للخسارة اسلوب!!

أنا أعلم أن الامر يبدو غريبًا قليلًا، ولكن في الواقع، الخسارة هي جزء من الربح خاصةً في التداول. إذا كنت تريد أن تصبح مضارب مميز يعرف حقًا كيف يضارب مضاربةً صحيحةً، يجب أن تتعلم كيف تخسر بشكل صحيح بالإضافة إلى تعلم كيف يمكنك المضاربة. أنا أعلم أن هذا الامر ليس ممتعًا لمناقشته، ولكني انصحك بمتابعة القراءة لتتعلم فن الخسارة بشكل صحيح، فإذا كنت لا تدرك أهمية تعلم كيفية خسارة المال بشكل صحيح، فلن تصبح مضاربًا رابحًا ابدًا.

إذا كنت تبحث عن حل سريع لكسب المال أو طريقة سحرية تجعلك مليونيرًا، فلا تكمل القراءة، فهذا المقال ليس لك وإنّما لمن يرغب في الحصول على فرصة لربح المال بشكل مستمر وبخطوات مدروسة.

في كثير من الأحيان، أرى المضاربين المبتدئين يحاولون تجنب الخسائر بعدة طرق مختلفة. يبدو أنهم خائفون بطبيعتهم ونجدهم دائمًا في محاولات لتجنب الخسائر، انه ميل طبيعي. ولكن، عندما يتعلق الأمر بالتداول، فإن هذه السّمة قد تؤدي إلى أضرار كبيرة، وربّما آدت إلى تدمير حسابات التداول والخسارة لا رجعة فيها بطبيعة الحال.

للأسف، الخسائر تعد جزء من التداول، وإذا لم تكن، فإن الجميع على الأرض سيكونوا اغنياء، ونحن نعلم جميعا أن هذا غير ممكن. حقيقة التداول البسيطة: هو أنك ستخسر صفقات بطريقة أو بأخرى. إذا كنت لا تحدد خسائرك قبل دخول السّوق ستخسر حسابك في نهاية المطاف. تذكر؛ يمكنك تأخير الخسائر، ولكن لا يمكنك تجنبها تمامًا، وهناك عادة علاقة مباشرة بين (إلى متى ستاخّر الخسارة) و (كم ستصبح حجم الخسارة).
كمضارب، عليك أن ترى الخسائر ك (تكلفة أو ضريبة) للعمل الذي تقوم به في السّوق. في أي عمل تجاري، ستجد أن هناك دائمًا أمور صعبة عليك تخطيها حتى تحصل على ربح. فمثلًا إذا كان لديك مطعم سيكون لديك تكاليف التشغيل مثل الطعام والعمالة والايجار والمرافق وهكذا. إذا تجاوزت إيراداتك التكاليف، سيكون هناك ربح والعكس صحيح.
لذلك، في التداول (تكاليف التشغيل) هي الصّفقات الخسارة، وعمولات الوسيط وربّما تكاليف الانترنت وشراء جهاز كمبيوتر محمول الخ... إذا بدأت في النظر إلى الصّفقات الخاسرة كجزء من تكاليف التشغيل، ستبدء حينها في تغيير نمط تفكيرك من "محاولة تجنب الخسارة" إلى "المحاولة في التحكم بحجم خسارتك".

عندما تتعلم كيف تخسر المال بشكل صحيح، ستكون قادرًا على التحكم بخسائرك بأقل مبلغ ممكن (من خلال وقف الخسارة وضبط نسبة المخاطرة). الشئ الرائع هنا هو انه يمكنك تحديد مقدار المال الذي ترغب بالمخاطرة به في اي صفقة وبالتالي يمكنك القضاء على أي مشاعر قد تمنعك من اغلاق الصّفقة الخاسرة، فكل شئ يتم بشكل آلي مسبقًا.

يتعرض المضاربون لخيبة الامل والاحباط دائمًا لسببيين:

- انهم يتوقعون الربح ولكن يحدث العكس.
- يفقدون المال أكثر مما هم على استعداد لخسارته.

لحسن الحظ، من السّهل جدًّا التعامل مع هذين الأمرين ذلك إذا كنت على استعداد أن تكون صادقًا مع نفسك ومواجهة الواقع. لإدارة توقعاتك (الخاصة بالمتاجرة) عليك ببساطة أن تفهم أن أي شخص يتاجر يمكن أن يكون خاسرًا، وأنك لا يمكن أبدا معرفة "بشكل مؤكد" اي صفقة ستكون خاسرة أم رابحة. وبالتالي، يجب أن لا نتوقع "ربح أي صفقة مهما كانت تبدو جيّدة".

لنفس السببين الآنف ذكرهما، يجب ألّا تخاطر أبدًا بالمال في أي صفقة مهما كانت مادامت غير مناسبة لمعدل الخسارة المحتمل الذي تجده مناسبًا لك عقليًا وعاطفيًا. بمعنى آخر، لا تخاطر بالكثير من المال طالما لا تعرف بشكل مؤكد إذا كانت الصّفقة رابحة أم خاسرة. إذا كنت تفعل ذلك على أي حال، فتحمل أنت نتائج ما سيحدث لحسابك لاحقًا.


خلاصة ما سبق: من أجل خسارة المال بشكل صحيح، عليك في البداية تغيير نمط تفكيرك حول مفهوم الخسارة. عليك أن تبتعد عن فكرة تجنب الخسارة وان تقبل مفهوم التحكم في الخسارة وان الخسارة لابد منها والفارق هنا هو كيفية التعامل مع خسارتك. ليس مهمًا أن تربح في كل صفقة (هذا أيضًا من احد العوامل التي تؤدي إلى خسارة). نحن ببساطة لا نعرف متى سنربح وبالتالي لا يمكننا المخاطرة بالكثير من المال في صفقة واحدة على آمل ان يعوضنا السّوق بعض خسائرنا السّابقة. كل الصّفقات واحدة وجميعها متشابهة ولذلك تعامل مع كل الصّفقات بنفس نسبة المخاطرة والتالي ننصح بأن تكون منخفضة للغاية ولا يوجد استثناء لأي صفقة. هكذا تدار الصّفقات وهكذا يكون الربح على المدى الطّويل.

ولنا لقاء آخر بإذن الله