• 1:02 صباحاً




رواية حب في الظلام بال مون

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو فـعّـال
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 1,439
معدل تقييم المستوى: 10
Instegram is on a distinguished road
22 - 05 - 2015, 06:28 PM
  #1
Instegram غير متواجد حالياً  
افتراضي رواية حب في الظلام بال مون

واخذ يدق سيقان احد المقاعد بعصاه برفق فأجابت :
- نعم .. اتريد شيئا ؟
قال وهو يجلس مبتسما مواجها اياها :
- لا اريد سوى زوجتي الجميلة.
وذكرت انها تلقت خطابا من ابيها وانه يبلغه تحياته فسألها :
- هل ستقرأينه لي ؟
انه السؤال الذي كانت تاخفه وطافت عيناها بالورقه واخذت تبتكر الكثير من الحديث لكنها قرأت الخاتمة :
- ان مستقبلك يبدو مكفولا .
فردد العبارة فاقتربت من مقعده قائله :
- يعني ان مستقبلها يا اعز الناس سيكون رائعا يابول .
وتناول يدها فألصقها بخده وقالت وهي تحس برنه تحمس تسلل الى صوتها :
- ماذا تود ان نفعل اليوم ؟بوسعنا الذهاب الى السباحه او لعلك تريد شراء الاشياء التي كانت تتحدث عنها ؟
وذهبا الى نيقوسيا في سيارة مستأجره لرجل يدعى كيبروس سلكت بهما طريقا جديدا في اقصى الحافة الغربية لجبال كيرينا فاخذت تيسا تصف له طيلة الطريق المناظر الطبيعية المتغيرة .
وبعد جولة في المتاجر تناولا غداء انكليزيا في فندق صغير صغير وتمشيا قليلا ثم عادت بهما السيارة في الطريق الذي جاءت منه .
في اصيل ذلك اليوم جلسا في الحديقه لا يتخلل السكينه سوى رنين ينساب من بعيد للأجراس المعلقه برقاب الغنم وازيز الحشرات ... وبساتين الليمون .. وسالها :
- اسعيده جدا ؟ اتظنيني انك بلغت ذروة السعاده يالوسيندا ؟
بدا لها هذا السؤال غريبا , ولكن لم تدر مبررا وقالت بصوت خافت وهي تتأمل ساقيها السمراوين وتتذكر ساقي لوسيندا البيضاوين :
- لابد ان هذه هي ذروة السعاده ما اظن من الممكن الارتفاع لكثر من هذا .
وبإشارة صامته ابداى رغبة في الامساك بيدها وقال :
- اذن فقد بلغت اقصى الاعالي .
وبدا فجاه انه جد بعيد وقد ولى رأسه نحو قمه يعلوها حصن سنت هيلاريون العتيق وتتبعت التفاته فرأت حركة خاطفه .. كانت النسور تحوم وتعود فوق القمم ولسبب لم تدر له تعليلا قفزت الى ذاكرتها كلمات من قصيده قراتها ايام المدرسة السكون الشامل اللهم الا حين ينقض نسرا مشهرا مخالبه فيحمل الفريسه الوديعه الى هلاكها وارتجفت وسحبت يدها من يد بول قائلة :
- هناك برد يابول برد قارس .
فأبدى دهشته وقالت وانفاسها تبدو متهدجه وهي ترمقه في حيره لاتدري مبررا للخوف الذي احتواها:
- انني شعرت بقشعريره ... سأذهب فأرتدي شيئا .
- هل بك شيئا يا عزيزتي ؟ لا سبيل لأن تشعري ببرد لقد كدت اتخفف مما ألبس .
وكان يرتدي قميصا وسروالا قصيرا كانت هي تلك الحظة بدفء غامر وقالت :
- اشعر بالدفء ثانية .
فانحنى عليها قائلا :
- ماذا هناك يا حبيبتي ؟ لا اشعر انك بارده فانت دافئة جميلة !
وانكمشت ملتصقه به كانها تنشد حمايته وقالت :
- احيانا يرتجف المرء لغير ما سبب ظاهر واصقت خدها بخده وهي تتبين مدى قلقه عليها وتعجبت اتحظى غيرها بزوج يفوقه حبا ؟
وخلصها من ذراعيه ليذهب الى داخل البيت وراقبته وهو يسترشد بعصاه لامسا بها الاشياء المألوفة شجرة التين واللوز والنخلة العالية ثم درجات السلم وعمود الشرفه الذي التفت عليه فروع الكرمة واغمضت تيسا عينيها محاولة ان تتبين كيف يكون العمى ظلام دائم حتى نهاية العمر !وفتحت عينيها اذ شعرت بابتلال اهدابها .
كانت الشمس تشرق على الحديقه والفيلا البيضاء وكل شيء مشرق بالنور .
