• 9:29 مساءاً




رواية انت لي الجزء الحادي عشر

إضافة رد
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 726
معدل تقييم المستوى: 12
UoZa is on a distinguished road
17 - 06 - 2012, 06:47 PM
  #1
UoZa غير متواجد حالياً  
افتراضي رواية انت لي الجزء الحادي عشر


ما أن خرجت من السور الضخم العملاق المحيط ببنايات السجن ، حتى وجدت سيارة تقف على الطريق المقابل ، و إلى جانبها يقف رجل عرفت فورا أنه صديقي الحميم سيف ...





كنت أسير ببطء شديد ، خشية أن أفيق مما ظننته مجرد حلم ... حلم الحرية ...




أنظر إلى السماء فأرى الشمس المشرقة تبعث إلى بتحياتها و أشواقها الحارة



و أرى الطيور تسبح بحرية في ساحة الكون ... بلا قيود و لا حواجز ...



و أتلفت يمنة و يسرة فتلفحني أنسام الهواء النقية ... عوضا عن أنفاس المساجين المختلطة بدخان السجائر ...



لن أطيل في وصفي لشعوري ساعتها فأنا عاجز عن التصوير ...






تعانقنا أنا و صديقي سيف عناقا حارا جدا و لا أعرف لماذا لم تنصهر دموعي ذلك الوقت !



أ لأنني قد استنفذتها في السنوات الماضية ؟؟


أم لأنني كنت في حالة عدم تصديق ؟؟


أم لأنني فقدت مشاعري و تحجر قلبي و تبلد إحساسي ...؟؟






" حمد لله على خروجك سالما أيها العزيز "




قال سيف و هو يعانقني وسط بحر من الدموع ...



و يدقق النظر إلى تعابير وجهي الغريبة و عيني الجامدة


و أنفي كذلك !




قلت :



" عدا عن كسر بسيط في الأنف ! "





و ضحكنا !







قلت :



" فعلها والدك ؟ "





ابتسم و قال مداعبا :




" والدي و أنا ! بكم تدين لي ؟؟ "



" بعشر سنين من عمري أهديها لك !"







ركبنا السيارة و ابتدأ مشوار العودة ... الطويل




كان المقعد جلدي قد أحرقته الشمس ، و ما إن جلست عليه حتى سرت حرارته في جسدي فحركت فيه حياة كانت ميتة ...




طوال الوقت ، كنت فقط أراقب الأشياء تتحرك من حولي ...


الطريق ...


الشارع ...


الأشجار


كل شيء يتحرك ...


بعد أن قضيت 8 سنوات من الجمود و السكون و الموت ...






8 سنوات من عمري ، ضاعت سدى ... فمن يضمن لي العيش ثمان سنوات أخرى ...


أو أكثر


أو أقل ؟؟






دهشت لدى رؤية آثار الحرب و الدمار ... تخرب البلد ...





الطريق كان شاقا و الشوارع مدمرة ، و كان علينا عبور مناطق لا شوارع بها وقد حضر سيف بسيارة مناسبة للسير فوق الرمال





بين الفينة و الأخرى ألقي نظرة على ساعة السيارة ، و دونا عن بقية الأشياء من حولي ،لا أشعر بها هي بالذات تتحرك ...






إنني في أشد الشوق لرؤية أهلي ... منزلي ... مدينتي ...


و شديد اللهفة إلى صغيرتي رغد !


آه يا رغد !


ها أنا أعود ...


فهل أنا في حلم ؟؟








كانت الشمس قد استأذنت للرحيل على وعد بالحضور صباحا ، لحظة أن فتحت عيني على صوت يناديني ...





" وصلنا ! انهض عزيزي "





لم أشعر بنفسي حين نمت مقدارا لا أعلمه من الوقت ، ألا أنني الآن أفقت بسرعة و بقوة ...


كان جسدي معرقا و ملتصقا بملابسي و بالمقعد ... و مع ذلك لم أشعر بأي انزعاج أثناء النوم ...





" وصلنا ! إلى أين ؟ "





قلت ذلك و أنا أتلفت يمنة و يسرى و أرى الدنيا مظلمة ... إلا عن أنوار بسيطة تتبعثر من مصابيح موزعة فيما حولي ...



قال سيف :





" إنه منزلي يا وليد "



حدقت بسيف برهة ، ثم قلت :





" خذني إلى منزلي رجاءا ! "



سيف علاه شيء من الحزن و قال :




" كما تعرف يا وليد ... أهلك قد غادروا ... ستبقى معي لحين نهتدي إليهم سبيلا "










قضيت تلك الليلة ، أول ليالي الحرية ، في بيت العزيز سيف .





