هل ترحب الصين بتحرك البنك المركزي الياباني و التدخل في أسواق الفوركس لإضعاف الين الياباني الذي وصل إلى أعلى مستوياته مقابل الدولار في 15 عام؟ سؤال يطرح نفسه على الساحة الآن خاصة بعد أن شاهدنا مدى الإلحاح العالمي على صانعي السياسة النقدية في الصين للقيام برفع قيمة اليوان الصيني مقابل الدولار. و لكن كي نجيب على مثل هذا التساؤل يجب أن نناقش سويا مدى النفع أو الضرر الذي سيعود على الاقتصاد الصيني من جراء التدخل الياباني في أسواق العملات. بداية دعنا نراجع القاعدة الاقتصادية التي تقول أن ارتفاع العملة المحلية يضر بشكل أو بآخر صادرات الدولة، و الآن نحن نتحدث عن أكبر دولتين مصدرتين في العالم الصين و اليابان. والحقيقة التي بين يدينا اليوم تشير أن اليابان قد قامت بإضعاف عملتها في أسواق الفوركس اليوم في حين قامت الصين برفع قيمة عملتها مقابل الدولار خلال الفترة الماضية. من المعادلة السابقة نجد أن التحرك الياباني قد يدفع الين إلى الانخفاض خلال الفترة القادمة مقابل جميع العملات الرئيسية وهو الأمر الذي قد يساعد الصادرات اليابانية على الانتعاش بعد أن عانت خلال الفترة الماضية من ارتفاع الين مقابل الدولار إلى أعلى مستوياته في 15 عام. و من ناحية الصين نجد أن الرفع الأخير في قيمة اليوان قد أثر بشكل سلبي على الصادرات الصينية خاصة في ظل ضعف الطلب العالمي مؤخرا نتيجة المخاوف من مستقبل التعافي في الاقتصاد العالمي. الأمر المقلق بالنسبة للاقتصاد الصيني أن الأمر قد لا يتوقف عند الرفع أخير في قيمة اليوان مقابل الدولار فقط، فالأسواق و المحللين يناشدون السلطات الصينية بضرورة زيادة قيمة اليوان مجددا مقابل الدولار. فقد ارتفع اليوان إلى أعلى مستوياته مقابل الدولار اليوم منذ عام 1993 بسبب التوقعات أن البنك الشعبي الصيني (البنك المركزي) في طريقه إلى زيادة سعر صرف اليوان لمواجهة التضخم المتزايد و الضغوطات العالمية على الصين. مؤشر التضخم في الصين ارتفع بنسبة 3.5% خلال شهر أغسطس وهو أكبر ارتفاع له منذ 22 شهر مقارنة مع ارتفاع سابق بنسبة 3.3% في شهر يوليو، فقد ارتفاع قيمة العملة المحلية في الصين هو القادر على السيطرة السريع على ارتفاع التضخم في الصين مما يجعلنا نتوقع المزيد من الارتفاع في قيمة اليوان و بالتالي المزيد من التراجع في الصادرات الصينية. و من جانب اليابان نجد أن هذا التدخل في أسواق العملات و الذي وصل قيمته إلى 100 بليون ين تقريبا هو تدخل ضعيف للغاية مقارنة مع تدخل عام 2004 عندما قام البنك المركزي الياباني ببيع 14.6 تريليون ين خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام، والذي هو أيضا أقل من تدخل البنك عام 2003 ببيع 20 تريليون ين دفعة واحدة. أيضا ما يجعلنا نعتقد أن هذا التدخل من جانب اليابان لن يكون الأخير من نوعه، هو التوقعات بأن هذا التدخل لن يكون كافيا لتغيير اتجاه تداول الين في الأسواق على المدى المتوسط، وهو ما قد يدفع البنك المركزي الياباني بتدعيمه ببيع جديد للين في أسواق الفوركس لضمان تحقيق الشركات الياباني للأرباح من خلال عودة الصادرات إلى الارتفاع مجدداً. يتبقى لنا عزيزي القارئ أن نعرف أن الصين قد رفضت التعليق قرار الحكومة اليابانية بتخفيض قيمة عملتها، و هو قد يدل على الضغوط التي تواجه البنك الشعبي الصيني سواء من ناحية ارتفاع التضخم من ناحية أو من تراجع الميزة التنافسية للصادرات الصينية من ناحية أخرى خاصة مع احتمالية كبيرة لرفع قيمة اليوان الصيني مجددا خلال الفترة القادمة. و الآن هل تعتقد عزيزي القارئ أن قرار الحكومة اليابانية ببيع الين في الأسواق، هو قرار لصالح الاقتصاد الصيني أم أنه بداية لطعنة في قلب التنين الصيني المسيطر على الأسواق العالمية حالياً ؟!!! التوقيع
جميع مشاركاتي لا تمس الواقع بصلة ... واي تشابه بينها وبين الواقع فهي أغرب من الخيال