وجلست وقد عاودها الدفء وترقبت عودته وامتلأ قلبها اشفاقا اذ راته يعود مهتديا بعصاه لو ان الحادث لم يقع لو ان لو سيندا لم تلمس عجلة القياده ماكانت هي تيسا هنا , وما عرفت نعيم الاسبوعين الاخرين , اجل ماكانت هنا الا لأنه اعمى ! .. عذوووب
وسارا في وقت لاحق يستروحان نسيم المساء , وكل فتنه تنحسر اذ تنجح الشمس نحو المغيب وهتفت وقد وقفا معا فجأة :
- انه لسحر ! الافق ملتهب وفي السماء قوس كبير مصطبغ باللون القرمزي البرتقالي والسحب البيضاء الصغيره موشاة باللون القمرمزي والنتف الصغيره الرقيقه اشبه بلون ذهبي نصف شفاف ولكنها اخذت تتحول الى البنفسجي وعادت تهتف :
- انه لسحر ! استطيع تصوره ياعزيزتي ؟
فأجاب بلهجة محيره واهنه :
- بوسعي ان اراها , كيف غفلت عن هذه المقدره الرائعه لديك ؟
- ما فطمت الى وجودها ابدا !
وارتبك نبض تيسا وهو يتابع الحديث :
- ما اكمل وصفك للأشياء ؟ انني كما قلت ارى غروب الشمس .
وتغضن جبينه وهو يبدو في حيره وفجاه هتفت تيسا :
- انصت يابول اجراس الغنم !
كانت موسيقاها الرقيقه تنساب من بعيد وسط الصمت وشدت اصابعه على يدها وهو يقول :
- رائعه اتعرفين يا لوسيندا انها قد تكون منبعثه من بعيد من ممسافة طويله جدا بسبب صفاء الهواء ورقته غير العاديين في هذه الجبال .
ووقفا يصغيان طويلا ثم ارتدا الى البيت .
قالت وهما يتناولان الافطار :
- الى اين نذهب اليوم يابول ؟
كان ذلك في اليوم التالي لزيارتهما نييقوسيا .
- الى أي مكان غير بعيد اختاري انت يا لوسيندا .
واقترحت ان يسبحا فقال :
- فكره ممتازه ما رأيك في الشاطئ الممتد غرب كرينيا ؟ سنجد كهفا رمليا نستأثر به .
واستدعت كيبروس هاتفيا وقال بول مفكرا وهما ينتظرانه :
- لابد ان نقتني سيارة يا لوسيندا . وانت تعرفين القياده .
- اجل .
ولنها شعرت بمسؤولية القياده وبول معها في الدرب الضيق على سفح الجبل الذي تحد احد جانبيه هاوية قالت :
- الطريق ليست جيده .
فأشار وكانه يزيح اعتراضا صبيانيا :
- الغير يستعملونها .
وخيل اليها ان في صوته حده مقتضبه ولكنها اسرعت تستبعد الفكرة وقالت :
- اجل اراك على صواب سيكون امتلاكنا سيارة اكثر اقتصادا .
وانطلقا هابطين من البل تحت شمس متألقه وعلى جانبي الطريق ألوان متمازجه في فوضى , واستدار نسر فوق القمم الصخرية ثم انساب كشبح في كبد السماء وسألها بول بلطف وحنان :
- ماذا ترين ؟
- اننا نقترب من بيلابيس .
فهتف:
ذلك الطلل القوطي الفخم حدثيني عنه !
- انه من الحجر الرملي البني لوحته الشمس كثيرا ولكن الاقواس الشامخه نحو السماء الزرقاء تبدو جميله وفي الحديقه اطول ما رأيت من اشجار السرو واكثر استقامه ... .
وتوقف كيبروس اما مقهى صغير جلس الرجال فيه كالعاده يلعبون طاولة النرد ويتحمل الخاسر نفقات المشروبات التي كانت عباره عن قهوة تركيه في اقداح صغيره تصحبها زجاجه ماء ثلج , لقد اخذ القرويون يؤمون الكنيسة التي ترجع للقرن الثالث عشر بعد ان اعادوها للطقوس اليونانية .
واكملت السيارة تهبط بهما وقامت اشجار الخروب على جانب الطريق تطل على بحر من اللونين القرمزي والذهبي حيث انتشرت زهور الاقحوان .
قالت تيسا بعد وصف هذا لزوجها :
- تناسق الالوان ياخذ الانفاس والحملان يابول , انها صغيره جدا تسعى وراء حليب الام باستمرار والماعز الراعي واحد ولكنها بمعزل عن الغنم ترى لماذا ؟
فقال لها مداعبا :
- لعلها تعتبر نفسها ارقى من الغنم !
وضحكت تيسا وابطات السيارة ليمر بجوارها فلاح يركب حمارا يسير على مهل فقالت تيسا :
- صورة لطيفه اذا شوهت من الخللف بسبب شكل الحمار والرجل والسلتين الكبيرتين .
