اتجاهات السوق
نمط الركود الأوروبي؟
هل قام الصينيون بهندسة انتعاش اقتصادي مذهل، و هل خلق حسد العالم الصناعي أو بكين نسخة عن الاسكان الأمريكي ووهم الائتمان الذي شهدها العقد الماضي؟
ان لجنة التحكيم الصينية لا تزال خارجا حتى الآن. ولكن على الرغم من الثقة الواضحة التي أبدتها أسواق العملات والسلع الأساسية في الأخبار الرئيسية, فانه هناك دلائل مقلقة حول نهاية إنفاق الحوافز الحكومية التي ستكبح بجدية انبعاث الاقتصاد الصيني.
عندما أعلنت الحكومة الصينية عن حزمة ال 4 تريليونات يوان من الحوافز (585 مليار دولار، 14% من الناتج المحلي الإجمالي) في نوفمبر الماضي كان الاقتصاد العالمي في المرحلة الحادة للأزمة المالية. لقد انهارت شركة ليمان براذرز وكان تراجع اسواق الاسهم متواصل في الهبوط لأربعة أشهر أخرى. وكانت الولايات المتحدة قد انتخبت للتو الرئيس باراك أوباما لكنه لن يتم تنصيبه حتى 20 يناير وان أي حزمة من الانقاذ المالي للاقتصاد الأمريكي سوف تضطر إلى الانتظار حتى يتم تسلم الادارة الجديدة والكونغرس.
ومع وقوع العالم الصناعي الغربي في الأزمة المالية ومعاناة الحكومات الغربية من العجز الكبير فانه سرعان ما نظر العالم الى الصين للتوصل إلى حل ممكن لهذه الازمة. ومن الممكن استخدام الفائض النقدي الصيني الكبير لتحفيز الاقتصاد المحلي، وربما يقوم بمساعدة المستهلك الصيني على استبدال بعض الاستهلاك من رفاقه الأمريكيين والأوروبيين الحصريين.
يبدو أنه لدى الصين كل الصفات الضرورية للتحفيز الناجح: عدد سكان ضخم ومتحضر، ومؤون كبيرة من النقد المتاح وحكومة راغبة ومضغوطة على حد سواء للحفاظ على سعادة سكانها المضطربة بالوظائف والمنتجات. لقد انخفض الربع الرابع للنمو الاقتصادى فى الصين إلى 6.1% لكنه عاد ثانية مرتفعا إلى 7.9% في الربع الثاني. وعلى الرغم من أنه في ظل شبه الهدف الرسمي فقط لنسبة 8% الذي تريده حكومة بكين كما يقال هو للحفاظ على الحد الأدنى المقبول لتحقيق النمو الاقتصادي والانتعاش في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة والذي يعتبر انتصارا لعمل الحكومة المركزية. ولكن التفاصيل الدقيقة للتوسع هي أقل من الاطمئنان. ويبدو أن النمو يتوقف على استمرار الإنفاق الحكومي، وان بعض جوانب الأوضاع الاقتصادية الأخيرة هي حساسة بالنسبة للأوهام في الأوراق المالية، وربما في أسواق الإسكان.
لا يزال النمو الاقتصادى الصينى على المدى الطويل والى حد كبير محدد بصادراته. وإذا كان الطلب على السلع المستوردة في الولايات المتحدة وأوروبا، واهم أسواق المملكة المتوسطة لم يتم استئنافه، فهل سيكون الاستهلاك المحلي الصيني كافيا لاستيعاب المنتجات من المصانع الصينية والحفاظ على العمالة الصينية؟
لقد انتعشت الصادرات الصينية بشكل ملحوظ. وقد ارتفع الرصيد التجاري في يوليو بنسبة 10.63 مليارات دولار من 8.34 مليار في يونيو الماضي. ولكن معدلات هذه السنة للربع الأول والثاني 20.84 مليار دولار و 11.62 مليار على التوالي هي بعيدة كل البعد عن 38.10 مليار دولار و 27.78 مليار دولار من الربعين الثالث والرابع من العام الماضي.
