• 9:08 مساءاً




قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو فـعّـال
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 1,674
معدل تقييم المستوى: 11
slaf elaf is on a distinguished road
14 - 11 - 2019, 04:51 PM
  #1
slaf elaf غير متواجد حالياً  
افتراضي قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط


تاريخ الأندلس يشمل أكثر من ثمانمائة سنة كاملة من تاريخ الإسلام، وهي فترة ليست بالقليلة وقد قام فيها كثير من الدول وارتفع نجمها، وسقط فيها أيضًا كثير من الدول وأفل نجمها، وقصة الأندلس قصة مؤلمة لأنها تسرد تاريخًا ومجدًا زاهرًا، وهذا المجد في الواقع قد انتهى وضاع، إلا أنه لا مناص عن قراءة صفحات هذا المجد السليب وهذا التاريخ الثري، لنقرأ كيف تقام الأمجاد وكيف تضيع.

أحوال الأندلس قبل الفتح الإسلامي
في سنة 86هـ= 705م بسطت جيوش المسلمين بقيادة موسى بن نصير سلطانها على الشمال الأفريقي (ليبيا، مصر، تونس، الجزائر، المغرب)، ولم يكن يفصلها عن بلاد الاندلس إلا مضيق جبل طارق، وكانت الأندلس حينئذ تحت حكم القوط الغربيين، وكانت تشهد في هذه الآونة صراع على العرش بعد وفاة حاكمها غيطشة، وكان هذا الصراع متمثلًا في أخيلا بن غيطشة ولذريق أحد قادة الجيش.
تمكن لذريق بدوره من اعتلاء عرش الأندلس، واستولى على ممتلكات أولاد غيطشة وتتبعهم بالأذى، ففروا أولاد غيطشة إلى يُليان حاكم مدينة سبتة في الشمال الأفريقي، والتي كانت حينئذ ولاية تابعة للقوط، وكانت هي المدينة الوحيدة التي لم يكن فتحها المسلمون، فأرسل حاكم مدينة سبتة يُليان إلى طارق بن زياد نائب موسى بن نصير يستعين به، ويطلب منه المساعدة في استعادة ممتلكات أولاد غيطشة مقابل تنازله للمسلمين عن مدينة سبتة ومساعدته لهم في الوصول إلى الأندلس.

أسباب الفتح الإسلامي للأندلس
لم يكن هدف المسلمين من الفتوحات الإسلامية البحث عن الأراضي الواسعة أو جمع الثروات، إنما كانت الدعوة إلى الله وتعليم دينه للناس كافة هو الهدف الأساس لفتوحاتهم لتصل دعوة الله إلى الجميع، فبعد أن اطلع طارق بن زياد على رسالة يُليان بعث بها إلى موسى بن نصير، فبعث موسى بن نصير بدوره إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يُطلعه الخبر ويستأذنه في الفتح فأذن له الخليفة بذلك.

عهد الفتح (91- 95هـ= 710 - 714م)
وصلت رسالة الإذن من الخليفة الوليد بن عبد الملك، فجهز موسى بن نصير بالفعل سرية من خمسمائة رجل، وجعل على رأسهم طريف بن مالك، فعبروا البحر من سبتة سنة 91هـ= 710م، وأصابت الحملة كثيرا من الغنائم ثم عادت في أمن وسلام، وقد شجع نجاح هذه الحملة موسى بن نصير فأرسل قوة عسكرية أخرى بقيادة طارق بن زياد في سنة92هـ= 711م، وعبر طارق المضيق وسيطر على الجبل الذي حمل اسمه منذ ذلك الوقت، والتقى مع جيش لذريق حاكم القوط في معركة وادي برباط (وادي لكة) الفاصلة التي انتهت بانتصار المسلمين ونهاية جيش القوط وقائدهم.
استغل المسلمون هذا الانتصار فتوغلوا في البلاد وفتحوا كثيرًا من المدن، وكتب طارق بن زياد إلى موسى بن نصير يخبره بما حقق من انتصارات وما فتحه من مدن مما شجَّع موسى بن نصير على العبور هو الأخر الأندلس، واشتركا القائدان في فتح المدن، المدينة تلو الأخرى حتى لم يكن يتبقى من كل بلاد الأندلس إلا جزءًا يسير، وعندئذ أمرهما الخليفة الوليد بن عبد الملك بوقف الفتوحات والعودة إلى دمشق، فعادوا في سنة 95هـ= 714م، بعد ثلاث سنوات ونصف من الفتوحات، وعيَّن موسى بن نصير قبل مغادرته ابنه عبد العزيز ولايًا على الأندلس.

