• 9:41 مساءاً




قصـــــــــة تحـــــــــول الاقتــــــــصاد البريـــطاني

إضافة رد
أدوات الموضوع
الصورة الرمزية Marvey
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 13,183
خبرة السوق : أكثر من 5 سنوات
الدولة: أم الدنيا وهتبقي قد الدنيا
معدل تقييم المستوى: 29
Marvey is on a distinguished road
07 - 07 - 2010, 05:17 PM
  #1
Marvey غير متواجد حالياً  
Smile قصـــــــــة تحـــــــــول الاقتــــــــصاد البريـــطاني

الحرب العالمية الثانية تعد أكثر الحروب كلفة في التاريخ الحديث وعندما انتهت تلك الحرب تركت جميع الدول الأوروبية ومنها المملكة المتحدة البريطانية في حالة من الضعف الشديد هذا في الوقت الذي انهارت فيه البنية التحتية و المصانع بجانب المباني و تضررت أيضا الزراعة بشكل كبير.
أدت الآثار السلبية للحرب العالمية الثانية على الدول الأوروبية و خاصة بريطانيا-محل الدراسة- في إحداث تغيرات هيكلية في الاقتصاد البريطاني خلال الفترة التي تلت انتهاء الحرب،وفيما يلي سوف نبحث تطورات تحول الاقتصاد البريطاني من اقتصاد صناعي يعتمد على الصناعة و التصدير إلى اقتصاد يعتمد على قطاع الخدمات و الذي أصبح في الوقت الحالي يساهم لأكثر من 75.0% من الناتج المحلي الإجمالي.
الإعتماد على القطاع الصناعي كقطاع رئيسي ذو أهمية نسبية مرتفعة و أحد القطاعات الرئيسية المحركة للنمو الاقتصادي كان جلياً مع الثورة الصناعية التي حدثت في القرن الثامن عشر ببريطانيا التي كانت أولى دول العالم في سبقها الاعتماد على هذا القطاع.
و يرجع التحول من الاعتماد على الصناعة بشكل أساسي في تحقيق النمو للاقتصاد البريطاني إلى الاعتماد على القطاع الخدمي منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي, حيث اخذ عدة مراحل حتى وصل إلى ما وصل إليه في الوقت الحالي.
واتخذت التغيرات في الهيكل الاقتصادي البريطاني ثلاثة أشكال ففي الفترة من 1700م إلى 1850م كان هناك تحول من القطاع الزراعي إلى القطاع الصناعي و تحقيق نمو اقتصادي من خلال هذا القطاع, بينما في الفترة من 1850م إلى 1955م كان هناك ازدهار و نمو للقطاع الصناعي. أما بالنسبة للشكل الثالث الذي كان للفترة من منتصف عام 1955م حتى وقتنا الحالي انخفض الوزن النسبي للقطاع الصناعي تدريجيا ومن ثم الاعتماد على القطاع الخدمي كقطاع رئيسي في تحقيق النمو.
ويفسر الشكل الثالث على أنه تراجع أهمية القطاع الصناعي في مشاركته لتحقيق النمو الاقتصادي هذا بجانب انخفاض عدد العاملين في هذا القطاع ومن ثم تزايد التوظيف في القطاع الخدمي. وهذا ما حدث بالفعل في الاقتصاد البريطاني.
تغير الهيكل الاقتصادي في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية يرجع إلى نمط مستوى الطلب على منتجات الدولة والذي يتأثر بمدى التغير لكل من مستوى الدخل و أذواق المستهلكين وبالتبعية يؤثر ذلك على حجم الإنتاج و مستوى التوظف. وهذا يعني أنه في حالة النمو الاقتصادي بجانب ارتفاع الدخل فإن ذلك يدعم ارتفاع الطلب على السلع و الخدمات.
و تشير الأرقام إلى أنه في الفترة من 1983 إلى 2005 ارتفع مستوى إنفاق القطاع العائلي بنسبة 87.0% بينما ارتفع حجم الإنفاق على كل من الخدمات المالية بنسبة 185.0% و ‘durable goods (السلع الاستهلاكية و الترفيهية و التعليمية بالإضافة إلى التليفزيونات و الراديو بجانب النقل و الاتصالات بنسبة 105%. هذا بجانب ارتفاع الإنفاق على المواد الغذائية بنسبة 25.0% إلا أن الإنفاق على المشروبات الكحولية و التبغ انخفض بنسبة 9.0%.
