الخوف من الركود العالمي يزداد ويبقي الرعب مستمرا في الأسواق المالية
انتهى أسبوعا ملئ بالأحداث المختلفة من قبل الاقتصاديات العالمية، ولا يزال الخوف هو المسيطر على تداولات الأسواق حول العالم ويدفع المستثمرين إلى عمليات البيع خواف من الركود الاقتصادي العالمي الذي يقترب يوما بعد يوم منذ سقوط الاقتصاديات العالمية ضحية للركود ولأسوأ أزمة مالية شاهدتها الأسواق منذ الكساد الأعظم في ثلاثينيات القرن الماضي. من ناحية أخرى يبقى السؤال قائما هل سيسقط الاقتصاد العالمي في هوة الركود بالرغم من كل الوسائل التي اتخذتها الحكومات البنوك المركزية حول العالم، أم سيستطيع الاقتصاد العالمي الخروج من هذا المأزق مكتفيا بالخسائر التي أصابته ؟؟؟ تبدأ أحداث أسبوعنا الخالي تقريبا من البيانات الاقتصادية المهمة عن الاقتصاد الأمريكي مع تصريحات للسيد برنانكي رئيس البنك الفدرالي، والذي صرح فيها أن الخطوات والإجراءات التي اتخذت مؤخرا خلال الأسابيع الماضية من المبكر جدا رؤية أثرها حاليا فهي تحتاج إلى المزيد من الوقت حتى يظهر تأثيرها على أسواق الائتمان وعلى الأسواق المالية بوجه عام. وطالب من المشرعين الأمريكيين الموافقة على تكوين خطة ضرائب تحفيزية جديدة من شأنهم دعم الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من نظرة مستقبلية هي الأضعف على الإطلاق. وقد وجدت تصريحات السيد برنانكي صدى جيد سواء في البيت الأبيض أو في الأسواق المالية، فقد اختفت المعارضة من قبل البيت الأبيض بعد أن وضح برنانكي بعض النقاط الهامة وهي أن المستهلك الأمريكي أصبح غير قادر على الحصول على القروض للحصول على السيارات أو القروض الكافية لشراء منزل، هذا بجانب الشركات التي لم تعد قادرة على استيراد ما يلزمها من سلع أولية بسبب تعقد خطوات الائتمان ورغبة الجميع في الحصول على نقدية غير متوافرة في الأسواق أساساً. هذا وقد أعلنت سكرتيرة البيت الأبيض أن الرئيس بوش قد اقتنع بفكرة الحزمة التحفيزية الجديدة ووافق عليها بشكل مبدئي، خاصة بعد أن فشلت الحزمة الأولى التي انتهت في شهر تموز الماضي في أن توفر فرص عمل للمواطنين وهو الأمر الذي دفع معدلات البطالة أن ترفع خلال شهر أيلول بنسبة 6.1% وهو أعلى معدل لها منذ 6 سنوات كما تراجع إنفاق المستهلكين على مبيعات التجزئة إلى أدنى مستوى منذ عام 1992 . كان وقع هذه التصريحات جيدا على أسواق الأسهم الأمريكية والدولار الأمريكي أيضا الذي شهدا ارتفاعا كبيرا وصل معه إلى مستويات قياسية أمام العملات الرئيسية بسبب سوء النظرة المستقبلية للاقتصاديات الأخرى مقارنة بالاقتصاد الأمريكي بجانب التوقعات الكبيرة بأن البنوك المركزية الأوروبي ستقوم بخفض كبير في أسعار الفائدة لمواجهة الأزمة المالية الحالية وأثرها السيئ على النظام المالي والائتماني الأوروبي والعالمي. أعلن البنك الفدرالي أداة جديدة من أدوات توفير السيولة في الأسواق المالية، حيث أصدر البنك الفدرالي يوم الثلاثاء تقريرا في واشنطن يشير إلى أنه قد أقر برنامج جديد لشراء ما يساوي 600 بليون دولار من الصناديق المالية المشتركة، وهو الأمر الذي من المفترض أن يحسن أوضاع السيولة النقدية عند المستثمرين. كما أعلن بنك جي.