• 1:28 صباحاً




هل يحتاج الاقتصاد العالمي الى مطرقة؟

إضافة رد
أدوات الموضوع
الصورة الرمزية Marvey
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 13,183
خبرة السوق : أكثر من 5 سنوات
الدولة: أم الدنيا وهتبقي قد الدنيا
معدل تقييم المستوى: 29
Marvey is on a distinguished road
03 - 12 - 2009, 01:27 AM
  #1
Marvey غير متواجد حالياً  
افتراضي هل يحتاج الاقتصاد العالمي الى مطرقة؟
هل يحتاج الاقتصاد العالمي الى مطرقة؟
عزيزي القارئ في المقالة التي بين يديك سنبحر سويا في قارب من التحليل التقني، محاولين إيجاد الفائدة وراء الحصول على تكوين تقني أو دعنا نقول ( نمط فني ) سواء كان صاعدا أو هابطاً. جميعنا نعرف أن السوق المالي نفسه لا يعتبر مقامرة؛ لذا نجد أن هؤلاء الذين يستخدمون الحظ في المضاربة في الأسواق دائما يخسرون بسهولة وبشكل سريع، فالحظ لا يمكن أن يكون في صالحهم دائما.


و بالطبع إذا كنت تريد أن تلتقط نموذجا ستحتاج إلى معرفة كيفية قراءة الرسم البياني، إلى جانب أن تملك خلفية جيدة عن التحليل الأساسي... لأننا نؤمن هنا في ******* أن كلا التحليلين هما الطريق الصحيح للتعرف علي الأسواق المالية.
النمط الفني هو عبارة عن إشارة في السوق توضح لنا الفائز في المعركة بين الارتفاع و الانخفاض في أسعار السلعة المالية المعنية، كما يجب أن نعرف أيضا أن الرسم البياني للسلعة المالية يحدد لنا أعلى و أقل قيمة وصلت لها السلعة إلى جانب سعر الفتح و الإغلاق.
عندما نرى صراعا بين البائعين و المشترين في السوق على المستويات الزمنية المختلفة، نلاحظ أن معظم المضاربين إن لم يكن أغلبهم يلجأ إلى تحليل السوق كلً من وجهة نظره و هو الأمر الذي ينتج عنه اتخاذ قرارات قد تحقق لهم الربح أو الخسارة.
عزيزي القارئ لقد اخترنا نموذج الشموع اليابانية لشرح الغرض من وراء قضاء العديدين منا لفترات طويلة محاولين تعلم طرق التحليل التقنية، وذلك نظرا لإمكانية الشموع اليابانية في أن تظهر المزيد من المعلومات عن اتجاه و حركة السلعة المالية المعنية بالمتاجرة.
و قبل أن نبدأ في التعمق في دراسة الشموع اليابانية، سنركز على التعريف الخاص بها و معرفة تاريخ هذه الشموع اليابانية.
عالم الشموع اليابانية ( Candlesticks ):
الرسم البياني المستخدم به الشموع اليابانية هو أحد أنواع الرسوم البيانية الذي يستخدم من قبل المحللين لمساعدتهم على تحديد اتجاه السهم أو السلعة المالية في الأسواق بمرور الوقت. ويحتوي الرسم البياني على أنواع أخرى وهي: الرسم البياني الخطي Line Chart و الرسم البياني للأعمدة المتلاصقة Bar Chart وتساعد هذه الرسوم البيانية في تحديد نطاق لتحركات السهم خلال فترة زمنية محددة.
تاريخ الشموع اليابانية:
ظهرت الشموع اليابانية في القرن الـ 17 من خلال تاجر ياباني شهير هو مينهايسا هوما، بالإضافة إلى عدد من التجار اليابانيين الذي استخدموا هذا الأسلوب في تجارة الأرز. وقد استطاع هذا الأسلوب أن يوفر لهم سعر فتح التداولات و سعر الإغلاق و أعلى سعر و أدنى سعر خلال فترة زمنية محددة.
مينهايسا هو الابن الأصغر لعائلة هوما و على الرغم من خبرته و أسلوبه المتميز الذي ابتكره؛ فقد ورث أعمال أسرته وحول اتجاهات أعماله إلى طوكيو. وقد استمر مينهايسا في أبحاثه و اكتشافاته حتى استطاع أن يطور مجموعة من القوانين الجديدة عرفت بـ " قواعد ساكاتا " والتي تبعت تحركات تاريخية للأسعار و الأحوال الجوية لتصبح في النهاية إطار عمل يستخدمه المستثمرين اليابانيين.
مع مرور الوقت و بعد أن طور من مهاراته، ترك مينهايسا أسواق الأرز في أوساكا ليتوسع في أعماله ويستهدف طوكيو. وقد ازدادت ثروته حيث كان قادرا على الدخول في أكثر من مائة عملية تجارية ناجحة، وكنتيجة لهذا أصبح هو المؤسس لما يعرف الآن بتحليل الشموع اليابانية.
بالرغم من كون هذا النوع و الأسلوب من التحليل كان متاحا منذ مئات السنين و منذ القرن الـ 17 في اليابان، إلا انه لم يعرف في الولايات المتحدة الأمريكية سوى منذ 25 عاما فقط وذلك بسبب اعتقادهم بأن هذا النوع من التحليل بالغ الصعوبة ويحتاج إلى المزيد من الوقت لفهمه. ولكن الآن نجد أن أسلوب تحليل الشموع اليابانية قد أصبح من أكثر الطرق شهرة خاصة بعد أن تم تطوير برامج كمبيوتر قادرة على استخدام هذا النوع من التحليل. وقد تم نشر هذا الأسلوب في التداول في الولايات المتحدة الأمريكية رسميا في عام 1991 بواسطة ستيف نيسون بموجب كتاب بعنوان " تقنيات رسم الشموع اليابانية ".
الجدير بالذكر أن الشموع اليابانية قد تم انتقاؤها من قبل تشارلز داو خلال عام 1900 و نظريته في التحليل التقني تتبع نفس المبادئ التي تضمنت على ما يلي:
  • البائعون و المشترون يقومون بتحريك الأسواق بناءاً على التوقعات و نفسية المستثمرين.
  • الأسواق تشهد تقلبات.
  • جميع المعلومات المتوفرة للسهم أو السلعة المالية تنعكس على السعر.
  • ليس بالضرورة أن يعكس السعر قيمة الأصل.
  • حركة السعر أكثر أهمية من الأخبار، الأرباح...إلخ
تخطيط الشموع اليابانية