أيضا الديموغرافية السكانية تعد أحد الأسباب المؤثرة في نمط مستويات الطلب, ويعني ذلك أن مستويات الطلب تتأثر بمستوى التغير بالنسبة لمتوسط الفئات العمرية داخل الاقتصاد, فعلى سبيل المثال نجد أن عدد الأفراد للفئة العمرية ما بين (16-24 سنة) انخفض في عام 1996 بنحو 1.68 مليون شخص و انخفض أيضا في عام 2005 بنحو 1.1 مليون شخص بالمقارنة لعدد أفراد هذه الفئة العمرية في عام 1981.
لذلك فإن المشكلة التي تنتج عن ذلك هو أن هذه الفئة العمرية من شأنها أن تُكّون -تُنشئ- عدد أسر أقل بالمقارنة بعدد الأسر خلال السنوات السابقة لذلك, وهو ما يعني انخفاض الطلب على المنازل و السلع الاستهلاكية و المعمرة وبالتبعية تراجع حجم الإنتاج الصناعي فضلا عن إمكانية ضعف نمو الخدمات التعليمية و الترفيهية ولكن على المدى الطويل نجد ارتفاع عدد الأفراد ذوي المتوسط العمري الأعلى من سن 70 سنة يصب في دعم مستويات الطلب على خدمات قطاع الرعاية الصحية والطبية.
على جانب آخر فإن تطور التقنية الحديثة بجانب الثورات التكنولوجيا في جميع المجالات خلال النصف الأخير من القرن الماضي لعب دوراً في تغير الهيكل الاقتصادي البريطاني إلى تراجع مساهمة العنصر البشري و رفع الكفاءة الإنتاجية بجانب خفض التكاليف وهذا ما كان له أكبر الأثر على مستوى العمالة في القطاع الصناعي.
إذ استطاع التطور التكنولوجي في خلق منتجات و خدمات جديدة بالأسواق بجانب تطوير العملية الإنتاجية للخدمات والسلع الموجودة بالفعل. وأكبر دليل على ذلك ظهور البرمجيات و ألعاب الفيديو ليس هذا فقط بل دخلت التقنية الحديثة في عمليات التصنيع باستخدام الكمبيوتر بينما تم استخدام الكمبيوتر أيضا على سبيل المثال في النظام المصرفي و الفنادق. لذا فإن هذا التطور أدى إلى ارتفاع الإنتاجية بجانب خفض تكلفة الإنتاج و تحسن مستوى الجودة.
لذا فإن التطور التقني و التكنولوجي غير من نمط العرض في الاقتصاد و بالتالي دفع إلى تغيير نمط مستويات الطلب. إن ظهور هذه المنتجات الجديدة خلقت بيئة عمل غيرت من شكل ونمط التوظف داخل الاقتصاد البريطاني. فمثلاً ظهور شركات تعمل في مجال البرمجيات تحتاج إلى خبرات ذوي مهارات ذهنية وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً قبل الأربعون عاماً السابقة.
ومن ناحية أخرى فعلى المستوى العالمي تقدمت الأبحاث العلمية و ظهرت منتجات جديدة بجانب تغير أذواق المستهلكين هذا مع اختلاف مستوى تكلفة المنتجات في ضوء المنافسة العالمية من الاقتصاديات الأخرى مثل الولايات المتحدة واليابان بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي دفعت بتغير هيكل الاقتصاد البريطاني.
مثال على ذلك; القرارات الإستراتيجية للشركات المتعددة الجنسيات كان لها أيضا تأثير على الصناعة في بريطانيا مثل القرار الذي اتخذ من قبل شركتي فورد و جنرال موتورز لصناعة السيارات خلال عقد السبعينيات و أوائل عقد الثمانينات عندما تم إضافة مصانع للسيارات في الدول الأوروبية الأخرى عن التي كانت موجودة بالفعل في بريطانيا و هو ما دفع بانخفاض الإنتاج الصناعي للسيارات في بريطانيا على الرغم من ارتفاع الطلب على السيارات بنحو الضعف خلال هذه الفترة في المملكة المتحدة, و لكن مع الاستثمارات الحالية لبعض من الشركات العالمية المنتجة للسيارات مثل BMW الألمانية و تويوتا و نيسان بجانب شركة هوندا اليابانية كان من شأنه دعم الإنتاج الصناعي للسيارات مرة أخرى.
كما قامت اليابان بتطوير صناعة الدراجات النارية حتى أصبحت أكثر أمناً و أخف في الوزن بجانب رخص ثمنها عن مثيلتها المصنعة في المملكة المتحدة التي لم تستطيع أن تقابل متطلبات راكبي هذه الدراجات و بالتالي انخفاض الطلب على الدراجات البريطانية و هو ما أدى إلى ضعف هذه الصناعة وهذا ما حدث أيضا لمعظم الصناعات الأخرى البريطانية مثل السيارات و أجهزة التلفزيون....الخ.
