• 11:00 مساءاً




روايات عبير كاملة بدون حذف

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو فـعّـال
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 1,465
معدل تقييم المستوى: 10
Dr.Oz is on a distinguished road
10 - 05 - 2015, 05:00 PM
  #1
Dr.Oz غير متواجد حالياً  
افتراضي روايات عبير كاملة بدون حذف
قال الزهر آه-مارغريت روم روايات عبير القديمة

بسم الله
قال الزهر آه-مارغريت روم روايات عبير القديمة
الملخص
عندما يتوه الانسان في بحار الظلمات فاقدا بصره * هل يلتمس طريق الحياة معتمدا
على حواسه الاخرى ؟ ام يبحث عن انسان اخر يكون له بمثابة العصا ؟
الكونت الفرنسي الان تريفيل حين تزوج فلورا الفتاة الانكليزية الرقيقة . هل منحها لقب
كونتيسه كثمن لقيامها بمهمة العينين للجسم ؟
سولانج الخطيبة السابقة والتي تسببت بوقوع الكارثة هل تشعر بالذنب أم بمزيد من الحقد؟
وما هو موقفها من فلورا الطيبه التي يعمل لويس ابن عم الكونت على انقاذها من الامها .
فلورا سمعت في زواجها من الكونت الى اسعاده وقررت ان تكون الشمعة التي تنير طريقه .
هل تستطيع الشمس محو ظلام القلب ؟ وهل يكون لعطر الزهور الدور المهم في قيادة الاعمى الى الحب والخلاص ؟


روايات عبير كاملة بدون حذف


رجل لا يحتمل


الحديقة مسترخية بفعل الحرارة الثقيلة المعتادة كل عام في شهر أغسطس( آب) * الأزهار تحتفظ بعطورها المختلفة في أنتظار هطول المطر الذي يطلق أريجها في كل مكان * وفي هذا الجو الجامد * لا صوت* سوى طنين نحلة ضخمة يدوي في رتابة وضجر ما لبث أن أنتهى بعد فترة قصيرة.
توقت فلورا مينارد لحظات عن تفصيص البازلاء الموضوعة في وعاء أزرق على ركبتيها وراحت تتأمل النحلة * الهدوء شامل * سقطت في مقعدها وأزاحت بيدها خصلة من شعرها كانت متهدلة على عينيها * السلام ! لكن من يرغب به؟ وتبين لها أن حياتها دائما تتبع مسيرة واحدة هادئة * حتى ولا حدث... أرتسمت على شفتيها أبتسامة صغيرة.
يا ترى * ماذا ستكون ردة فعل أبناء رعية والدها القسيس * لو عرفوا أن الفتاة الشابة التي يعتبرونها اليد اليمنى لوالدها * الفتاة الهادئة والمتواضعة * التي أصبحت أمرأة شابة مشرقة* الخالية من العقد* تحلم أن تعيش حياة أكثر أضطرابا * وأن تستطيع الخروج عبر حدود القرية الصغيرة النائمة في منطقة ساسكس * حيث أمضت كل سنوات طفولتها ومراهقتها * وتتعرف الى العالم الواسع من حولها؟
تحركت والدتها في المقعد المجاور لها * وفتحت عينيها الناعستين في كسل *وسألت فلورا في ريبة قلقة:
" هل عاد والدك يا حبيبتي؟".
أبتسمت فلورا* فالعاطفة العميقة التي يظهرها ولداها تؤثر فيها دائما وترسخ فيها الأطمئنان * أنهما في سن ناضجة * لكن حبهما لها أقوى مما كان عليه في أيام الصبا * وما زال الأحمرار يداهم والدتها عندما يمدحها زوجها* وبدوره كان والدها يحب الأستماع من زوجته الى كلام المديح * أنه رجل رائع وسكان غيلينغهام محظوظون بقسيسهم الطيب* وكانت فلورا تعرف أن والديها زوجان لطيفان وبريئان * لا يريان الشر في أي مكان * حتى الذين يخطئون في حقهما يلقون منهما كل مساعدة مطلوبة * ولا يجدون أي أدانة من قبلهما لما يمكن أن يفعلوه * وربما لذلك كان الأشخاص المتصلبون يخرجون من الرعية وعلى شفاههم أبتسامة بعرفان الجميل وثقة مجددة لطبيعتهم الأنسانية.
