في أواسط القرن الماضي هبت الشعوب العربية في وجه الإستعمار الغربي وجادت بالغالي والنفيس لطرد الغزاة و استنشاق نسيم الحرية و كان لها ما أرادت بإيمان و عزيمة و تضحيات أبنائها و روى شهداؤنا التراب الأبي بدمائهم الطاهرة الذكية . ثم جاء أبناؤنا ( الضباط الأحرار ) و تبوؤوا سدة الحكم و توسمت بهم الشعوب خيراً , ولكن حدث العكس حيث قامت أنظمة شمولية ديكتاتورية جائرة بالرغم من الشعارات التي رفعوها من حرية و ديموقراطية و ثورة في وجه الإمبريالية الكولونيالية و الصهيونية الغاشمة . و الحق أقول لكم أنهم أصبحوا حلفاء لقوى الشر جاثمين على صدر الشعب و فرطوا بالشعوب و المقدسات و الكرامات , ولكن أشرقت في بلادنا شمس الحرية من جديد, فقد دق محمد البوعزيزي المسمار الأخير في نعش الديكتاتورية و أشعل فتيل الثورة الشعبية العارمة , و الجميل في هذه الثورات بأن لا قائد لها ولا منظر إلا الإحساس بالغبن و الجور و الظلم من ذوي القربى .
و أروع ما في هذه الثورات أنها لا تنتظر البيانات المراوغة و ردود الفعل التافهة من دول الغرب و الأنظمة العربية الساقطة بإذن الله .
أثبتت التجربة بأن الحق لا يسترد بالمفاوضات والدموع ولا حتى بالإستنجاد بالمنظمات الدولية التي لا تتكلم إلا بوحي من الإمبريالية و الصهيونية .
يجب أن تسقط الزعامات السياسية العربية وتقوم مكانها أنظمة برلمانية وفق إنتخابات حرة تعبر حقيقة عن مطالب الجماهير , عندها فقط تظهر حقيقة الشعوب العربية التي شوّه القادة العرب صورتها , وعندها فقط تقوم النهضة العربية و يعود المال إلى أصحابه ليستثمر في عملية التطور و التقدم على كافة الأصعدة , و تصبح الشعوب قادرة على استرجاع الأراضي العربية المغتصبة من المحيط إلى الخليج .
علينا جميعاً أن نشارك في هذه الثورات لأن التاريخ لن يرحم المهادنين و المواربين و المخاتلين فعربة الحياة تمضي بحافرها على رقاب الخانعين .
التحية و الإكبار لأرواح الشهداء و هنيئاً لهم في جنة الخلد و أيد الله عزيمة الشعوب الأبية بالنصر المؤزر إن شاء الله تعالى .