• 10:03 صباحاً




تفسير سورة التوبة في ظلال القرآن

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 680
معدل تقييم المستوى: 13
وميض الأمل is on a distinguished road
31 - 12 - 2011, 04:01 PM
  #1
وميض الأمل غير متواجد حالياً  
افتراضي تفسير سورة التوبة في ظلال القرآن




خلاصة مقدمة تفسير سورة التوبة من ظلال القرآن



up_services/22/2909.gif

خلاصة مقدمة تفسير سورة التوبة من ظلال القرآن تمت الإضافة بتاريخ : 07/08/2010م
الموافق : 27/08/1431 هـ
اختصار / حسن الكنزلي ... خاص ينابيع تربوية :
التعريف بالسورة : - مدنية من أواخر ما نزل من القرآن - إن لم تكن هي آخر ما نزل – - تضمنت : أحكاما نهائية في العلاقات بين الأمة المسلمة وسائر الأمم وتصنيف المجتمع المسلم ذاته , وتحديد قيمه ومقاماته , وأوضاع كل طائفة فيه وكل طبقة من طبقاته , ووصف واقع هذا المجتمع بجملته وواقع كل طائفة منه وكل طبقة وصفا دقيقا. - ذات أهمية خاصة في بيان طبيعة المنهج الحركي للإسلام ومراحله وخطواته - بجملتها نزلت في العام التاسع من الهجرة في ثلاث مراحل : الأولى : قبل غزوة تبوك في شهر رجب. الثانية : أثناء الاستعداد لهذه الغزوة ثم في ثناياها. الثالثة : بعد العودة منها. - مقدمات السورة من أولها إلى نهاية الآية الثامنة والعشرين نزلت متأخرة في نهاية السنة التاسعة قبيل موسم الحج في ذي القعدة أو في ذي الحجة. المقطع الأول : تضمن : العلاقات النهائية بين المعسكر الإسلامي والمشركين عامة في الجزيرة : مع إبراز الأسباب الواقعية والتاريخية والعقيدية التي يقوم عليها هذا التحديد , بالأسلوب القرآني الموحي المؤثر , وفي تعبيرات قوية الإيقاع حاسمة الدلالة , عميقة التأثير من القوة في التحضيض والتأليب على قتال المشركين ومقاطعتهم في الجزيرة قاطبة , مدى ما كان يعتلج في نفوس الجماعة المسلمة - أو فريق منها على الأقل - من التحرج والتخوف والتردد في اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة في ذلك الحين المقطع الثاني تضمن : تحديدا للعلاقات النهائية بين المجتمع المسلم وأهل الكتاب عامة : مع بيان الأسباب العقيدية والتاريخية والواقعية التي تحتم هذا التحديد وتكشف : - طبيعة الإسلام وحقيقته المستقلة. - انحراف أهل الكتاب عن دين الله الصحيح الذي به صاروا أهل كتاب. وظاهر من الأسلوب في هذا المقطع أنه مواجهة لما كان في النفوس يومذاك من تهيب وتردد في مواجهة أهل الكتاب بهذا اللون من العلاقات التي تنص عليها الآية الأولى في المقطع . . وحقيقة إن المقصود بالمواجهة ابتداء هم الروم وحلفاؤهم من نصارى العرب ; وهذا وحده كان يكفي للتردد والتهيب ; لما كان للروم من بأس وسمعة تاريخية بين أهل الجزيرة . . ولكن النص عام في أهل الكتاب عامة. المقطع الثالث يبدأ بـ : النعي على المتثاقلين الذين دعوا إلى التجهز للغزوة فتثاقلوا وتكاسلوا : وليسوا كلهم من المنافقين مما يشي بمشقة هذه الخطوة , وهذه الغزوة , على النفوس في ذلك الحين ، وهو ظاهر من صيغ التأنيب والتهديد والتوكيد المكررة ومن تذكير الذين آمنوا بنصر الله للرسول إذ أخرجه الذين كفروا ; دون أن يكون لأحد من البشر مشاركة في هذا النصر ; ومن الأمر الجازم لهم بأن ينفروا خفافا وثقالا. المقطع الرابع : وهو أطول مقاطعها , ـ أكثر من نصفها – جاء في : فضح المنافقين وأفاعيلهم : ووصف أحوالهم النفسية والعملية , ومواقفهم في غزوة تبوك وقبلها وفي أثنائها وما تلاها , وكشف حقيقة نواياهم وحيلهم ومعاذيرهم في التخلف عن الجهاد وبث الضعف والفتنة والفرقة في الصف , وإيذاء رسول الله والخلص من المؤمنين . يصاحب هذا الكشف تحذير الخلصاء من المؤمنين من كيد المنافقين , وتحديد العلاقات بين هؤلاء وهؤلاء , والمفاصلة بين الفريقين وتمييز كل منهما بصفاته وأعماله . . وهذا القطاع يؤلف في الحقيقة جسم السورة ; ويتجلى من خلاله كيف عاد النفاق بعد