في نهايات عام 2008 أثناء مؤتمر في مدرسة لندن للاقتصاد، سألت الملكة "إليزابيث الثانية" لمَ لم يتنبأ أحد بحدوث الأزمات؟ وربما لا توجد إجابة أفضل من الضجة الأخيرة بشأن الاقتصاد البريطاني عقب قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي، وفقًا لما ناقشته "الإيكونوميست".
ويتوقع صندوق النقد الدولي نموًا بنسبة 1.3% للعام المقبل، لكنه تقدير أقل بـ 0.9% مقارنة بتوقعات ما قبل استفتاء المملكة المتحدة.
بينما في استطلاع أجرته "بلومبرج" تبين أن الخبراء يتوقعون انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1% خلال الربعين الثالث والرابع، مقارنة مع توقعات نمو سابقة بنسبة 0.6% قبل الاستفتاء على عضوية المملكة في الاتحاد الأوروبي.
لماذا التشاؤم؟
- توقع بنك "باركليز" مستويات مرتفعة من عدم اليقين في المملكة يتبعها تراجع في الإنفاق والاستثمار، ونمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1% خلال 2016 و -0.4% في 2017، بعدما نما بـ 2.2% في العام الماضي.
- توقعات "باركليز" كانت بمثابة مفاجأة مع التكهنات الكثيرة من الاقتصاديين قبل الاستفتاء بأن يكون أثر خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي على المدى القصير مدمراً، لذلك حصلوا على انتقادات لاذعة من مؤيدي الانسحاب.
- من العدل ألا ينجح الاقتصاديون في التنبؤ بالركود، وعموما هم لديهم ميل للاستقراء، فإذا كان النمو 2% خلال العام الماضي فهم يميلون إلى توقع أكثر أو أقل قليلاً حول مستوى 2% خلال العام الجديد.
- يعد الركود تغييرًا مفاجئًا في الاتجاه، وبالنسبة للاقتصادي العامل في القطاع المالي هناك حاجة دائمة للتفاؤل وليس هناك حاجة نهائياً للتنبؤ بالركود، فلو أخطأ التنبؤ سيتم طرده وإذا أصاب فلن يشكره أحد.
- أي اقتصادي في مطلع 2007 كان ليتنبأ بالانهيار الفعلي لجزء كبير من القطاع المصرفي ووقوع أعمق ركود منذ ثلاثينيات القرن الماضي، كان ليواجه اتهامات شديدة بمحاولة إرباك الاقتصاد.
اختلاف في تحليل الدلائل
- الآن بالطبع على من دعموا معسكر البقاء أن يكونوا حذرين حول تأكيد انحيازهم بحثاً عن أدلة تؤكد النظرة التشاؤمية حول الأوضاع الاقتصادية.
- بنك إنجلترا قال إنه في أعقاب قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي بدأ العديد من الشركات في وضع إستراتيجيات عمل جديدة للوقت الراهن للحفاظ على أعمالهم كما هي.
- أغلبية الشركات لا تتوقع تأثر استثماراتها أو خطط التوظيف على المدى القريب، لكن نحو ثلثهم على الأقل يرى أنه سيكون هناك بعض الآثار خلال الاثني عشر شهرا المقبلة.
- مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي سيتلقون تصريحات البنك على أنها لا تحمل دلالات على التباطؤ، بينما سيقلق معسكر البقاء من التوقعات السلبية لثلث الشركات وآثارها على فرص التوظيف.
- تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.9% في يونيو/حزيران في علامة على الضعف الذي أتبع قرار الخروج، بعد ارتفاع بنسبة 0.9% في شهر مايو/أيار.
التوقعات السلبية للاستعداد وليست للهدم
- الحديث عن وقوع ركود قد يكون سابقا لأوانه، لكن بافتراض أنه لم يكن هناك استفتاء على الإطلاق وبالنظر إلى نتائج مسح "ديلويت" للمديرين الماليين في الشركات، فالأمر سيكون مختلفا.
- مسح "ديليوت" أظهر أن 82% من المديرين الماليين يتوقعون تقليص الإنفاق الرأسمالي في العام المقبل، و83% يتوقعون تباطؤ التوظيف، وهي أعلى مستويات سجلت على الإطلاق من 34% و29% على التوالي في الربع الأول.
- الثقة يمكن استردادها إذا لم يحدث سوء للاقتصاد على المدى القصير، ومع نية الحكومة تأجيل مفوضات الخروج إلى العام القادم فإن حالة عدم اليقين ستطول، لكن المفاجأة ستكون إذا لم يتوقع الاقتصاديون آثارا لذلك.
- الاقتصاديون في بنك "باركليز" ليس لديهم أي مصلحة مالية في التنبؤ بالركود في المملكة المتحدة حيث يعملون، بينما هم يبذلون أفضل ما بوسعهم للتنبؤ بصدق.
- التسفيه ممن يتوقعون الانكماش، يزيد فقط من الشعور بالرضا عن النفس بشأن التوقعات الاقتصادية، ويقلل من الاستعدادات لمواجهة الركود العالمي القادم.