بي مورجان أنه سيستخدم خمس وحدات خاصة لشراء السندات والشهادات على الودائع والأوراق المالية والسندات التجارية في فترة زمنية تصل إلى 90 يوم أو أقل وسيقوم البنك الفدرالي بإقراض هذه الوحدات الخمس حتى 540 بليون دولار. لم تدعم هذه الخطوة أسواق الأسهم حيث استمرت في التراجع بسبب المخاوف من الركود العالمي وإعلان بعض الشركات عن نتائج أرباحها الفصلية عن الربع الثالث، فقد أعلن بنك Wachovia الذي تم الاستيلاء عليه من قبل ويلز فارجو أنه قد سجل خسائر ربع سنوية بسبب الديون المعدومة المتعلقة بالرهن العقاري. و جاءت الخسائر خلال الربع الثالث بقيمة 23.9 بليون دولار أو بنسبة 11.18$ للسهم مقارنة مع خسائر بقيمة 1.6 بليون دولار أو 85 سنت للسهم الواحد خلال العام الماضي. كما تراجعت أرباح شركة بوينج لصناعة الطائرات أيضا خلال الربع الثالث، وتسبب تراجع أسعار النفط أيضا تحت مستويات 70$ للبرميل إلى ضعف أسهم منتجين النفط. وقد انخفضت أسهم شركة النفط أكسون موبيل وهي أكبر شركات النفط في العالم بنسبة 3% بسبب تراجع الأسعار إلى هذا الحد. البنك الفدرالي يبحث عن كل الوسائل المتاحة أمامه للعمل على عودة أسواق الائتمان إلى أوضاعها السابقة ومن هذه الوسائل تخفيض أسعار الفائدة خلال الفترات القادمة ومنها الاجتماع القادم في 29 – 10 – 2008 حيث وصل التصويت بالنسبة لخفض الفائدة بقيمة 50 نقطة عند نسبة 84% بعد أن كان 80% ؛ في حين التصويت لخفض سعر الفائدة بقيمة 25 نقطة أساس أصبح بنسبة 16% من 20% ، وكل ما علينا الآن هو انتظار كلمة البنك الفدرالي الأخيرة خلال الأسبوع القادم. كما أعلن السيد بولسون أنه يحضر لشراء المزيد من الحصص في عدد من البنوك الأمريكية مستكملا بذلك خطته لفك جمود الأسواق، وتعتبر هذه هي الخطوة الثانية لتزويد الأسواق بمبلغ 250 بليون دولار بعد أن تم ضخ 125 بليون دولار في أكبر تسعة بنوك أمريكية. هذا وقد انتهى الأسبوع بشكل مؤسف بعد أن انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية المستقبلية لتصل إلى الحدود اليومية الخاصة بها مما أدى إلى توقف التبادل لمدة ساعة. وذلك بع أن أعلنت شركة تويوتا موتورز اليابانية ثاني أكبر صانعي السيارات في العالم انخفاض مبيعاتها خلال الربع الثالث من العام للمرة الأولى منذ سبع سنوات، وتبعها شركة سامسونج أكبر صانعي الرقائق الالكترونية والهاتف الجوال في أسيا والتي شهدت أكبر انخفاض في أرباحها منذ أكثر من ثلاث سنوات. وقدر تراجعت أسهم شركة جنرال موتورز الأمريكية كبرى صناع السيارات في العالم بنسبة 9% وانخفضت أسهم فورد بنسبة 8% وأسهم شركة أبل لصناعة الالكترونيات بنسبة 6.1% كما انخفضت أسهم شركة أكسون موبيل بنسبة 7.3% بعد التراجع الكبير في أسعار النفط الخام. هذا و حتى الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش كان قد انخفض مؤشر S&P500 بنسبة 4.20% ومؤشر داو جونز الصناعي انخفض بنسبة 3.90% ومؤشر ناسداك انخفض بنسبة 3.70% بفعل هذه البيانات وعمليات البيع الواسعة في الأسواق. أما عن الاقتصاد الياباني فقد صدرت عنه بعض البيانات خلال هذا الأسبوع منها مؤشر يقيس رغبة البنوك في الإقدام على عمليات الإقراض حيث اتضح أن البنوك اليابانية تراجعت رغبتها في إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم لتصل إلى أدنى