رد: $$$...ورشة عروس الابيض المتوسط...$$$
ينتهي هذا الأسبوع الذي اتسم في قلّة بياناته الاقتصادية مع بيانات صدرت اليوم من إيطاليا التي تواجه الركود الاقتصادي الرابع في سبع سنوات , الربع الأول من هذه السنة كان صعبا ً جدا ًعلى جميع الدول الأوروبية العظمى شاملا ً ألمانيا و فرنسا و إيطاليا و إسبانيا و اليوم تظهر امامنا مزيد من التاكيدات بأن الاقتصاد الإيطالي قد شهد فترة عصيبة جدا ً خلال الربع الأول من هذه السنة .
قطاع الصناعة الإيطالي يستمر في مواجهة الظروف الأسوأ فيما الاقتصاد الدولي يشهد أسوأ فتره له منذ الحرب العالمية الثانية . انخفاض الطلب العالمي على الصناعات الأوروبية و منها الإيطالية مما أضاف على الاقتصاد الإيطالي مزيدا ً من الضغط السلبي , انخفاض الطلب و الاستهلاك الداخلي في الدول الاوروبية الــ 16 نفسها أدّى أيضا ً إلى انخفاض واضح في الأوامر الصناعية الإيطالية . انكمشت الطلبات الصناعية في إيطاليا للسنة المنتهية في 28-شباط-2009 بمقدار 32.7% و هذا ما انعكس على أداء القطاع خلال بقية الربع الأول و استمر التأثير خلال الربع الثاني. في شهر شباط لوحده انخفضت الطلبات الصناعية بمقدار 1.5% .
لم يقتصر الأمر على ضغط الأوامر الصناعية فقط بل امتد التأثير على المبيعات الصناعية التي انكمشت بمقدار 3.1% في شهر شباط و هذا ما يجعلنا نعتقد بشدّة أن يكون الاقتصاد الإيطالي قد انكمش خلال الربع الاول من هذه السنة متعمقا ً أكثر في الركود . للسنة المنتهية في 28-شباط-2009 انكمشت المبيعات الصناعية بمقدار 23.9% .
القطاعات الأوروبية في معظمها تعاني من انكماش حاد جدا ً , ليس فقط القطاع الصناعي و قطاع الخدمات يعانيان انكماشا ً حقيقيا ً بل إن قطاع البناء أيضا ً يشهد تراجعا ً واضحا ً في أوروبا . انكمشت مخرجات البناء في الاقتصاد الأوروبي للدول الــ 16 بمقدار 1.8% تبع انكماشا ً مقداره 1.3%, هذه القراءات هي لشهر كانون الثاني و شباط الماضيين .للسنة المنتهية في 28-شباط-2009 انكمشت مخرجات البناء بمقدار 11.8% .
الأزمة الائتمانية الأسوأ منذ الكساد العظيم و التباطؤ الحاد الذي ضرب الإنفاق الأوروبي سببا انخفاضا ً واضحا ً في الطلب على المنازل و المنشآت العقارية . ارتفاع مستويات البطالة إلى 8.5% كان أيضا ً أحد اهم الأسباب التي جعلت الإنفاق في أوروبا يضعف أكثر و انعكس ذلك على تغيّر جذري في العادات الاستهلاكية التي تغيّرت لتتجه نحو السلع و الخدمات الأساسية للمعيشة و الابتعاد عن الأصول و السلع الاستهلاكية المتوسطة و الطويل العمر مثل السيارات و المنازل .
العديد من المحللين الاقتصاديين يشيرون إلى أن أكثر ما يؤثر على مقاييس الثروة للأفراد هي الممتلكات من المنازل, و بانخفاض المبيعات و ركود القطاع كاملا ً في أوروبا فهذه دلالة على انخفاض كبير في إجمالي الثروة و هذا بالتأكيد يكون انعكاسه واضحا ً على الاقتصاد ككل .
الركود الذي تعيشه الدول العظمى في العالم خصوصا ً الدول ذات العلاقة التجارية الأكبر مع اقتصاد الدول الــ 16 جعل الميزان التجاري يضيف أيضا ً ضغطا ً على الناتج المحلي الإجمالي المتوقع في الربع الأول من هذه السنة و الذي ما زلنا نرى احتمالا ً كبيرا ً في أن نشهد انكماشا ً يزيد عن 1% خلال الربع الاول من هذه السنة. بالرغم من تحسّن واضح في الميزان التجاري إلا أننا نرى في بيانات اليوم انخفاضا ً كبيرا ً في التجارة الأوروبية مع الدول العظمى و انخفاض حاد في الصادرات . تقلّص العجز في الميزان التجاري الأوروبي في شهر شباط إلى 2.0 مليار يورو فيما كان قد شهد الاقتصاد عجزا ً مقداره 10.5 مليار يورو .
ارتفاع طفيف في الصادرات الأوروبية وصل إلى 0.5% في شهر شباط لكن و في نفس الوقت شهدت الواردات انخفاضا ً مقداره 0.8% . دلائل واضحة على ضعف الإستهلاك و الطلب الأوروبي الداخلي رافقه تحسن لا يذكر في الصادرات . قد تكون الخطط الحكومية و سياسة التخفيف الكمي التي تتبعها جارات الاقتصاد الاوروبي الأهم , بريطانيا و الولايات المتحدة الامريكي , قد ساعدة على زيادة الطلب على السلع الأوروبي لكن حتى مع هذا لا نستطيع أن نقول بأن هذا التحسّن قد يكون كافيا ً لإخراج الاقتصاد الأوروبي من الركود العميق الذي يجتاح القارة الأوروبية .
انقسام و اضح في رأي أعضاء البنك المركزي الأوروبي الــ 22 , ليس فقط انقسام في تسعير الفائدة المرجعية بل أيضا ً انقسام في الرأي على احتمال استخدام سياسة مالية غير اعتيادية مثل شراء ادوات الدين من الأسواق , الاقتصاد الأوروبي في ركود عميق جدا ً و الحيرة قد تكون سيدة الموقف في ذهن السيد تريشيه رئيس البنك المركزي الاوروبي و هذا ما يجعلنا ننتظر الاجتماع المقبل على احرّ من الجمر.
الأسبوع القادم سوف نكون مع بيانات مؤشر مدراء المشتريات لشهر نيسان و هذه هي اولى بيانات الربع الثاني من هذه السنة و الآمال تملا ً التوقعات في بعض التحسن و انخفاض حدّة الانكماش لكن و في نفس الوقت لا يتوقّع أن تشير هذه البيانات إلى تحسّن حقيقي في الاقتصاد و عودة للنمو الاقتصادي .