اتجاهات السوق : تحذير الصين
لم تكن اللغة الدبلوماسية والمعنى الخفي. ولم يكن تحذير الرئيس الصينى ون جيا باو للحكومة الأمريكية طلبا بل كان محاضرة وتحذيرا عندما قال: "أريد أن أطلب من الولايات المتحدة حماية مركزها الائتماني، واحترام تعهداتها وضمان سلامة الأصول الصينية".
ان التأثير الصيني على اقتصاد وسياسة الولايات المتحدة السياسي آخذ في الازدياد. وقد كانت هذه ملاحظة عامة لمجالات ادارة بكين. ان المصالح الاقتصادية الصينية لا تتفق بالضرورة مع واشنطن. ولا ينبغي أن تؤخذ الاستثمارات الصينية فى دين الولايات المتحدة كأمر مسلم به. وإن ادارة أوباما لديها دائنا ذو أهمية وسياسات اقتصادية غير ملائمة لمصالح الصين والذي سيكون له عواقب. هناك بدائل للاستثمار الصيني؛ وليس هناك بدائل للولايات المتحدة.
ودأبت الصين على رد فعل على الانتقادات التي تعتبرها مسائل السياسة الداخلية حتى ولو ان تلك السياسة لها انعكاسات خارجية كبيرة. ان تعليق وزير الخزانة غيثنر خلال جلسة الاستماع متهما الصين بالتلاعب بعملتهم لميزة التداول قد ادخرت ردة فعل سريعة وحادة من بكين. "ان هذه التعليقات ليست فقط من أصل يتفق مع الحقائق، والأهم من ذلك أنها مضللة في تحليل أسباب الأزمة المالية،" هذا ما قاله سو نينغ نائب حاكم بنك الصين الشعبي.
ان الصينين قلقون بشكل جدي حول قيمة استثماراتهم الأمريكية. وان سياسة الولايات المتحدة الاقتصادية حول الانفاق للخروج من الركود هو أمر مثير للقلق بشكل مضاعف. أولا, لا يوجد أي ضمان ودليل تاريخي للنقاش على أنه سيكون فعالا. ثانيا, ان كمية الديون الاميركية التي ستصدر إلى أسواق الائتمان في العالم خلال السنوات القليلة المقبلة لم يسبق لها مثيل. لا يمكن الاستهانة في احتمالات التضخم وانخفاض قيمة الدولار.
ان الصينيين يقولون ببساطة ما هو واضح. ان الثقة في السياسات الاقتصادية للحكومة الولايات المتحدة هو أمر ضروري. وان كل أزمة مالية تقوم بتعليم الدرس نفسه، ومن دون الثقة لا يوجد نظام مالي، بل لا يختلف عن ديون الحكومات.
ان حركة واحدة للدولار ستكون مدمرة لقيمة الموجودات الصينية الامريكية. ولكن ذلك كان صحيحا على حد سواء في الصيف الماضي عندما كان الدولار في أدنى مستوياته التاريخية مقابل اليورو. ان لدى حكومة بكين القليل للقول لكن موقفها قد تحسن منذ ذلك الحين. وان رغبة الادارة الاميركية لاستخدام الأزمة الاقتصادية الداخلية لدفع جدول أعمالها هو خطر سياسي. وسيتعين على واشنطن الاستماع إلى الاهتمامات الصينية. لم تنمو السلطة السياسية في الصين من برميل من البارود ولكن من فائضها التجاري.
لم يتم ذكر مدى النفوذ الصيني الجديد من قبل الرئيس الصينى ولكن الآثار هي واضحة. ان الصين هي في وضع أفضل بكثير مما عليه في الولايات المتحدة. إنها قادرة على حفز ودعم الانفاق الداخلي بنفسها دون الاقتراض من بقية العالم، ولا يمكن ذلك للولايات المتحدة.
لقد كانت الزيادة في الاستهلاك المحلي هدف من أهداف الخطة الاقتصادية الحالية الصينية للسنوات الخمس والتي لم يتم الوفاء بها. وقد انخفض الاستهلاك المحلي من حيث النسبة المئوية في هذه الخطة الخمسية عنه من خطة الفترة السابقة. ان البنية التحتية الجديدة لبكين والانفاق الداخلي سيظهران في الموارد والسلع ورؤوس الأموال من جميع أنحاء العالم. وبسبب ضخامتها فان الصين لديها القدرة على خلق نفس النموذج للحفاظ على اقتصاد المستهلك المحلي الذي كان سمة مميزة للولايات المتحدة حتى وقت قريب.
ان صادرات اليابان المتأثرة في الاقتصاد تواجه أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية. ولا تستطيع الولايات المتحدة تقديم المساعدة بشكل كبير. ولا تستطيع تقديم السوق البديل, ان استهلاكها الخاص يهبط بشكل سريع. انه بامكان الصين. ان سوق الصين يتطلع الى اقتصادات مصادر التصدير لاستراليا ونيوزيلندا والى المستوى المتوسط للصناعات التجميعية لأندونيسيا والفلبين وماليزيا وتايلاند والصناعات المتقدمة في الغرب. وكلما تم نظر هذه الدول بشكل أكثر إلى الصين لنمو اقتصادهم فان النفوذ الصيني سوف يتوسع في آسيا وعلى الصعيد العالمي.
ان الاصرار الاقتصادي الجديد للصين هو الجانب الآخر من القوة المالية. وإذا كان على الحكومات المسرفة في الغرب النظر الى الصين للحصول على التمويل فانه ينبغي عليهم الاستماع الى الاهتمامات الصينية. ان حكام بكين يفهمون جيدا قول رئيس مكتب الرئيس اوباما راهم ايمانويل وليس لديهم نية بالسماح لهذه الأزمة لأن تذهب هباء.
كتبها جوزيف تريفيساني من fxsolutions
اتجاهات السوق : تحذير الصين
المواضيع المتشابهه 