ولذلك أيضا كانت فلورا تشعر أتجاه والديها بالقلق نفسه الذي تستوحيه من جمعية الكشاف التي ترأسها.
أجابت فلورا في لهجة حانية:
" يا أمي لا داعي للقلق * صحيح أن والدي تأخر قليلا * لكن لا تنسي * أن اليوم هو موعد زيارته للمستشفى * وتعرفين جيدا تعلقه الكبير بالمرضى * وخاصة الجدد * لن يتأخر أنا متأكدة من ذلك".
نهضت فلورا وأعطت والدتها الوعاء الأزرق الممتلىء بالبازلاء * ثم تمطمطت مطولا لتزيل الخدر الذي أصاب مفاصلها من جراء جلستها الطويلة.
ثم قالت:
" أنني أشعر بتحسن الآن * البطالة لا تناسبني يا أمي!".
رفعت جين مينارد عينيها نحو أبنتها الرائعة وأبتسمت لها * فقد أنعم عليها الخالق بأبنة بعد طول أنتظار وأصرار الأطباء أن لا أمل لها بالأنجاب * فقد سمياها فلورا( أي زهرة) لأنها كانت تتمتع بجمال الأزهار المتنوعة التي تنمو في هذه الحديقة الغنية * وبأعجاب أمومي * راحت جين تنظر الى أبنتها وتتأمل لون بشرتها الفاتح والخالي من أي عيوب * والناعم مثل ورق الزهر* وفمها الحساس المليء بلون الورد البري * وعينيها البنفسجيتين وشعرها الطويل الأشقر المتهدل على كتفيها النحيلتين كأمواج ثقيلة * لكن جسدها النحيل كان مليئا بالصحة والعافية * وفوق كل شيء . كان مالكوم وجين مينارد متأكدين أن فلورا فتاة جميلة أيضا في داخلها * كانت تمتلك طبيعة ناعمة وسخاء كبيرا * مما يجعل الجميع يحبونها بسرعة * لكن هذا لا يمنعها من أن تبدو أحيانا فتاة عصرية * مسؤولة ومستعدة لتحمل كل أعباء أبناء القرية وهمومهم.
رفعت فلورا حاجبها متسائلة * فأخفت والدتها الأبتسامة التي كانت على وشك أن ترتسم على شفتيها * ثم نهضت لتتوجه الى المنزل:
" سأتركك لتغيري ملابسك يا حبيبتي * سأعد طعام العشاء * وسيكون والدك قد عاد عندما يكون الطعام جاهزا".
هزت الفتاة رأسها علامة الأيجاب وشبكت ذراعها بذراع والدتها* ودخلتا معا الى المنزل.
وبعد ساعة * وصل القسيس مالكوم مينارد* فكان العشاء جاهزا وزوجته وأبنته في أنتظاره * لكن ما أن دخل المنزل حتى أدركتا أن هناك شيئا ما على غير ما يرام* كان على جبينه المالس عادة تجويف عميق* وحلت مكان لمعان عينيه المتألقتين رصانة عميقة * كان مالكوم مينارد يتمتع بقلب واسع على تحمل كل عذابات الناس الذين يحتاجون اليه* لكنه كان يعمل جاهدا وبأستمرار للمحافظة على روح التوازن بين عمله وراحته * كي لا يأتي اليوم الذي يسقط فيه تحت ثقل المسؤولية الضخمة المتراكمة عليه* ومع ذلك * هذه المرة يبدو مضطربا ... الى درجة أنه بدا عاجزا على أخفاء هذا التوتر.
سألته زوجته وهي تقترب منه:
" مالكوم * ماذا جرى * ماذا حدث؟".