هل لكم بتصور شعوري عندما وضعت أطباق العشاء أمامي ؟؟


طبخات لم أذقها منذ ثمان سنين ، شعرت بالخجل و أنا مقبل على الطعام بشراهة فيما سيف يراقبني و يبتسم !






" أنا آسف ! إنني جائع جدا ! "




قلت ذلك و أنا مطأطئ بعيني نحو الأسفل خجلا ، ألا أن سيف ضحك و قال :





" هيا يا رجل كل قدر ما تشاء و اطلب المزيد ! بالهناء و العافية "




رفعت بصري إليه و قلت :




" لو تعلم كيف كان طعامي هناك ... ! "




هز سيف رأسه و قال :





" انس ذلك ... لقد كان كابوسا و انتهى ، الحمد لله "





هل انتهى حقا ... ؟؟








رغم أنه كان سريرا ناعما واسعا نظيفا و عطرا ، ألا أنني لم استطع النوم جيدا تلك الليلة ...



كيف تغمض لي عين و أنا مشغول البال و التفكير ... بأهلي ...








و بعد صلاة الفجر ، و حينما عادت الشمس موفية بوعدها ، و اطمأننت إلى أنها صادقة و ستظهر لتشرق حياتي كل يوم ، فتحت النافذة لأسمح بأشعتها للتسرب إلى الغرفة و معانقة جسدي بعد فراق طويل ...






رأيت أشياء كثيرة و مزعجة في نومي ...


سمعت صوت نديم يناديني ...


" انهض يا وليد ، جاء دورك "



كان العساكر يقفون عند باب السجن ينظرون إلي ... لم أشأ النهوض ...



هززت رأسي معترضا ، لكن نديم ظل يناديني




أفقت ، و فتحت عيني لأنظر إليه ، و أرى السقف و الشقوق التي تملأه ، و تخزن عشرات الحشرات بداخلها ...




لكنني رأيت سقفا نظيفا و مزخرف ... منظر لم أعتد رؤيته ... نهضت بسرعة و نظرت من حولي ...







" وليد ! هل أفزعتك ! أنا آسف ! "





كان صديقي سيف يقف إلى جانبي ...



قلت و أنا شبه واع ، و شبه حالم :



" أنت وليد ؟ أم نديم ؟؟ هل أنا في السجن ؟ أم ... "





سيف مد يده و أمسك بيدي بعطف و قال :



" عزيزي ... إنك في بيتي هنا ، لا تقلق ... "





خشيت أن يكون حلما و ينتهي ، حركت يدي الأخرى حتى أطبقت على يد سيف بكلتيهما ، و قلت :




" سيف ! أهي حقيقة ؟ أرجوك لا تجعلني أفيق فجأة فأكتشف أنه مجرد حلم ! هل خرجت أنا من السجن حقا ؟؟ "







الآن فقط ، تفجرت الدموع التي كانت محبوسة في بئر عيني ّ













بعد ذلك ، أصررت على الذهاب للمنزل حتى مع علمي بأن أحدا لم يعد يسكنه


و كلما اقتربنا في طريقنا من الوصول ، كلما تسارعت نبضات قلبي حتى وصلنا و كادت تتوقف !




اتجهت نحو الباب و جعلت أقرع الجرس ، و سيف ينظر إلي بأسى


لم يفتحه أحد ...





جالت بخاطري ذكرى تلك الأيام ، حينما كانت رغد و دانة تتسابقان و تتشاجران من أجل فتح الباب !




التفت إلى الخلف حيث يقف سيف ، و كانت تعابير وجهه تقول : يكفي يا وليد



لكنني كنت في شوق لا يكبح لدخول بيتي ...




نظرت من حولي ، ثم أقبلت إلى السور ، و هممت بتسلقه !




" وليد ! ما الذي تفعله !؟ "




أجبت و أنا أقفز محاولا الوصول بيدي إلى أعلى السور :




" سأفتح الباب ، انتظرني "






و بعد أن قفزت إلى الداخل فتحت الباب فدخل سيف ...




" و لكن لا جدوى ! كيف ستدخل للداخل ؟ "






بالطبع ستكون الأبواب و النوافذ جميعها مغلقة و موصدة من الداخل ، ألا أنني أستطيع تدبر الأمر !




قلت :



" سترى ! "



و انطلقت نحو الحديقة ...



رواية انت لي الجزء الحادي عشر



لم تعد حديقتنا كما كانت في السابق ، خضراء نظرة ... بل تحولت إلى صحراء صفراء جافة ...




انقبض قلبي لدى رؤيتها بهذا الشكل ...




