• 9:05 مساءاً




البيتكوين في مواجهة الذهب

إضافة رد
Like Tree8Likes
  • 8 Post By ايهم

أدوات الموضوع
الصورة الرمزية ايهم
عضو مـتـمـيـز
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 8,217
معدل تقييم المستوى: 25
ايهم will become famous soon enough
06 - 01 - 2018, 09:33 PM
  #1
ايهم غير متواجد حالياً  
افتراضي البيتكوين في مواجهة الذهب

المقال مترجم وهو جميل جدا

سبيكة من الذهب، وقضبان من الحديد، وسلسلة من الخرز، وبطاقة من البلاستيك، وورقة مصنوعة من ألياف القطن والكتان.. هذه الأشياء لا قيمة فعلية لها. لا يمكن للمرء أن يأكلها أو يشربها أو حتى استخدامها كبطانية. ولكنها رغم ذلك لها قيمة. وقيمتها مصدرها شيء بسيط جدًا، وهو أن الناس على مر العصور اعتقدوا أنها أموال، وبالتالي أصبحت كذلك.
فالعملة ما هي إلا ما نتراضى عليه جميعًا. وعلى مر التاريخ اتخذت العملة واحدا من شكلين: إما عملة مادية مصنوعة من معادن مثل الذهب والفضة، أو "عملة إلزامية" (ذات قوة إبراء قانوني) وهي عملة خالية من أي قيمة داخلية ، لكنها تستعمل كوسيلة للتبادل بسبب أن الحكومة التي تصدرها أعلنتها كـ"مال".
ولكن قبل سنوات قليلة ظهر نوع ثالث، وهو العملات الرقمية التي تعمل وفق مزيج من علوم الاقتصاد والتشفير ونظرية الألعاب. وأشهر فئة من هذه العملات حاليًا هي "بتكوين"، والتي يعزو البعض الإقبال الشديد عليها إلى فرضيتين رئيسيتين: الأولى هي أنها أصبحت وسيلة تبادل، والثانية أنه ينظر إليها كمخزن للقيمة.

ما تفتقر إليه البيتكوين كعملة
البيتكوين من المفترض أنها عملة. ولكن هناك مشكلة جوهرية حولها لا نعلم ما إذا كانت مؤقتة أو دائمة تضرب هذه الخاصية في مقتل، وهي التقلب الحاد لسعرها.
فالمجتمع يستخدم العملة الموحدة لتبادل الأشياء ذات القيمة. فعندما تقوم ببيع شيء ما تمتلكه فإما أن تحصل على شيء آخر مقابله بمعنى أن تبادله، أو تحصل على العملة أو ما نسميه المال، والذي يمكنك استخدامه فيما بعد لشراء أي شيء من بائع آخر.

لا يوجد هناك ما يدعم قيمة العملات التقليدية المتداولة اليوم كالدولار واليورو والريال بخلاف حسن نية البنوك المركزية المصدرة لها. وبالتالي في حال اختار المركزي السعودي إلغاء دعمه لفئة الـ100 ريال مثلًا، فقد أصبحت هذه الورقة بلا قيمة. وهذا بالضبط ما حدث في الهند مع اثنتين من الفئات النقدية أواخر عام 2016.

باختصار، السبب وراء قبول الناس لأوراق مصنوعة من ألياف القطن والكتان هو أن الجميع يضع ثقته في البنوك المركزية، وهذه الثقة تمثل العمود الفقري لأي عملة مشروعة. ولذلك، إذا اختار الناس أن يثقوا بنوع مختلف من العملات، مثل البيتكوين، ستصبح العملة الرقمية وسيلة تبادل مثلها مثل الدولار والريال.
لا يوجد هناك شيء غامض أو سحري يميز أي عملة، فحتى ورق الشجر من الممكن أن يصبح عملة إذا اتفق المجتمع على قبوله على هذا النحو.
وبالتالي يجب أن يكون هناك شيء من الاتساق بين قيمة وحدات أي عملة. فإذا لم يكن للعملة قيمة واضحة، يصبح من الصعب شراء أي شيء بها. فكما نعرف البائع دائمًا يريد مالاً أكثر مقابل ما يبيعه والمشتري من جهته يرى أن ما عرضه كاف.

بالإضافة إلى ذلك، أي عملة يجب أن تحافظ على قيمتها بشكل معقول مع مرور الوقت. فالألف ريال التي تضعها في جيبك أنت قد لا ترغب في إنفاقها على الفور، وليس من المنطقي أن يأتي الغد وتجد قيمتها الشرائية مرتفعة أو منخفضة بشكل حاد. وهذا هو السبب في إحجام أغلب الشركات الكبرى عن قبول البيتكوين كعملة.