وتألق البحر تحتهما فأطلقت تيسا زفرة رضى قائلة :
- انه رائع يابول !
وتريث بول فالتفتت اليه اتراه كان وهما ام ان شفتيه كانتا تحملان ومضة انتصار ؟ ولكن كلماته جاءت محمله بالحنان المألوف :
- انك على صواب يازوجتي الجميله ... انه رائع !
واطالت النظر اليه فاذا به يبتسم وقد تلاشى الوميض الذي عقبته لحظة عدم ارتياح وامسكت يده فأحدست بقلبها مليئا بالهناء والدفء .
وبعد ان استبدلا ثابهما في احد الاكواخ الشاطئ المتداعية على التلال نعما بساعه من الاسترخاء على الرمال الدافئة قبل ان يهبطا الى الماء .
وادركت تيسا ان وان لم يسألها كان يود ان تبقى قريبه منه . تلك هي المره الثانيه يذهبان فيها الى البحر وقد خامر تيسا شعور من السعاده لأنه كان بمساعدتها قادرا على الاستمتاع بالسباحه ثانيه ,
كان يحبها اذ اعتاد ان يقضي مع لو سيندا كثيرا من الوقت في مسبح قرب البيت واذ خرجا ناولته منشفته وراحت تتامله وهو يجفف وجهه ثم ذراعيه وساقيه واخيرا شعره الفاحم الذي تجعد متهدلا على جبينه فبدا شبابه فاتنا
واستلقى بول على الرمال عاقدا ذراعيه خلف رأسه.. كان نحوله يتميز بقوة عضلية كبيرة وكانت سمرته تبدو نتيجه للتعرض للشمس اكثر مما تعود الى اللون الطبيعي لبشرته , وقد علل هذا بأنه كان يلازم الحديقه مذ جاء الى قبرص وعندما اخبرته ان الساعه بلغت الواحده اقترح ان يتناولا الغداء فقالت :
- ليكن ما تقول ! " عذوووب "
وعلت شفتيه ابتسامه وقال :
- كم انت لطيفة ومعنيه دائما يالوسيندا هيا لنذهب الى هارمونت .
وكان هذا فندقا غير عادي في كارافاس على بضعة اميال من كرينيا يقوم على حافة صخرية فوق خليج رملي جميل وشرفاته تطل على البحر وعلى الجبال فجلسا مواجهين للبحر وعلى الرمال تحتهما نفر من السياح يستمتعون بالشمس وبالسباحه في الماء الصافي الساكن وتناولا غداء من الكباب والسلطه والشراب القبرصي وكان كيبروس قد ذهب لزيارة صديق له.
فلما فرغا من الغداء اقترحت تيسا ان يهبطا الى الشاطيء ريثما يعود وكانت الرمال جافة ودافئة فأخذا يخطران وقد تشابكت يداهما حتى سمعا صوت كيبروس يعلن عودته .
وتساءلت وهما يصلان الى السيارة :
- انرجع الى البيت الآن ؟
- اتريدين الذهاب الى مكان اخر لعل كيبروس يقترح مكانا ما .
قال السائق وهو يرمق تيسا متسائلا :
- من اقلكما الى الينابيع السبعه في لابيتوس ؟
كانت رحله باهرة بدايتها وسلكوا طريقا جديدا يصعد القرية وترتفع بعض احزانه الى ما يزيد على 800 قدم فوق سطح البحر , قال كيبروس وقد اوقف السيارة وفتح الباب لبول :
- هنا المياه البديعه التي اكسبت لابيتوس الرخاء انها تسمى الآن كيفا لوفريسو انظر كيف ينبثق الماء من الصخر .
انظر ؟! غص حلق تيسا وهي تقف بجوار زوجها .
كان الماء ينحدر من النبع الواسع الدفين وفي جوف كتلة الصخر الجيري غير المنتظم وقالت تيسا والحرج يخف عنها :
- انه يبرق كالقصه تحت ضوء الشمس لابد انك سمعته الا يبدو رائعا ؟
- بل انه يبدو قويا .. الظاهر ان حجم الماء المنحدر عظيم .
قال كيبروس :
- انه يمد المنطقه بأسرها ولهذا فان لابيتوس اكثر خضرة من اماكن كثيره .
وامسكت تيسا بيد بول وبعد فتره ذهبا الى مقهى صغير هناك وبمودة القبارصه وكرمهم جاء صاحب المقهى فجالسهما واخذ يثرثر معهما كان المنظر الطبيعي عجيب البهاء اشجار الزيتون والنخيل تتسامق نحو السماء والبيوت والكنائس والساحل المقوس ...
