التدافع على السندات هل ينتشل اقتصاد اليونان؟
خفّت حدة الرعب الدولي بشأن أزمة مديونية اليونان عندما تدافع المستثمرون على شراء أول إصدارات الحكومة من السندات في هذا العام، في دلالة على احتمال وقوعها في متاعب أقل من المتوقع، من حيث قدرتها على تلبية احتياجاتها التمويلية في المدى القصير.
بلغت قيمة السندات التي تقدم المستثمرون بطلبات لشرائها نحو 20 مليار يورو (ما يعادل 28 مليار دولار، 17 مليار جنيه استرليني) وذلك على السند الذي يبلغ أجله خمس سنوات وبفائدة ثابتة، ويزيد هذا المبلغ بأربعة أضعاف على المبلغ الذي كانت تتوقعه الحكومة. لكن في إشارة على أن اليونان تدفع ثمن سنوات من التبذير المالي، فقد حمل السند فارق فائدة عالياً بالنسبة للفائدة على السندات الألمانية، التي تعتبر مقياساً بالنسبة لمنطقة اليورو.
تقع اليونان تحت ضغط كبير من شركاتها الـ 15 في منطقة اليورو، لكي تستعيد الانضباط لماليتها العامة بعد أن كشفت في العام الماضي، أنها كانت تخفي الحقيقة بشأن مدى العجز في ميزانياتها لعدة أسباب، منها تدخل الساسة في عمل دائرة الإحصاءات الوطنية.
اليونان في حاجة إلى نحو 53 مليار يورو لتمويل المتطلبات المترتبة على مديونيتها في هذا العام، وهي مهمة قد يثبت أنها أصعب من جمع المبلغ الذي كانت بحاجة إليه في العام الماضي، والذي يزيد على 60 مليار يورو إذا حدث، كما يظن بعض المستثمرين، أن تشدد الشروط العالمية للتمويل خلال عام 2010.
جاء رد سوق الأسهم اليونانية إيجابياً على طرح السندات، حيث ارتفعت بنسبة 2.8 في المائة، وهبطت العائدات على السندات اليونانية لعشر سنوات والتي لها علاقة عكسية مع الأسعار، ثماني نقاط أساس إلى 6.16 في المائة.
وقد شوهد أثر تخفيفي أكبر على الأسواق حيث ضاقت فروقات العوائد بين السندات الألمانية وسندات البلدان الأعضاء في منطقة اليورو، مثل إيرلندا وإيطاليا الواقعتان مثلهما مثل اليونان تحت ضغوط مالية.
ويصف المسؤولون والدبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي برنامج اليونان الخاص بمعالجة عجزها، بأنه خطوة مستحقة منذ زمن طويل في الاتجاه الصحيح. غير أن حكومات أخرى في منطقة اليورو، ما زالت مصممة على بعث رسالة إلى الأسواق المالية مفادها أنه سوف يتعين على اليونان أن تحل مشكلاتها بنفسها، وذلك من خلال وضع ضوابط قوية على الإنفاق العام، ومن خلال مزيد من الكفاءة في تحصيل الضرائب، بدلاً من الاعتماد على إمكانية الحصول على دعم طارئ من ألمانيا والبلدان الأخرى.
ويرى الزعماء السياسيون ومحافظو البنوك المركزية في العواصم الأوروبية الأخرى، أن مصداقية اليورو في بلدانهم معرضة للضرر، إذا أصبحت الأسواق على قناعة بأنه سيتم إنقاذ اليونان من دون أن تبذل جهداً لترتيب بيتها.
وتعكف المفوضية الأوروبية على الإعداد لإبداء رأيها حول برنامج اقتصادي مدته ثلاثة أعوام وضعته حكومة اليونان الاشتراكية هذا الشهر، بهدف خفض عجز الموازنة إلى 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012، وذلك من نسبة قدرت بـ 12.7 في المائة في العام الماضي.
وبعد استعراض التقييم الذي ستجريه المفوضية، سوف يصدر وزراء مالية الاتحاد الأوروبي حكمهم على خطط اليونان، وذلك في الاجتماع الذي سوف يعقدونه في بروكسل بتاريخ 16 شباط (فبراير) الجاري. غير أن بعضهم قال إن تلك الأهداف طموحة لدرجة يصعب تحقيقها من دون ممارسة ضغط شديد على مستويات الحياة في اليونان. وسوف يشكل هذا بدوره اختباراً «للشجاعة السياسية ولقوة إرادة الحكومة»، كما قالوا.
يشار إلى أن حكومة أثينا أخبرت المفوضية، أنها تتوقع أن يصل دينها العام إلى أعلى مستوى له بنسبة 120.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، قبل أن ينخفض إلى 113 في المائة في عام 2013. إلا أن بعض المسؤولين والاقتصاديين المستقلين في الاتحاد الأوروبي، يعتبرون أن هذه التوقعات مفرطة في التفاؤل