تتكون الشموع اليابانية من جسم الشمعة سواء كان أسود أو أبيض، و الظل العلوي و الظل السفلي. يشير الظل العلوي إلى أعلى سعر للتداول في حين يشير الظل السفلي إلى أدنى سعر للتداول. أما عن جسم الشمعة نفسه فكما يظهر في الرسم السابق، يظهر الجسم الأسود أو المظلل سعر الفتح عند المنطقة العليا من جسم الشمعة و سعر الإغلاق يظهر عند المنطقة السفلى من جسم الشمعة، والعكس بالعكس في حالة جسم الشمعة الأبيض أو الخالي من التظليل.
الأنماط التقنية قد تكون مفردة أو زوجية أو ثلاثية. ويعرف النمط إذا استمر السعر في التحرك ضمن نفس الاتجاه أو انعكس إلى اتجاه آخر. وبين الأنماط التقنية الخاصة بالشموع اليابانية، هناك نمط مفرد جذب انتباه جميع المشاركين في الأسواق ألا و هو نمط " المطرقة " " Hammer ".
نمط المطرقة أو " Hammer " هو عبارة عن شمعة واحدة تصاعدية تؤكد عكس اتجاه السوق في هذا الوقت وتتكون عادة في نهاية اتجاه انخفاضي. فالسعر يتحرك غالبا نحو الأسفل قبل أن يرتفع مجددا و يتجه نحو الأعلى ليغلق تحت أو فوق السعر. هذا ويعتبر لون جسم الشمعة نفسه ليس ذات أهمية، فهي تعكس اتجاه بعينه في السوق والذي يجب أن يكون اتجاها انخفاضيا.
ومن ناحية تقنية نجد أن طول الظل السفلي و أيضا طول الظل العلوي لشمعة المطرقة يعتبر إشارة مسبقة لقوة الانعكاس الذي سيحدث في الاتجاه التقني للسوق. ففي حالة شمعة المطرقة التي لا تحتوي على ظل علوي نجد أنها تشير إلى انعكاس قوي في السعر نحو الأعلى كما يظهر في المثال التالي.




