• 5:58 مساءاً




بيمارستان أحمد بن طولون .. أول مستشفى في مصر

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو فـعّـال
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 1,674
معدل تقييم المستوى: 11
slaf elaf is on a distinguished road
10 - 04 - 2019, 04:56 PM
  #1
slaf elaf غير متواجد حالياً  
افتراضي بيمارستان أحمد بن طولون .. أول مستشفى في مصر


يُعدُّ بيمارستان أحمد بن طولون والمشهور بـ "البيمارستان العتيق" أول مستشفى بمعناها الكامل أُنشئ في مصر، فما تاريخ وموقع البيمارستان العتيق، وصفته ومعالمه الأثرية، وأشهر الأطباء به؟

بيمارستان زقاق القناديل

كان في مصر عدَّة بيمارستانات قبل البيمارستان العتيق الذي بناه أحمد بن طولون؛ فقد ذكر أحمد عيسى في كتابه "تارخ البيمارستانات في الإسلام" أنَّه كان في الدولة الأموية مارستان في زقاق القناديل دار أبي زبيد، وزقاق القناديل -ويُقال له زقاق القنديل- من أزقَّة الفسطاط. قال القضاعي: إنَّما وسم زقاق القناديل أو القنديل لأنَّه كان برسم قنديل كان على باب عمرو بن العاص، وفي هذا الزقاق وُلِد الإمام الحافظ ابن سيد الناس صاحب كتاب "عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير"، المتوفَّى سنة (734هـ=1334م).

بيمارستان المعافر

وهذا البيمارستان كان في خطَّة المعاقر، التي موضعها ما بين العامر من مدينة مصر الفسطاط وبين مصلى خولان التي بالقرافية، بناه الفتح بن خاقان في أيَّام الخليفة المتوكل على الله وقد باد أثره.

موقع وتاريخ إنشاء البيمارستان العتيق

يُعرف بـ "البيمارستان الأعلى" أو "البيمارستان الطولوني"، أنشأه أحمد بن طولون في سنة (259هـ=872م) وقيل 261هـ، وبلغ ما أُنفق عليه وعلى مستغله ستون ألف دينار، وحبس ابن طولون عليه سوق الرقيق وغيره، وشرط ألَّا يُعالج فيه جنديٌّ ولا مملوك، وكان يُشارفه بنفسه، ويركب إليه يومًا في كلِّ أسبوع.

قال أبو العباس أحمد القلقشندي: "أول من اتَّخذ البيمارستان بمصر أحمد بن طولون، بناه بالفسطاط وهو موجود إلى الآن... وبلغت أجرة مقعد يكري عند البيمارستان الطولوني بالفسطاط في كلِّ يومٍ اثني عشر درهمًا".

وقال أبو عمر محمد بن يوسف الكندي في كتاب الأمراء: "وأمر -أحمد بن طولون- ببنيان المارستان للمرضى، فبُني لهم في سنة (259هـ=872م)".

وقال جامع السيرة الطولونية: "وفي سنة 261هـ بنى أحمد بن طولون المارستان، ولم يكن قبل ذلك في مصر مارستان، ولمـَّا فرغ منه حبس عليه دار الديوان ودوره في الأساكفة والقيسارية وسوق الرقيق... وفي سنة (262هـ 875م) كان ما حبسه على المارستان والعين والمسجد في الجبل الذي يُسمَّى تنور فرعون أعيانًا كثيرة، وكان بلغ ما أنفق على المارستان ومستغله ستين ألف دينار".

أمَّا عن موقع بيمارستان أحمد بن طولون العتيق ففي أرض العسكر، وهي الكيمان والصحراء التي تقع بين جامع ابن طولون وكوم الجارح، وفيما بين قنطرة السدِّ التي على الخليج ظاهر مدينة مصر، وبين السور الذي يفصل بين القرافة وبين مصر.

وصف البيمارستان

قال الحافظ شمس الدين السخاوي: "إنَّ أحمد بن طولون بنى إلى جانب جامعه البيمارستان، وكان في أحد مجالس البيمارستان العتيق -أي بيمارستان أحمد بن طولون- خزانة كتب، كان فيها ما يزيد على مائة ألف مجلد في سائر العلوم يطول الأمر في عدَّتها".