تجنبت فلورا طرح أي سؤال عليه * وفي مثل هذه الظروف كانت تعرف أنها آخر أنسان يمكنه تحقيق السعادة المنشودة لعائلته أنهما يحبانها كثيرا وتعرف أنهما يتألمان لو عرفا أنهما لا يستمعان الى رأيها في مثل هذه الظروف الحرجة.
هز مالكوم رأسه * وبدلا من التوجه الى غرفة الطعام حيث العشاء في أنتظاره * توجه الى مكتبه وأنزلق في مقعده الجلدي * ولما لحقت به زوجته وفلورا وجلستا في مواجهته * وهما قلقتان * راح يقول وهو يمرر أصابعه في شعره الرمادي:
" أمضيت وقتا شاقا في المستشفى وخاصة في فترة ما بعد الغداء * والله يدري كم كان كبيرا عدد المرضى الذين زرتهم في المستشفى الملكي الجنوبي * ومعظمهم من العميان الذين فقدوا نظرهم ولا أمل لهم بالشفاء...".
ثم أضاف في صوت تخنقه الشدة قائلا:
" ذلك الرجل الشاب يعيش في وحدة * وأي وحدة! * لا يسمح لأحد بتقديم التشجيع والغذاء له * أنه يرفض كل عروض الصداقة * وحسب ما قال لي* أنه لا يثق بالجراحين ولا حتى بالكهنة!".
أنحنت نحوه زوجته وربتت على يده وقالت:
" أخبرنا كل شيء منذ ابداية * لا شك أنك سوف تشعر بتحسن بعد ذلك".
لكنه أجاب بحدة ونبرة عميقة:
" ليس المهم ما أشعر به أنا* يا جين * يجب أن أجد طريقة لأساعد هذا الشاب!".
لزمت زوجته الصمت * وبعد تنهد عميق سمع نصيحتها وقال:
" عندما وصلت الى المستشفى * كانت تنتظرني رسالة من السير فرانك هاملين* جراح العيون الشهير * ربما تتذكرين أنني أخبرتك من قبل* فهو يرسل معظم مرضاه الى المستشفى الملكي الجنوبي وطلب مني سير فرانك في رسالته أن أراه قبل أستئناف زيارتي العادية* وهذا ما فعلت بالضبط".
أنحنت فلورا حتى يتسنى لها الأصغاء بوضوح أكثر * لأن والدها يتكلم بصوت خفيض.
" طلب مني سير فرانك مساعدته في شأن مريض دخل المستشفى أخيرا* وهو شاب فرنسي * بينه وبين عائلة سير فرانك علاقة قديمة العهد* والقصة التي أخبرني أياها تعتبر مأساة حقيقية* منذ سنتين فقد هذا الشاب نظره بواسطة مادة الأسيد * وحتى الآن كان الأطباء الفرنسيون يعدونه بأن هناك أملا لشفائه لكنه أمل ضئيل * وبعد أن أجريت له ست عمليات من دون أي نتيجة تذكر * أستنجدت عائلته بالسير فرانك الذي طلب على الفور نقله الى أنكلترا بالمستشفى الملكي الجنوبي* بعد الحادث كان المريض يثق بأطبائه ثقة عمياء * ولم يتذمر أبدا من الآلام التي كان يلاقيها * لأنه كان متأكدا بعد كل عملية * أنه سوف يستعيد نظره * لكن شيئا فشيئا * كان تفاؤله يخف الى أن حلت مكانه المرارة * وأخيرا * بعد العملية الجراحية السادسة* رأى آماله تضمحل وأقسم ألا يدع أحدا يجري له عملية جراحية أخرى بعد الآن".



الحديقة مسترخية بفعل الحرارة الثقيلة المعتادة كل عام في شهر أغسطس( آب) * الأزهار تحتفظ بعطورها المختلفة في أنتظار هطول المطر الذي يطلق أريجها في كل مكان * وفي هذا الجو الجامد * لا صوت* سوى طنين نحلة ضخمة يدوي في رتابة وضجر ما لبث أن أنتهى بعد فترة قصيرة.