قال صاحب المقهى وهو يرمق بول ثم يلتفت الى تيسا :
- اهذه زيارتكما الاولى للابيتوس ؟
وتفحص بنظراته تيسا فعجبت مما كان يجول بخاطره فقد كان يوناني الغريب معروفا لأميال حول داره كناسك وفجاة بدأ يطوف ويتجول مع زوجته الجديده وما درت تيسا انها كانت مضوع مناقشات كثيره فالقبرصي يجب ان يعرف ما يجرري
واي غريبه تظهر في احدى القرى لا تلبث ان تصبح موضوعا للأسئلة متتابعه ومتراكمه وهكذا حتى تصبح سيرتها معروفة وبعد ذلك لا تبقى غريبه بل يتقبلها ويبتسم لها كل رجول وامراة وطفل في القرية !
واخيرا قال بول بلطف :
- اجل هذه زيارتنا الاولى اعتقد ان اثار احدى المدن الواسعه قريبه من هنا .
- لا مبوسا هكذا تسمى اليوم ولكنها في الواقع لابيتوس القديمه .. انها على الشاطيء وليست على الجبل .. زيارتها مباحة ولكن ما اقل ما يشاهد فيها فقد دمر الزلزال كل شيء ونمت الاعشاب والنباتا ويقال ان هناك كنوز كثره تحتها ولكن احدا لم يقم بالتنقيب بعد .
واشار في اتجاه كيريثيا قائلا :
- انها على بعد حوالي ميل ونصف على الشاطيء كما قلت .
****
وفي طريق العوده عرجوا بالسيارة عليها واغتبطت تيسا اذ عثرت على يد قنينه اثريه كبيره وحافة قنينه اصغر قالت :
- تحسسها يابول هل تتبين زخرفتها ؟
وثبط كيبروس تحمسها قائلا :
- هنا الكثير جدا من هذه .. والمقيموان في المنظقه يزهدون فيها ولا يلتقطونها .
وقال بول بشيء من العجب :
- يحسن ان تلقي بهما .. فهما ليسا اثريتين جديرتين بالقتناء .
- ولكني سأحتفظ بهما تصور انهما صنعتا قبل الفي سنه واكثر .
وخيل اليها ان كيبروس يبتسم متعاليا , بينما قال بول :
- ما احسبك ستبثين الفوضى في مدخل دارنا او في شرفتنا باكداس من هذه الاشياء ؟
- تبث الفوضى ؟
واودعت القطعتين جيبها وامسكت بيد بول فقد همس لها كيبروس بان ثمة ثعابين في المكان وهي تتساءل كيف ابث الفوضى بقطعتين صغيرتين من الفخار ؟
- اذا كنت مشغوفه بهذه البقايا القديمه من الفخار فأوقني بانك لن تقنعي بقطعتين فان قبرص تفيض بمثل هذه الاشياء تجدينها في كل مكان كما قيل لي .
وما لبثا ان بلغا السيارة فانطلقت بهما دون توقف اذ اكفهرت المساء منذرة بالمطر .
وقال بول :
- ان برودة الجو لا تدعو للجلوس في الشرفة.
فدخلا البهو وهي تقول
- اذن سأقرا لك , ماذا تحب ان اقرا ؟ عذوووب
فقال وهو يستقر في مقعده :
- اقرأي لي الصحيفة الانكليزية اولا ... اتسمحين ان تأتي بزجاجه ماء ؟
وذهبت الى المطبخ كان تاكي قد ذهب ليزور امه المسنه في القرية ولينقل اليها بعض الخضر التي كان بول يصر على ان يحملها اليها 3 مرات في الاسبوع وقالت تيسا وهي تعود بالزجاجه :
- سأضعها في المكان المعهود .
فكلما اراد الشراب كان الماء يوضع على الركن الايمن من منضده صغيره او اية منضده تكون قريبه ولكن بول مد يده فجأة وتيسا تسعى لوضع الزجاجة فاذا بها تميل فينسكب الماء على ثيابه .
وصاح غاضبا :
- يالك من رعناء ! ائتني بمشفة !
ولم تقو تيسا على الحركة فوقفت تحملق فيه وعيناها الجميلتان تفيضان بعدم التصديق . ما مد يده هكذا الى الزجاجه من قبل كان ينتظر دائما حتى يطمئن الى ان من يضعها قد ابتعد عنها وما وجه اليها كلمة واحده حاده .
هل بدأ؟ ولمعت عيناها اذ تذكرت الشعور العابر الذي خالجها عندما كان يحدثها عن السيارة .
كان في صوته حده وتساءل :
- اين انت ؟ هل احضرت المنشفة ؟
- كلا سأحضرها حالا .
وخرجت لتعود بعد ثوان فقالت :
- دعني اجفف الماء.
لكنه اخذ المنشفة منها فقالت :
- الماء على سترتك يابول .