هناك حالة أخرى يمكن من خلالها أن نحدد قوة الانعكاس في السعر، وهي النسبة بين الظل السفلي مع جسم شمعة المطرقة؛ حيث أن النمط المثالي لهذه العلاقة يكون عند 2:1 أو 3:1 . فكلما زاد طول الظل السفلي؛ كلما زادت قوة انعكاس السعر في السوق.
الظل السفلي لشمعة المطرقة تظهر زيادة في عدد البائعين للسهم. ثم يأتي ضغط من جانب الشراء ومن الأفضل أن يصاحبه توسع في حجم التداولات، وهو الأمر الذي يدفع السعر إلى العودة إلى الارتفاع من جديد ليكون شكل شمعة المطرقة وكلما كان حجم التداولات المصاحب قوي كلما أكد هذا من قوة الانعكاس الذي سيحث في السعر.
بناءا على طول الظل السفلي يستطيع المحللين التقنيين و المضاربين أصحاب الخبرة الكبيرة في تحديد إلى أي مدى سيصل الانعكاس في السعر، ليكون بعد هذا من السهل عليهم تحديد المستويات التي سيصل إليها السعر على حسب المستوى الزمني المستخدم.
و بالرغم من هذا يكفي لبداية التصرف مع النمط التقني على أنه نمط انعكاسي، إلا أنه يتطلب لنمط المطرقة المزيد من التأكيدات التصاعدية.
قد يكون هذا التأكيد على شكل فجوة سعرية نحو الأعلى أو شمعة بيضاء تصاعدية طويلة تأتي بعد الشمعة المطرقة مباشرة أو بعدها بشمعة أو اثنتين.
ويظهر المثال التالي الفرق بين الحالتين:
المثال الأول يظهر شمعة مطرقة أسبوعية تكونت في زوج الدولار مقابل الدولار الكندي في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني من عام 2007 ثم تبعها بتأكيد مباشر.









المثال الثاني تكون في 23 من شهر تموز عام 2007 في رسم بياني على المستوى اليومي للدولار مقابل الفرنك السويسري، وفي هذا المثال لم يظهر التأكيد التصاعدي لشمعة المطرقة بعدها مباشرة.









الجدير بالذكر أن شمعة المطرقة قد تمثل قاع بالنسبة للسعر كما يمكنها أن تمثل مستوى دعم قوي أيضا، فبعد الانخفاض في اتجاه سعر السهم نجد أن الظل السفلي الطويل الذي تكون يدل على أن البائعين قد قادوا السعر للوصول إلى هذا المستوى المتدني خلال الفترة الزمنية التي تمثلها الشمعة. في حين المستوى المرتفع الذي تغلق عنده الشمعة يدل أن المشترين قد استعادوا سيطرتهم على السعر لتغلق الفترة الزمنية على هذا الارتفاع.
هذا و يجب أن نضع عاملين هامين في اعتبارنا قبل أن يتأكد النمط التقني و هما: مستوى الدعم الذي من الممكن أن يكون قد تكون فيما سبق في هذه المنطقة التي وصلت إليها شمعة المطرقة؛ فماذا لو توافق هذا مع نهاية الظل السفلي لشمعة المطرقة؟
الأمر الثاني هو زاوية ميل اتجاه حركة السعر نفسه، فحينما تقترب حركة السعر من زاوية ميل 45 درجة يأخذ الاتجاه العكسي عزم أكبر في حركته و يكون التأكيد في هذه الحالة اكبر على تكون النمط التقني و قد يبدأ السعر تكوين موجه أساسية جديدة بداية من هذه النقطة.
العديد من المضاربين في الأسواق يتبعون طريقة، الشراء بالقرب من مستوى الدعم و البيع بالقرب من مستوى المقاومة.
بالطبع الإشارة المنفردة دائما ما تكون عديمة النفع، لذا فإيجاد مستوى دعم فقط لن يكون كافيا بدون أن يصاحب هذا تكون نمط تقني آخر يدعم عملية الشراء. و أي تأكيد قد يكون أفضل من شمعة مطرقة متكونة عند وبالقرب من مستوى الدعم المذكور؟
تابع المثال التالي:











كما وضحنا بالأعلى التأكيد الوحيد قد يكون عديم النفع إذا اعتمد عليه المستثمر وحده، ولكن أيضا هناك بعض الحالات النادرة التي يمكن أن يكون فيها الاتجاه الانعكاسي الناتج عن شمعة المطرقة اتجاه مخادع و لا يكتمل.
و تحدث هذه الحالات عندما يسيطر البائعون على الأسواق ويتمثل هذا الحدث على الرسم البياني على شكل نمط تقني يسمر بالشمعة الابتلاعية الانخفاضية ( Bearish Engulfing Candlestick)، وهي تأخذ بالسعر نحو أسفل لتتخطى الظل السفلي الذي كونته شمعة المطرقة ليستمر الاتجاه ألانخفاضي، لاحظ المثال التالي:













و الآن عزيزي القارئ بعد أن تحدثنا بشكل تقني بحت عن أحد أهم الأنماط التقنية وهو نمط شمعة المطرقة، وعرفنا التأثير الكبير لتكون هذا النمط على الأسواق و الموجة العكسية التي تنتج عنه. فلنبدأ نوعا جديدا من التحليل ندمج من خلاله التحليل التقني و الأنماط التقنية مع التحليل الأساسي و البيانات الاقتصادية التي تصدر عن الاقتصاديات العالمية و أثرها على الاقتصاد و النمو العالمي.
ولكننا لن نبتعد كثيرا عن نمط شمعة المطرقة فكل ما هنالك أننا سنطبق هذا النمط على الأوضاع الاقتصادية العالمية حاليا، وأوضاع الدول الكبرى عالميا التي يعتقد البعض أنها على شفا الخروج من أسوأ أزمة مالية عالمية تضرب الاقتصاد العالمي منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
نمط شمعة المطرق التقني كما اتضح لنا هو عبارة عن شمعة سعريه بمواصفات محددة تتكون في نهاية موجة سعريه هابطة أو بالأحرى ما يعرف "بالترند الهابط"، ومع تكون هذه الشمعة بنجاح تكون النتيجة هو انعكاس لهذه الموجة الهابطة ويتوقف مدى هذا الانعكاس على عدة عوامل سبق التنويه إليها.
حسناً؛ بتفقد الأوضاع الاقتصادية العالمية منذ نهاية عام 2007 تقريبا نجد أن مثل هذا النمط قد تكون أو بالأحرى هو على وشك الانتهاء من تكوين أول جزئين وهما الموجة الانخفاضية، وشمعة المطرقة و إن لم نحصل بعد على تأكيد لنهاية أو إغلاق هذه الشمعة.
في البداية عزيزي القارئ دعنا نناقش الجزئين اللذان تكونا بالفعل و هما الموجة الانخفاضية وشمعة المطرقة قبل أن نتطرق إلى الجزء الأخير و الأهم من النمط وهو الانعكاس نحو الأعلى أو بمعنى أدق الانعكاس نحو الانتعاش الاقتصادي العالمي.
في الفترة من عام 2003 إلى عام 2007 شهد الاقتصاد العالمي نوعا جديدا من النمو أدلت فيه العولمة بدلو كبير واتسعت فيه رقعة التجارة الدولية لتشمل معظم أنحاء العالم تقريبا. ومع هذا النمو ازدهرت الأسواق المالية العالمية بشكل كبير و أصبح أعداد المشاركين في الأسواق المالية يتزايد يوم وراء الآخر وسط عمليات الجذب الكبيرة التي وفرتها الأسواق المالية سواء من الأرباح الكبيرة التي حققها البعض أو من خلال التنوع الهائل في السلع المالية و في كيفية التداول عليها.
و عندما نسلط الضوء على الاقتصاد الأكبر عالميا وهو الاقتصاد الأمريكي نجد أنه قد شهد ازدهار خلال هذه الفترة، ولكن من جهة أخرى صاحب هذه الفترة تطور من نوع جديد في مفهوم النمو الاقتصادي. فقد وفرت الأسواق المالية دعما كبيرا للاقتصاد الأمريكي من خلال مليارات من الأموال التي تدفقت إلى الأسواق الأمريكية بحثا عن الاستثمار في الأسواق المالية الأمريكية التي كانت تعد الأقوى و الأكثر ثباتا و استقرار في هذا الوقت.