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نهاية 2017 نقلًا عن تقرير نشره بنك الاستثمار الأمريكي "مورجان ستانلي" أن البيتكوين لا يقبلها كعملة سوى 3 من بين أكبر 500 تاجر عالمي موجودين على الإنترنت، وذلك انخفاضًا من 5 تجار خلال عام 2016.
في ظل افتقاد البيتكوين حتى اللحظة لعدد من السمات الأساسية التي تميز أي عملة، وبسبب كونها أصبحت وسيلة رهان ومضاربة أكثر من كونها أي شيء آخر لا يمكننا تفسير الارتفاع الصاروخي لسعرها بأنه نتاج لاعتمادها كعملة أو الإيمان بها كوسيلة تبادل، لأن هذا لم يحدث، على الأقل حتى الآن.
الآن تبقى الفرضية الأخرى، وهي أن البيتكوين أصبحت مثلها مثل الذهب مخزنا للقيمة، وهو الرأي الذي يتحمس له كثيرون في الآونة الأخيرة.


ما الذي يميز الذهب وتفتقده البيتكوين؟
في علم الاقتصاد، عادة ما يتم تعريف "مخزن القيمة" على أنه "الأصل أو العنصر الذي يمكن للناس استخدامه لنقل القوة الشرائية من الحاضر إلى المستقبل". بعبارة أبسط، الأمر أشبه بمكان ما تحفظ فيه أموالك التي لا ترغب في أن تفقد قيمتها مع مرور الزمن.
يمكنك استخدام التمر كوسيلة لمقايضة الخدمات مع أحد جيرانك بينما لا يزال طازجاً، ولكن قوته الشرائية ستختفي متى فسد. ولكن بإمكانك الاحتفاظ بالقوة الشرائية لهذا التمر عن طريق مبادلته مقابل المال أو الذهب أو السندات الحكومية أو أي نوع آخر من مخازن القيمة.
كل نوع من أنواع مخزونات القيمة له ما يميزه عن غيره، فالذهب مثلًا مخزن جيد للقيمة لأن بريقه لا ينطفئ ويحتفظ بحالته دون تغيير وعرف الناس ذلك آلاف السنين ، أما المال سواء كان في يديك أو عبارة عن رصيد بنكي لديه ميزة السيولة والتي لا ينافسه فيها أي أصل آخر.
البيتكوين في المقابل تتمتع ببعض المميزات التي قد تؤهلها لتصبح مخزناً للقيمة، كما أنها توفر مستويات عالية من الخصوصية المالية، وهذه سمة قيمة بالنسبة لبعض الناس على الرغم من أن هذا قد يساهم بشكل أو بآخر في التهرب الضريبي.
لكن السمة الأكثر أهمية التي تميز كل مخازن القيمة التي نعرفها اليوم، تفتقدها البيتكوين حتى الآن، وهي أن جميعها أشياء ذات قيمة. فالذهب مثلًا ذو قيمة لأنه يستخدم في أغراض الصناعة والمجوهرات. سعره من الممكن أن يتذبذب بسبب المضاربات، ولكنه من المستحيل أن يهبط إلى الصفر، فهناك دائمًا شخص على استعداد لقبول الذهب لأنه سلعة مفيدة.

بالمثل، سندات الحكومة السعودية ذات قيمة لأنها تمنح مالكها تدفقات آمنة نسبيًا من مدفوعات الفائدة. وكذلك الدولار واليورو والريال، لأنها مقبولة على نطاق واسع كوسيلة دفع، وستظل كذلك في المستقبل المنظور. في المقابل، عملة مثل البوليفار الفنزويلي مستقبلها موضع شك، لذلك يحاول حائزوها دائمًا مبادلتها بعملات أخرى أكثر استقرارًا.


هل البيتكوين ذات قيمة؟ لا يوجد لها أي استخدامات صناعية أو زخرفية، ولا تعطي حاملها حق الحصول على الفائدة. وكان من المفترض أن تكون عملة مقبولة في جميع أنحاء العالم، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.
القيمة الرئيسية الوحيدة التي تتمتع بها البيتكوين حاليًا هي قيمة التبادل. فالكثير من الناس يبدون استعدادهم اليوم لدفع الكثير من المال فقط من أجل حيازة عدد منها.
لكن ما الذي يحصلون عليه فعلًا مقابل أموالهم؟ لا شيء أكثر من أمل أن مشتريا آخر سيدفع المزيد من المال للحصول عليها منهم. ولكن بمجرد إفاقة الكثيرين من هوسهم الحالي بها، ولا يوجد أي فائدة حقيقية للعملة الرقمية تحول دون وصول سعرها إلى الصفر، باستثناء موقفها الضعيف كعملة يستخدمها تجار المخدرات وأصحاب الأنشطة غير القانونية.

