رد: تراجع الدولار الأميركي إثر تسجيل مؤشر S&P 500 أوسع مكاسب له منذ شهر أكتوبر
أنهى الدولار الأميركي تجارات الأسبوع على انخفاض ملحوظ مقابل كلّ من الدولار الأسترالي، والنيوزيلندي والكندي بعدما دفع التحسّن العام الذي شهدته شهيّة المخاطر في الأسواق الماليّة عملة الملاذ الآمن الى التراجع مقابل نظرائها المؤاتيين للمخاطر. وقد أدّت موجة التفاؤل الواضح و/أو الرضا الى ارتفاع مؤشر S&P 500 الأميركي بما يزيد عن 4% في الأسبوع، وذلك للمرّة الأولى منذ أكتوبر من العام المنصرم. ويشير الغياب النسبي للتطورات الاقتصاديّة البارزة الى أن المكاسب الحادّة التي حقّقها مؤشر S&P قد لا تكون سوى تحرّك تصحيحي في إعقاب الانخفاضات الكبيرة المسجّلة في الأسبوعين السابقين. وعلى هذا النحو، سيكون رصد تحركات الأجل القريب أمرًا حاسمًا قبيل نشر بيانات مبيعات التجزئة والتضخّم الرئيسيّة في الأسبوع المقبل.
خيّم في الآونة الأخيرة غموض كبير على تحرّكات الأسعار في الأسواق الماليّة الأميركيّة، ويبدو أنّه سيتطلّب تحوّلا كبيرًا في ثقة الأسواق ليتمكّن الدولار الأميركي من اختراق النطاقات الضيّقة نسبيًّا التي قيدّت تجاراته لمدّة أسبوعين مقابل نظرائه الرئيسيّين. ومع ذلك، لا تسود عادة تذبذبات حادّة في أسواق الصرف خلال شهر يوليو، ومن المرجّح أن نلحظ انحسار تحرّكات الدولار الأميركي ضمن نطاقات صغيرة خلال المستقبل القريب. يتمثّل السيناريو البديل فيما إذا كان يمكن أن نتوقّع هيمنة تحرّكات حادّة مماثلة على أسعار مؤشر S&P 500 وغيره من المقاييس، تمامًا كما شهدنا منذ أسبوعين فقط. بلغ مؤشر تذبذبات S&P (VIX) أعلى مستوياته في شهرين في الأوّل من شهر يوليو، إذ شهد مؤشر الأسهم انخفاضات كبيرة، إلا أن الهدوء الذي ساد الأسواق الماليّة فيما بعد ترك المؤشر بالقرب من أدنى مستوياته منذ مطلع شهر مايو.
يتحوّل الاهتمام الآن الى تقارير مبيعات التجزئة ومؤشر ثقة المستهلك المرتقبة في الأسبوع المقبل. قد يثير الأوّل على وجه الخصوص تحركات حادّة في فئات الأصول الماليّة الأميركيّة عند حصول أيّ مفاجآت كبرى. ونظرًا الى أن نتائج العمالة الأميركيّة كانت ضعيفة نسبيًّا، يتوقّع الخبراء الاقتصاديّون هبوط المقياس الرئيسي لطلبات المستهلك بنسبة 0.3% خلال شهر يونيو. وبشكل عام، يشكّل إنفاق المستهلك حوالى ثلثي الناتج المحلّي الإجمالي الأميركي، و في الواقع يعتبر انتعاش الاستهلاك ككلّ شرطًا مسبقًا لتحقيق انتعاش اقتصادي دائم. ويكفي القول أن أي مفاجآت كبرى قد تثير تحرّكات حادّة في تداولات مؤشر S&P 500، وبالتالي في تجارات الدولار الأميركي نفسه.
سيرصد مراقبو التضخّم أي تحوّلات كبرى في بيانات مؤشر ثقة المستهلك المرتقب صدورها في وقت لاحق من الأسبوع، إلا أنّه يتطلّب مفاجآت كبرى للحصول على ردود فعل ملموسة في تجارات العملات. وتتوقّع الأسواق على نطاق واسع بقاء ضغوطات الأسعار قيد السيطرة، وسيبقي بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي نتيجة ذلك معدلات الفائدة عند قيعها التاريخيّة خلال المستقبل القريب. ما لم نشهد أي دلائل تشير الى عكس ذلك، ليس هنالك ما يدعو الى الأخذ بعين الاعتبار أي سيناريو يخالف هذا التقييم.
لا يزال الدولار الأميركي في وضع حرج الى حدّ ما. ويجعل الغموض الكبير المخيّم على فئات الأصول المحفوفة بالمخاطر تقدير طلبات الملاذ الآمن للعملة المذكورة أمرًا صعبًا للغاية. ويشير على نحو مماثل ضعف الأساسيّات الاقتصاديّة الى أن الأسواق لا ترى أي مبرّر كافٍ يدعوها الى المراهنة على ارتفاع الأخضر. لا تزال العملة الأميركيّة عرضة للتطورات الاقتصاديّة والماليّة العامّة، وسيعزّز الأسبوع المقبل وجهة النظر هذه.
Daily FX