وعمل أحمد بن طولون في موخِّرة جامعه ميضأةً وخزانة شراب فيها جميع الشرابات والأدوية، وعليها خدم، وفيها طبيبٌ جالسٌ يوم الجمعة لحادثٍ يحدث للحاضرين للصلاة.

العمل الطبي بالبيمارستان

وقد اهتمَّ أحمد بن طولون بنفسه بالمرضى، ممَّا يدلُّ على تقدُّم الطبِّ والتمريض في عهده، وعني بالمرضى عنايةً فائقةً، ووفَّر لهم الأطباء والصيادلة والخدم من مختلف الأديان والأجناس، ولم يكن المرضى يدخلون بثيابهم العاديَّة؛ وإنَّما كانت تقدَّم لهم ثيابٌ خاصَّة، كما هي الحال الآن؛ فقد كان من شروط دخول البيمارستان الطولوني العتيق أنَّ المريض يُسلِّم ملابسه ومستلزماته، وتُحفظ عند أمين البيمارستان، وكانت علامة الشفاء أن يأكل المريض فرُّوجًا ورغيفًا، فيؤذن له بالانصراف، ويأخذ ملابسه ومستلزماته.

قال جامع السيرة الطولونية: "وشرط في المارستان ألَّا يُعالج فيه جنديٌّ ولا مملوك، وعمل حمَّامين للمارستان، أحدهما للرجال والآخر للنساء، حبسهما على المارستان وغيره، وشرط أنَّه إذا جيء بعليلٍ تُنزع عنه ثيابه ونفقته وتُحفظ عند أمين المارستان، ثم يُلبس ثيابًا ويُفرش له ويُغذى ويُراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يبرأ، فإذا أكل فرُّوجًا ورغيفًا أُمر بالانصراف وأُعطي ماله وثيابه".

ما قيل في البيمارستان العتيق

دخل مصر في سنة (578هـ=1182م) ابن جبير الرحَّالة المغربي العظيم وشاهد البيمارستان الصلاحي الناصري الذي بناه صلاح الدين الأيوبي في القاهرة، وذكر أنَّه مفخرةٌ من مفاخر السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وأطنب في وصفه، ثم قال: "وفي مصر الفسطاط مارستان آخر على مثل ذلك الرسم بعينه". يُريد مارستان أحمد بن طولون.

ولمـَّا آلت الدولة الطولونية إلى الزوال بخروج شيبان بن أحمد بن طولون آخر ملوكها من مصر، في ليلة الخميس لليلةٍ خلت من ربيع الأول (292هـ=905م)، ودخلها محمد بن سليمان الكاتب من قبل المكتفي بالله، أخذ الشعراء في رثائهم والتحسُّر عليهم، فنظموا القصائد الطوال في ذلك.

ومن هؤلاء الشعراء سعيد القاضي، قال يرثي الدولة الطولونية وما تركت من جلائل الآثار في قصيدة مطلعها:

جرى دمعه ما بين سحرٍ إلى نَحرِ *** ولم يَجر حتى أسلمته يد الصّبرِ

إلى أن قال يرثي البيمارستان الطولوني العتيق:

ولا تَنسَ مارستانه واتِّساعه *** وتوسعة الأرزاق للحول والشهر

وما فيه من قوَّامه وكُفاتِه *** ورفقهم بالمعتفـين ذوي الفقـر

فللميِّت المقبور حسنُ جهازه *** وللحيِّ رفقٌ في علاجٍ وفي جبرِ

وفي الجانب الآخر، قال محمد بن داود في ذمِّ أحمد بن طولون وبيمارستانه:

أَلَا أَيُّهَا الأَغْفَالُ إِيهًا تَأَمَّلُوا *** وَهَلْ يُوقِظُ الأذْهَانَ غَيْرُ التَّأَمُّلِ

أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ ابْنَ طُولُونَ نَقْمَةٌ *** تَسَيَّرُ مِنْ سُفْلٍ إِلَيْكُمْ وَمِنْ عَلِ

وَلَوْلَا جِنَايَاتُ الذُّنوبِ لَمَا عَلَتْ *** عَلَيْكُمْ يَدُ العِلْجِ السَّخِيفِ المُجَهَّل

يُعَالِجُ مَرْضَاكُمْ وَيَرْمِي حَرِيمكُمْ *** حبيش، القَلْبِ أَدْهَــمَ أَعْـزَلِ

فَيَا لَيْتَ مَارِسْتَانَهُ نِيطَ بِاسْتِهِ *** وَمَا فِيهِ مِنْ عِلْجٍ عُتُــلٍّ مُقَلِّـلِ

فَكَمْ ضَجَّةٍ لِلنَّاسِ مِنْ خَلْفِ سِتْرِهِ *** تُضَجُّ إِلَى قَلْبٍ عَنِ اللَّه مُغْفِل

أطبَّاء البيمارستان العتيق

من عُرف من الأطباء بخدمة البيمارستان العتيق:

1- محمد بن عبدون الجيلي العذري: رحل إلى المشرق ودخل البصرة، وإلى مدينة فسطاط مصر ودبَّر مارستانها، ومهر في الطب ورجع إلى الأندلس سنة 360هـ، وخدم بالطب الحكم المستنصر بالله بالله وهشام المؤيد بالله وكان قبل مؤدِّبًا في الحساب والهندسة، قال القاضي صاعد الأندلسي: "وأخبرني أبو عثمان سعيد بن البغونش الطلطلي، أنَّه لم يلقَ في قرطبة أيَّام طلبه من يلحق بمحمد بن عبدون الجيلي في الطب".

2- سعيد بن نوفل: طبيب نصراني، كان في خدمة أحمد بن طولون.

3- شمس الدين محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن المصري: مدرس الأطباء بجامع ابن طولون، كان فاضلًا له نظم، ومات في شوال 17 سنة (772هـ=1370م).

ابن طولون وأحد المجانين بالبيمارستان

كان أحمد بن طولون يركب بنفسه في كلِّ يوم جمعة ويتفقَّد خزائن البيمارستان العتيق وما فيها والأطباء، وينظر إلى المرضى وسائر المعلولين والمحبوسين من المجانين، دخل مرَّةً حتى وقف عند المجانين فناداه واحدٌ منهم مغلول: "أيُّها الأمير، اسمع كلامي ما أنا بمجنون؛ وإنَّما عُملت عليَّ حيلة، وفي نفسي شهوة رمانة عريشيَّة أكبر ما يكون". فأمر له بها من ساعته، ففرح بها وهزَّها في يده ورازها، ثم غافل أحمد بن طولون ورمى بها في صدره فنضحت على ثيابه، ولو تمكَّنت منه لأتت على صدره، فأمرهم أن يحتفظوا به، ثم لم يُعاود بعد ذلك النظر في البيمارستان.

وقد اندثر هذا البيمارستان الطولوني العتيق في جملة ما اندثر من الآثار المصرية الإسلامية، ولم يبقَ له الآن أثر.

___________________

المصادر والمراجع:

- القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.
- ابن جبير: رحلة ابن جبير، الناشر: دار ومكتبة الهلال – بيروت، د.ت.
- أحمد عيسى: تاريخ البيمارستانات في الإسلام، الناشر: دار الرائد العربي، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1401هـ=1981م.
- قصة الإسلام .
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع القسم الاسلامي

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جامع أحمد بن طولون slaf elaf القسم الاسلامي 1 20 - 12 - 2017 06:36 AM
علاج خاطئ يطيح ببدرية أحمد في مستشفى الحبيب بالرياض hamdy2233 استراحة بورصات 0 26 - 05 - 2012 11:40 PM
مستشفي في الطيران بمدينة نصر مجهزة مستشفي ولادة hoda farahat استراحة بورصات 4 19 - 04 - 2010 02:59 AM


05:58 PM