أعطني المليون دولار
فكر في المثال التالي: لنفترض أن لديك مليون دولار نقدًا وترغب في الحفاظ على قيمة هذا المبلغ لمدة 10 سنوات قادمة، بمعنى أنك تخطط لإنفاق هذا المبلغ ولكن بعد عقد من اليوم، ولذلك تحتاج إلى إيجاد طريقة لتخزين هذه القيمة حتى ذلك الحين.
يمكنك أن تضع هذا المبلغ في البنك، إلا أن هناك احتمالا بأن تنخفض قيمة الدولار، فكما تعرف تتآكل قيمة المال مع مرور الوقت بسبب التضخم، وبالتالي سترغب في الحفاظ على المليون دولار في أي صورة غير نقدية. وستبدأ في البحث عن نوع آخر من الأصول تعتقد أنه سيحفظ لك قيمة هذا المبلغ على مدى العقد القادم.
لنفترض أنك قررت أنه سيكون من الأفضل لو قمت بشراء عمل فني لتخزين قيمة هذا المبلغ. في هذه اللحظة، جئت أنا وعرضت عليك شراء وعاء مكسور من الفخار وجدته في الفناء الخلفي لمنزلي مقابل المليون دولار خاصتك.

دعنا أيضًا نفترض أن هذا الوعاء لا يمكن استنساخه ولا يوجد سوى عدد محدود منه. هل اتفقنا؟ لم لا؟ أليست الأعمال الفنية أحد أشكال مخازن القيمة؟
أنت قطعًا سترفض، وذلك لأن الوعاء الذي أقدمه لك كعمل فني لا قيمة له في الأساس، فلا يوجد به أي خصائص جمالية تميزه، كما أنه لن يضفي على وضعك الاجتماعي أي ميزة كالتي ستحصل عليها إذا وضعت الموناليزا مثلًا في بيتك. بعبارة أخرى، وعائي المكسور لا فائدة منه.
لكن انتظر لحظة، ألست في الأساس ترغب في شراء العمل الفني كمخزن للقيمة ولا شيء آخر. لماذا لا تأتي بعد عقد من الآن وتبيع هذا الوعاء إلى شخص يبحث هو الآخر عن مخزن للقيمة؟ وهذا الشخص ألا يمكنه بيع الوعاء إلى شخص ثالث؟ لماذا ليس بإمكان وعائي الحفاظ على قيمته (المليون دولار التي ستدفعها به) إلى الأبد رغم ثبات المعروض منه؟

الإجابة ببساطة هي أنه وعائي الفخاري لا فائدة منه. فأي شخص سيفكر في الحصول عليه كمخزن للقيمة لن يدفع دولارا واحدا به إلا إذا كان متأكدًا من أنه سيكون بإمكانه لاحقًا بيعه لشخص آخر، وهذا الآخر لن يشتري الوعاء منه إلا إذا كان يعتقد أنه عمل فني.
هكذا يمكننا أن نرى لماذا الأصول التي يعتقد الناس أنها لا قيمة لها لن تكون أبدًا مطلوبة كمخزن للقيمة. ولكن ماذا عن الأصول التي لديها قيمة بالفعل؟ البيتكوين تتحرك عند 13 ألف دولار. هل من الممكن أن يستمر سعرها في الصعود دون أن يكون لها استخدامات واضحة؟


سيعودون حتمًا إلى رشدهم!
لتوضيح ذلك سنضرب مثالا آخر: لنفترض أن لدي جهاز تلغراف قديما معطوبا لا قيمة له حاليًا مثل الوعاء في المثال السابق، ولكن الفارق في هذه الحالة هو أن هناك احتمالا نسبته 50% أن يصبح اقتناء مثل هذا الجهاز موضة في عام 2030.
بالتالي إذا اشتريت مني هذا الجهاز، هناك احتمال نسبته 50% أنك تشتري قطعة من الخردة لا قيمة لها حاليًا أو في المستقبل، ولكن هناك أيضًا فرصة قدرها 50% بأن سعره سيرتفع إلى عنان السماء في حال تهافت الناس على اقتناء هذا الجهاز في عام 2030.