توقت فلورا مينارد لحظات عن تفصيص البازلاء الموضوعة في وعاء أزرق على ركبتيها وراحت تتأمل النحلة * الهدوء شامل * سقطت في مقعدها وأزاحت بيدها خصلة من شعرها كانت متهدلة على عينيها * السلام ! لكن من يرغب به؟ وتبين لها أن حياتها دائما تتبع مسيرة واحدة هادئة * حتى ولا حدث... أرتسمت على شفتيها أبتسامة صغيرة.
يا ترى * ماذا ستكون ردة فعل أبناء رعية والدها القسيس * لو عرفوا أن الفتاة الشابة التي يعتبرونها اليد اليمنى لوالدها * الفتاة الهادئة والمتواضعة * التي أصبحت أمرأة شابة مشرقة* الخالية من العقد* تحلم أن تعيش حياة أكثر أضطرابا * وأن تستطيع الخروج عبر حدود القرية الصغيرة النائمة في منطقة ساسكس * حيث أمضت كل سنوات طفولتها ومراهقتها * وتتعرف الى العالم الواسع من حولها؟
تحركت والدتها في المقعد المجاور لها * وفتحت عينيها الناعستين في كسل *وسألت فلورا في ريبة قلقة:
" هل عاد والدك يا حبيبتي؟".
أبتسمت فلورا* فالعاطفة العميقة التي يظهرها ولداها تؤثر فيها دائما وترسخ فيها الأطمئنان * أنهما في سن ناضجة * لكن حبهما لها أقوى مما كان عليه في أيام الصبا * وما زال الأحمرار يداهم والدتها عندما يمدحها زوجها* وبدوره كان والدها يحب الأستماع من زوجته الى كلام المديح * أنه رجل رائع وسكان غيلينغهام محظوظون بقسيسهم الطيب* وكانت فلورا تعرف أن والديها زوجان لطيفان وبريئان * لا يريان الشر في أي مكان * حتى الذين يخطئون في حقهما يلقون منهما كل مساعدة مطلوبة * ولا يجدون أي أدانة من قبلهما لما يمكن أن يفعلوه * وربما لذلك كان الأشخاص المتصلبون يخرجون من الرعية وعلى شفاههم أبتسامة بعرفان الجميل وثقة مجددة لطبيعتهم الأنسانية.
ولذلك أيضا كانت فلورا تشعر أتجاه والديها بالقلق نفسه الذي تستوحيه من جمعية الكشاف التي ترأسها.
أجابت فلورا في لهجة حانية:
" يا أمي لا داعي للقلق * صحيح أن والدي تأخر قليلا * لكن لا تنسي * أن اليوم هو موعد زيارته للمستشفى * وتعرفين جيدا تعلقه الكبير بالمرضى * وخاصة الجدد * لن يتأخر أنا متأكدة من ذلك".
نهضت فلورا وأعطت والدتها الوعاء الأزرق الممتلىء بالبازلاء * ثم تمطمطت مطولا لتزيل الخدر الذي أصاب مفاصلها من جراء جلستها الطويلة.
ثم قالت:
" أنني أشعر بتحسن الآن * البطالة لا تناسبني يا أمي!".
رفعت جين مينارد عينيها نحو أبنتها الرائعة وأبتسمت لها * فقد أنعم عليها الخالق بأبنة بعد طول أنتظار وأصرار الأطباء أن لا أمل لها بالأنجاب * فقد سمياها فلورا( أي زهرة) لأنها كانت تتمتع بجمال الأزهار المتنوعة التي تنمو في هذه الحديقة الغنية * وبأعجاب أمومي * راحت جين تنظر الى أبنتها وتتأمل لون بشرتها الفاتح والخالي من أي عيوب * والناعم مثل ورق الزهر* وفمها الحساس المليء بلون الورد البري * وعينيها البنفسجيتين وشعرها الطويل الأشقر المتهدل على كتفيها النحيلتين كأمواج ثقيلة * لكن جسدها النحيل كان مليئا بالصحة والعافية * وفوق كل شيء . كان مالكوم وجين مينارد متأكدين أن فلورا فتاة جميلة أيضا في داخلها * كانت تمتلك طبيعة ناعمة وسخاء كبيرا * مما يجعل الجميع يحبونها بسرعة * لكن هذا لا يمنعها من أن تبدو أحيانا فتاة عصرية * مسؤولة ومستعدة لتحمل كل أعباء أبناء القرية وهمومهم.
