اتجاهات السوق
عملة الدولار، وجهان لادخار الدولار
مع كل المعانات إزاء الانخفاض الأخير في قيمة الدولار هناك اثنتان من الحقائق البسيطة التي يبدو أنها أصبحت في غير محلها.
أولا: كمية كبيرة جدا من مراكز يوم الى يوم في أسواق العملات، وبالتالي فإن الحركة السلبية في سعر الدولار هي نتيجة لمتابعة الارباح من قبل التجار. فمن الواضح ولكن من المفيد أن أذكره مرة أخرى بأن هذه هي أسواق التداول وإن غاية كل أسواق التداول هي تحقيق الأرباح التجارية. ولم يتم تصميم أسواق العملة وعلى الأقل لتقييم حياتهم اليومية، او لإصدار أحكام حول قابلية وضعية احتياط العملة.
ثانيا: فور قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالاشارة على أن سياسته النقدية السهلة قد وصلت الى نهايتها فإن نسبة كبيرة من هؤلاء التجار الذين هم متعطشين الآن لبيع الدولار سوف يتراجعون ويصبحون تواقين لشراء الدولار. وإن المقامرون الجدد الذين يرون هناك امكانات للربح في مراكز شراء الدولار سوف ينضمون قريبا إلى البائعين السابقين عندما يبدأ بنك الاحتياطي الفدرالي بدورة أسعار الفائدة التي قد تدوم سنتين والتي ستعيد سعر الفائدة مرة أخرى إلى المعايير التاريخية. وسوف يتبع الدولار نسبة فائدة الأموال بشكل أعلى.
إن خيبة أمل العالم في الدولار كعملة احتياطية هي جديدة. وقبل ثمانية أشهر فقط كان الدولار هو الشهوة. لقد اتجه العالم الى الدولار وإلى الأصول المقومة بالدولار عندما انهارت الاسواق المالية العالمية. وإذا حدثت أزمة أخرى غدا فإنه من غير المرجح أن يبحث العالم عن ملاذ مالي في سيناريو وطني مختلف أوحكومي؟ إن معادلة التداول الحالية للمخاطر والعوائد هي مبنية على مفهوم الدولار؛ وكما ترتفع المخاطر ترتفع بالمقابل قيمة الدولار. ولايزال هذا المنطق صحيحا. إذا لم يتغير هذا المظهر لمكانة الدولار في النظام الاقتصادي العالمي بشكل واقعي فما هي إذا الدوافع والمنطق للنقاد حول وضعية احتياطي الدولار؟
هناك أربع تذمرات مختلفة حول وضعية احتياطي الدولار. التذمرين الأوليين هما محليين، واللذين يقدمان للنقاد طريقة ملائمة لتعزيز خططهم السياسية ولكن ليس بالضرورة المخططات المالية، والتذمرين التاليين هما حقيقيين. ذلك هو أنهم يثيرون القضايا التي يمكن مع مرور الوقت أن تقلل من دور احتياط الدولار في الاقتصاد العالمي.
1) يوفر الدولار فوائد كبيرة لحكومة الولايات المتحدة من خلال السماح له بتمويل العجز في عملته الخاصة. ويقوم هذا بإعطاء الدعم المالي إلى الحكومة الاتحادية والذي يعطي أجندتها السياسية التوصل الأوسع فيما لو كانت واشنطن قد اعتمدت على مواردها الخاصة فقط. اما بالنسبة للخصوم السياسين الذين يقلصون دور احتياطي الدولار فمن شأنهم أن يحدوا من الحرية الأمريكية للأداء الدولي. إن الدولة التي لا تستطيع دعم مساعيها عليها الاختيار بين التزاماتها. ما هي الفترة الزمنية التي ستستمر بها الصين بالدفع لأسطول البحرية الامريكية في المحيط الهادئ للقيام بدوريات في مضيق تايوان؟
2) إن الاستياء من الدولار هو حديث العهد وانه مرتبط بشكل أقرب إلى الانخفاض في قيمة العملة في مارس منه في أي تغيير واقعي لوضعه الاحتياطي. أين كان المتذمرون عندما كان الدولار متجها للأعلى في فترة ما بين يوليو إلى مارس؟
3) إن العجز الفيدرالى الامريكى، الحقيقي والمتوقع، هو دخول جديد وضار في المعادلة الاحتياطية. وما هي الفترة الزمنية التي سيستمر بها المنافسون الأمريكيون بمواصلة إقراض الاموال إلى واشنطن؟ إن الجواب واضحا ومباشرا، إنه سيستمرون القيام بذلك طالما أنه يصب في مصلحتهم.
4) إن تمثيل اليورو وأدائه في هذه الأزمة قد قاد عقول مدراء المال والمصرفيين في العالم إلى أنه هناك بديل للدولار. وعلى الرغم من أنه هناك عيوب لليورو كعملة احتياطية، وبشكل أساسي بسبب أسواقه المجزئة وسنداته المحدودة، وفعاليته كوسيلة للتبادل، وقدرته على الاحتفاظ بالقيمة كما تم الدفاع عنه من قبل البنك المركزي الأوروبي والذي هو حقيقي وقوي.
لا شيء من هذا يعني أن قيمة الدولار تتجه إلى الضعف تدريجيا أو أنه يمكن أن يستبدل أو على الأقل إضافته كعملة احتياطية في العالم.
ولكن علينا أن نكون حذرين في التمييز بين مراكز البيع في أسواق العملات التي من المرجح أن تنعكس بناءا على التغيير في سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، وبين مراكز الشراء، والاتجاه التدريجي للانخفاض في قيمة الدولار كعملة احتياطية للعالم. والواقع أن هذا المصطلح نفسه هو مغلوط. لا يوجد احتياطي للعملات قد تم أنشاؤه من قبل مجموعة مصرفية عالمية، أو تم بدعم احتياطياته فقط. إن الدولار هو الوسيط العالمي الأكثر شيوعا للتبادل ومخزون للقيمة لأنه قد تم تطوره تدريجيا إلى هذا الدور. وبالنسبة لغالبية نصف القرن الماضي فقد كان الاقتصاد الأمريكي مهيمنا على الأموال والتجارة العالمية. إن صعود الدولار هو نتاج لهذا الموقف في الاقتصاد العالمي. إن تلك الهيمنة قد انزلقت على الأقل لجيل كامل، ومنذ الحظر النفطي العربي الأول، ولكن على مدى العقد الماضي فقد أصبح واضحا بشكل متزايد.
إن السؤال بالنسبة لمتداولي العملة ليس فيما إذا كان مهندس بنك الاحتياطي الفيدرالي سيجلب الانتعاش إلى الدولار عندما يبدأ في زيادة أسعار الفائدة وفيما اذا كان سيقوم بتهدئة تلك الشكوك حول دور احتياطي الدولار. إنه بإمكان بنك الاحتياطي الفيدرالي القيام بذلك وسوف تنحسر الشكوك.
إن السؤال الآن هو الى أي مدى سيستمر الدولار في الهبوط قبل أن يحدث هذا، وهل سيسبب ذلك الهبوط أضرارا دائمة في ثقة العالم بعملته الاحتياطية؟
منقول
اتجاهات السوق - عملة الدولار وجهان لادخار الدولار
المواضيع المتشابهه 