في ظل هذه الظروف والمعطيات، بالتأكيد سيكون هناك شخص على استعداد للمخاطرة ودفع المال مقابل الحصول على الجهاز مني. ولنفترض أنه دفع ألف ريال مقابلها. الآن، هذا الجهاز يتم تداوله في السوق المفتوحة بين أولئك الذين يعتقدون أنه بإمكانه أن يكون مخزنا مؤقتا للقيمة.

افترض أننا أصبحنا في عام 2030، ولم يصبح اقتناء الجهاز موضة بين الناس كما اعتقدنا، برأيك ما الذي سوف يحدث لسعر هذا الجهاز؟ أي شخص لديه احتكاك حقيقي بالسوق سيدرك أن سعر هذا الجهاز سينخفض إلى الصفر.
من هنا، يظهر الخلاف مع أنصار فكرة أن البيتكوين بوضعها وخصائصها الحالية يمكنها أن تكون مخزنا للقيمة. فوفقًا لهؤلاء حقيقة أن جهاز التليغراف المعطوب لا فائدة أساسية له لا تعني بالضرورة أنه لا يمكن أن يبقى كمخزن للقيمة.

بحسب هذا الرأي، ينبغي علينا أن نتوقع أن يحافظ الجهاز المعطوب على سعره (الألف ريال) إن لم يزدد، وأن يستمر الناس في معاملته كمخزن للقيمة.
بلا شك هذا ينافي العقل والمنطق. فكرة القيمة لا تعمل بهذا الشكل. لا يوجد عاقل على استعداد لدفع ريال واحد في أصل لا قيمة له أشبه بالعصا البلاستيكية الملاقاة على قارعة الطريق. هذا لم يحدث أبدًا إلا في سياق فقاعات ضخمة.

أصحاب الفكرة القائلة بأن البيتكوين ذات قيمة لأنها مخزن للقيمة منطقهم معكوس. ففي الواقع، أي أصل يصبح "مخزنا للقيمة" لأنه في الأساس له قيمة، وليس العكس.


في التسعينيات بدأ الناس في تداول دمية "بيني بايبيز" الشهيرة على موقع "إيباي". وارتفع سعر هذه الدمية الفخمة ذات الإصدار المحدود إلى آلاف الدولارات، لدرجة أنه بحلول عام 1997، شكلت عمليات شراء وبيع هذه الدمية 6.6% من حجم التداولات على الموقع.
بعض الناس استثمروا مدخرات حياتهم في هذه الدمية. فقد توقعوا أن تحافظ على قيمتها إلى الأبد، هذا إن لم تزدد. ولكن في نهاية المطاف عاد الناس إلى رشدهم، وانهار سعر الدمية. "بيني بايبيز" كانت مفيدة كلعبة للأطفال ولكن هذا لا يبرر استعداد الناس لدفع آلاف الدولارات مقابلها.
أخيرًا، يجب أن نميز بين البيتكوين كتكنولوجيا وكوسيلة تبادل وكمخزن للقيمة. كتكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى ومن الصعب الحكم على مستقبلها، أما كعملة أو سيلة تبادل، فإن أنشطة المضاربة المتهورة تقتل أي فرصة تساعدها على المضي في هذا الاتجاه، وأخيرًا كمخرن للقيمة، فهي لن تصبح كذلك إلا في حال تم قبولها كعملة.

وبناء عليه، ربما ينبغي على الأفراد والمؤسسات التي تغريها العناوين الرئيسية إبقاء مدخراتها بعيدًا عن البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية، وعدم معاملتها أبدًا كمخزن للقيمة، إلى أن يتضح مصيرها كعملة ذات قبول واسع.
رد مع اقتباس

الصورة الرمزية hisham.m.younes
عضو برونزي
الصورة الرمزية hisham.m.younes
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 2,710
معدل تقييم المستوى: 14
hisham.m.younes is on a distinguished road
افتراضي رد: البيتكوين في مواجهة الذهب
2#
07 - 01 - 2018, 08:23 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايهم مشاهدة المشاركة

