارتفاعات بأسواق الأسهم لأعلى مستوياتها خلال 10 اسابيع بتداولات الاسبوع الماضي بالوقت الذي خرجت فيها التوقعات بتراجع النمو الأرباح الشركات الأميركية إلى اضعف نسبة فصلية خلال منذ عام 2009 (عام بداية الانتعاش). ا لا تعتبر تحركات وارتفاعات مؤشر
اس اند بي 500 متناقضة مع هذه التوقعات ومع التراجعات بنتائج البيانات الاقتصادية ؟؟!!
ترك الفدرالي الأميركي الباب مفتوحا حول البرنامج ألتسهيلي الثالث ,وارتفاعات الأسهم ومؤشراتها ,يعود بالفضل إلى المراهنين من متداولي السوق على اقتراب برنامج التخفيف الكمي ,حيث يقوم هؤلاء بانتشال الأسهم ,بعد كل انخفاض ومنعها من الانهيار (وهنا نشاهد زيادة التلميحات من الفدرالي حول اقتراب البرنامج ), وانهيار الأسهم الأميركية ,او وصول الفدرالي الأميركي لقناعة لا شك فيها بان أسواق الأسهم على وشك الانهيار ,مع تراجعات كبيرة بنتائج البيانات الأميركية ,هنا فقط سيكون التدخل , وبناء على ما سبق فان وجود المراهنين على برنامج التسهيل الكمي الثالث , وما يوفره هؤلاء من دعم للأسهم الأميركية مع كل انخفاض والعمل على تنشيط ودعم رهاناتهم بين الفترة والأخرى ,يعتبر نجاحا للفدرالي الأميركي ,وعاملا مساعدا على تأجيل التدخل للحظة الحاسمة .ولهذا السبب نجد التشدد تاره والتلين تارة اخرى بخطابات برنا نكي وأعضاء الفدرالي الأميركي خلفه .
ولنترك الفدرالي الأميركي ,ونتابع نتائج البيانات الاقتصادية الأميركية , لغاية أواخر الربع الحالي من هذا العام ,حيث قد تكون وصلنا لشروط وجوب التدخل .
والله اعلم .