قطاع المنازل الأمريكي كان له النصيب الأكبر من إقبال المستثمرين عليه نظرا لتنوع الأوراق المالية التي صدرت عن هذا القطاع، بالإضافة إلى الأداء المتميز الذي ظهر به هذا القطاع مقارنة بغيره. حيث استمرت أسعار المنازل الأمريكية في الارتفاع بشكل متواصل مما أعطى المستثمرين فكرة خاطئة بأن هذا الارتفاع في أسعار المنازل الأمريكية سيضمن لهم تحقيق المكاسب بشكل دائم.
كل هذا التزايد و التزاحم من قبل رؤوس الأموال على الأسواق المالية و قطاع المنازل الأمريكي كون فقاعة ضخمة كمثل التي تكونت في ثلاثينيات القرن الماضي و التي نتج عنها الكساد العظيم الذي أضر بالاقتصاد العالمي ككل. فبسبب هذا الإقبال المتزايد من المستثمرين ارتفعت أسعار الأسهم الخاصة بالشركات بشكل مبالغ فيه و أكثر بكثير مما تعكسه البيانات الاقتصادية عن حقيقة الأوضاع المالية للشركات المختلفة. إلى جانب هذا تفننت الشركات المالية في إصدار العديد من الأوراق المالية التي تتيح للمستثمرين المزيد من الفرص لتحقيق المكاسب.
ثم مع حلول النصف الثاني من عام 2007 اكتشفت بعض البنوك الأوروبية التي كانت تستثمر بشكل كبير في الأسواق المالية الأمريكية أن حجم النقد الحقيقي المتاح أقل بكثير من حجم التوريق ( Securitization ). ومعنى هذا أنه في حالة مطالبة حاملي هذه الأوراق المالية بالسيولة النقدية المساوية لقيمة هذه الأوراق؛ لن توجد سيولة نقدية تكفي لمواجهة هذا الكم الهائل.
كان بنك بي.ان.بي باريبا الفرنسي من أول البنوك التي قامت بتجميد ثلاث صناديق تحوط ضخمة في البنوك الأمريكية لتكون هذه شرارة البدء لتكون أكبر أزمة مالية في الاقتصاد العالمي. فسرعان ما تبين المستثمرين لهذه الحقيقة و أصابت الأسواق المالية موجات بيع هائلة دفعت مؤشرات الأسهم العالمية إلى الانهيار وتسجيل أدنى مستويات تاريخية. و المشكلة لم تنحصر فقط على الأسواق الأمريكية فالبنوك و المؤسسات المالية و المستثمرين من جميع أنحاء العالم واجهت نفس المصير بسبب قيامهم بالاستثمار في هذه الأدوات المالية الأمريكية.
سرعان ما تأثر الاقتصاد الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا و اليابان وبريطانيا من جراء هذه الأزمة في الأسواق المالية فقد تبين أن النمو في الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة السابقة كان هشا لا يرتكز على قواعد وأسس سليمة كما نرى مثلاً في الاقتصاد الصيني. ومن هنا ظهرت الآثار السلبية على معدلات النمو وعلى أداء الشركات في مختلف القطاعات الاقتصادية المختلفة.
بهذا تكونت الموجة الانخفاضية و أخذت في طريقها النمو العالمي نحو الأسفل، وقد شهدت هذه الموجة انحدارا أكثر مع انهيار البنك العملاق ليمان برازرز في شهر أيلول من عام 2008، ذلك البنك الأمريكي الذي يعتبر ثالث أكبر بنك استثماري وذلك بعد أن تخلت عنه الحكومة الأمريكية وتركته لمواجهة مصيره ليشهر إفلاسه ويكون نقطة تحول أخرى في الأزمة ولكن للأسوأ.
فقد تبع انهيار هذا البنك إعلان الحكومة الأمريكية أنها ستقوم بالاستحواذ على شركة أمريكان انترناشونال جروب كبرى شركات التأمين في العالم، وذلك بسبب خسائرها الضخمة التي حققتها بعد أن قامت بالتأمين على استثمارات شركات الرهن العقاري التي كانت أولى الشركات التي حققت خسائر ضخمة. وسبق هذا استحواذ الحكومة الأمريكية أيضا على كل من فاني ماي وفريدي ماك عملاقي الرهن العقاري في العالم و التي في حالة سقوطهم كان سيشهد الاقتصاد العالمي ضربة قاضية.