المقال مترجم وهو جميل جدا

سبيكة من الذهب، وقضبان من الحديد، وسلسلة من الخرز، وبطاقة من البلاستيك، وورقة مصنوعة من ألياف القطن والكتان.. هذه الأشياء لا قيمة فعلية لها. لا يمكن للمرء أن يأكلها أو يشربها أو حتى استخدامها كبطانية. ولكنها رغم ذلك لها قيمة. وقيمتها مصدرها شيء بسيط جدًا، وهو أن الناس على مر العصور اعتقدوا أنها أموال، وبالتالي أصبحت كذلك.
فالعملة ما هي إلا ما نتراضى عليه جميعًا. وعلى مر التاريخ اتخذت العملة واحدا من شكلين: إما عملة مادية مصنوعة من معادن مثل الذهب والفضة، أو "عملة إلزامية" (ذات قوة إبراء قانوني) وهي عملة خالية من أي قيمة داخلية ، لكنها تستعمل كوسيلة للتبادل بسبب أن الحكومة التي تصدرها أعلنتها كـ"مال".
ولكن قبل سنوات قليلة ظهر نوع ثالث، وهو العملات الرقمية التي تعمل وفق مزيج من علوم الاقتصاد والتشفير ونظرية الألعاب. وأشهر فئة من هذه العملات حاليًا هي "بتكوين"، والتي يعزو البعض الإقبال الشديد عليها إلى فرضيتين رئيسيتين: الأولى هي أنها أصبحت وسيلة تبادل، والثانية أنه ينظر إليها كمخزن للقيمة.

ما تفتقر إليه البيتكوين كعملة
البيتكوين من المفترض أنها عملة. ولكن هناك مشكلة جوهرية حولها لا نعلم ما إذا كانت مؤقتة أو دائمة تضرب هذه الخاصية في مقتل، وهي التقلب الحاد لسعرها.
فالمجتمع يستخدم العملة الموحدة لتبادل الأشياء ذات القيمة. فعندما تقوم ببيع شيء ما تمتلكه فإما أن تحصل على شيء آخر مقابله بمعنى أن تبادله، أو تحصل على العملة أو ما نسميه المال، والذي يمكنك استخدامه فيما بعد لشراء أي شيء من بائع آخر.

لا يوجد هناك ما يدعم قيمة العملات التقليدية المتداولة اليوم كالدولار واليورو والريال بخلاف حسن نية البنوك المركزية المصدرة لها. وبالتالي في حال اختار المركزي السعودي إلغاء دعمه لفئة الـ100 ريال مثلًا، فقد أصبحت هذه الورقة بلا قيمة. وهذا بالضبط ما حدث في الهند مع اثنتين من الفئات النقدية أواخر عام 2016.

باختصار، السبب وراء قبول الناس لأوراق مصنوعة من ألياف القطن والكتان هو أن الجميع يضع ثقته في البنوك المركزية، وهذه الثقة تمثل العمود الفقري لأي عملة مشروعة. ولذلك، إذا اختار الناس أن يثقوا بنوع مختلف من العملات، مثل البيتكوين، ستصبح العملة الرقمية وسيلة تبادل مثلها مثل الدولار والريال.
لا يوجد هناك شيء غامض أو سحري يميز أي عملة، فحتى ورق الشجر من الممكن أن يصبح عملة إذا اتفق المجتمع على قبوله على هذا النحو.
وبالتالي يجب أن يكون هناك شيء من الاتساق بين قيمة وحدات أي عملة. فإذا لم يكن للعملة قيمة واضحة، يصبح من الصعب شراء أي شيء بها. فكما نعرف البائع دائمًا يريد مالاً أكثر مقابل ما يبيعه والمشتري من جهته يرى أن ما عرضه كاف.

بالإضافة إلى ذلك، أي عملة يجب أن تحافظ على قيمتها بشكل معقول مع مرور الوقت. فالألف ريال التي تضعها في جيبك أنت قد لا ترغب في إنفاقها على الفور، وليس من المنطقي أن يأتي الغد وتجد قيمتها الشرائية مرتفعة أو منخفضة بشكل حاد. وهذا هو السبب في إحجام أغلب الشركات الكبرى عن قبول البيتكوين كعملة.

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نهاية 2017 نقلًا عن تقرير نشره بنك الاستثمار الأمريكي "مورجان ستانلي" أن البيتكوين لا يقبلها كعملة سوى 3 من بين أكبر 500 تاجر عالمي موجودين على الإنترنت، وذلك انخفاضًا من 5 تجار خلال عام 2016.
في ظل افتقاد البيتكوين حتى اللحظة لعدد من السمات الأساسية التي تميز أي عملة، وبسبب كونها أصبحت وسيلة رهان ومضاربة أكثر من كونها أي شيء آخر لا يمكننا تفسير الارتفاع الصاروخي لسعرها بأنه نتاج لاعتمادها كعملة أو الإيمان بها كوسيلة تبادل، لأن هذا لم يحدث، على الأقل حتى الآن.
الآن تبقى الفرضية الأخرى، وهي أن البيتكوين أصبحت مثلها مثل الذهب مخزنا للقيمة، وهو الرأي الذي يتحمس له كثيرون في الآونة الأخيرة.