رفعت فلورا حاجبها متسائلة * فأخفت والدتها الأبتسامة التي كانت على وشك أن ترتسم على شفتيها * ثم نهضت لتتوجه الى المنزل:
" سأتركك لتغيري ملابسك يا حبيبتي * سأعد طعام العشاء * وسيكون والدك قد عاد عندما يكون الطعام جاهزا".
هزت الفتاة رأسها علامة الأيجاب وشبكت ذراعها بذراع والدتها* ودخلتا معا الى المنزل.
وبعد ساعة * وصل القسيس مالكوم مينارد* فكان العشاء جاهزا وزوجته وأبنته في أنتظاره * لكن ما أن دخل المنزل حتى أدركتا أن هناك شيئا ما على غير ما يرام* كان على جبينه المالس عادة تجويف عميق* وحلت مكان لمعان عينيه المتألقتين رصانة عميقة * كان مالكوم مينارد يتمتع بقلب واسع على تحمل كل عذابات الناس الذين يحتاجون اليه* لكنه كان يعمل جاهدا وبأستمرار للمحافظة على روح التوازن بين عمله وراحته * كي لا يأتي اليوم الذي يسقط فيه تحت ثقل المسؤولية الضخمة المتراكمة عليه* ومع ذلك * هذه المرة يبدو مضطربا ... الى درجة أنه بدا عاجزا على أخفاء هذا التوتر.
سألته زوجته وهي تقترب منه:
" مالكوم * ماذا جرى * ماذا حدث؟".
تجنبت فلورا طرح أي سؤال عليه * وفي مثل هذه الظروف كانت تعرف أنها آخر أنسان يمكنه تحقيق السعادة المنشودة لعائلته أنهما يحبانها كثيرا وتعرف أنهما يتألمان لو عرفا أنهما لا يستمعان الى رأيها في مثل هذه الظروف الحرجة.
هز مالكوم رأسه * وبدلا من التوجه الى غرفة الطعام حيث العشاء في أنتظاره * توجه الى مكتبه وأنزلق في مقعده الجلدي * ولما لحقت به زوجته وفلورا وجلستا في مواجهته * وهما قلقتان * راح يقول وهو يمرر أصابعه في شعره الرمادي:
" أمضيت وقتا شاقا في المستشفى وخاصة في فترة ما بعد الغداء * والله يدري كم كان كبيرا عدد المرضى الذين زرتهم في المستشفى الملكي الجنوبي * ومعظمهم من العميان الذين فقدوا نظرهم ولا أمل لهم بالشفاء...".
ثم أضاف في صوت تخنقه الشدة قائلا:
" ذلك الرجل الشاب يعيش في وحدة * وأي وحدة! * لا يسمح لأحد بتقديم التشجيع والغذاء له * أنه يرفض كل عروض الصداقة * وحسب ما قال لي* أنه لا يثق بالجراحين ولا حتى بالكهنة!".
أنحنت نحوه زوجته وربتت على يده وقالت:
" أخبرنا كل شيء منذ ابداية * لا شك أنك سوف تشعر بتحسن بعد ذلك".
لكنه أجاب بحدة ونبرة عميقة:
" ليس المهم ما أشعر به أنا* يا جين * يجب أن أجد طريقة لأساعد هذا الشاب!".