قال وقد هدأ صوته وتلاشت رنة الغضب :
- لا تحفلي يالوسيندا .. بوسعي ان اجففه ! كنت اجيد التصرف قبل مجيئك كما تعرفين .
وقرأت له ثم اعدت العشاء واخذ يتحدث بحنانه المعهود
وفي الليل وهي مستلقية مسهده التفت ذراعه حولها في وجد وقال :
- ماذا بك ياعزيزتي ؟
فارتجفت وقالت :
لا شيء يابول ضمني اليك بقوة ضمني بشدة دائما !
4- العيد ليس سعيدا
كانت العيون ترافق مشية تيسا وتتفحصها لكنها تعودت هذا, فأكتفت بتوجيه ابتسامة الى الرجال المتسكين خارج المقهى على الطريقة القبرصية .
كانت قد اقبلت ماشية لتتلقى اية رسائل لها في المقهى ولم تكن ثمة رسائل .
وعجبت تيسا لخيبة الامل التي اعترتها. كانت الرسائل المقبلة من الوطن هامة ولكنها لم تكن بمثابة حياة لها , فقد تركزت دنياها بأسرها على زوجها وصادفها وهي تغادر المقهى كريستوس وهو شيخ مفعم بالنشاط اعتاد استغلال كل فرصه للتحدث اليها بلغة انكليزية ممتازه وسالها ان كانت عائده الى دارها فقالت :

- خطر لي ان ازور ما رولا وسبيروس في طريقي .
- لقد ذهب مستر سبيروس الى كيريتيا . انني ماض في طريقك فلنمش معا .
سألته في فضول :
- اين تعلمت الانكليزية ؟
فقال :
- كنت في الشرطه منذ سنين وقال المشرف علينا ان من يخفق في تعلم الانكليزية يطرد .
والتفت اليها ضاحكا وقال :
- وكريستوس عاقل يسمع الكلمة والمهدد بالفقر يغالب كل الصعاب .
وجذبها جانب في الدرب الضيق مفسحا الطريق لحافلة عابرة وسألته :
- ماذا تفعل الآن ياكريستوس ؟
- انني امتلك بساتين ليمون والليمون يدر مالا وفيرا.
وافترقا عند بيته وواصلت هي طريقها مارة بالبيوت العتيقه التي لوحت الشمس ابوابها وجدرانها والزهور كانت طالعه فيها وبينها احيانا في اصص من الفخار وكثيرا في اوعية معدنية ودلاء قديمة صدئة . وكانت الحدائق تتوهج بالالوان تحت اشعة الشمس وقد انتشرت في جنباتها مختلفات كافة انواع المركبات والاشياء المعدنية المفككة والمهمله وتنبش بينها الدجاجات والديوك الرومية والماعز بحثا عن القوت .
واستقبلتهما مارولا متهلله الوجه وذراعاها مثقلتان بثمار الخرشوف وهتفت :
- مدام لوسيندا هل كنت تتريضين فمضيت الى قرية بيلابيس ؟
- ذهبت الى المقهى اسأل عن الرسائل .
- اليوم التقيت رسالة من ابني .. انه يريد نقودا . دائما تتطلب لندن نقودا كثيره ... اما قبرص فانها رخيصة اليس كذلك ؟
- بعض الاشياء رخيصة ولكن اشياء كثيرة هنا ابهظ ثمنا مما في انكلترا .
وجلست تيسا تحملق في المرتفعات غير المنتظمة وهي شاردة الذهن وقالت اخيرا :
- هناك سحب فوق الجبال اليوم اتظنين المطر سينهمر ؟
قالت مارولا :
- كلا فالمطر هذا العام قليل .
قدمت مارولا الى تيسا قدحا من شراب البرتقال ؟ وتناولت لنفسها قدحا فرفعته قائلة :
- لنشرب نخبك حياة طويلة وهانئة انك موفقه الحظ فالفتاة الانكليزية لا يتحتم ان تملك منزلا اما القبرصية فلابد لها من البيت .
وقطبت تيسا متسائلة :
- اتعنين على سبيل المهر ؟ الا يقع الشبان هنا في الحب ؟
وهزت مارولا رأسها قائلة :
- ولكن لابد ان تمتلك الفتاة بيتا .
- هل اضطررت لأن تقدمي لسبيروس بيتا ؟
- لا يشترط التقديم يكفي ان تمتلك الفتاة بيتا . وقد كان لي بيت في القرية فتزوجني سبيروس ثم بعت البيت واشترينا الفندق .
- ولكنكما سعيدان .. كان خليقا بان يتزوجك ولو لم تمتلكي منزلا .
- سبيروس ؟ كلا يا سيدتي . لو لم يكن لمارولا بيت لتزوج سبيروس فتاة اخرى .