ما الذي يميز الذهب وتفتقده البيتكوين؟
في علم الاقتصاد، عادة ما يتم تعريف "مخزن القيمة" على أنه "الأصل أو العنصر الذي يمكن للناس استخدامه لنقل القوة الشرائية من الحاضر إلى المستقبل". بعبارة أبسط، الأمر أشبه بمكان ما تحفظ فيه أموالك التي لا ترغب في أن تفقد قيمتها مع مرور الزمن.
يمكنك استخدام التمر كوسيلة لمقايضة الخدمات مع أحد جيرانك بينما لا يزال طازجاً، ولكن قوته الشرائية ستختفي متى فسد. ولكن بإمكانك الاحتفاظ بالقوة الشرائية لهذا التمر عن طريق مبادلته مقابل المال أو الذهب أو السندات الحكومية أو أي نوع آخر من مخازن القيمة.
كل نوع من أنواع مخزونات القيمة له ما يميزه عن غيره، فالذهب مثلًا مخزن جيد للقيمة لأن بريقه لا ينطفئ ويحتفظ بحالته دون تغيير وعرف الناس ذلك آلاف السنين ، أما المال سواء كان في يديك أو عبارة عن رصيد بنكي لديه ميزة السيولة والتي لا ينافسه فيها أي أصل آخر.
البيتكوين في المقابل تتمتع ببعض المميزات التي قد تؤهلها لتصبح مخزناً للقيمة، كما أنها توفر مستويات عالية من الخصوصية المالية، وهذه سمة قيمة بالنسبة لبعض الناس على الرغم من أن هذا قد يساهم بشكل أو بآخر في التهرب الضريبي.
لكن السمة الأكثر أهمية التي تميز كل مخازن القيمة التي نعرفها اليوم، تفتقدها البيتكوين حتى الآن، وهي أن جميعها أشياء ذات قيمة. فالذهب مثلًا ذو قيمة لأنه يستخدم في أغراض الصناعة والمجوهرات. سعره من الممكن أن يتذبذب بسبب المضاربات، ولكنه من المستحيل أن يهبط إلى الصفر، فهناك دائمًا شخص على استعداد لقبول الذهب لأنه سلعة مفيدة.

بالمثل، سندات الحكومة السعودية ذات قيمة لأنها تمنح مالكها تدفقات آمنة نسبيًا من مدفوعات الفائدة. وكذلك الدولار واليورو والريال، لأنها مقبولة على نطاق واسع كوسيلة دفع، وستظل كذلك في المستقبل المنظور. في المقابل، عملة مثل البوليفار الفنزويلي مستقبلها موضع شك، لذلك يحاول حائزوها دائمًا مبادلتها بعملات أخرى أكثر استقرارًا.


هل البيتكوين ذات قيمة؟ لا يوجد لها أي استخدامات صناعية أو زخرفية، ولا تعطي حاملها حق الحصول على الفائدة. وكان من المفترض أن تكون عملة مقبولة في جميع أنحاء العالم، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.
القيمة الرئيسية الوحيدة التي تتمتع بها البيتكوين حاليًا هي قيمة التبادل. فالكثير من الناس يبدون استعدادهم اليوم لدفع الكثير من المال فقط من أجل حيازة عدد منها.
لكن ما الذي يحصلون عليه فعلًا مقابل أموالهم؟ لا شيء أكثر من أمل أن مشتريا آخر سيدفع المزيد من المال للحصول عليها منهم. ولكن بمجرد إفاقة الكثيرين من هوسهم الحالي بها، ولا يوجد أي فائدة حقيقية للعملة الرقمية تحول دون وصول سعرها إلى الصفر، باستثناء موقفها الضعيف كعملة يستخدمها تجار المخدرات وأصحاب الأنشطة غير القانونية.

أعطني المليون دولار
فكر في المثال التالي: لنفترض أن لديك مليون دولار نقدًا وترغب في الحفاظ على قيمة هذا المبلغ لمدة 10 سنوات قادمة، بمعنى أنك تخطط لإنفاق هذا المبلغ ولكن بعد عقد من اليوم، ولذلك تحتاج إلى إيجاد طريقة لتخزين هذه القيمة حتى ذلك الحين.
يمكنك أن تضع هذا المبلغ في البنك، إلا أن هناك احتمالا بأن تنخفض قيمة الدولار، فكما تعرف تتآكل قيمة المال مع مرور الوقت بسبب التضخم، وبالتالي سترغب في الحفاظ على المليون دولار في أي صورة غير نقدية. وستبدأ في البحث عن نوع آخر من الأصول تعتقد أنه سيحفظ لك قيمة هذا المبلغ على مدى العقد القادم.
لنفترض أنك قررت أنه سيكون من الأفضل لو قمت بشراء عمل فني لتخزين قيمة هذا المبلغ. في هذه اللحظة، جئت أنا وعرضت عليك شراء وعاء مكسور من الفخار وجدته في الفناء الخلفي لمنزلي مقابل المليون دولار خاصتك.