المستويات منذ 8 سنوات. حالات الفشل في قطاع الأعمال ارتفعت إلى أعلى معدل لها في 8 سنوات خلال شهر أيلول بسبب الركود في قطاع البناء وتدهور شركات العقارات التي تكافح للحصول على تمويل. هذا ويناقش صناع السياسات النقدية إصدار قانون يسمح لهم بضخ الأموال في الدائنين المحليين الذين يعتبرون هو المصدر لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. فالبنوك متوقفة عن عمليات الإقراض بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، ومن ناحية أخرى تحاول الحكومة أن تضمن أن البنوك ليست خائفة من عمليات إقراض لأن هذا من شأنه أن يصعب الموقف أكثر. والجدير بالذكر أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم توظف حوالي 70% من قوة العمل في اليابان، والصعوبة التي تواجهها هذه الشركات في الحصول على تمويل سيدفع هذه الشركات إلى أن تقلل من قدرتها على عمليات التوظيف وهو الأمر الذي يعمل على ارتفاع معدل البطالة في اليابان. وقد اقتنعت الحكومة اليابانية يوم أمس بأنها قد دخلت تقريبا في أول ركود اقتصادي لها منذ ستة سنوات، وقامت الحكومة أيضا بتخفيض تصنيف بعض العناصر التي تستخدمها في عملية التقييم الاقتصادي، ويتضمن هذا التخفيض في كلا من الصادرات والإنتاج الصناعي وإنفاق المستهلكين لتتراجع هذه العناصر إلى الأدنى لها منذ عقد كامل. أعلن بنك مورجان ستانلي أن البنك المركزي الياباني قد يعلن الأسبوع القادم أنه سيبدأ بدفع فائدة على الاحتياطيات النقدية وإيداعات الدائنين في البنك المركزي لموجهة الأزمة المالية العالمية. أيضا سيستفاد البنك الياباني من هذه الخطوة بكونه سيمنع أسعار الفائدة الليلية بين البنوك أن تنخفض تحت أسعار الفائدة العادية في اليابان عند 0.5%، هذا وقد اتخذ البنك الفدرالي الأمريكي هذا القرار من قبل في 6 تشرين الأول وهو الأمر الذي دفع السيد شيراكاوا رئيس البنك المركزي الياباني أن يقوم بحث أعضاء البنك بالعمل على تكوين خطة مماثلة. أصدر بنك جي .بي مورجان بعض التقرير التي تفيد أن البنك المركزي الياباني عليه ان يقوم بخفض أسعار الفائدة خلال الفترة القادمة. حيث جاءت التوقعات بنسبة 24% لصالح خفض إلى 0.25% ويستخدم البنك مقايضات سعر الفائدة الليلية للحصول على هذه التوقعات. وفي نفس الوقت نجد أن الين الياباني قد سجل اليوم أعلى مستوى له أمام الدولار خلال أكثر من 13 عام وصولا إلى المستوى 90.89 بسبب تزايد التراجع في عمليات تجارة العائد وتخلص المستثمرين حول العالم من الأصول مرتفعة العائد لصالح الين صاحب أقل عائد بسبب سيطرة المخاوف من السقوط في ركود عالمي. قامت اليوم منظمة أوبك بخفض إنتاجها كما كان متوقع بشكل كبير في الأسواق بقيمة 1.5 مليون برميل يوميا، وذلك للعمل على إيقاف نزيف أسعار النفط الذي يتداول الآن فوق مستويات 61 $ للبرميل. وقد تراجع النفط الخام بأكثر من 50% منذ تسجيله أعلى مستوى له فوق المستوى 147.0$ للبرميل وذلك بسبب تراجع الطلب العالمي على النفط الخام مما عمال على تراجع أسعاره. شهدت الأسواق الأوروبية هذا الأسبوع القليل من البيانات الاقتصاد و لكن العديد من التحركات الرئيسية و ذلك مع تزايد التوقعات بقيام البنك المركزي الأوروبي بقيامه بتخفيض أسعار الفائدة الذي ولد موجة بيع قادت