فتح مكة فاستشرى بعد ما كاد أن يتلاشى من المجتمع المسلم قبيل الفتح... وهذه الحملة الطويلة الكاشفة تشي بما كان للمنافقين في هذه الفترة من محاولات كثيرة لإيذاء الصف المسلم وفتنته وشغله بشتى الفتن والدسائس والأكاذيب عن وجهته . , وتكشف عن حالة من الخلخلة وعدم التناسق في التكوين العضوي للمجتمع الإسلامي في هذه الفترة الناشئة عن دخول كثرة في الإسلام بعد الفتح لم يكن الإيمان قد استقر في قلوبهم , ولا انطبعوا بالطابع الإسلامي الصحيح. المقطع الخامس : يتولى التصنيف : ومنه نعلم أنه كان إلى جوار السابقين المخلصين - وهم الذين كانوا يؤلفون قاعدة المجتمع المسلم الصلبة القوية - جماعات أخرى من : - الأعراب وفيهم المخلصون والمنافقون والذين لم تخالط قلوبهم بشاشة الإيمان - والمنافقون من أهل المدينة. - وآخرون خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ولم يتم انطباعهم بالطابع الإسلامي ولم يصهروا في بوتقة الإسلام تماما. - وطائفة مجهولة الحال لا تعرف حقيقة مصيرها متروك أمرها لله وفق ما يعلمه من حقيقة حالها ومآلها . - ومتآمرون يتسترون باسم الدين. والنصوص القرآنية تتحدث عن هذه الجماعات كلها في اختصار مفيد ; وتقرر كيف تعامل في المجتمع المسلم , وتوجه رسول الله والخلص إلى طريقة التعامل مع كل منهم. وظاهر من تعدد الطوائف والطبقات والمستويات الإيمانية في المجتمع المسلم - كما تصفه هذه النصوص - مدى الخلخلة التي وجدت فيه بعد الفتح , مما كان المجتمع قد برئ منه أو كاد قبيل فتح مكة كما سيجيء. المقطع السادس يتضمن : - تقريرا لـ : طبيعة البيعة الإسلامية مع الله على الجهاد في سبيله وطبيعة هذا الجهاد وحدوده. - واجب أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب : وأنه لا يحل لهم أن يتخلفوا عنه وما كان لهم أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ; وضرورة المفاصلة مع المشركين والمنافقين. - بيان لما قضى الله به : في شأن بعض الذين تخلفوا عن الغزوة مخلصين غير منافقين ، ووصف لبعض أحوال المنافقين وموقفهم تجاه ما يتنزل من القرآن الكريم وفي النهاية تختم السورة بصفة رسول الله وبتوجيهه من ربه إلى التوكل عليه وحده والاكتفاء بكفالته سبحانه أن سياق السورة يرسم صورة كاملة للمجتمع المسلم في فترة ما بعد الفتح , ويصف تكوينه العضوي . . وفي هذه السورة يتجلى نوع من الخلخلة وقلة التناسق بين مستوياته الإيمانية ; كما تتكشف ظواهر وأعراض من الشح بالنفس والمال , ومن النفاق والضعف , والتردد في الواجبات والتكاليف , والخلط وعدم الوضوح في تصور العلاقات بين المعسكر الإسلامي والمعسكرات الأخرى , وعدم المفاصلة الكاملة على أساس العقيدة - وإن كان هذا كله لا يتعارض مع وجود القاعدة الصلبة الأمينة الخالصة من المهاجرين والأنصار - مما استدعى حملات طويلة مفصلة ومنوعة للكشف والتوعية والبيان والتقرير , تفي بحاجة المجتمع إليها وسبب هذه الحالة هو دخول جماعات كثيرة متنوعة من الناس في الإسلام بعد الفتح ; لم تتم تربيتها ; ولم تنطبع بعد بالطابع الإسلامي الأصيل . إلا أن هذه الإشارة المجملة لا يمكن فهمها بوضوح إلا بـ : - مراجعة الواقع التاريخي الحركي قبل الفتح وبعده : لقد ولدت الحركة الإسلامية في مكة على محك الشدة ; فلم تكد الجاهلية تحس بالخطر الحقيقي الذي يتهددها من دعوة : "أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" وما تمثله من ثورة على كل سلطان أرضي لا يستمد من سلطان الله ; ومن تمرد نهائي على كل طاغوت في الأرض. ثم بالخطر الجدي من التجمع الحركي العضوي الجديد الذي أنشأته هذه الدعوة.. لم تكد تحس بهذا الخطر حتى شنت حربا على الدعوة الجديدة , والتجمع الجديد , والقيادة الجديدة ; وأرصدت لها كل أذى وكيد وفتنة وحيلة.. وهذا هو الشأن الذي لا مفر منه كلما قامت دعوة إلى ربوبية الله للعالمين ; في مجتمع جاهلي يقوم على أساس من