دعنا أيضًا نفترض أن هذا الوعاء لا يمكن استنساخه ولا يوجد سوى عدد محدود منه. هل اتفقنا؟ لم لا؟ أليست الأعمال الفنية أحد أشكال مخازن القيمة؟
أنت قطعًا سترفض، وذلك لأن الوعاء الذي أقدمه لك كعمل فني لا قيمة له في الأساس، فلا يوجد به أي خصائص جمالية تميزه، كما أنه لن يضفي على وضعك الاجتماعي أي ميزة كالتي ستحصل عليها إذا وضعت الموناليزا مثلًا في بيتك. بعبارة أخرى، وعائي المكسور لا فائدة منه.
لكن انتظر لحظة، ألست في الأساس ترغب في شراء العمل الفني كمخزن للقيمة ولا شيء آخر. لماذا لا تأتي بعد عقد من الآن وتبيع هذا الوعاء إلى شخص يبحث هو الآخر عن مخزن للقيمة؟ وهذا الشخص ألا يمكنه بيع الوعاء إلى شخص ثالث؟ لماذا ليس بإمكان وعائي الحفاظ على قيمته (المليون دولار التي ستدفعها به) إلى الأبد رغم ثبات المعروض منه؟

الإجابة ببساطة هي أنه وعائي الفخاري لا فائدة منه. فأي شخص سيفكر في الحصول عليه كمخزن للقيمة لن يدفع دولارا واحدا به إلا إذا كان متأكدًا من أنه سيكون بإمكانه لاحقًا بيعه لشخص آخر، وهذا الآخر لن يشتري الوعاء منه إلا إذا كان يعتقد أنه عمل فني.
هكذا يمكننا أن نرى لماذا الأصول التي يعتقد الناس أنها لا قيمة لها لن تكون أبدًا مطلوبة كمخزن للقيمة. ولكن ماذا عن الأصول التي لديها قيمة بالفعل؟ البيتكوين تتحرك عند 13 ألف دولار. هل من الممكن أن يستمر سعرها في الصعود دون أن يكون لها استخدامات واضحة؟


سيعودون حتمًا إلى رشدهم!
لتوضيح ذلك سنضرب مثالا آخر: لنفترض أن لدي جهاز تلغراف قديما معطوبا لا قيمة له حاليًا مثل الوعاء في المثال السابق، ولكن الفارق في هذه الحالة هو أن هناك احتمالا نسبته 50% أن يصبح اقتناء مثل هذا الجهاز موضة في عام 2030.
بالتالي إذا اشتريت مني هذا الجهاز، هناك احتمال نسبته 50% أنك تشتري قطعة من الخردة لا قيمة لها حاليًا أو في المستقبل، ولكن هناك أيضًا فرصة قدرها 50% بأن سعره سيرتفع إلى عنان السماء في حال تهافت الناس على اقتناء هذا الجهاز في عام 2030.

في ظل هذه الظروف والمعطيات، بالتأكيد سيكون هناك شخص على استعداد للمخاطرة ودفع المال مقابل الحصول على الجهاز مني. ولنفترض أنه دفع ألف ريال مقابلها. الآن، هذا الجهاز يتم تداوله في السوق المفتوحة بين أولئك الذين يعتقدون أنه بإمكانه أن يكون مخزنا مؤقتا للقيمة.

افترض أننا أصبحنا في عام 2030، ولم يصبح اقتناء الجهاز موضة بين الناس كما اعتقدنا، برأيك ما الذي سوف يحدث لسعر هذا الجهاز؟ أي شخص لديه احتكاك حقيقي بالسوق سيدرك أن سعر هذا الجهاز سينخفض إلى الصفر.
من هنا، يظهر الخلاف مع أنصار فكرة أن البيتكوين بوضعها وخصائصها الحالية يمكنها أن تكون مخزنا للقيمة. فوفقًا لهؤلاء حقيقة أن جهاز التليغراف المعطوب لا فائدة أساسية له لا تعني بالضرورة أنه لا يمكن أن يبقى كمخزن للقيمة.

