بدأ العد العكسي...
منذ الأمس كان قد بدأ العد العكسي عندما انطلق اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة لبحث مستجدات السياسة النقدية في أكبر اقتصاد في العالم ، حيث انقسم المستثمرين و المحللين إلى طرفين بنسبة 90-10 ، الأغلبية تؤيد الحفاظ على مستويات الفائدة دون تغير ، بينما الأقلية برأيهم أن هنالك احتمالية رفع الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس.هذا و قد كان البنك الفدرالي قد هيأ الأسواق منذ السابق لقرار هذا اليوم ، حيث نرى كيف أنهم نقلوا تركيزهم من مخاوف التباطؤ الاقتصادي و تهديدات الركود ، و بدءوا إبداء اهتمامهم بالتضخم بكونه أكبر مصدر قلق للاقتصاد في الوقت الراهن ، و هذا ما ولد في الأسواق توقعات بأن البنك الفدرالي قد يأخذ بعين الاعتبار إجراء عكس سريع و عنيف في السياسة النقدية ، و بالتالي قد يبدوا برفع أسعار الفائدة ، و لكن ...
البنك الفدرالي لن يكون أبدا بهذا التهور و الشجاعة في نفس الوقت ، تذكروا فقط المعاناة التي مر بها عندما بذلوا جهدهم لإنقاذ الاقتصاد ، لذا فإنهم لن يقوموا بمسح كل شيء و الاندفاع نحو قرار غير متأكدين منه ، خاصة أنه لم يتبين بعد فيما إذا كانت الأزمة التي يمرون بها قد عدت أم لا و أن النمو سيبدأ للعودة من جديد و الأهم من ذلك أن قطاع المنازل قد أنهى الانكماش الذي يشهده.
من وجهة نظري أعضاء اللجنة الفدرالية المفتوحة ما زال أمامهم طريقا طويلا ، حيث سيتوجب عليهم الحفاظ على سعر الفائدة دون تغير ، فبالرغم من أنهم استطاعوا التعامل مع الأزمة بالشكل الصحيح و لو أنه متأخر بعض الشيء ، إذ حتى مع التحفيز المالي الذي قدمته الحكومة الأمريكية نستطيع القول أن الفدراليون تعاموا مع الوضع بنجاح ، و لكن أقر من جديد لا توجد إشارات واضحة أو ربما هي قليلة أن هذه الإجراءات قد بدأت تظهر مفعولها ، لذا فإن البنك الفدرالي لن يغامر ليس فقط اليوم بل ربما هذا العام بأكمله.
نشهد كيف أن ارتفاع أسعار الغذاء و الطاقة قد أشعل التضخم في جميع أنحاء العالم ، و الولايات المتحدة كذلك لم تستطع النفاذ من ذلك ، و هذا ما زاد من الضغوطات على البنك الفدرالي و دفعهم للتفكير بالمستويات المتدنية لأسعار الفائدة ، فلولا هذه الضغوطات لما كان قد أخذ البنك الفدرالي بعين الاعتبار التدخل في أسعار الفائدة لبعض الوقت ، و لكن من يعلم ، ربما لن يحصل هذا حتى في الأوضاع الحالية و لكن ما هو أكيد أن الفكرة قد وردت إلى أذهانهم ، فإذا كانت أسعار الغذاء و الطاقة هو ما حرض الأسعار للانفجار فماذا لو أخذنا باعتبار أنه حتى نهاية العام ستبدأ أسعار هؤلاء الاثنين بالتراجع؟؟؟
من الواضح أن هذا سيشكل سببا آخر للبنك الفدرالي للانتظار قبل اتخاذ قرارا حاسما ، لذا فإنهم سينتظرون حتى ستتأكد المخاطر و يتم تحقق الأهداف ، فإذا كانت مخاطر التضخم حقيقية فإن حتما سيتم إجراء تدخل بهذا الشأن ، و لكن إذا لن تتأكد فإنهم سيحافظون على سياستهم الحالية ليعود التركيز بشكل رئيسي و بقوة شديدة على سبل تحفيز النمو الاقتصادي قبل التفكير ببدء السيطرة عليه من جديد.
البيان المرافق لقرار الفائدة سوف يكون في محور تركيز الأسواق هذا اليوم و سيكون الحاكم الرئيسي للتحركات ، إذ يتوقع المحللين أن تركيزا أكبر على التضخم منه على النمو ، لذا لننتظر لنسمع ماذا لدى البنك الفدرالي ليقوله لنا و كيف سيؤثر على تحركات الأسواق.
بدأ العد العكسي...
المواضيع المتشابهه 