لزمت زوجته الصمت * وبعد تنهد عميق سمع نصيحتها وقال:
" عندما وصلت الى المستشفى * كانت تنتظرني رسالة من السير فرانك هاملين* جراح العيون الشهير * ربما تتذكرين أنني أخبرتك من قبل* فهو يرسل معظم مرضاه الى المستشفى الملكي الجنوبي وطلب مني سير فرانك في رسالته أن أراه قبل أستئناف زيارتي العادية* وهذا ما فعلت بالضبط".
أنحنت فلورا حتى يتسنى لها الأصغاء بوضوح أكثر * لأن والدها يتكلم بصوت خفيض.
" طلب مني سير فرانك مساعدته في شأن مريض دخل المستشفى أخيرا* وهو شاب فرنسي * بينه وبين عائلة سير فرانك علاقة قديمة العهد* والقصة التي أخبرني أياها تعتبر مأساة حقيقية* منذ سنتين فقد هذا الشاب نظره بواسطة مادة الأسيد * وحتى الآن كان الأطباء الفرنسيون يعدونه بأن هناك أملا لشفائه لكنه أمل ضئيل * وبعد أن أجريت له ست عمليات من دون أي نتيجة تذكر * أستنجدت عائلته بالسير فرانك الذي طلب على الفور نقله الى أنكلترا بالمستشفى الملكي الجنوبي* بعد الحادث كان المريض يثق بأطبائه ثقة عمياء * ولم يتذمر أبدا من الآلام التي كان يلاقيها * لأنه كان متأكدا بعد كل عملية * أنه سوف يستعيد نظره * لكن شيئا فشيئا * كان تفاؤله يخف الى أن حلت مكانه المرارة * وأخيرا * بعد العملية الجراحية السادسة* رأى آماله تضمحل وأقسم ألا يدع أحدا يجري له عملية جراحية أخرى بعد الآن".
همست جين مينارد وهي على وشك البكاء:
" آه* يا له من رجل مسكين!".
قال القسيس:
" نعم * لا شك أنه يستحق الشفقة".
سألت فلورا برصانة:
" لكن* ماذا ينتظر سير فرانك منك يا أبي؟".
" يريد مني مساعدة هذا الشاب حتى يسترد شجاعته يا حبيبتي* أن سير فرانك متأكد تماما أنه قادر على أجراء عملية جراحية ناجحة* ويرغب بشدة القيام بالمحاولة * وتوصلت عائلة المريض الى أقناعه بقبول العملية الجراحية الأخيرة* لكن وضعه النفسي المنهار وهذا الذي يقلق سير فرانك الذي يصر على أنه لا جدوى من أجراء عملية جراحية لأنسان مصاب بأنهيار نفسي مزمن* ولذلك طلب مني مساعدته * وهو بنفسه حاول كثيرا * وعائلة المريض حاولت أيضا ... لكن من دون جدوى * وما أخشاه أن يكون الجميع قد وضعوا آمالهم الأخيرة بي".
أحنى رأسه وكأنه استسلم لليأس * مما جعل زوجته تعترض قائلة:
" لكنك يا حبيبي* قادر على مساعدته * أنا متأكدة من ذلك ! كم مرة رحت تشدد من عزم اليائسين؟ وكم مرة جاءك أناس يشكرونك على مساعدتك لهم؟".
هز القس رأسه وقال ببساطة:
" لقد حاولت* لكنني فشلت * لم أر من قبل في حياتي كلها حقدا بهذا العمق* وأستخفافا بهذه البرودة* ولا مبالاة بهذا الغموض . ولمدة ساعة كاملة * حاولت أزاحته عن رأيه بشتى الوسائل * لكنني لم أحصل منه سوى على ابتسامة صغيرة باردة* من حين الى آخر* وعلى جواب سبق ولمحت له( أني آسف * لكنني لا أثق بالأطباء ولا حتى بالكهنة) ".
ثم أضاف القس بحسرة وألم:
" ولا يثق حتى بالأنسان نفسه * لقد أصبح هذا الرجل كأنسان آلي* لا حس فيه* ولدي شعور أن هذا الشاب أصيب بجرح عميق * ليس فقط جسديا * بل أن كل الأحاسيس في أعماقه قد ماتت".