بحسب هذا الرأي، ينبغي علينا أن نتوقع أن يحافظ الجهاز المعطوب على سعره (الألف ريال) إن لم يزدد، وأن يستمر الناس في معاملته كمخزن للقيمة.
بلا شك هذا ينافي العقل والمنطق. فكرة القيمة لا تعمل بهذا الشكل. لا يوجد عاقل على استعداد لدفع ريال واحد في أصل لا قيمة له أشبه بالعصا البلاستيكية الملاقاة على قارعة الطريق. هذا لم يحدث أبدًا إلا في سياق فقاعات ضخمة.

أصحاب الفكرة القائلة بأن البيتكوين ذات قيمة لأنها مخزن للقيمة منطقهم معكوس. ففي الواقع، أي أصل يصبح "مخزنا للقيمة" لأنه في الأساس له قيمة، وليس العكس.


في التسعينيات بدأ الناس في تداول دمية "بيني بايبيز" الشهيرة على موقع "إيباي". وارتفع سعر هذه الدمية الفخمة ذات الإصدار المحدود إلى آلاف الدولارات، لدرجة أنه بحلول عام 1997، شكلت عمليات شراء وبيع هذه الدمية 6.6% من حجم التداولات على الموقع.
بعض الناس استثمروا مدخرات حياتهم في هذه الدمية. فقد توقعوا أن تحافظ على قيمتها إلى الأبد، هذا إن لم تزدد. ولكن في نهاية المطاف عاد الناس إلى رشدهم، وانهار سعر الدمية. "بيني بايبيز" كانت مفيدة كلعبة للأطفال ولكن هذا لا يبرر استعداد الناس لدفع آلاف الدولارات مقابلها.
أخيرًا، يجب أن نميز بين البيتكوين كتكنولوجيا وكوسيلة تبادل وكمخزن للقيمة. كتكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى ومن الصعب الحكم على مستقبلها، أما كعملة أو سيلة تبادل، فإن أنشطة المضاربة المتهورة تقتل أي فرصة تساعدها على المضي في هذا الاتجاه، وأخيرًا كمخرن للقيمة، فهي لن تصبح كذلك إلا في حال تم قبولها كعملة.

وبناء عليه، ربما ينبغي على الأفراد والمؤسسات التي تغريها العناوين الرئيسية إبقاء مدخراتها بعيدًا عن البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية، وعدم معاملتها أبدًا كمخزن للقيمة، إلى أن يتضح مصيرها كعملة ذات قبول واسع.
مقال رائع وتحليل ممتاز طالعته بشغف وإستمتاع ، أشكرك أيهم على هذا المقال
hisham.m.younes غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
الصورة الرمزية basim66
عضو جديد
الصورة الرمزية basim66
 
تاريخ التسجيل: May 2016
الدولة: كندا
المشاركات: 180
خبرة السوق: 3 الى 5 سنوات
معدل تقييم المستوى: 8
basim66 is on a distinguished road
افتراضي رد: البيتكوين في مواجهة الذهب
3#
07 - 01 - 2018, 08:49 AM
هنالك أحتمال قائم الأن أو في المستقبل وهو ان تلجأ البنوك المركزية الى اصدار عملات رقمية موازية لعملاتها الورقية مما يؤدي الى أنهيار وسقوط العملات الرقمية العشوائية المنشرة حاليا وهو ماأرجح حدوثه مستقبلا بسبب التقنية العالية المستخدمة والغير قابلة للتزوير .

التوقيع

شعاري ربح قليل دائم خير من ربح كثير زائل
basim66 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع منتدى تداول العملات العام

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
البيتكوين و الارهاب yaser elsharkawy منتدى تداول العملات العام 3 02 - 01 - 2018 10:38 AM
البيتكوين ؟؟؟ ابو رائد منتدى تداول العملات العام 9 26 - 12 - 2017 01:08 PM
البيتكوين يتجاوز سعر أونصة الذهب ! أحـمـد عـزام منتدى تداول العملات العام 11 05 - 05 - 2017 08:20 AM
مواجهة الذهب لصعوبات قرب أدنى مستوى في 3 أشهر. عاصمة الفوركس الاخبار الاقتصادية - اخبار سوق العملات 0 09 - 03 - 2015 01:42 PM
"الذهب" تبحث مواجهة انتشار الفيزا "المضروبة" aolb6october منتدى البورصة المصرية 0 18 - 01 - 2012 12:05 PM


09:05 PM