جزء آخر يتضمن المنافسة العالمية وهو انخفاض الأجور في الدول الأخرى المنافسة لبريطانيا وخاصة في دول منظمة التعاون الاقتصادي (OECD) مثل اقتصاديات دول النمور الآسيوية ذات النمو المرتفع والتي تساهم بنصيب كبير في حجم الصادرات السلعية على مستوى العالم وهو ما كان له الأثر على ازدياد حدة المنافسة مقابل المنتجات البريطانية وبالتالي التأثير على القطاع الصناعي نظراً لأن الأجور أحد العناصر الرئيسية وذات أهمية نسبية مرتفعة بالنسبة لتحديد تكلفة المنتجات.
وعلى الرغم من أن دول العالم الثالث تتسم بتدني الأجور فيها إلا أن هذه الدول لم يكن لها أي تأثير يذكر في تغير هيكل الاقتصاد البريطاني نظراً لمساهمتها الصغيرة في حجم الصادرات العالمية.
وفي ضوء اكتشاف النفط في بحر الشمال أواخر عقد السبعينيات الذي كان بمثابة تحقيق طفرة لاحتياجات بريطانيا من الطاقة حتى وصلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من النفط الخام في عام 1980. لكن على الرغم من أن هذا الاكتفاء الذاتي له آثاره الايجابية من حيث تحقيق وفرة في الاحتياجات من الطاقة إلا أن كان لها أيضا تأثير آخر ساهم في تغيير غير مباشر لهيكل الاقتصاد البريطاني.
فبعد اكتشاف النفط في بحر الشمال وتحقيق الأراضي الملكية اكتفاءً ذاتياً من الخام النفط, أصبح الجنيه الإسترليني أحد أهم العملات المحركة لأسواق النفط و هذا ما نتج عنه ارتفاع قيمة الإسترليني. وهو ما يعني ارتباط قيمة العملة بمدى التغير الذي يحدث في مستويات الطلب على النفط الخام. ويعني ذلك ارتفاع قيمة الجنيه الإسترليني والذي انعكس في هذه الحالة على الصادرات السلعية والتي أصبحت مرتفعة الثمن بينما انخفضت أسعار الواردات.
ونتج عن ذلك انخفاض في حجم الإنتاج الصناعي بجانب ضعف سوق العمل خاصة في أوائل عقد الثمانينات بعد أن أصبحت الصادرات البريطانية مرتفعة الثمن في ظل المنافسة العالمية بينما أصبحت المنتجات المستوردة أرخص ثمنا من مثيلتها المصنعة محلياً في ذلك الوقت.
شق آخر يتعلق بالتأثير الغير مباشر للنفط الخام على هيكل الاقتصاد البريطاني ولكن هذه المرة كان بسبب أحداث خارجة عن إرادة الاقتصاد البريطاني. بالرجوع إلى عقد السبعينات مرة أخرى نجد أن التغير في مستوى الإمداد من مصادر الطاقة كان له التأثير الوخيم على الاقتصاد البريطاني. ففي عام 1973 قامت منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) بقطع الإمداد من الخام عن الدول التي كانت مساندة لإسرائيل في حربها ضد العرب وهو الأمر الذي أحدث ارتفاع كبير للغاية في سعر خام النفط في ذلك الوقت مع انخفاض مستوى المعروض منه. هذا فضلاً عن رفع المنظمة لأسعار النفط مرة أخرى في عام 1979.
لذا كانت عواقب الطفرة التي حدثت للأسعار خلال تلك الفترة تتمثل في ارتفاع الطلب على مصادر الطاقة البديلة مثل الفحم و الغاز هذا بجانب ارتفاع أسعار جميع المنتجات المعتمدة على النفط, بجانب أن ذلك دفع باتجاه كل من المنتجين و المستهلكين في الأسواق إلى تقليص احتياجهم من الطاقة. ويعني ذلك أنه تم خفض حجم الإنتاج خاصة في الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل صناعة الحديد و الصلب وهو ما أضاف عبئاً آخر على تقليص عدد العاملين. أما على مستوى المستهلكين فقد كان أكبر مثال على ذلك انخفاض الطلب على السيارات.
وفي عصرنا الحالي أصبح الاقتصاد البريطاني يعتمد بشكل كبير على القطاع الخدمي والذي بات يمثل 75.0% من الناتج المحلي الإجمالي البريطاني, بينما ساهم في خلق وظائف بمتوسط 11.0 مليون وظيفة منذ عام 1964. ويعمل في هذا القطاع ما يقرب من 81.0% من قوة العمل البريطانية. هذا في الوقت الذي تضاءلت فيه مساهمة القطاع الصناعي للناتج المحلي كما يوضحه الرسم البياني التالي.


