تستقبل الولايات المتحدة أسبوعاً مخيفاً مع قرب دقات الساعة لنهاية العام التي قد تكون نهاية غير سعيدة على الإطلاق للاقتصاد الامريكي في حال استمر الخلاف ما بين أعضاء الكونجرس على كيفية تقنين الضرائب و النفقات في سبيل خفض عجز الميزانية، مما قد يُفعّل قانون الجرف المالي و الذي سيودي بالاقتصاد نحو الركود لا محالة، و ها نحن هذا الأسبوع على استعداد لرؤية أداء الاقتصاد بشكل عام خلال الفترة الماضية مع القراءة الثالثة للناتج المحلي الاجمالي و حفنة من البيانات الاقتصادية الهامة جداً.
لا يوجد هنالك متسع من الوقت لأن يستمر الصراع أو الخلاف ما بين صناع القرار في الكونجرس الأمريكي من جمهوريين و ديمقراطيين، فلم يبقى سوى أسبوعين لتفعيل قانون الجرف المالي أوّل العام القادم، و الذي يقضي بفرض تلقائي للضرائب و خفض للإنفاق الحكومي بقيمة تصل إلى 607 مليار دولار أمريكي و الذي سيدفع الاقتصاد الأكبر في العالم نحو الركود بلا شك.
و على الرغم من استمرار الفيدرالي الأمريكي بتقديم الدعم و التيسير الكمي في سبيل تمكين الاقتصاد من مواجهة الصعاب و التحديات التي تثبط وتيرة التعافي الأمريكية، إلا أن هذا التيسير لن يكون في المرصاد عند الحديث عن آثار الجرف المالي الوخيمة، فلن يستطيع هذا التيسير من تجنيب الاقتصاد من سلبيات الجرف المالي على الاقتصاد.
قام الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الماضي بتثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها القريبة من الصفر مع الإشارة إلى الحفاظ على أسعار الفائدة على ما هي عليه طالما بقيت معدلات البطالة فوق مستويات 6.5 بالمئة، ومعدلات التضخم دون مستويات 2.5 بالمئة، علماً بأن مستويات التضخم المستهدفة من قبل الفيدرالي هي 2.0%.
ومن ناحية أخرى فقد أعلن البنك الفدرالي الأمريكي انتهاء العمل ببرنامج "Operation Twist" والقاضي بإعادة التوازن لمحفظة حيازة البنك الفدرالي من السندات، في صالح السندات طويلة الأجل، في حين وسّع البنك الفدرالي الأمريكي برنامج التخفيف الكمي بواقع 45 مليار دولار أمريكي، ليصبح 85 مليار دولار أمريكي شهرياً، بدلاً من 40 مليار دولار شهرياً، أي أنه أقر جولة رابعة من التخفيف الكمي تضاف إلى الجولة الثالثة.
و لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار مدى الآثار السلبية التي ستصيب الاقتصاد الأمريكي في حال تم تفعيل الجرف المالي ، فقد أشار السيد بيرنانكي رئيس البنك الفيدرالي بأن الجرف المالي يخلق حالة من التشاؤم حول مستقبل الاقتصاد، مضيفاً أنه يؤثر على قرارات التوظيف، و أن الفدرالي الأمريكي ليس لديه الأدوات اللازمة لاحتواء الجرف المالي ولا يمكنه تعويض كافة أثار الجرف المالي الوخيمة.
هذا وقد أشار بيرنانكي لكون صانعي السياسة النقدية قد يقوموا بزيادة التحفيز في حالة تفعيل الجرف المالي، معرباً عن آماله في أن "أعضاء الكونجرس الأمريكي سيفعلون ما هو صائب" لاحتواء الجرف المالي، مضيفاً أنه يؤمن بأن أعضاء الكونجرس سيتوصلون إلي حل لاحتواء الجرف المالي، مشدداً لكون الجرف المالي "قد يكون له أثار سلبية للغاية".
و نحن بحاجة هذا الأسبوع لتكثيف تركيزنا على البيانات الاقتصادية التي تعكس أداء الاقتصاد خلال الفترة الماضية مع بقاء تركيزنا الأكبر على آخر تطورات الجرف المالي و ما ستؤول إليه الأمور هذا الأسبوع ما بين الديمقراطيين و الجمهوريين المختلفين على كيفية تقنين الضرائب، فيرى الديمقراطيين ضرورة وضع ضريبة دخل تصاعدية على فئات الدخل و تقليص الأثر السلبي بأكثر ما يمكن على الطبقة المتوسط و تحميلها للطبقة الغنية.