كل هذا دفع بالبنوك حول العالم إلى التوقف عن عمليات الائتمان لتصبح ضربة مؤثرة لعمليات التجارة العالمية التي تعتمد على الائتمان بشكل كبير. بالإضافة إلى هذا أدى هذا إلى تراجع الطلب العالمي بشكل سبب معه سقوط العديد من الاقتصاديات الناشئة في الركود الاقتصادي نظرا لاعتماد هذه الاقتصاديات على عمليات التصدير في دعم نموها، خاصة بعد أن سقط كل من الاقتصاد الأمريكي والأوروبي والبريطاني و الياباني في الركود الاقتصادي رسميا ليفقد بهذا الطلب العالمي جانب كبير كان يعمل على دعم عدد ضخم من الاقتصاديات حول العالم.
بالطبع تخلل كل هذا خطوات حاسمة من البنوك المركزية والحكومات حول العالم سواء من تخفيض أسعار الفائدة إلى أدنى معدلات معروفة أو العمل على ضخ تريليونات الدولارات في الأسواق المالية حول العالم، حتى استطاعوا أن يوقفوا تدهور الأسواق المالية أكثر. ولكن هيهات فالاقتصاد الحقيقي في بلدان العالم قد تضرر بالفعل وبشكل كبير أخذ في التعمق حتى الربع الأول من العام الجاري 2009 والذي شهد أسوأ أداء اقتصادي من معظم اقتصاديات العالم.
حتى الربع الأول من عام 2009 نستطيع القول بأن الموجة الانخفاضية قد انتهت و أن الظل السفلي لشمعة المطرقة قد كون أدنى نقطة ممكن الوصول لها. فالربع الأول شهد انكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 6.4% و انكماش الاقتصاد الأوروبي بنسبة 2.5% و الاقتصاد البريطاني بنسبة 2.4% بالإضافة إلى انكماش ضخم للاقتصاد الياباني بنسبة 11.7%. والجدير بالذكر أن كل هذه الاقتصاديات قد استطاعت أن تشهد تحسنا واضحا خلال بيانات النمو عن الربع الثاني فبالرغم من عدم استطاعت كل من الاقتصاد الأوروبي والأمريكي والبريطاني تحقيق معدلات نمو إيجابية؛ إلا أن كل منهم شهد تقلص كبير في هذا الانكماش مما يبدوا أنهم قد وضعوا أرجلهم على الطريق الصحيح، في حين أن الاقتصاد الياباني على غير المتوقع استطاع تسجيل معدل نمو إيجابي خلال الربع الثاني من هذا العام بنسبة3.7%.
والآن مع هذا التحسن الواضح على البيانات الاقتصادية وعلى معدلات النمو خلال الربع الثاني من الاقتصاديات العالمية الكبرى حول العالم، نستطيع أن نقول أن هناك معركة دائرة بين هذه الاقتصاديات وبين الآثار السلبية الناجمة عن هذه الأزمة، هذه المعركة هي التي تكون جسم شمعة المطرقة بعد أن كونت الظل السفلي وتحاول الارتفاع لتغلق بعيدا عن المستوى المتدني الذي تم تسجيله خلال الربع الأول من هذا العام.
قد لا نستطيع الجزم بأن شكل الشمعة قد تحدد بالفعل و أن الربع الثاني من هذا العام هو نقطة إغلاق الشمعة، خاصة أن هناك العديد من التحديات التي تواجهها الاقتصاديات العالمية حاليا. ولكن يمكن القول أن نهاية هذا العام هي التي ستحدد لنا ما إذا كان إغلاق الشمعة سيكون بعيد بشكل كافي عن أدنى نقطة للظل السفلي أم أن التوترات الاقتصادية ستتغلب على المساعي الحكومية حول العالم لنشهد مزيدا من الانخفاض.
ننتقل الآن إلى الجزء الأهم وهو الحركة الانعكاسية المتوقعة للاقتصاد العالمي بعد انتهاء تكون شمعة المطرقة لهذا العام الاقتصادي. بالطبع يلزمنا تأكيد إيجابي لتكون النمط وهو المنتظر له أن يظهر خلال الربع الأول من العام القادم كما يشير العديد من المحللين حول العالم، فالربع الأول من عام 2010 سيكون علامة واضحة ومقياس لمدى خروج الاقتصاد العالمي و مدى مرونته في مواجهة هذه الأزمة.