ربوبية العباد للعباد ; وكلما تمثلت الدعوة الجديدة في تجمع حركي جديد , يتبع في تحركه قيادة جديدة , ويواجه التجمع الجاهلي القديم مواجهة النقيض للنقيض ! وعندئذ تعرض كل فرد في التجمع الإسلامي الجديد للأذى والفتنة بكل صنوفها , ويومئذ لم يكن يقدم على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , والانضمام إلى التجمع الإسلامي الوليد , والدينونة لقيادته الجديدة , إلا كل من نذر نفسه لله ; وتهيأ لاحتمال الأذى فتكونت قاعدة صلبة من أصلب العناصر وأما التي لم تحتمل فقد فتنت وكانت قليلة.. فقد كان الأمر معروفا مكشوفا من قبل ; فلم يكن يقدم ابتداء إلى الإسلام , وقطع الطريق الشائك الخطر المرهوب إلا العناصر المختارة الممتازة الفريدة التكوين. وهكذا اختار الله السابقين من المهاجرين من تلك العناصر الفريدة النادرة , ليكونوا هم القاعدة الصلبة في مكة ; ثم ليكونوا القاعدة الصلبة في المدينة ; مع السابقين من الأنصار لرسول الله وقد دلت بيعتهم على أن عنصرهم ذو طبيعة أصيلة مكافئة لطبيعة هذا الدين . . فلم يرتقبوا من وراء بيعتهم إلا الجنة ; فيعلنون أنهم لا يقبلون أن يرجعوا فيه ولا أن يرجع فيه رسول الله ويعلمون أنهم لا يبايعون على أمر هين ; بل كانوا مستيقنين أن قريشا وراءهم , وأن العرب كلها سترميهم ; وأنهم لن يعيشوا بعدها في سلام مع الجاهلية الضاربة الإطناب من حولهم في الجزيرة وبين ظهرانيهم في المدينة . ويعلمون - عن يقين واضح - تكاليف هذه البيعة ; وأنهم لم يوعدوا شيئا إلا الجنة . . ثم كان هذا مدى وعيهم بها ومدى حرصهم عليها . . فلا جرم أن يكونوا هم القاعدة الصلبة للمجتمع المسلم أول العهد بالمدينة . . ولكن مجتمع المدينة لم يظل بهذا الخلوص والنقاء . . فقد اضطر أفراد كثيرون أن يجاروا قومهم احتفاظا بمكانتهم فيهم . . ولا بد أن كثيرين قد جرفتهم الموجة فدخلوا في الإسلام تقليدا - لم يكونوا منافقين - ولكنهم لم يكونوا بعد قد فقهوا في الإسلام ولا انطبعوا بطابعه . . مما أنشأ تخلخلا في بناء المجتمع المدني ناشئا عن اختلاف مستوياته الإيمانية . وقد أخذ المنهج القرآني التربوي الفريد , يعمل في هذه العناصر الجديدة ; ويعمل كذلك على إعادة التناسق والتوافق بين المستويات العقيدية والخلقية والسلوكية للعناصر المختلفة الداخلة في جسم المجتمع الوليد . وحين نراجع السور المدنية - بترتيب النزول التقريبي - فإننا نطلع على الجهد الكبير الذي بذل في عملية الصهر الجديدة للعناصر المتنوعة في المجتمع المسلم على الرغم من وقفة قريش وتأليبها لكل قبائل الجزيرة , وقفة اليهود وتأليبهم للعناصر المعادية للدين الجديد والتجمع الجديد - وظلت الحاجة مستمرة لعمليات الصهر والتنسيق بصورة دائمة لا تفتر ولا تغفل لحظة . . ومع هذا الجهد كانت ما تزال تظهر بين الحين والحين أعراض من الضعف , والنفاق والتردد , والشح بالنفس والمال , والتهيب من مواجهة المخاطر.. وبصفة خاصة أعراض من عدم الوضوح العقيدي الذي يحسم في العلاقة بين المسلم وقرابته من أهل الجاهلية.. والنصوص القرآنية في السور المتوالية تكشف لنا عن طبيعة هذه الأعراض التي كان المنهج القرآني يتعرض لها بالعلاج بشتى أساليبه الربانية الفريدة.. إلا أن قوام المجتمع المسلم في المدينة كان يظل سليما في جملته بسبب اعتماده أساسا على تلك القاعدة الصلبة الخالصة وما تحدثه من تماسك وصلابة في قوامه في وجه جميع الأعراض والظواهر والخلخلة أحيانا , والتعرض للمخاطر التي تكشف عن هذه العناصر التي لم يتم بعد صهرها ونضجها وتماسكها وتناسقها. وشيئا فشيئا كانت هذه العناصر تنصهر وتتطهر وتتناسق مع القاعدة ; ويقل عددها.. وحتى قبيل الفتح كان المجتمع الإسلامي أقرب ما يكون إلى التناسق التام مع قاعدته الصلبة الخالصة ; وأقرب ما يكون بجملته إلى النموذج الذي يهدف إليه المنهج التربوي الرباني الفريد.. نعم إنه كانت في هذا المجتمع ما تزال هناك أقدار