أخذت أتلفت فيما حولي و سيف يراقبني باستغراب



وقعت أنظاري على أدوات الشي التي نضعها في إحدى الزوايا ، في الحديقة


كم كانت أوقاتا سعيدة تلك التي كنا نقضيها في الشواء






توجهت إليها و أخذت احفر الرمال ...



" ما الذي تفعله بربك يا وليد ؟؟! هل أخفيت كنزا هناك ؟؟ "



و ما أن أتم سيف جملته حتى استخرجت مفتاحا من تحت الرمال !




تبادلت أنا و سيف النظرات و الابتسامات ، ثم قال :




" عقلية فذة ! كما كنت دائما ! "


و ضحكنا ...




كنت أخفي مفتاحا احتياطيا في تلك الزاوية تحت الرمال منذ عدة سنوات ...





و أخيرا دخلت المنزل






للحظة الأولى أصابت جسدي القشعريرة لرؤية الأشياء في غير أمكنتها ...


تجولت في الممرات و شعرت بالضيق للسكون الرهيب المخيم على المنزل ...


عادة ما كان البيت يعج بأصوات الأطفال و صراخهم ...






صعدت إلى للطابق العلوي قاصدا غرفة نومي ، حيث تركت ذكريات عمري الماضي ... و حين هممت بفتح الباب ، وجدتها مقفلة ...




" تبا ! "




توجهت بعد ذلك إلى غرفة رغد الصغيرة ، المجاورة لغرفتي مباشرة .. مددت يدي و أمسكت بالمقبض ، و أغمضت عيني ، و أدرت المقبض ، فلم ينفتح الباب ...


كانت هي الأخرى مقفلة


أدرت المقبض بعنف ، و ضربت الباب غيظا ... و ركلته من فرط اليأس ...









أخذت أحاول فتح بقية الغرف لكنني وجدتها جميعا مقفلة


فشعرت و كأن الدنيا كلها ... مقفلة أبوابها أمامي ...






عدت إلى غرفة رغد و أنا منهار ...



جثوت على الأرض و أطلقت العنان لعبراتي لتسبح كيفما تشاء ...




" أين ذهبتم ... و تركتموني ؟؟ ... "



أغمضت عيني و تخيلت ...



تخيلت الباب ينفتح ، فأرى ما بالداخل ...



على ذلك السرير تجلس رغد بدفاتر تلوينها ، منهمكة في التلوين ...



و حين تحس بدخولي ترفع رأسها و تبتسم و تهتف : وليــــــــد !



ثم تقفز من سريرها و تركض إلي ... فألتقطها بين ذراعي و أحملها عاليا !






" أين أنتم ؟ عودوا أرجوكم ... لا تتركوني وحيدا ... "







كنت أبكي بحرقة و مرارة و عيناي تجولان في أنحاء المنزل و أتخيل أهلي من حولي ... هنا و هناك ...



و أتوهم سماع أصواتهم ...



لقد رحلوا ... و تركوا المنزل خاليا و الأبواب مقفلة ... و وليد وحيدا تائها ...



هل تخلوا عني ؟؟


هل أصبحت في نظرهم ماض يجب نسيانه ؟


مجرما يجب إلغائه من الحسبان ؟؟


كيف يمتنعون عن زيارتي و السؤال عني كل هذه السنين ...


ثم يرحلون ...



أخرجت الصورتين اللتين احتفظ بهما منذ سنين من أحد جيوبي ... و جعلت أتأمل وجوه أهلي و أناديهم ... واحدا تلو الآخر كالمجنون ...


أبي ...


أمي ...


سامر ...


دانه ...


رغد ...


لقد عدت !


أين أنتم ؟؟


أجيبوا أرجوكم ...











سيف ظل واقفا يراقب عن بعد ...




كنت لا أزال جاثيا عند باب غرفة رغد غارقا في الحزن و البكاء المرير ... حين لمحت شيئا لم أكن لألمحه لو لم أجثو بهذا الوضع ...




من بين دموعي المشوشة للرؤية أبصرت شيئا تحت باب غرفتي



مددت أصابعي و أخرجته ببعض الصعوبة ، فإذا به قصاصة ورق صغيرة مثنية



و حين فتحتها وجدت التالي :





( وليد ، لقد ذهبت مع أمي و أبي و دانة و سامر إلى المدينة الصناعية . عندما تعود تعال إلينا . أنا أنتظرك كما اتفقنا . رغد )





لكم أن تعذروا سيف للذهول الذي أصابه حين رآني أنهض واقفا فجأة ، و أطلق ضحكة قوية بين نهري الدموع الجاريين !