خيّم صمت ثقيل * ثم قالت جين مينارد وهي مليئة بالأمل:
" ربما فلورا تستطيع أن تفعل شيئا...".
رفعت الفتاة وجهها بصورة مفاجئة وقالت:
" أنا؟ ماذا في أستطاعتي أن أفعل؟ هل صحيح يا أبي * أنني....".
لكن عندما أستدارت نحو والدها * فوجئت لدى رؤيتها بريق أمل جديد في عينيه * وما لبث أن أبتسم قائلا:
" صحيح! لماذا لم أفكر بذلك من قبل؟ هذا الأمر يستحق التجربة!".
" لا يا أبي * لست قادرة...".
وخلال العشاء * كانت فلورا تتخبط في أفكارها * وتشعر بالذعر لدى تخيلها لقاء هذا الرجل الذي وصفه لها والدها * والأستقبال الذي سينتظرها أذا أعتبر تدخلها في حياته نوعا من الوقاحة * لكن* أمام أضطراب والدها أنتهت بالأستسلام والخضوع لأرادة أهلها * وفي المساء عندما دخلت غرفتها كانت قد وعدت والدها بأن تذهب في الغد لترى هذا الشاب الفرنسي المتطلب.
وبعد ظهر اليوم التالي * توجهت فلورا في وقت مبكر الى المستشفى * ومهمتها تتلخص في القراءة وكتابة الرسائل * والرد على الهاتف * ووضع لائحة بأسماء الأشياء التي لا يمكن الحصول عليها داخل المستشفى * وبأختصار كانت تقوم بالمساعدة قدر المستطاع * لكن في هذا اليوم بالذات* كانت تشعر بحاجة ماسة الى أن تتحدث مع أنسان ما * قبل الأقتراب من المريض الذي وعدت برؤيته* وبعد تفكير طويل وجدت أن الأنسان الوحيد الذي يمكنه أن يساعدها هي صديقتها الممرضة جنيفر دالتون * التي كانت تعمل في الجناح الذي من المفروض أن تتوجه اليه.
وجدت فلورا صديقتها جالسة في مكتبها الصغير * تحتسي فنجانا من الشاي* وهي تراجع التقارير الموضوعة أمامها على الطاولة* بعدما طرقت الباب مدت رأسها وسألتها:
" جنيفر* هل تسمحين لي بدقيقة من وقتك؟".
أجابتها صديقتها بترحاب:
" أدخلي يا فلورا* لقد جئت تماما في الوقت المناسب كنت على وشك الصراخ لدى رؤية تقارير الممرضين التلامذة وطريقة خطهم * يعتقد المرء أن كاتبها صيني * وقد أستعمل ريشة قديمة".
أقترحت على صديقتها وهي تقدم لها كرسيا لتجلس عليه:
" هل تريدين فنجانا من الشاي؟".
أجابتها فلورا وهي تسقط في مقعدها :
" كلا * شكرا* أن كل ما أريده هو نصيحة منك".
وبعد أن ألقت جنيفر نظرة الى وجه فلورا المضطرب * صرخت بغيظ:
" هل من الضروري يا فلورا * أهتمامك الدائم بمشاكل المعذبين الذين تلتقينهم؟".
كانت فلورا على وشك الأحتجاج * لكن صديقتها رفعت يدها قائلة:
" آه* لا تحاولي الأجابة * أعرف* هذه المرة* طبعا الأمر مختلف!".
أنحنت الى الأمام وأضافت:
" في كل مرة الأمر يختلف* وفي كل مرة النتيجة هي ذاتها * ترهقين نفسك من أجل مريض لا يستحق مساعدتك * متى ستفكرين بنفسك؟ هذا ما أريد معرفته؟".