عهد الولاة (95- 138هـ= 710- 756م)
بعودة القائدين موسى بن نصير وطارق بن زياد إلى دمشق يبدأ في الأندلس ما يعرف بعصر الولاة، وفي هذا العصر كانت الأندلس ولاية عربية تابعة للخلافة الأموية بدمشق، وتعاقب على حكمها في هذا العصر عشرون واليًا في مدة اثنين وأربعين عامًا، كان أولهم عبد العزيز بن موسى بن نصير، وآخرهم يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وقسم المؤرخون هذا العصر إلى فترتين رئيستين:
الفترة الأولى: فترة جهاد وفتوح وعظمة للإسلام والمسلمين، واستمرت سبعة وعشرين عامًا، من بداية سنة 95هـ=714م وحتى سنة 123هـ=741م.
الفترة الثانية: فترة ضعف ومؤامرات ومكائد، واستمرت خمس عشرة سنة، من سنة 123هـ=741م، وحتى سنة 138هـ=756م.

عهد الإمارة (138- 316هـ= 756- 929م)
عرفت هذه الفترة بفترة الإمارة الأموية، وسميت إمارة لأنها أصبحت منفصلة عن الخلافة العباسية في بغداد، وأول من حكم خلال هذه الفترة هو عبد الرحمن الداخل الذي امتدت فترة حكمه أربعة وثلاثين عامًا متصلة، منذ سنة 138هـ= 756م وحتى سنة 172ه= 788م، وكانت هذه الفترة هي بداية تأسيس عهد الإمارة الأموية، وكانت من أقوى فترات الأندلس، حيث قامت على عبد الرحمن الداخل خلالها أكثر من خمس وعشرين ثورة تغلب عليها جميعًا.
وينقسم عهد الإمارة الأموية إلى ثلاث فترات:
الفترة الأولى: واستمرت مائة عام كاملة (138- 238هـ= 756 - 852م)، وتعتبر هذه الفترة هي فترة القوة والمجد والحضارة، وكانت فيها الهيمنة للدولة الإسلامية على ما حولها من مناطق.
الفترة الثانية: وتعد فترة ضعف، وقد استمرت اثنين وستين عامًا (238- 300هـ=852- 913م)، وكان كان آخر أمرائها الأمير عبد الله بن محمد.
الفترة الثالثة والأخيرة: وهي ما بعد سنة (300هـ=913م)، وحتى (316 هـ= 929)، وهي فترة التأسيس والانتقال لعصر الخلافة الأموية وتُعد بداية عهد عبد الرحمن الناصر.