واحتست تيسا الشراب وهي تتذكر ماكان مارتن يقول عن القبارصه :
- الزواج في القرية عادة تصحبه ضجه وكثير من الطقوس المرحة ولكن الرجل بعد عام واحد لا تجدينه الا في المقهى بينما تلزم المراة البيت القبارصة الموسورين المتعلمون فقط هم الذين يخرجون بصحبة زوجاتهم .. في قرية بعيده رجل رزق 7 بنات . لم تتزوج واحده منهن لأنه لا يملك شراء بيوت لهن !
كان بول في الحديقة مستلقيا بكامل طوله على سرير وتوقفت تيسا على مسافة ترقبه موجسه ومشفقه لأول مرة راته يونانيا قحا بكبرياء وقسوة اسلافه اولك المحاربين الاشاوس الذين لم يكونوا يكنون أي مراعاة للحياة . كانوا يتقبلون الموت بنظرة فلسفية متطلعين الى مستقبل هانئ فوق اعالي جبل الآوليمب . لقد قال ابوها ان بول اكتسب قشرة من الحضارة الغربية باقامته الطويلة في انكلترا . لكن ماهي سماته الموروثه ؟
واختلج جفناه واطبقا على عينيه وارتفعت يده تحجب عنهما الشمس وكأن توهجا كان فوق احتمالهما .
وجلسا يحتسيان الشراب تحت ظلال الحصن الصليبي الضخم المهيمن على الطرف الشرقي من الميناء .
- اتشم [عذراً, فقط الأعضاء يمكنهم مشاهدة الروابط ] البحر يابول ؟
فأومأ براسه ثم قال :
- حدثيني عن المراكب يا لوسيندا .
- قوارب الصيد بألوان زاهية بهيجة كذاك اليخوت وصور اشرعتها تنعكس على صفحة الماء مكونه اشكالا عجيبه ..
وسكتت اذ ان بول غير مهتم بالرغم من انه هو طلب الوصف ثم اردفت في قلق :
- هل تود ان ننصرف الآن ؟
فمد يده الى عصاه التي تركها على المقعد المجاور ونهض قالا :
- نعم هذا ما اظنه .
وكان عشرات القبارصه السمر يجلسون في استرخاء على المقاعد فحملقوا في بول وهو يبتعد عن مقعده ويمد يده الى تيسا , وغص حلقها ازاء هذا العجر منه وساءلت : اتراه يفطن الى الفضول الذي اثاره ؟ اذا كان يفطن فلابد انه يعاني مهانة واسى لايطيقان وفجاة , ودت ان تبتعد به فورا عن العيون والناس .
- سننطلق بالسيارة ياحبيبتي على طول الشاطئ ونعرج على الكهف الجميل حيث سبحنا .
قال :
- فكرة ممتازه يا لوسيندا .
ولمحت جبينه يقطب اذ اردف :
- سنذهب اولا لشراء نظارة سوداء .
وكادت تقف دهشة ان كثيرا من المكفوفين يرتدون نظارات سوداء ولكنها ما توقعت ابدا ان يفعل بول ذلك .
واشترى النظارات ووضعها في جيبه ولكنه ارتداها فور ان تركا السيارة عند الكهف وسألت نفسها في قلق ترى اتؤلمه عيناه ؟ وتذكرت كيف كان يحجب الشمس عن عينيه حين وقفت تشاهده بالامس . وودت ان تسأله ولكنها احجمت فما تحدثا معا قط عن مصيبته .
****
وذهبا في مساء يوم الاحد التالي لحضور احتفال الفصح في دير بلابيس كان الميدان غاصا بالاهالي والسياح الذين وفدوا من كيرينيا ومن المقهى انبعصت انغام البزق واجتمعت حول نار اشتعلت في الميدان عشرات من الشباب المرحين وسرعان ما قدم مقعدان لبول وتيسا وقالت تيسا لبول :
- اللهب مرتفع جدا , يضيء الاطلال ويكسبها تألقا دافئا جميلا ...
وقاطعها في جفاء :
- الابد ان ترفعي صوتك ؟ لا داعي لأن تخبري الدنيا باسرها بأنني لا ابصر ..
قالت متلعثمه بعد صمت وجيز مشدوه :
- انني آسفه ما انتبهت الى ان صوتي كان مرتفعا .
كانت تدرك ان صوتها لم يكن يرتفع عن الهمس لأنها من البداية حرصت على الحديث بخفوت لكي لاتحرج زوجها ولم يعقب , فأضافت متردده :
- ان المنظر يبدو جميلا يابول فأردت ان اخبرك به .
- لست معدوم التصور فأنا اشعر بالنار ومن الجلي انني اعرف ان النيران تضيئ الميدان .
ولاذت بالصمت بعد ذلك ولكن بول مالبث ان تناول يدها وكانه شعر بالجرح العميق الذي احدثه فقالت هامسه , وقد سرى عمله عنها شيئا ما :
- يبدو ان شيئا ما يجري , فان الحوذيين يتحدثون الى الشرطي ويلوحون بأيديهم وكانهم يحتجون .