" وليد !! ماذا دهاك ؟؟ "





نظرت إليه و أنا أكاد أقفز فرحا و قلت :



" إنها رغد العزيزة تخبرني بأنهم في المدينة الصناعية ! هل رأيت شيئا كهذا ؟؟ "




و أخذت أحضن الورقة و الصور بجنون !




سيف قال :



" عقلية ... فذة ... أظن ذلك ! ! "






و ضحكنا من جديد .












و بعد يومين ، حين رتب سيف أموره للسفر ، انطلقنا أنا و هو بالسيارة ميممين وجهينا شطر المدينة الصناعية ...






لقد تكبلنا مشاقا لا حصر لها أثناء الطريق ، إذ أن الشوارع كانت مدمرة و اضطررنا لسلك طرق ملتوية و مطولة جدا ...




كما و أننا واجهنا عقبات مع الشرطة المحليين




إنني لمجرد روية شرطي ، ارتعش و أصاب بالذعر ... حتى و إن كان مجرد شرطي مرور ...




لن أطيل في وصف الرحلة ، لم يكن ذلك مهما ... فرأسي و قلبي و كلي ... مشغول بأهلي و أهلي فقط ...



و أولهم ... مدللتي الصغيرة الحبيبة ...


رغد ...


رغد ...


أنا قادم إليك أخيرا ...


قادم أخيرا ...












وصلنا للمدينة الصناعية مساء اليوم التالث ، و قد نال منا التعب ما نال


لذا فإن سيف أراد استئجار شقة نقضي فيها ليلتنا لنبدأ البحث في اليوم التالي ...




" ماذا ؟ لا أرجوك ! لا أستطيع الانتظار لحظة بعد ! "



تنهد سيف و قال :



" يا عزيزي دعنا نبات الليلة و غدا نذهب إلى بلدية المدينة و نسألهم عن أهلك ! أين تريدنا أن نبحث الآن ؟؟ نطرق أبواب المنازل واحدا بعد الآخر ؟؟ "




" أجل ! أنا مستعد لفعل ذلك ! "




ابتسم سيف ، ثم ربت على كتفي و قال :



" صبرت كثيرا ! اصبر ليلة أخرى بعد ! "





لم تمر علي ساعات أبطأ من هذه من قبل ...


لم أنم حتى لحظة واحدة و أصابني الإعياء الشديد و الصداع


و في اليوم التالي ، وقفنا عند إحدى محطات الوقود ، و ذهب سيف لشراء بعض الطعام و هممت باللحاق به ، لكنني شعرت بالتعب الشديد ...





عندما عاد سيف ، التفت نحوي مقدما بعض الطعام إلي :



" تفضل حصتك ! "



هززت رأسيا ممتنعا ، فأنا لا أشعر بأي رغبة في الطعام فيما أنا قد أكون على بعد قاب قوسين أو أدنى من أهلي ...





أسندت رأسي على المعقد و رفعت يدي إلى جبيني و ضغطت على رأسي محاولا طرد الصداع منه ...




" أ أنت بخير ؟؟ "



سألني سيف ، فأجبت :



" صداع شديد "



" خذ تناول بعض الطعام و إلا فإنك ستنهار ! "





و هززت رأسي مجددا ...


ثم التفت إليه و قلت :



" هل لي ببعض المال ؟؟ "




أخرج سيف محفظته من جيبه و دفعها إلي ... فأخذتها ، و فتحت الباب قاصدا النزول و الذهاب إلى البقالة المجاورة ...





ما كدت أقف على قدمي حتى انتابني دوار شديد فانهرت على المقعد ...





" وليد ! "





تركت رجلي متدليتين خارج السيارة و أنا عاجز عن رفعهما



سيف أسرع فعدّل من وضعي و سأل بقلق :





" أ أنت بخير ؟؟ "



" دوار ... "




أسرع سيف فقرب عبوة عصير من شفتي و قال :



" اشرب قليلا "



رشفت رشفتين أو ثلاث ، و اكتفيت . سيف كان قلقا و ظل يلح علي بتناول بعض الطعام ألا أنني لم أكن أشعر بأدنى رغبة حتى في شم رائحته ...





بعد قليل ، زال الدوار جزئيا و فتحت عيني ، و مددت بالمحفظة إلى سيف و قلت :




" هل لي بعلبة سجائر ؟ "














...تتمة..





رواية انت لي الجزء الحادي عشر

التوقيع

signat
رد مع اقتباس


إضافة رد

أدوات الموضوع


جديد مواضيع استراحة بورصات

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية انت لي الجزء الثاني UoZa استراحة بورصات 0 17 - 06 - 2012 06:45 PM
رواية لجل الوعد الجزء السابع عشر UoZa استراحة بورصات 0 17 - 06 - 2012 12:21 PM


09:29 PM