متفاوتة أنشأتها الحركة العقيدية ذاتها ; فتميزت مجموعات من المؤمنين بأقدارها على قدر بلائها في الحركة وسبقها وثباتها.. تميزوا إلى : - السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. - أهل بدر. - أصحاب بيعة الرضوان في الحديبية. - الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا. وجاءت النصوص القرآنية , والأحاديث النبوية , والأوضاع العملية في المجتمع المسلم , تؤكد هذه الأقدار التي أنشأتها الحركة بالعقيدة وتنص عليها. وهذا التميز لم يكن مانعا من تقارب المستويات الإيمانية وتتناسقها ; وأن يتوارى كثير من الأعراض من ذلك المجتمع بحيث يمكن اعتبار المجتمع المدني بجملته هو القاعدة الإسلامية . إلا أن الفتح وما أعقبه من استسلام هوازن وثقيف آخر قوتين كبيرتين بعد قريش في الجزيرة , صب في المجتمع المسلم أفواجا جديدة كثيرة على درجات متفاوتة من المستويات الإيمانية ; كارهون للإسلام منافقون، منساقون إلى الإسلام الظاهر القاهر , ومؤلفة قلوبهم , دون انطباع بحقائق الإسلام الجوهرية ولا امتزاج بروحه الحقيقية. إن هذا الاتساع الأفقي في رقعة الإسلام أعاد معه جميع الأعراض والظواهر التي ظهرت في المجتمع بعد انتصار بدر - ولكن على نطاق أوسع - بعد ما كاد المجتمع يبرأ منها بتأثير التربية.. ولولا أن المجتمع المدني بجملته كان قد تحول إلى أن يكون هو القاعدة الصلبة الخالصة لهذه العقيدة , والأساس الركين لهذا المجتمع ; لكان هناك خطر كبير من هذا الاتساع.. وأول ما ظهر من ذلك كان يوم حنين ، وما ظهر في أثناء غزوة تبوك من الأعراض والظواهر المؤذية ثمرة طبيعية لهذا الاتساع.. هذه الظواهر والأعراض التي تحدثت عنها سورة التوبة , والتي اقتضت تلك الحملات الطويلة المفصلة المنوعة الأساليب. ونستطيع أن نستطرد هنا لنتابع : خطوات الواقع التاريخي للمجتمع المسلم بعد عامين من الفتح : عندما قبض رسول الله فارتدت الجزيرة العربية كلها ; ولم يثبت إلا مجتمع المدينة ؛ فعامان لم يكونا كافيين لاستقرار حقيقة الإسلام في نفوس هذه الأفواج الكثيرة التي دخلت في دين الله بعد الفتح , بمستوياتها الإيمانية.. واستطاعت هذه القاعدة أن تقف في وجه التيار وتحوله إلى الإسلام مرة أخرى . . إن رؤية هذه الحقيقة كفيلة بأن ترينا تدبير الله الحكيم في المحنة الطويلة التي تعرضت لها الدعوة في مكة وحكمته في تسليط المشركين الطواغيت على الفئة المسلمة.. لقد كان الله سبحانه يعلم أن هذا هو المنهج القويم لتربية الجماعة الأولى وتكوين القاعدة الصلبة لهذه العقيدة . وأنه بدون هذه المحنة الطويلة لا تصلب الأعواد ولا تثبت للضغوط ; وأن هذه الدرجة من الصلابة والخلوص والتجرد والإصرار والمضي في سبيل الله على الأذى والعذاب والقتل والتنكيل والتشريد والتجويع , وقلة العدد , وانعدام النصير الأرضي . . . إن هذه الدرجة هي وحدها التي تصلح للقاعدة الأصيلة الثابتة عند نقطة الانطلاق الأولى . . إن هذه القاعدة الصلبة من المهاجرين الأوائل هي التي انضم إليها السابقون من الأنصار , ليكونوا القاعدة في المدينة - قبل بدر - وليكونوا هم الحراس الأقوياء الأشداء في فترة التخلخل التي أعقبت النصر في بدر , بالتوسع الأفقي الذي جاء بأعداد جديدة لم تنضج بعد , ولم تتناسق مع القاعدة في مستواها الإيماني والتنظيمي . إن هذه الحقيقة - كما أنها ترينا تدبير الله الحكيم في المحنة الطويلة التي تعرضت لها الدعوة في مكة ; وفي الأهوال والمشاق والأخطار التي تعرض لها المجتمع المسلم في المدينة حتى الحديبية - هي كذلك تكشف لنا عن طبيعة المنهج الحركي للدعوة الإسلامية المتجددة في أي زمان وفي أي مكان . إنه ابتداء يجب توجيه الحرص كله لإقامة القاعدة الصلبة , والعناية بتربيتهم تربية إيمانية عميقة تزيدهم صلابة وقوة ووعياً ; مع الحذر الشديد من التوسع الأفقي قبل الاطمئنان إلى قيام هذه القاعدة الصلبة الخالصة الواعية المستنيرة . فالتوسع الأفقي قبل قيام هذه القاعدة خطر ما حق يهدر وجود أية حركة , لا تسلك طريق الدعوة الأولى من هذة الناحية , ولا تراعي طبيعة المنهج الحركي الرباني النبوي الذي سارت عليه الجماعة الأولى . والله هو الذي يتكفل بهذا لدعوته . فحيثما أراد لها حركة صحيحة , عرَّض طلائعها للمحنة الطويلة ; وأبطأ عليهم النصر ; وقللهم ; وبطأ الناس عنهم ; حتى يعلم منهم أن قد صبروا وثبتوا , وتهيأوا وصلحوا لأن يكونوا هم القاعدة الصلبة الخالصة الواعية الأمنية.. ونعرض - على وجه الإجمال – لـ : الموضوعات الرئيسية التي تضمنتها السورة : لقد لخص الإمام ابن القيم سياق الجهاد في الإسلام في "زاد المعاد" في الفصل الذي عقده باسم : "فصل في ترتيب سياق هديه مع الكفار والمنافقين من حين بعث إلى حين لقي الله عز وجل : أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى:أن يقرأ باسم ربه الذي خلق . وذلك أول نبوته . فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ . ثم أنزل عليهيا أيها المدثر قم فأنذر)فنبأه بقولهاقرأ)وأرسله ب(يا أيها المدثر). ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين . ثم أنذر قومه . ثم أنذر من حولهم من العرب . ثم أنذر العرب قاطبة . ثم أنذر العالمين . فأقام بضع عشرة سنة بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية ; ويؤمر بالكف والصبر والصفح . ثم أذن له في الهجرة , وأذن له في القتال . ثم أمره أن يقاتل من قاتله , ويكف عمن اعتزله ولم يقاتله . ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله . . ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام:أهل صلح وهدنة . وأهل حرب . وأهل ذمة . . فأمر بأن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم , وأن يوفي لهم به ما استقاموا على العهد ; فإن خاف منهم خيانة نبذ إليهم عهدهم ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد . وأمر أن يقاتل من نقض عهده . . ولما نزلت سورة براءة نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها:فأمر أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام . وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم . فجاهد الكفار بالسيف والسنان , والمنافقين بالحجة واللسان . وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليهم . . وجعل أهل العهد في ذلك ثلاثة أقسام:قسما أمره بقتالهم وهم الذين نقضوا عهده ولم يستقيموا له , فحاربهم وظهر عليهم . وقسما لهم عهد موقت لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه , فأمره أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهم . وقسما لم يكن لهم عهد ولم يحاربوه , أو كان لهم عهد مطلق , فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهر ; فإذا انسلخت قاتلهم . . فقتل الناقض لعهده , وأجل من لا عهد له , أوله عهد مطلق , أربعة أشهر , وأمره أنيتم للموفي بعهده عهده إلى مدته ; فأسلم هؤلاء كلهم ولم يقيموا على كفرهم إلى مدتههم . وضرب على أهل الذمة الجزية . . فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءة على ثلاثة أقسام:محاربين له , وأهل عهد , وأهل ذمة . . ثم آلت حالة أهل العهد والصلح إلى الإسلام , فصاروا معه قسمين:محاربين وأهل ذمة . والمحاربون له خائفون منه . . فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام:مسلم مؤمن به . ومسالم له آمن . وخائف محارب . . وأما سيرته في المنافقين فإنه أمر أن يقبل منهم علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله ; وأن يجاهدهم بالعلم والحجة ; وأمر أن يعرض عنهم , ويغلظ عليهم , وأن يبلغ بالقول البليغ إلى نفوسهم ; ونهى أن يصلي عليهم , وأن يقوم على قبورهم ; وأخبر أنه إن استغفر لهم فلن يغفر الله لهم . . فهذه سيرته في أعدائه من الكفار والمنافقين" . .








