ذكرى زواج النور من النور
التعاون والتضحية في البيت الرسالي
ومضت فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام تعيش حياة جديدة، وهي حياة الزوجية، بعدما عاشت تسع سنين تضرب المثل الأعلى للبنت الفاضلة في بيت أبيها نعم راحت فاطمة (عليهاالسلام) تكوّن أوّل أسرة مثالية في المجتمع الإسلامي، لكي تعرّف العالم معنى الحياةالهادفة في ظلّ تعاليم الإسلام وإليك صورة عن هذه الأسرة النموذجية التي كونتهافاطمة بالإشتراك مع عليّ أمير المؤمنين (عليها السلام)، وبوحي من الرسول (صلى الله عليه وسلم) من اللـه تعالى
1-الحبّ العميق كان يوثق صلة كل منهما بالآخر وهو الحبّ الذيكان منشأه إيمان كل منهما بما للآخر من المناقب والفضائل ففاطمة كانت تعرف عليّاً (عليه السلام) كسيّد الأوصياء ووالد الأسباط، وأفضل الناس بعد الرسول، ومَن له عنداللـه الجاه العظيم والدرجة الرفيعة، ولذلك كانت تحبه أشدَّ الحب، وعليّ عليهالسلام كان يعرف ما لفاطمة من مجد وسناء، وأنها سيدة نساء العالمين، وأنها والدةالأسباط، والشفيعة المقبولة شفاعتها عند اللـه، فكان يحبـّها حبّاًشديداً.
2-التعاون فيالعمل ؛ فلم تكن فاطمة عليها السلام تتوانى عن مسؤولياتها داخل البيت ؛ كما لم يكنعليّ عليه السلام يترك وظيفة مما يتعلق به وقد كان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قسَّم الأعمال من أول يوم كالآتي : أ - على الزوج أن يمارس تنظيف الأرض (الكنس) واستقاء الماء بالإضافة الى ما عليه من النفقة.. ب - على الزوجة الطحن والعجنوالإخباز، بالإضافة إلى أمر تربية الأولاد. ومراعاة شؤونهم..
وجاء في حديث ثعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال
إن فاطمة عليها السلام ضمنت لعلي عليهالسلام عمل البيت والعجين والخبز وقـم البيت وضمن لها علي عليه السلام ما كان خلفالباب : نقل الحطب وأن يجيء بالطعام فقال لها يوماً : يا فاطمة هل عندك شيء ؟ قالت : والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به قال : أفلا أخبرتني ؟قالت كان رسول اللـه (صلى الله عليه واله وسلم) نهاني أن أسالك شيئاً فقال : لاتسألين ابن عمك شيئاً إن جاءكِ بشيء، وإلا فلا تسأليه) وقــد كانت هــذه الأعمالتكلفهــا تعباً ونصباً بالغيــن وذات مرة دخـل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عليهما، فرآهمــا قــد أعياهمـا العمل فقال : أيكما أكثر تعباً ؟ فقال علي : فاطمةفأقامهــا النبي عن العمل وجلس مكانها يعمل..
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
وهذا امير المؤمنين (عليهالسلام) يؤكد إنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها،وكسحت البيت حتى اغبرَّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها فأصابهامن ذلك ضمار شديد، فلما طلبت خادمة تستعين بها قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لها : " اني سوف أعلمكِ شيئاً يفيدك أكثر من الخادمة قالت وما هو يا أبتاه، فعلمهاالتسبيحات المشهورة إذا فرغت من الصلاة قائلا لها : إذا فعلت ذلك، أعطاكِ اللـهالقوة والنشاط. ثم توجه إليها النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يقول : هل رضيتِبذلك ! قالت : نعم يا رسول اللـه، رضيت " وهذه هي التسبيحة المشهورة بـ " تسبيحةالزهراء " التي يلتزم بها أكثر الشيعة، عقيب صلواتهم المفروضة..
هذه هي السيدة الطاهرة الزهراء عليها السلام التي علَّمتنا كيف يجب أن يتحمل الإنسان عناءالعمل، ويرضى بالدرجات الرفيعة التي ينالها عند اللـه، دون ان يلتفت إلى ما يفوتهمن الدنيا الزائلة وحين تأتي " فضة " لتفتخر بشرف خدمة الزهراء (عليها السلام) كلا،إنها قسّمت الأيام بينها وبين فضة (الخادمة) دون أن ترجّح نفسها على فضة بأيةميزة..
3-وكانت فاطمــةعليها السلام تتحمل شظف العيــش وجشوبة المأكـل وخشونـة الملبــس، محتسبــة ذلك عندالله ولليوم الآخر وقد جاء في حديث شريف عن سويد بن غفلة قال : أصابت عليّاً عليهالسلام شدَّة فأتت فاطمة عليها السلام رسول اللـه (صلى الله عليه واله وسلم) فدقّتالباب فقال
أسمع حسَّ حبيبتي بالباب، يا أمَّ أيمن قومي انظري !. ففتحت لهاالباب، فدخلت، فقال (صلى الله عليه واله وسلم) : لقد جئتنا في وقت ما كنت تأتينا فيمثله، فقالت فاطمة : يا رسول اللـه ما طعام الملائكة عند ربّنا ؟ فقال : التحميد ؟فقالت : ما طعامنا ؟ قال رسول اللـه (صلى الله عليه واله وسلم) : والذي نفسي بيدهما أقتبس في آل محمد شهراً ناراً، وأعلّمك خمس كلمات علمنيهن جبرائيل عليه السلامقالت : قلت يا رسول اللـه ما الخمس الكلمات ؟ قال : [ يا رب الأولين والآخرين، ياذا القوَّة المتين، ويا راحم المساكين، ويا أرحم الراحمين ] ورجعت فلما أبصرهاعليٌّ (عليه السلام) قال : بأبي أنت وأمي ما وراءك يا فاطمة ؟ قالت : ذهبت للدنياوجئت للآخرة، قال عليٌّ (عليه السلام) : خير خير أمامك خير أمامك..
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
وفي غضون الفترة الواقعة بين زواج الزهراء، وبين شهادتها، كانت البتول تقوم بمهمة الوسيط بينالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) وبين نساء المسلمين في المسائل الشرعية فكانتالنساء ترتاد بيتها وتسألن منها ما اشكل عليهن من المسائل العملية أو الفكرية،فتحلّ فاطمة لهن ذلك وتعلمهن من ثقافة الوحي، ما يشفي صدورهنَّ ويروي غليلهن كماكانت تسافر في بعض الرحلات الهامة، وتقوم ببعض المهمات، فقد اشتركت في فتح مكة،وكانت تقوم بأعمال والدها النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وزوجها الوصي (عليهالسلام) الشخصية ليتوفر لهما الوقت المناسب للمهام التي كان عليهما إنجازها.