عهد الخلافة (316- 422هـ= 929- 1031م)
كان الأمير عبد الله بن محمد آخر الأمراء في عهد الإمارة، وقد عين قبل وفاته حفيده عبد الرحمن الناصر، وكانت الأندلس يومها تحتاج إلى الهمة العالية والسياسة الحكيمة لحل مشاكلها وتوفير الاستقرار المطلوب، وكان عبد الرحمن الناصر بطبعه أميرًا حازمًا ذكيًا وعادلً شجاعًا.
تولى عبد الرحمن الناصر الحكم سنة 300هـ= 913م، فإذا به يقدم على تغيير التاريخ ويُحيل الضعف إلى قوة، والفرقة إلى وحدة، فقاد الجيوش بنفسه واتجه إلى الثورات وقضى عليها، وبعد ستة عشر عامًا من حكمه وحد الأندلس كلها تحت راية واحدة، ثم أطلق على نفسه لقب أمير المؤمنين، ومن هنا يبدأ عهد جديد في الأندلس هو عهد الخلافة الأموية.
وقد قامت في عهد عبد الرحمن الناصر نهضة حضارية كبرى، فلم يكن اهتمامه بالجيش والأمن فقط، بل اهتم بالنواحي العلمية والاقتصادية والعمرانية حتى صارت دولته أقوى دول العالم، وصار هو بلا منازع القائد الأعظم في زمانه وذاع صيته في الدنيا كلها، وجاءت السفارات من كل أوربا تطلب ودَّه، وبعد خمسين عامًا من حكمه للبلاد توفي سنة 350هـ= 961م، واستخلف من بعده ابنه الحكم المستنصر بالله على الحكم.
بالرغم من أن الحكم المستنصر كان من أفضل حكام الأندلس إلا أنه أصيب في آخر أيامه بالشلل، وقام باستخلاف ولده هشام بن الحكم من بعده، وكان هشام عمره أحد عشر عامًا فقط، وكان حينئذ متولي أمر الوصاية عليه محمد بن أبي عامر الذي أصبح بحكم وصايته على الخليفة الصغير الحاكم الفعلي للبلاد.
ظل محمد بن أبي عامر (الحاجب المنصور) يحكم الأندلس ابتداء من سنة 366هـ= 976م وحتى وفاته في سنة 392هـ= 1002م، وكان عهده يتميز بالقوة والكفاءة، حيث كان يخرج للجها مرتين في العام، وقد استخلف على الحجابة من بعده ابنه عبد الملك بن المنصور، الذي تولى حكم البلاد سبع سنوات متصلة سار فيها على نهج أبيه، فكان يجاهد كل عام مرة أو مرتين، وقد عرف ذلك العهد بعهد الدولة العامرية (366- 399هـ= 976- 1009م)، والدولة العامرية كما وصفها بعض المؤرخين هي ذروة تاريخ الأندلس ومن أقوى فتراتها، ففيها بلغت الدولة الإسلامية الغاية في القوة، وقد استمرت ثلاثا وثلاثين سنة، وكانت مندرجة في فترة الخلافة الأموية؛ لأن الخليفة كان ما زال قائمًا، وإن كان مجرد صورة.
في سنة 399هـ= 1009م توفي عبد الملك بن المنصور، فتولى أمر الحجابة من بعده أخوه عبد الرحمن بن المنصور، لكنه مع بداية توليه الحكم اشتعلت الثورات والفتن في الأندلس وما لبث أن قتل، ومنذ مقتله انفرط العقد تمامًا في البلاد، وبدأت الثورات تكثر والمكائد تتوالى، وبدأت البلاد تنقسم، ومن ثم كان سقوط الدولة العامرية ومعها الخلافة الأموية في سنة 422هـ= 1031م.

عهد ملوك الطوائف (422- 479هـ= 1031- 1086م)
نتج عن سقوط الدولة الأموية في الاندلس أن انقسمت البلاد إلى دويلات صغيرة متنازعة، واستقل كل أمير بناحيته وأعلن نفسه ملكًا عليها فدخلت البلاد بذلك في عصر جديد هو عصر ملوك الطوائف، وهو من أصعب فترات التاريخ الأندلسي وأكثرها تعقيدًا وتشابكًا، فعلى الرغم من قصر مدتها التي لا تتجاوز القرن الواحد إلا أنها تتسم بالأحداث المتعاقبة والأطماع المتزايدة، والفرقة والتنازع الشديدين.
وكانت هذه الأحداث جديرة بأن تجعل القرن الخامس الهجري من القرون المظلمة في تاريخ الأندلس كله، فمنذ إعلان إلغاء الخلافة الأموية وسقوطها بدأت الأندلس بالفعل تقسم بحسب العنصر إلى دويلات مختلفة، ليبدأ ما يسمى بعهد دويلات الطوائف، أو عهد ملوك الطوائف، قسمت فيه بلاد الأندلس إلى سبع مناطق رئيسة هي:
أولًا: بنو عباد: وقد أخذوا منطقة إشبيلية.
ثانيًا: بنو زيري: وقد أخذوا منطقة غرناطة.
ثالثًا: بنو جهور: وقد أخذوا منطقة قرطبة رابعًا: بنو الأفطس: استوطنوا غرب الأندلس، وأسسوا هناك إمارة بطليوس.
خامسًا: بنو ذي النون: استوطنوا المنطقة الشمالية التي فيها طليطلة.
سادسًا: بنو عامر: استوطنوا شرق الأندلس، وكانت عاصمتهم بلنسية.
سابعًا: بنو هود: وهؤلاء أخذوا منطقة سرقسطة في الشمال الشرقي.
وهكذا قسمت بلاد الأندلس إلى سبعة أقسام شبه متساوية، وكل قسم أو منطقة من هذه المناطق كانت مقسمة إلى تقسيمات أخرى داخلية، حتى وصل عدد الدويلات الإسلامية داخل أراضي الأندلس إلى اثنتين وعشرين دويلة..

