اتجاه البنوك فى الأسابيع الأخيرة إلى التنافس فيما بينها على تقديم منتجات بسعر فائدة مرتفع نسبيا عما كان سائدا منذ بداية العام، قد يساهم فى رأى بعض الخبراء الماليين فى الحد من مشكلة تناقص الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، لأنه سيساعد على خفض السيولة المتوافرة فى السوق، ويقلل من الإقبال على الادخار بالدولار.
«الاحتياطى لم يصل لمرحلة الخطر لكنه اقترب منها، لذلك بدأ البنك المركزى فى حل المشكلة» بحسب هانى جنينة، رئيس قسم البحوث فى بنك الاستثمار فاروس، الذى قال إن البنك المركزى توقع هذا الهبوط فى الاحتياطى، لذلك بدأ فى اتخاذ إجراءات أخرى لحمايته من مواصلة الانخفاض فى ظل توقع استمرار الظروف التى تدفعه لمزيد من التآكل. «أحداث ماسبيرو، التى راح ضحيتها 25 شخصا إضافة إلى 270 جريحا، ستؤدى إلى انخفاض الاحتياطى مجددا فى الربع الحالى من العام، نتيجة لتراجع موارد السياحة فى القاهرة».
وأضاف جنينة أنه منذ سبتمبر الماضى بدأت بعض الخطوات المالية الانكماشية، مثل رفع سعر الفائدة فى البنوك، فوق المستوى الاسترشادى الذى يحدده البنك المركزى، لتشجيع احتفاظ المودعين بأموالهم بالجنيه، وبنسبة تتراوح بين ربع ونصف فى المائة على الودائع ــ «يتضح ذلك فى التسابق بين البنوك على تقديم منتجات بفوائد أفضل»، كما ارتفعت الفائدة على أذون الخزانة 100 نقطة أساس فى سبتمبر.
وكانت لجنة السياسات النقدية فى البنك المركزى قد قامت بتثبيت سعر الفائدة للمرة الـ17 على التوالى فى اجتماعها يوم الخميس الماضى، إلا أن هذا السعر استرشادى، وللبنوك أن تزيد أو تقل عنه.
مشكلة تآكل الاحتياطى من النقد الأجنبى تتمثل بشكل رئيسى فى نسبة تغطية هذا الاحتياطى لحجم السيولة من العملة المحلية المتداولة فى السوق، والتى كانت وفقا لجنينه نقلا عن تقارير البنك المركزى تصل إلى 91% فى ديسمبر الماضى، ووصلت إلى 56% فى يوليو، «وغالبا ستكون هبطت عن 50% فى الشهرين الأخيرين»، حسب جنينة، مشيرا إلى أن تراجع نسبة تغطية الاحتياطى للواردات تقع فى مرتبة لاحقة كمشكلة لتبعات تآكل الاحتياطى بعد مسألة تغطية السيولة.
إلا أن أحمد سليم، مدير بالبنك العربى الأفريقى، يرى أن الحل الأمثل لمشكلة الاحتياطى هو زيادة مصادر الدخل الأجنبى عبر توقف الإضرابات والاحتجاجات وتحقيق الاستقرار، مشيرا إلى أن رفع سعر الفائدة فى البنوك «لن يشجع إطلاقا على الاتجاه للإيداع بالجنيه بدلا من الدولار»، لكن إذا كان الهدف منه خفض السيولة فى السوق للتأثير على الاحتياطى، فإن خطره أكبر من نفعه حيث إنه سيؤدى إلى تراجع الاستهلاك والاستثمار.
«أعتقد أن تنافس البنوك على توفير منتجات بنكية بسعر فائدة مرتفع يرجع إلى رغبتها فى الاستحواذ على أكبر نسبة من المودعين، الذين بدأوا يقبلوا على البنوك فى الفترة الأخيرة لادخار أموال بسبب حالة القلق التى تعيشها البلاد» حسب قول سليم.
وكان عدد من الخبراء والمسئولين فى جهات مختلفة قد حذروا من وصول الاحتياطى من النقد الأجنبى إلى معدلات خطيرة، إلا أن هشام رامز، نائب محافظ البنك المركزى قال فى تصريحات صحفية قبل عدة أيام إن «الاحتياطى من النقد الأجنبى تخطى المرحلة الأصعب فى تاريخه».