-- اصبت فقد توقفت الموسيقى ولاذ الجميع بالهدوء .
وبعد الصمت عاد الصخب ثانية ولكنه خلا هذه المره من المرح وابدى الرجل الجالس بجوار بول ملاحظة باليونانية فهز بول رأسه واتصل بينهما الحديث والتفت بول اليها وقال :
- ان الاحتفال لا يبدا قبل الثانية .
فهتفت :
- الثانية صباحا , ولكنك قلت , الكل قالوا انه يبدا في ال11 والنصف .
- لم يوافق الاسقف على ان يبدأ في 11 والنصف قال انه ينبغي الا يبدا قبل الثانية .
وسمع هذا شخص بجانب تيسا فقال بالانكليزية :
- انه يبدأ دائما في الـ11 والنصف .
وقال شخصا اخر ساخطا :
- لن انتظر كل هذه المده .
واخذ كل امرئ يحتج ولكن عدم وجود قس في المكان جعل الاحتجاج غير مثمر وسرعان ما انطلقت العربات بركابها المستائين واطفئت انوار المقهى وسلط الماء على النار وكان بول يصغي لجاره الذي بدا على علم بما كان يجري :
لقد قطع شبان القرية الكهرباء عن الكنيسة .. وسدو ثقب مفتاحها بالشمع حتى اذا وصل القس تعذر عليه الدخول .
ونقل بول الخبر الى تيسا وفي صوته عجب وقال صوت من خلفهما :
- لن يكون هنا احد على كل حال اذا ما وصل .
وقال شاب يوناني مليح في ارتياح بالغ :
- ستنشر الصحف كل هذا .. انه لم يحدث في بيلابيس من قبل .
قال بول وهو ينهض اذ بدأ الخرطوم المسلط على النار يصل اليهما :
- يحسن ان ننصرف هيا ياعزيزتي سنذهب الى مكان اخر .
وكانت تيسا تعتقد بوجوب العوده الى البيت ولكن بول كان مصرا على حضور الاحتفال فقادت السيارة الى قرية اخرى على بضعة اميال من كيرينيا وقال بول وهما يهمان بدخول الكنيسة :
- هل احضرت شمعتي يالوسيندا ؟
كانت قد احضرت شمعتين طويلتين ناولته احداهما فقال :
- عندما تدخلين ضعي النقود وخذي شمعه اشعليها ولا تشعلي التي معك سترين على اية حال ما يفعله كل امرئ .
كانت تيسا تدخل الكنيسه اليونانية لأول مرة وازعجها ان تفطن لنظرات الرجال والنساء اذ بدأ انها ليست يونانية .
وهمست اذ قادت بول الى حلقة الشموع الموقده لاشعال شمعته :
- هنا الاشعال .
وتحسس بأصاصبعه احدى الشموع حتى كادت تبلغ فتيلها ثم مد شمعته وتبين بأصابعه انها تجاوزت اللهب وحاول عدة مرات فلم يوفق .والتفتت تيسا فاذا عيون كثيرة ترمقه واستدارت ثانية تتأمله في لوعة وتردد فقد انذرها هاجس غضبه ولكن الوقوف ومشاهدة هذا العمل الموجع للقلب كان فوق احتمالها . وانتزعت شمعة موقده وهي تعيد الشمعه لمكانها :
- انك اشعلتها يا عزيزي , أأغرسها لك ؟
وتردد قليلا ثم اعطاها اياها . وقال :
- ماعليك الا ارشادي الى اين اذهب ثم اتركيني .
وتطلعت اليه مشدوهة وهمست :
- اتركك .. لا استطيع ان اتركك .
وبعد ان قادته لمكان في الصف وقفت ساكنه بجواره تصغي بعجب للغط الاصوات كانما كل امرئ كان يكلم جاره , ولا يحفل بتخفيض صوته . وانبعث فحيح من بول مخنقا فتراجعت غير مصدقه اذنيها :
- قلت اتركيني اذهبي للطرف الاخر من الكنيسه الا ترين انه لا ينبغي لك ان تكوني هنا ؟
ونظرت حولها , فاذا كل النساء في طرف من الكنيسة والرجال في الطرف الاخر . كان كل امرئ ينظر اليها وهي تقف مع الرجال . ومع ان الدماء تصاعدت حاره الى وجهها بقيت حائرة متردده , كيف تتركه ؟ ولكنها سمعته يسأل غاضبا اذا كانت بعد باقية فتحركت بهدوء الى الجانب الاخر واحتلت مكانا بين عجوزين متشحتين بالسواد .
