شهد يوم التاسع من يناير من عام 2000 على إصدار رئيس الإكوادور السيد "جميل معوض" قراراً يفيد بتخلي البلاد عن العملة المحلية خاصتها "سوكري"، وذلك لإحلال الدولار الأمريكي ليكون العملة الرسمية للأكوادور، في خطوة صادمة للعام.
وجاءت هذه الإجراءات التي أقرها رئيس الإكوادور لمحاولة انقاذ التعثر الشديد الذي كانت عليه البلاد فضلا عن مساندة الاقتصاد المنهمك المتراجع، حيث لم يخطر ببال أي شخص في أن يفكر في عواقب هذا القرار بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي اعدت في اتخاذ هذا القرار السريع دون تفكير، وعليه فإن الإكوادور حرمت نفسها من حقها في الاستقلال التقدي، كما تخلت عن طباعة نقودها مثل حق أي دولة، وهذا بسبب لجوئها إلى الدولار وتخليها عن عملتها المحلية آنذاك.
ومن ناحية أخرى فإن هذا القرار تم اتخاذه دون نقاش مجتمعي مسبق من أجل دراسته، كما أن الدراسات الاستقلالية التي حرص بعض الأشخاص على إعدادها قد تم تجاهلها من قبل المسئولين، ومن بين هذه الدراسات دراسة "ألبرتو أكوستا" الذي اقترح خلالها بدائل أخرى غير التخلي عن العملة من أجل دعم الاقتصاد، ومن هذه البدائل فرض بعض القواعد الجديدة على رأس المال الخارجي للبلاد.
ولم يستكمل الرئيس الإكوادوري "جميل معوض" فترة الرئاسية ليشاهد تبعات هذا القرار الجرئ على اقتصاد البلاد، حيث سرعان ما اندلعت المظاهرات والاحتجاجات بسبب هذا القرار المتخذ، الأمر الذي دفع إلى الإطاحة بـ "معوض" بعد أسبوعين فقط من قراره، وذلك في الحادي والعشرين من يناير عام 2000.
ومن ثم سعت الحكومة الجديد للرجوع عن هذا القرار، ولكنها صدمت بآراء أحد خبراء الاقتصاد الفنزولين الذي استعانت به لاستشارته، والذي أكد أن استخدام الدولار كعملة رئيسية من البلاد يعد الخيار الوحيد للإكوادور.
وخلال شهر أبريل من عام 2000 وعقب الاعتماد على الدولار كعملة رسمية للبلد بشهرين تقريبا، أصبحت الكثير من الأجهزة الخاصة بالصرف الآلي تقوم بصرف الدوار فحسب، حيث حددت الحكومة سعر صرفه عند 25 ألف سوكري.
وعلى الرغم من اتخاذ هذا القرار الصعب لدعم الاقتصاد إلا أن الأوضاع الاقتصادية للأكوادور باتت أكثر سوءاً، حيث أن نسبة الفقر بين المواطنين اقتربت من 70 % خلال عام 2007، وعليه وصف عدد كبير من المحللين أن خطوة الدولرة كانت بمثابة عملية احتيال تم فيها استغلال شعب بائس.
وقد كان صعود أسعار النفط خلال المدة بين 2007 و 2014 قد لعب دوراً إيجابياً في دعم اقتصاد البلاد، حيث أنه يمثل حوالي نصف الصادرات الإكوادورية، الأمر الذي دفع الدولة إلى أن تلتقط أنفاسها نسبياً، حيث هبط معدل التضخم في البلاد وانخفض معدل الفقر بين المواطنين.
في نفس السياق، لم تتمكن عملية الدولرة من التأثير بشكل إيجابي على التصنيف الائتماني الخاص بالإكوادور، وذلك بسبب أن الديون التي تقع على عاتق الدولة مازالت مصنفة ضمن درجة المضاربة، الأمر لذي يوضح أن قدرة البلاد على الإقتراض باتت محدودة للغاية، كما أنها أصبحت أكثر تكلفة.
ولم تنجح عملية الدولرة في حل مشاكل الإكوادور ، الأمر الذي يؤكد أن التخلي عن العملة المحلية والاعتماد على عملة أخرى لا يستطيع حل المشاكل الهيكلية في البلاد، وهذا الذي فشل القادة السياسيون داخل الإكوادور من إدراكه قبل اتخاذ هذا القرار الذي أطاح بالاقتصاد ونشر الفساد وتقليل الثقة.
INVESTING