تفسير سورة التوبة في ظلال القرآن



انتهى . ومن هذا التلخيص لمراحل الجهاد في الإسلام تتجلى : سمات أصيلة وعميقة في المنهج الحركي لهذا الدين : نشير إليها إشارات مجملة : الأولى : الواقعية الجدية في منهج هذا الدين : فهو حركة تواجه واقعا بشريا . . وتواجهه بوسائل مكافئة لوجوده الواقعي . . إنها تواجه جاهلية اعتقادية تصورية , تقوم عليها أنظمة واقعية عملية , تسندها سلطات ذات قوة مادية . . ومن ثم تواجه الحركة الإسلامية هذا الواقع كله بما يكافئه . . تواجهه بالدعوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات ; وتواجهه بالقوة والجهاد لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها , إنها حركة لا تكتفي بالبيان في وجه السلطان المادي . كما أنها لا تستخدم القهر المادي لضمائر الأفراد . . وهذه كتلك سواء في منهج هذا الدين وهو يتحرك لإخراج الناس من العبودية للعباد إلى العبودية لله وحده. الثانية : الواقعية الحركية في منهج هذا الدين : - فهو حركة ذات مراحل - كل مرحلة لها وسائل مكافئة لمقتضياتها وحاجاتها الواقعية - وكل مرحلة تسلم إلى المرحلة التي تليها فهو لا يقابل الواقع بنظريات مجردة , كما أنه لا يقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة. والذين يسوقون النصوص القرآنية للاستشهاد بها على منهج هذا الدين في الجهاد , ولا يراعون هذه السمة فيه , ولا يدركون طبيعة المراحل التي مر بها هذا المنهج , وعلاقة النصوص المختلفة بكل مرحلة منها . . الذين يصنعون هذا يخلطون خلطاً شديداً , ويلبسون منهج هذا الدين لبساً مضللاً , ويحملون النصوص ما لا تحتمله من المبادئ والقواعد النهائية . ذلك أنهم يعتبرون كل نص منها كما لو كان نصاً نهائياً , يمثل القواعد النهائية في هذا الدين . ويقولون - وهم مهزومون روحياً وعقلياً تحت ضغط الواقع البائس لذراري المسلمين الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا العنوان -:إن الإسلام لا يجاهد إلا للدفاع ! ويحسبون أنهم يسدون لهذا الدين جميلا بتخليه عن منهجه , وهو إزالة الطواغيت جميعا من الأرض جميعا , وتعبيد الناس لله وحده , وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد ! لا بقهرهم على اعتناق عقيدته , ولكن بالتخلية بينهم وبين هذه العقيدة . بعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة , أو قهرها حتى تدفع الجزية , وتعلن استسلامها , والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة , تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها . الثالثة : أن الحركة الدائبة , والوسائل المتجددة , لا تخرج هذا الدين عن قواعده المحددة , ولا عن أهدافه المرسومة : فهو منذ اليوم الأول سواء - وهو يخاطب العشيرة الأقربين , أو يخاطب قريشا , أو يخاطب العرب أجمعين , أو يخاطب العالمين . . إنما يخاطبهم بقاعدة واحدة ; ويطلب منهم الانتهاء إلى هدف واحد . . هو إخلاص العبودية لله , والخروج من العبودية للعباد . . . لا مساومة في هذه القاعدة ولا لين . . ثم يمضي إلى تحقيق هذا الهدف الواحد , في خطة مرسومة , ذات مراحل محددة , لكل مرحلة وسائلها المتجددة . . على نحو ما أسلفنا في الفقرة السابقة . الرابعة : الضبط التشريعي للعلاقات : بين المجتمع المسلم وسائر المجتمعات الأخرى - على النحو الملحوظ في ذلك التلخيص الجيد الذي نقلناه عن زاد المعاد - وقيام ذلك الضبط على أساس أن الإسلام