ومع تقدم قطاع الخدمات باتت بريطانيا تضم أكبر الأسواق المالية حول العالم متضمناً ذلك وجود أكبر المؤسسات و المصارف العالمية و أيضا مقراً لأهم الشركات العالمية في معظم المجالات ولنا أن ننوه هنا إلى أن حجم الصادرات الخدمية البريطانية في عام 2005 وصل إلى 21.0 بليون جنيه إسترليني.
فإن الاعتماد على قطاع الخدمات كقطاع رئيسي أوجد علاقة ارتباط بين حجم الصادرات من الخدمات مع حجم الصادرات من السلع و التي تراجعت نتيجة للأسباب التي ذكرنها من قبل بشأن تقلص القطاع الصناعي. هذه العلاقة تشير إلى أن كل زيادة في حجم الصادرات الخدمية بنسبة 2.5% تساعد على محو كل انخفاض بنسبة 1.0% من الصادرات السلعية و المصنعة.
وما تم تقديمه هنا هو عرض أهم أسباب التحول إلى القطاع الخدمي منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى عصرنا الحالي, وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد البريطاني يواجه أسوأ أزمة مالية منذ الحرب العالمية الثانية و التي دفعت بانزلاق الاقتصاد في أول ركود له منذ عام 1991 و الأسوء منذ نصف قرن من الزمان. و هذه الأزمة أصابت القطاع الخدمي بالضرر الشديد لاسيما القطاع المصرفي و المالي و الذي كان أحد أهم المحاور في إحداث هذه الأزمة ومن ثم تبعته باقي القطاعات الأخرى مثل قطاع البناء و قطاع المنازل.
جدير بالذكر أن القطاع المصرفي يعد صاحب أكبر وزن نسبي داخل القطاع الخدمي كما يمثل البنوك التي تعد عصب الاقتصاد، لذا اتجهت الحكومة البريطانية إلى التدخل في الأسواق بنهاية عام 2008، و على سبيل المثال لاتزال الحكومة محتفظة بحصصها في كلا من Royal Bank of Scotland Group و بنك Lloyds Banking Group, هذا بجانب ضمان الحكومة لمبلغ 585.0 بليون جنيه إسترليني من الأصول الرديئة في تلك البنوك وذلك مقابل تعهد تلك البنوك بتسهيل وزيادة عمليات الإقراض.

التوقيع

جميع مشاركاتي لا تمس الواقع بصلة ... واي تشابه بينها وبين الواقع فهي أغرب من الخيال

التعديل الأخير تم بواسطة Marvey ; 07 - 07 - 2010 الساعة 05:19 PM
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع منتدى تداول العملات العام


09:41 PM