باليورو اليوم إلى أدنى مستوياته منذ تشرين الأول 2006 مقابل الدولار. الطلبات الصناعية الجديدة تراجعت بشدة في أوروبا مؤكدة بدورها التباطؤ الشديد الذي يعاني منه الاقتصاد الأوروبي، حيث تراجع الأداء الصناعي بسبب انخفاض الطلب على الصادرات الأوروبية منذ تراجع الاستهلاك على الصعيد العالمي، و كذلك نشهد تراجع في الواردات أيضا منذ تباطؤ الاستهلاك المحلي أيضا، و هذا ظهر بشكل واضح من العجز الذي توسع بشكل كبير في الحساب الجاري مما يزيد من فرص النمو إذ أن النمو في أوروبا يعتمد بشكل رئيسي على الصادرات. هذا و شهدت ألمانيا و دول العملة الموحدة انكماشا في مؤشر مدراء المشتريات، و بما أن ألمانيا هي أكبر اقتصاد في أوروبا فإن تأثرها بالأزمة التي تعصف الأسواق سيؤثر على تطورات الاقتصاد الأوروبي بشدة، حيث قررت الحكومات الأوروبية تبني خطة مالية من أجل تخفيف بعض من الضغوطات التي تشهدها الأسواق المالية الأوروبية. أما أسواق الأسهم فقد أكملت هبوطها الحر هذا الأسبوع في الوقت الذي يقترب اقتصادها من تحقيق الركود عميق خاصة بعد اشتداد تدهور الأوضاع هذا الشهر حيث سيؤدي تراجع الاقتراض إلى دفع المستهلكين للتراجع مزيدا عن الإنفاق لتزداد بالتالي المخاوف من تراجع أرباح الشركات التي تبعا لذلك شهدت المزيد من التراجع في أسهمها. حيث تراجع مؤشر داو جونز الأوروبي DJ Euro Stoxx 600 الجمعة 4.84% بينما DAX 30 تراجع 4.96%، أما مؤشر CAC 40 تراجع 3.54%، بينما النظرة المستقبلية للاقتصاد تبقى متشائمة و مظلمة!!! الجنيه الإسترليني تراجع بشدة مقابل الدولار هذا الأسبوع و وصل إلى أدنى مستوياته منذ آب 2002، و إلى أدنى مستوياته منذ تموز 1995 في الوقت الذي يدق الركود على أبواب الاقتصاد بقوة إذ كان حتى السيد كنج رئيس البنك المركزي البريطاني قد أعترف بأن اقتصاده يواجه الركود خاصة مع تراجع الدخل، استمرار تباطؤ الاستهلاك و إنفاق الشركات، اشتداد الشروط الائتمانية، تدهور قطاع المساكن و ارتفاع البطالة. الاقتصاد البريطاني انكمش في الربع الثالث بنسبة 0.5% بعد أن كان النمو عند القيمة الصفرية خلال الربع الثاني، في حين توقع المحللون انكماش الاقتصاد بنسبة 0.2%، مما يدل على أن بريطانيا تقبل على ركود مطول سينهي فترة الازدهار التي شهدها الاقتصاد في آخر عقد. ففي محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني الذي صدر هذا الأسبوع تبين أن قرار تخفيض سعر الفائدة بقيمة 50 نقطة أساس كان بالإجماع مقرين أيضا التضخم سيبدأ بالتراجع قريبا إثر هذا التباطؤ و قد يتراجع بأكثر من اللازم بعد أن تراجعت أسعار السلع و خاصة أسعار الطاقة بالتالي قد تنخفض ما دون المنطقة الملائمة للبنك المركزي البريطاني و هي 2.0% مما يخلق مشكلة جديدة في الأسواق. الأسهم البريطانية لم تقدم أداءً أفضل من الأسهم الأوروبية، حيث تراجع يوم الجمعة مؤشر FTSE 100 5%، و الآن البنك المركزي البريطاني قد يكون مجبر باتخاذ موقف صارم حيال مساعدة الإقتصاد على الإنتعاش من جهة و منع الأسعار من أن يتراجع بأكثر من اللازم من جهة أخرى!!!
التعديل الأخير تم بواسطة ADEL85 ; 25 - 10 - 2008 الساعة 10:48 PM 
الخوف من الركود العالمي يزداد ويبقي الرعب مستمرا في الأسواق المالية
المواضيع المتشابهه 