لله هو الأصل العالمي الذي على البشرية كلها أن تفيء إليه ; أو أن تسالمه بجملتها فلا تقف لدعوته بأي حائل من نظام سياسي , أو قوة مادية . وأن تخلي بينه وبين كل فرد , يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته . ولكن لا يقاومه ولا يحاربه . فإن فعل ذلك أحد , كان على الإسلام أن يقاتله حتى يقتله , أو يعلن استسلامه ! في ضوء هذا البيان نستطيع أن نفهم لم كانت هذه الأحكام الأخيرة الواردة في هذه السورة.. وهي ليست منسوخة بحيث لا يجوز العمل بها في أي ظرف من ظروف الأمة المسلمة بعد نزول الأحكام الأخيرة في سورة التوبة . ذلك أن الحركة والواقع الذي تواجهه في شتى الظروف والأمكنة والأزمنة هي التي تحدد- عن طريق الاجتهاد المطلق - أي الأحكام هو أنسب للأخذ به.. مع عدم نسيان الأحكام الأخيرة التي يجب أن يصار إليها , متى أصبحت الأمة المسلمة في الحال التي تمكنها من تنفيذ هذه الأحكام ; كما كان حالها عند نزول سورة التوبة , وما بعد ذلك أيام الفتوحات الإسلامية التي قامت على أساس من هذه الأحكام الأخيرة النهائية . سواء في معاملة المشركين أو أهل الكتاب. إن المهزومين في هذا الزمان أمام الواقع البائس لذراري المسلمين - الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا العنوان - وأمام الهجوم الاستشراقي الماكر على أصل الجهاد في الإسلام ; يحاولون أن يجدوا في النصوص المرحلية مهربا من الحقيقة التي يقوم عليها الانطلاق الإسلامي في الأرض لتحرير الناس كافة من عبادة العباد , وردهم جميعا إلى عبادة الله وحده ; وتحطيم الطواغيت والأنظمة والقوى التي تقهرهم على عبادة غير الله , والخضوع لسلطان غير سلطانه , والتحاكم إلى شرع غير شرعه . . ومن ثم نراهم يقولون مثلا:إن الله سبحانه يقولوإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله). . ويقوللا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم). . ويقولوقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين). . . ويقول عن أهل الكتابقل:يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله . فإن تولوا فقولوا:اشهدوا بأنا مسلمون). . فالإسلام إذن لا يقاتل إلا الذين يقاتلون أهل دار الإسلام في داخل حدود هذه الدار أو الذين يهددونها من الخارج ! وأنه قد عقد صلح الحديبية مع المشركين . وأنه قد عقد معاهدة مع يهود المدينة ومشركيها ! ومعنى ذلك - في تصورهم المهزوم - أن لا علاقة للإسلام إذن بسائر البشر في أنحاء الأرض . ولا عليه أن يعبدوا ما يعبدون من دون الله . ولا عليه أن يتخذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله في الأرض كلها ما دام هو آمنا داخل حدوده الإقليمية ! وهو سوء ظن بالإسلام وسوء ظن بالله - سبحانه ! - تمليه الهزيمة أمام الواقع البائس النكد الذي يواجههم ; وأمام القوى العالمية المعادية التي لا طاقة لهم بها في اللحظة الحاضرة ! وهان الأمر لو أنهم حين يهزمون روحيا أمام هذه القوى لا يحيلون هزيمتهم إلى الإسلام ذاته ; ولا يحملونه على ضعف واقعهم الذي جاءهم من بعدهم عن الإسلام أصلا ! ولكنهم يأبون إلا أن يحملوا ضعفهم هم وهزيمتهم على دين الله القوي المتين ! إن هذه النصوص التي يلتجئون إليها نصوص مرحلية تواجه واقعا معينا . وهذا الواقع المعين قد يتكرر وقوعه في حياة الأمة المسلمة . وفي هذه الحالة تطبق هذه النصوص المرحلية لأن واقعها يقرر أنها في مثل تلك المرحلة التي