*****
ما عهدت مطلقا هذا القدر من التعاسه والحيرة . كان بوسعها ان تفهم مشاعر بول لأنها رفضت الانتقال من جواره ,ولكنه كان خليقا بأن يعلم ان قلقها عليه شغلها عن ملاحظة ما كان يجري , وعادت الدموع تترقرق في عينيها , ولكنها بعد قليل حاولت نسيان جرح شعورها والتماس العذر لبول فلابد ان الموقف كان بالنسبة اليه اسوأ .
وتمكنت اخيرا من ان ترفع بصرها فتبينت انها لم تعد موضوع انتباه وعجبت وهي ترقب الباب متي يبدأ الاحتفال الديني ؟ ماوال الناس يتوافدون يضعون هباتهم ويتناولون شموعهم فيشعلونها ويغرسونها ثم يتجهون لتقبيل الارعة عشر كما احصتها تيسا . ثم يقبلون الاوعية التي في وسط الكنيسة ...
استمر هذا نصف الساعه او اكثر ثم بدأ الاحتفال اخيرا بظهور القس وانطلاق الرجال بالانشاد وما لبثت الاضواء الكهربائية ان انطفئت وبقيت الشموع وحدها تضيء المكان .
واشعل كل امرئ الشمعه التي احضرها معه وانساب نحو الباب وحاولت تيسا الوصول الى جوار زوجها ثم فطنت الى ان الرجال كانوا يتقدمون النساء . ماذا تفعل ؟ استولى عليها ذعر فظيع فلم تحفل باحد وهي تحلق بالرجال . ولكن بول كان قد اختفى . وبحثت عنه والذعر يزداد بمرور اللحظات .وانطفأت شمعتها فأشعلها لها رجل .
وصاحت وهي تنظر اليه في عجز : زوجي !
فأشار عبر الفضاء التي اتجه بعض الرجال فشكرته وهي تسرع تدفع الرجال عن طريقها حتى اقتربت منه ثم توقفت لا تجسر على ان يعرف وجودها .
وكانت شمعتها قد انطفات ثانية , فأشعلتها من شمعة اخرى . وما فطنت للأنشاد وشعرت بانها لن تحضر ما عاشت احتفالا في كنيسة .
وكانوا يدخلون الكنيسة ثانية ولم تعد تحتمل فمست كم زوجها وهمست :
- بول انني اشعر بالغثيان .. انستطيع .. اتمانع في ان نذهب الى البيت ؟
- ماذا بك ؟
- انني اشعر ..
وجزعت اذ شرعت تبكي , وقالت :
- اريد ان اذهب الى البيت .
وكانت موافقته مفاجاة ادهشتها , لكنها بادرت الى الاخذ بيده وبعد دقيقتين كانا في السيارة .
وسألها بقلق وهي تقود السيارة بتؤدة بحزاء الشاطئ متجهة الى كيرينيا :
- ماذا بك ياعزيزتي ؟ أأنت بخير ... اعني وانت تقودين السيارة ؟
فقالت :
- نعم انني بخير الآن .
ولزما الصمت بعد ذلك , والسيارة تمضي في هواء الليل الدافئ والبحر القاتم الى ياسرهما وجبال كيرينيا غيرالمنتظمة الى يمينهما وما ان دخلا بيتهما حتى التفتت الى بول قائلة :
- انني آسفة لما حدث .. ماكنت اعرف انه لابد لي من ان اكون في الجانب الاخر .
فأحاطها بذراعيه والصقت وجهها بسترته وهو يقول :
- طبعا ياعزيزتي .. انا كنت نافذ الصبر . كان ينبغي ان افهم .
ورفع وجهها بحنان قائلا :
- انسي ما جرى يا لوسيندا . ليس بالامر الهام .
ما اقل ما يعرف ّ كل كلمة حاده وقد استخدم الكلمات الحاده في مناسبات كصيرة في الفترة الاخيرة كانت كنصل في قلبها . أمن الممكن للمرء ان يحب بهذه الدرجة فيحتمل آلام الجراح ؟ واخذت ترتجف فأخذ يواسيها . قالت :
- انني لا اقوى على الاحتمال حين تغضب يابول ما افظع الألم !.
ربتتها يداه , ولكن شيئا مبهما شاب لمساته فاحست تيسا برغبة غير عادية في ان تفلت منه وقال :
- ما افضع الالم؟ لابد انك تحبينني حبا بالغا جدا .
- انك لتعلم هذا .
رواية حب في الظلام بال مون


[عذراً, فقط الأعضاء يمكنهم مشاهدة الروابط ]



رواية حب في الظلام بال مون

التوقيع

signature
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع استراحة بورصات

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحميل رواية حب في الظلام pdf Instegram استراحة بورصات 0 22 - 05 - 2015 06:25 PM
رواية حب في الظلام مكتوبة كاملة Instegram استراحة بورصات 0 22 - 05 - 2015 06:23 PM


01:02 AM