وبشأن تحديد الأهداف المتوقعة للاقتصاد العالمي هناك عامل هام لا بد لنا أن نأخذه في اعتبارنا، فبالرغم من التحسن الذي شاهدناه في معظم القطاعات الاقتصادية خلال الربع الثاني في الاقتصاديات العالمية؛ إلا أن هناك قطاع واحد فقط أبى أن يشهد هذا التحسن وهو قطاع العمالة. فقطاع العمالة من أكثر القطاعات التي تدهورت في الاقتصاد العالمي، فمع تراجع الطلب العالمي و الجمود الائتماني حول العالم سجلت معظم الشركات العالمية سواء مالية أم لا خسائر ضخمة وتبع هذه الخسائر عمليات تسريح هائلة للعمالة من أجل الحد من ارتفاع التكاليف حتى تستطيع تلك الشركات مواجهة الصعوبات المالية.
مثل هذا التسريح في العمالة أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية حول العالم، ففي أمريكا استمر الاقتصاد في التخلي عن العمالة لمدة 20 شهر متصل وصلت معه معدلات البطالة إلى أعلى مستوياتها عند 9.4% خلال شهر تموز ومن المتوقع لها أن ترتفع متخطية 10% خلال هذا العام. وفي بريطانيا وصلت معدلات البطالة إلى 7.8% خلال شهر حزيران، في حين ارتفعت البطالة إلى 9.5% في المنطقة الأوروبية وفي اليابان ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ ستة سنوات عند 5.7%.
ارتفاع البطالة وفقد الأفراد لوظائفهم يؤثر بشكل كبير على مستويات الدخل المتاح لدى القطاع العائلي، وهو الدخل الذي يستخدم في عمليات الاستهلاك و الإنفاق المحلي، مع العلم أن الإنفاق المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثل يمثل 2/3 من الاقتصاد الأمريكي وفي اليابان يمثل أكثر من نصف الاقتصاد. وهو الأمر الذي يدل على أهمية هذا العامل في دعم النمو الاقتصادي.
لذا فإذا أردنا أن نحدد إلى أي مدى سيتجه الاقتصاد العالمي في انتعاشه يجب علينا أولا أن نحدد الأداء المتوقع لقطاع العمالة بشكل عام، و إلى أي مدى ستفلح الخطط التحفيزية التي أعلنت عنها الحكومات حول العالم في دعم إنفاق المستهلكين حتى تستطيع الشركات أن تسترد عافيتها و أن تقوم بتعيين الأفراد من جديد. وكل هذا يعتمد بشكل أو بآخر على استقرار الأوضاع المالية في الدول المختلفة من أجل تشجيع الشركات والمستثمرين على العودة مجددا إلى الاستثمار والتوسع الرأسمالي.
هناك أيضا نظريتين للتعافي الاقتصادي يجب أن نتطرق إليهم فالبعض يرى أن الاقتصاد في تعافيه القادم قد يأخذ شكل الحرف ( V ) و هو الرأي الذي يؤيده حديثنا عن تطبيق نمط شمعة المطرقة على اتجاه النمو الاقتصادي العالمي. في حين أن هناك البعض الآخر الذي يتوقع أن يأخذ الاقتصاد العالمي شكل حرف ( W ) في هذا التعافي وهو ما يخالف نظرية شمعة المطرقة. على أية حال سنحاول سويا توضيح النظريتين ونترك لك عزيزي القارئ حرية الاختيار...
بالنسبة للنظرية الأولى و التي تشير إلى أن الاقتصاد العالمي في تعافيه القادم سيأخذ شكل الحرف ( V ) ، اعتمدت هذه النظرية على الثقة في الخطوات الإصلاحية التي تم اتخاذها من قبل الحكومات العالمية وصانعي السياسات النقدية بشأن دعم النمو العالمي. فقد أنفقت الحكومات حول العالم ما يقرب حتى الآن من 2.2 تريليون دولار من أجل توفير السيولة المالية في الأسواق المالية العالمية ودعم القطاعات الاقتصادية التي تضررت من جراء الأزمة المالية. ويرى المحللون أن مثل هذه الخطوات كافية على أن يعود الاقتصاد العالمي إلى وتيرته السابقة بغض النظر عن الوقت الذي سيستغرقه في الخروج من التبعات السلبية لهذه الأزمة.
أيضا يميل أصحاب هذه النظرية إلى تصديق أن الحكومات وصانعي السياسات المالية حول العالم قد تعلموا الدرس جيدا و أن هناك ثورة تغيير أوضاع في الأسواق المالية وفي الرقابة على الشركات المالية وعلى طريقة عملها، بالإضافة إلى أن الهيئة الرقابية المالية في الدول الكبرى مثل البنك المركزي سيكون له دور أكبر و أعمق في التحكم و الإشراف على القوانين المالية و القواعد التي تنظم العمل في الأسواق المالية من أجل تلافي الوقوع في هذا الخطأ الفادح من جديد وهو الذي يلغي فكرة أن يعود الاقتصاد إلى تدهور قريب.