عهد المرابطين (479- 541هـ= 1086- 1146م)
في أواخر حكم ملوك الطوائف استغل الإسبان تقسيم الأندلس إلى دويلات وصاروا يحتلون مدنها مدينة تلو أخرى، عندئذ استغاث أحد ملوك الطوائف وهو المعتمد بن عبَّاد أمير مدينة أشبيلية بيوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين بالمغرب والتي كانت حينئذ تحكم غرب إفريقيا كله، ولم يتردد ابن تاشفين في إنقاذ الأندلس، وتحرك بنفسه على رأس جيشه ليلتقي مع جيش الإسبان في معركة الزلَّاقة الشهيرة في سنة 479 هـ= 1086م ثم عاد إلى المغرب.
بعد ذلك تكرَّرت هجمات الإسبان مرة أخرى على الأندلس، بل وازداد النزاع بين أمراء الطوائف، فاجتمع فقهاء الأندلس على دعوة يوسف بن تاشفين لضم الأندلس إلى دولة المرابطين، فتوجه ابن تاشفين إلى الأندلس مرة أخرى وضمها إلى دولته، ونشر العدل، وساد الأمن، وازدهرت التجارة، وتحمَّل جيش المرابطين عبء الجهاد والدفاع عن الثغور، ومع أن حكم المرابطين للأندلس كان أقل من ستين سنة، إلا أن عهدهم يوصف بأنه كان بالنسبة للأمة الأندلسية عهد استقرار نسبي، تمتعت فيه بنوع من الدعة والرخاء.

عهد الموحدين (541- 642هـ= 1146- 1244م)
كانت دولة المرابطين في أواخر عهدها تتجه بقوة نحو هاوية سحيقة وكارثة محققة، وكان لا بد أن تتحقق سنة الله تعالى بتغيير هؤلاء واستبدالهم بغيرهم، وهذا ما تم بالفعل، إذ قام رجل من قبائل مصمودة البربرية يُدعى محمد بن تومرت بثورة على المرابطين، وكان محمد بن تومرت هذا صاحب منهج في التغيير والإصلاح.
وقامت دولة الموحدين على أساس دعوة دينية إصلاحية، وكانت للموحدين فلسفة في الحكم قوامها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الزهد في الدنيا، وأبرز من حكم في هذه الدولة أبو يوسف يعقوب المنصور الذي انتصر على الإسبان انتصارًا ساحقًا في معركة الأرك سنة 591هـ=1195م، واستطاع إخضاع معظم بلاد الأندلس تحت راية الموحدين، ولكن الموحدين عادوا فهُزِموا في موقعة العقاب سنة 609هـ= 1212م، فهان أمرهم، ثم بدأت الدولة تضعف وتنهار بسبب الحروب الداخلية بين زعمائها واستغل الإسبان ذلك فاستولوا على معظم مدن الأندلس.

مملكة غرناطة وسقوط الأندلس (635- 897هـ= 1237- 1492م)
بعد أن ضعفت سيطرة الموحدين في الأندلس، عادت البلاد وتفككت إلى إمارات صغيرة ضعيفة متناحرة، وزاد ضغط الإسبان على المسلمين، ولكن برز في هذه الفترة أبو عبد الله محمد بن يوسف المعروف بابن الأحمر واستطاع أن يسيطر على مدينة غرناطة رغم سقوط باقي مدن الأندلس بأيدي الإسبان الواحدة تلو الأخرى فسقطت قرطبة وبلنسية وأشبيليه وغيرهما، ولم يبق بأيدي المسلمين إلا مدينة غرناطة التي استمرت بعد هذا الانهيار الكبير لمدة تقرب من 250 سنة، ولكن في النهاية ضعف أمرها في أواخر عهدها، وسقطت أمام الإسبان في سنة 897هـ= 1492مم[1].

[1] من كتاب دكتور راغب السرجاني: قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط.
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع القسم الاسلامي

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
AUD USD ًً السقوط الحر صاحب المعالي منتدى تداول العملات العام 13 08 - 08 - 2013 06:36 AM
السوق الى اين ؟ لماذا يتم تأجيل السقوط نسيم الشرق منتدى تداول العملات العام 86 21 - 08 - 2011 08:56 PM


09:08 PM