لكن محاضرة صديقتها لم تؤثر فيها * أنها تعرف جنيفر تمام المعرفة * لأول وهلة تبدو الفتاتان مختلفتين تماما كي تكونا صديقتين * لكن طبيعة فلورا الخجولة والمتحفظة بحاجة ألى حيوية جنيفر الوقحة.
أعلنت فلورا بحزم:
" لست هنا في صدد التكلم عن حالي".
أجابتها جنيفر في صبر مستسلم:
" عظيم * قولي الآن كل شيء من يكون صاحب الموضوع هذه المرة؟".
" مريضك الجديد* طلب مني والدي رؤيته لأرفع من معنوياته * وكنت آمل لو أن في أستطاعتك أعطائي ولو مجرد فكرة حول أهتماماته * لأنني لا أعرف عن أي شيء سأحدثه".
وقفت جنيفر فجأة وصرخت:
" هل تلمحين الى الكونت الفرنسي؟".
راحت فلورا تضحك:
" آه* أهكذا تسمينه؟".
تجاهلت جنيفر السؤال وتابعت كلامها بسرعة:
" يا عزيزتي لا توجد فائدة * لقد حاولت كل ممرضات هذا القسم أن تحدثنه لكنه شرس * غضوب * كئيب * رائع * كلنا جميعا متفقين على شيء واحد : أنه رجل لا يطاق".
شعرت فلورا بقلبها يستسلم . أن كلام والدها هيأها نوعا ما لما ينتظرها* لكن ما قالته جنيفر * جعل الرجل في صورة أكثر خطورة * فاقت ما كانت تتصوره * فقالت في صوت واضح يعتريه تأنيب ناعم:
" أنه أعمى* يا جنيفر".
أكفهر وجه صديقتها التي قالت:
" نعم* لكن معظم مرضى هذا القسم هم عميان أيضا* ولا يتمتعون بذات الأمتيازات* أن لديه جناحا وكل أهتمام وعناية سير فرانك هاملين* أن هذا الرجل ولد مدللا يا فلورا * لقد فقد بصره* لكنه لا يعاني من أي عاهة أخرى * لديه قدرة غريبة على ألتقاط الشفقة ورفضها في كبرياء* أرجوك يا فلورا * لا تتعرضي الى كلامه البذيء * أتركيه لمن لهم الخبرة الكافية والمناعة اللازمة ليتحملوه * لست جديرة بذلك".
أصفر وجه فلورا ثم هزّت رأسها:
" يجب عليّ رؤيته * لقد وعدت والدي بذلك* في أي وقت تنصحينني برؤيته؟".
رفعت جنيفر يديها في حركة يائسة:
" حسنا * ما دمت مصرة على ذلك * واأسفاه!".
وسرعان مت هدأت عندما رأت كتفي فلورا تخوران.
" أسمعي يا فلورا* أولا هل قمت بجولتك العادية في بقية الغرف؟".
أجابتها فلورا بالنفي .
" حسنا * عندما تنتهين من ذلك الى موعد الأكل قد حان * ويكون سير فرانك قد زار مريضه وأنتهى *وسأحاول أبقاءه لوحدة مدة * هكذا عندما تذهبين لرؤيته يكون قد سئم من وجوده وحيدا * وعلى أستعداد بالتالي لأستقبال أي زائر كان * ما رأيك؟".
" أي زائر كان ... أنها فكرة جيدة أنني أشكرك".
نهضت فلورا محتفظة بهدوئها وتوجهت الى الباب * وظلت ضحكات جنيفر ترن في أذنيها وهي تسير في الممر في خطى سريعة * أرتسمت على شفتيها أبتسامة سرعان ما زالت أمام فكرة التجربة التي تنتظرها بعد أقل من ساعتين.


روايات عبير كاملة بدون حذف

التوقيع

توقيع
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع استراحة بورصات

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
روايات عبير القديمة كاملة انت لي Dr.Oz استراحة بورصات 0 10 - 05 - 2015 02:33 AM
روايات عبير القديمة كاملة UoZa استراحة بورصات 0 09 - 06 - 2012 06:26 PM


11:00 PM