فستزيل الولايات المتحدة الستار عن القراءة الثالثة و الأخيرة للناتج المحلي الاجمالي خلال الربع الثالث بعد أن كانت القراءة الثانية قد عدّلت بشكل ايجابي القراءة السابقة، فأظهرت القراءة الثانية نمو الاقتصاد بوتيرة 2.7% خلال الربع الثالث بدلاً من 2.0% بحسب القراءة الأولى، الأمر الذي يجلب بعض التفاؤل للأسواق بأن الاقتصاد الأمريكي سينمو بوتيرة قوية خلال الربع الأخير خاصة مع جولة التيسير الكمي الثالثة التي استهلها الفيدرالي منتصف شهر أيلول و التي قام بتدعيمها كما أشرنا خلال الأسبوع الماضي.
هذا و من المتوقع أن تُظهر القراءة الأخيرة للناتج المحلي الاجمالي تعديل ايجابي آخر، فقد تشير القراءة نمو الاقتصاد بوتيرة 2.8% خلال الربع الثالث بدلاً من 2.7% للقراءة السابقة، علماً بأن الاقتصاد الأمريكي كان قد نما بوتيرة متواضعة خلال الربع الثاني من العام الجاري عند 1.3% و هذا ما دعا الفيدرالي بشكل عام لطرح جولة التحفيز الكمي الثالثة وسط ضعف الاقتصاد بشكل عام إلى جانب تعثر قطاع العمل بشكل كبير.
كما أنه من المتوقع أن يتم تعديل قراءة الاستهلاك الشخصي أيضاً بشكل ايجابي، فقد يتم تعديل القراءة إلى 1.7% مقارنة مع القراءة السابقة عند 1.4%. و نشير هنا عن ما سيكون مدى سعادة الأسواق حيال هذا التعديل الايجابي للناتج المحلي الاجمالي مما يعكس صورة ايجابية عن الأداء المستقبلي للاقتصاد رغم كل الصعاب و التحديات باستثناء الجرف المالي الذي سيعصف بالاقتصاد بشكل سلبي جداً.
أما عن تقرير الدخل و الانفاق الشخصي خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، فمن المتوقع أن يُظهر التقرير تحسن مستويات الدخل و الانفاق بشكل جيد و الذي قد يعكس الأثر الايجابي القادم من جولة التيسير الكمي الثالثة للفيدرالي التي قد بدأ يظهر أثرها الايجابي بشكل تدريجي على مختلف أنحاء الاقتصاد الأكبر في العالم.
فقد يرتفع مستويات الدخل الشخصي بوتيرة 0.3% خلال تشرين الثاني مقارنة مع القراءة السابقة التي أظهرت ثبات مستويات الدخل خلال تشرين الاول، في حين قد تعود قراءة الانفاق الشخصي لتُظهر تحسن الانفاق بوتيرة 0.4% مقارنة مع ما أظهرته القراءة السابقة نم تراجع مستويات الانفاق الشخصي بوتيرة 0.2%.
و بشكل عام، نشدد هنا عزيزي القارئ عن مدى التوتر و عدم اليقين الذي سيصيب الأسواق هذا الأسبوع مع اقتراب موعد الجرف المالي الذي لن يرحم الاقتصاد الأكبر في العالم على الإطلاق، فيجب على أعضاء الكونجرس من الجهتين التنازل بعض الشيء عن بعض شروطهم و الاتفاق فيما بينهم لتجنب هذا الجرف الذي ليس فقط سيدخل الاقتصاد في ركود من جديد، بل أنه سيعصف بقطاع العمل أيضاً دافعاً معدل البطالة إلى مستويات قريبة من 9% و هذا ما لا يريده الشعب الأمريكي بتاتاً.
التوقيع
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير {الحمدلله الذي تواضع كل شيء لعظمته}
{الحمدلله الذي استسلم كل شيء لقدرته}
{الحمدلله الذي ذل كل شيء لعزته}
{الحمدلله الذي خضع كل شيء لملكه} 
وحش الجرف المالي يتوعّد للاقتصاد الأمريكي في آخر أيام العام
المواضيع المتشابهه 