وعلى الرغم من أن هدف حكومة بكين العام هو لزيادة الاستهلاك المحلي، فان المشتريات من جانب الأسر الصينية يشكل نسبة مماثلة للاقتصاد كما فعلوا قبل خمس سنوات. لقد كان الاستهلاك الغير الحكومي أو القطاع الخاص 1.6 تريليون دولار في عام 2008؛ بالمقارنة مع الاستهلاك الخاص الذي كان 7.4 تريليون دولار في الاتحاد النقدي الأوروبي و 10 تريليون دولارا في الولايات المتحدة. وسيكون من الصعب على الصين ان تستبدل الاستهلاك الغربي باستهلاكها من قاعدة محلية صغيرة. وبالإضافة إلى ذلك، لايمكن زيادة الاستهلاك المؤقت الخاص المفضل بنفس الشكل السريع الذي تستطيع الحكومة انفاقه. ولا غرابة في أن الجزء الأكبر من الأموال التحفيزية الصينية قد تم توجيهها من خلال مؤسسات الدولة والبنوك.
لقد تم تقديم معظم الحوافز المالية للاقتصاد بقروض من قبل النظام المصرفي الصيني. وقد ازدادت التزامات القروض الجديدة بنسبة تزيد على 1 تريليون دولار في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، بزيادة 28% مقارنة مع العام الماضي.
لقد كانت النتيجة الوحيدة لصرف القروض النقدية طفرة في بورصة شنغهاي. وقد ارتفع مؤشر شنغهاي SE أكثر من 80% من نهاية السنة الماضية وحتى 4أغسطس. وقد أثار هذا النمو السريع في زيادة الأسعار احتمال أن الأموال التي تجد طريقها في الاقتصاد يتم استخدامها في السعي لتحقيق عودة سريعة للمضاربة بدلا من شراء السلع الاستهلاكية أو وضعها في الاستثمار في الأصول الإنتاجية مثل المصانع والمخازن.
لقد انخفض مؤشر شنغهاي SE ما يقرب من 20% من ذروة 4 أغسطس، و 2.9% في يوم الجمعة فقط. وقد كان لهذا الانخفاض السريع ولسبب هذا التراجع، والأنباء حول تخفيض اعطاء البنوك للقروض مرة أخرى في أغسطس بعد هبوط حاد في يوليو، مؤشرات جعلت المستثمرون قلقون من أنه اذا جف النقد المتاح فانه لن يكون هناك دعم آخر للسوق.
لقد زودت الحكومة اعانات الى العائلات الريفية والحضرية لشراء السلع المنزلية الكهربائية. ولكن هذا النوع من البرامج يمكن أن يوفر دفعة قوية مؤقتة في الاستهلاك وقد يؤدي الى ايقاف الانحدار لقطاع التصنيع المحلي. وعندما تنتهي الإعانات سوف يتراجع الطلب المحلي لأنه لم يكن هناك أي تغير في نظرة الوظائف بالنسبة للعمال الصينيين.
من الأدلة التي تدعم أسواق الإسكان في أجزاء مختلفة من البلاد تشير أيضا إلى العودة لشراء المنازل باعتباره استثمار تخميني، ومثل الأسعار في بعض المناطق الحضرية التي قد كسبت كميات كبيرة منذ بداية تدفق الحوافز النقدية. لقد كانت مبيعات السيارات مؤخرا قوية في الصين والتي تفوقت على الولايات المتحدة باعتبارها أكبر سوق في العالم لصناعة السيارات.
لا يوجد حتى الآن دليل واضح وسبب تاريخي يذكر للاعتقاد بأن انفاق الحوافز الصينية قد خلق الظروف اللازمة لتوسع دائم للاستهلاك المحلي، بغض النظر عن التحسن الكبير في الاحصاءات الاقتصادية الرسمية.
هناك مكانين للمصانع الصينية لبيع سلعها، سواء في الداخل أو في الخارج. وما لم يكن هناك انتعاشا غير متوقع في الإنفاق الاستهلاكي في أسواق التصدير الصينية، فانه من غير المرجح على أن الحوافز قد خلقت استقرارا للاستهلاك المحلي في استيعاب انتاج المصانع الصينية. وبدون صادرات فقد تواجه بكين قريبا الحاجة والمخاطر لجولة أخرى من الانفاق التحفيزي.
منقول
اتجاهات السوق : نمط الركود الأوروبي
المواضيع المتشابهه 