أما عن النظرية الأخرى و التي يتوقع أصحابها أن الاقتصاد العالمي سيأخذ في انتعاشه القادم شكل الحرف ( W ) فيميل أصحابها إلى التصديق أن التعافي الحالي الذي يبدأ فيه الاقتصاد سيكون مؤقتا و أنه في القريب العاجل سيعود الاقتصاد العالمي إلى الاقتراب من القاع مرة أخرى قبل أن يعاود الانتعاش الكبير هذه المرة فيما بعد.
هذه النظرية تشير إلى أن عملية الخروج من هذه الأزمة ستلزم المزيد من الوقت بأكثر مما يتوقعه البعض، ويعتمد أصحاب هذه النظرية في تحليلهم على نقطة بالغة الأهمية لا يسعنا إلا أن نذكرها وهي الكميات الهائلة من السيولة النقدية التي طبقتها الحكومات حول العالم والتي أغرقت الأسواق المالية بالنقد، و الأثر البعيد لهذه السيولة النقدية سواء على معدلات التضخم أو على أداء ميزانيات هذه الدول.
فالجدير بالذكر أن الحكومات حول العالم من أجل أن تمد الأسواق بهذه الكميات الضخمة من الأموال اضطرت إلى تطبيق سياسات مالية غير معتادة مثل سياسة التخفيف الكمي التي تعتمد على شراء الحكومة للسندات الحكومية طويلة الأجل الخاصة بها و التي قامت بإصدارها مجددا من اجل توفير السيولة النقدية الكافية لتنفيذ خطط الدعم الحكومية. أو بمعنى آخر قامت الحكومات بطبع المزيد من العملات النقدية و إصدار أذون خزانة لتغطية هذا الطبع في النقود.
بالطبع تتحمل ميزانية الدول مثل هذه الإصدارات المالية من أذون الخزانة وهو الأمر الذي يدفع العديد من المحللين إلى التوقع بأن هذا سيؤدي في الفترة القادمة إلى انهيار آخر سواء في قيمة العملات أو في معدلات التضخم بشكل عام، ومن هنا جاء أساس نظرية حرف( W ) للانتعاش الاقتصادي.
سنترك لك عزيزي القارئ حرية اختيار النظرية التي تراها أقرب إلى التصديق في ظل المتغيرات الاقتصادية التي تعرضنا لها؛ ولكننا سنطرح بعض التساؤلات الهامة. فهل تعتقد عزيزي القارئ أن الوقت قد حان بالفعل لأن نرى انتعاشا للاقتصاد العالمي؟ أم أن ظلال غمامة الأزمة العالمية ستستمر في النيل من بريق الأمل الذي يحاول الظهور؟ و إذا استطاع الأمل بالانتعاش الاقتصادي الإفلات من براثن هذه الأزمة؛ هل تعتقد أن يمضي طويلاً؟ أم تجذبه تداعيات الأزمة العالمية مجددا نحو غياهب أعماق التدهور الاقتصادي؟






















و في النهاية... ألا تعتقد معي بأن الاقتصاد العالمي في حاجة ماسة الى مطرقة ؟ حتى نتأكد أن الأزمة قد ولت و أن السوق قد وجد قاع حقيقيا. أم أن البائعين سيستمرون في سيطرتهم علي التحركات القادمة فتستمر حالة التشكك ردحا طويلا من الزمن؟












التوقيع

جميع مشاركاتي لا تمس الواقع بصلة ... واي تشابه بينها وبين الواقع فهي أغرب من الخيال

التعديل الأخير تم بواسطة Marvey ; 03 - 12 - 2009 الساعة 01:31 AM
رد مع اقتباس


إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مطرقة؟, الاقتصاد, الى, العالمي, يحتاج



جديد مواضيع منتدى تداول العملات العام

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاقتصاد العالمي شهد أسبوعا متقلبا بين تفاؤل ومخاوف ويبقى التركيز على الاقتصاد الأمريكي Trend منتدى تداول العملات العام 0 28 - 03 - 2009 03:26 PM
أوباما: الاقتصاد الأمريكي يحتاج لـ 10 سنوات ليسترد عافيته مساهم منتدى الاسهم السعودية 0 26 - 02 - 2009 04:10 AM


01:28 AM