احكام وفتاوى منقولة عبارة "كذب المنجمون ولو صدقوا" مقولةً وليست حديثا بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري
يقول المولى تبارك وتعالى في سورة الاعراف 188
قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِى نَفۡعً۬ا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَڪۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوٓءُۚ إِنۡ أَنَا۟ إِلَّا نَذِيرٌ۬ وَبَشِيرٌ۬ لِّقَوۡمٍ۬ يُؤۡمِنُونَ
السؤال
ما مدى صحة ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في الحديثين التاليين ؛ الاول: (كَذبَ المنجِّمون ولو صدقوا) "قد بحثت عنه فيما عندي من مراجع ولم أجده. "، وحديث آخر، وهو: (كان نبي من الأنبياء يخُطُّ؛ فمن وافق خطَّهُ؛ فذاك) من حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه؟ وما حكم الشرع في ضرب الرمل والتنجيم؟ وهل هناك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تُحرِّم هذه الأعمال؟
الجواب
لفضيلة الشيخ
صالح بن فوزان الفوزان
أما قضية التنجيم؛ فالتنجيم إذا أُريد أو قُصدَ به الاستدلال بالنُّجوم على الحوادث المستقبليَّة، أو أن النُّجوم لها تأثير في الكائنات، أوفي نزول الأمطار، أو نزول المرض، أو غير ذلك ؛ فهذا شرك أكبر، وهو من اعتقاد الجاهلية، والتنجيم على هذا النَّحو مُحرَّم أشدَّ التَّحريم.
وأما الحديث الذي سألت عنه: (كذبَ المنجِّمون ولو صدقوا) ؛ فلا أعرفُ له أصلاً من ناحية السَّند، ولم أقف عليه.
وأما معناهُ فهو صحيح؛ فإنَّ المنجمين يتخرَّصون ويكذبون على الله سبحانه وتعالى؛ لأنه لا علاقة للنُّجوم بتدبير الكون، إنما المدبِّرُ هو الله سبحانه وتعالى، هو الذي خلق النُّجوم وخلق غيرها، والنُّجوم خلقها الله تعالى لثلاث مقاصد:
زينةً للسَّماء، ورجومًا للشَّياطين، وعلامات يُهتدى بها، هذا ما دلَّ عليه القرآن الكريم، فمن طلب من النجوم غير ذلك؛ فقد أخطأ وأضاع نصيبه
.
هذا في ما يتعلَّق بالتَّنجيم . وكذلك بقيَّة الأمور التي هي من الخرافات والشَّعوذة (الخط في الرَّمل، وغير ذلك من الأمور التي تستعمل لادِّعاء علم الغيب، والإخبار عمَّا يحدث، أو لشفاء الأمراض، أو غير ذلك) كلُّ هذا يدخل في حكم التنجيم، ويدخل في الكهانة، ويدخل في الأمور الشِّركيَّة؛ لأنَّ القلوب يجب أن تتعلَّق بالله خالقها ومدبِّرها، الذي يملك الضرر والنفع والخير والشَّرَّ، وبيده الخير، وهو على كل شيء قدير، أما هذه الكائنات وهذه المخلوقات؛ فإنها مدبَّرة، ليس لها من الأمر شيء، يقول الله تعالى في سورة فصلت 37
وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
وقوله تعالى في سورة الاعراف 54
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
فكلُّها كائنات مخلوقة مدبَّرة، لها مصالح ربطها الله سبحانه وتعالى بها، وهي تؤدِّي وظائفها طاعة لله وتسخيرًا من الله سبحانه وتعالى، أمَّا أنَّها يُتعَلَّق بها ويُطلَبُ منها رفعً الضَّرر أو جلب الخير؛ فهذا شركٌ أكبر واعتقادٌ جاهليٌّ.
أما حديث "كان نبي من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خطَّه؛ فذاك " هذا حديث صحيح، رواه الإمام مسلم [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (4/1749) من حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه.] وأحمد [ورواه الإمام أحمد في "مسنده" (5/447) من حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه.] وغيرهما.
قال العلماء في معناه
أن هذا من اختصاص ذلك النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومن معجزاته، وأن واحدًا لا يمكن أن يوافقه؛ لأنَّ هذا من خصائصه ومن معجزاته؛ فالمراد بهذا نفي أن يكون الخطُّ في الرَّمل يتعلَّق به أمرٌ من الأمور؛ لأنَّ هذا من خصائص ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، وخصائص الأنبياء , ومعجزاتهم لا يشاركهم فيها غيرهم عليهم الصلاة والسلام؛ فالمراد بهذا نفي أن يكون للخطَّاطين أو للرَّمَّالين شيء من الحقائق التي يدَّعونها، وإنما هي أكاذيب؛ لأنّه لا يمكن أن يوافق ذلك النبي صلى الله عليه وسلم, في خطِّهِ أحدٌ.
المُجيب الشيخ: صالح بن فوزان الفوزان
اجابة أُخرى من مركز الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه العبارة "كذب المنجمون وإن صدقوا" بالقاف مقولة اشتهرت على الألسنة، وليست حديثاً نبوياً، وإن كان معناها صحيحاً.
فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير،ُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
فإذا كان الذي يسأل العراف لا تقبل صلاته أربعين يوماً فما بالك بالعراف نفسه؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وصناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية: صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل، قال الله تعالى في سورة طه 69
وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى
وقال تعالى في سورة النساء 50
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره رحمهم الله : الجبت هو السحر