واجهتها تلك النصوص بتلك الأحكام . ولكن هذا ليس معناه أن هذه هي غاية المنى ; وأن هذه هي نهاية خطوات هذا الدين . . إنما معناه إن على الأمة المسلمة أن تمضي قدما في تحسين ظروفها ; وفي إزالة العوائق من طريقها , حتى تتمكن في النهاية من تطبيق الأحكام النهائية الواردة في السورة الأخيرة , والتي كانت تواجه واقعا غير الواقع الذي واجهته النصوص المرحلية . فإذا كان المسلمون اليوم لا يملكون بواقعهم تحقيق هذه الأحكام ; فهم - اللحظة ومؤقتا - غير مكلفين بتحقيقها - ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها - ولهم في الأحكام المرحلية سعة يتدرجون معها حتى ينتهوا إلى تنفيذ هذه الأحكام الأخيرة عندما يكونون في الحال التي يستطيعون معها تنفيذها . . ولكن عليهم ألا يلووا أعناق النصوص النهائية لتوافق أحكام النصوص المرحلية. وعليهم ألا يحملوا ضعفهم الحاضر على دين الله القوي المتين. إنه حين تكون المذاهب التي يتبعها الناس والأنظمة والشرائع التي تصرف حياتهم من وضع العبيد أيضا . فإنه في هذه الحالة يصبح لكل مذهب ونظام الحق في أن يعيش داخل حدوده آمنا , ما دام أنه لا يعتدي على حدود الآخرين , ويصبح من حق هذه المذاهب والأنظمة والأوضاع المختلفة أن تتعايش وألا يحاول أحدها إزالة الآخر. فأما حين يكون هناك منهج إلهي وشريعة ربانية , ووضع العبودية فيه لله وحده ; وتكون إلى جانبه مناهج ومذاهب وأوضاع من صنع البشر العبودية فيها للعباد . . فإن الأمر يختلف من أساسه . ويصبح من حق المنهج الإلهي أن يجتاز الحواجز البشرية ; ويحرر البشر من العبودية للعباد ; ويتركهم أحرارا في اختيار العقيدة التي يختارونها في ظل الدينونة لله وحده. والمهزومون الذين يحاولون أن يلووا أعناق النصوص ليا ليخرجوا من الحرج الذي يتوهمونه في انطلاق الإسلام وراء حدوده الأولى ليحرر البشر في الأرض كلها من العبودية لغير الله . ينسون هذه الحقيقة الكبرى . . وهي أن هناك منهجا ربانيا العبودية فيه لله وحده يواجه مناهج بشرية العبودية فيها للعبيد !!! إن للجهاد المطلق في هذا الدين مبرراته النابعة من ذات المنهج الإلهي ; فليراجعها المهزومون الذين يحملون هزيمتهم وضعفهم على هذا الدين . لعل الله أن يرزقهم القوة من عنده ; وأن يجعل لهم الفرقان الذي وعد به عباده المتقين!




تفسير سورة التوبة في ظلال القرآن


التوقيع

خلف كل زاوية من زوايا الظلام.. انتظر وميض الأمل
رد مع اقتباس

عضو الماسي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 37,798
معدل تقييم المستوى: 52
محمد حمدى ناصف is on a distinguished road
افتراضي رد: تفسير سورة التوبة في ظلال القرآن
2#
03 - 08 - 2018, 07:33 AM
جزاكم الله خيرا

ودى واحترامى

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
بعدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته
محمد حمدى ناصف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع القسم الاسلامي

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير سورة التوبة الاية 100 وميض الأمل القسم الاسلامي 1 11 - 06 - 2018 12:03 PM
تفسير سورة البقرة في ظلال القرآن وميض الأمل القسم الاسلامي 1 18 - 01 - 2018 06:59 AM
تفسير سورة التوبة في المنام وميض الأمل القسم الاسلامي 1 11 - 11 - 2015 07:33 AM
تفسير سورة التوبة الاية 60 وميض الأمل القسم الاسلامي 0 31 - 12 - 2011 03:51 PM


10:03 AM