• 12:18 مساءاً




هل قدّمت خطة التسهيل الكمي الثانية دعما للاقتصاد الأمريكي؟

إضافة رد
أدوات الموضوع
الصورة الرمزية Marvey
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 13,183
خبرة السوق : أكثر من 5 سنوات
الدولة: أم الدنيا وهتبقي قد الدنيا
معدل تقييم المستوى: 29
Marvey is on a distinguished road
17 - 03 - 2011, 10:11 PM
  #1
Marvey غير متواجد حالياً  
Post هل قدّمت خطة التسهيل الكمي الثانية دعما للاقتصاد الأمريكي؟
يتراود لدى العديد من المحللين والمستثمرين سؤال يكمن في إذا ما تمكنت الجولة الثانية من التسهيل الكمي - التي أعلن عنها الفدرالي الأمريكي في تشرين الثاني من العام الماضي 2010 - من دعم الأنشطة في الاقتصاد الأكبر في العالم أم لا، حيث على الرغم من التقدم الذي شهده الاقتصاد إلا أن أثر الخطة الجديد لم يظهر بشكل واضح، خاصة وأنه لا يزال من الصعب رصد التقدم الفعلي للأنشطة الاقتصادية.
ولكن يجب علينا الإشارة بأن العديد من أعضاء اللجنة الفدرالية المفتوحة لا يزالون يؤكدون على أهمية الخطة التحفيزية الثانية، حيث أنهم يبررون التقدم الملحوظ في الأنشطة لدى الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة الأخيرة بالتدخل الفدرالي وتبني خطة تحفيزية جديدة، ولكن نعود إلى ما طرحناه أعلاه، هل تمكنت سياسة التخفيف الكمي الثانية من دعم الاقتصاد فعلا أم لا؟ وهذا ما أنوي مناقشته في هذا المقال.
بدأت التكهنات تنطلق في الأسواق بأن الفدرالي الأمريكي سيتبنّى جولة الثانية من التخفيف الكمي خلال أيلول/سبتمبر للعام 2010، في حين أعلن البنك الفدرالي أعلن برنامج التخفيف الكمي الجديد في الاجتماع الذي انعقد في أوائل شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2010، وبالحديث عن الإطار العام للبرنامج، فقد أشار الفدرالي الأمريكي بأنه ينوي شراء 600 مليار دولار من سندات الخزينة من تاريخ الإعلان وحتى شهر حزيران/يونيو 2011، وذلك عن طريق شراء ما يصل إلى 75 مليار دولار شهريا.
واضعين بعين الاعتبار أن الفدرالي الأمريكي لجأ لبرنامج تخفيف كمي جديد في ظل معدل فائدة متدني أي بين 0.0 – 0.25%، في حين أن الفدرالي الأمريكي كان قد وسع ميزانيته العمومية خلال الأزمة المالية لتصل الى اكثر من 2 تريليون دولار، وتبعا لذلك، عمد الفدرالي الأمريكي إلى الإعلان عن برنامج تحفيزي ثاني بعد أن كان قد أعلن عن البرنامج التحفيزي الأول خلال العام 2008.
وكان الفدرالي الأمركيي واضحا بأن هناك حاجة إلى برنامج جديد لتجنب الانكماش وللعمل على تخفيض معدل البطالة، حيث أن معدلات التضخم كانت أقل بكثير من مستويات هدف البنك الفدرالي الغير رسمية أي بأدنى من 2%، في حين أن معدل البطالة كان بالقرب من أعلى مستوى له منذ أكثر من ربع قرن أعلى من 9.5%، وبالتالي كان على الفدرالي الأمريكي أن يكون أكثر حزما في موقفه تجاه السياسة النقدية بعد استنفاذ أدوات سياسته النقدية التي لجأ لها بالسابق.
وهنا نشير بأن معدلات البطالة استمرت بالحوم حول مستويات 9.5% طوال العام 2010 باستثناء شهر كانون الأول/ديسمبر وذلك عندما انخفض معدل البطالة بشكل غير متوقع لتصل إلى 9.4%، في حين أن أخذ معدل التضخم الجوهري منحى هابطا خلال العام 2010، ليهبط من 1.8% في كانون الثاني/يناير ليصل إلى 0.9% بعد اثني عشر شهرا، وهنا انطلقت الفكرة في أن الجمع بين ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض معدلات التضخم قد تقود إلى الانكماش التضخمي.
مشيرين بأنه على الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من تسجيل نمو قوي مع بداية العام 2010، إلا أن ذلك لم يكن يستند على قوة النشاط الاقتصادي، ذلك لأن الخطط التحفيزية كانت السبب الرئيسي وراء معدلات نمو قوية خلال النصف الأول من العام 2010، ومع ذلك فإن آثار الحوافز المالية بدأت تتلاشى بحلول الربع الثالث، إذ سجل الاقتصاد حينها نموا بنسبة 1.7% انخفاضا من 3.7% خلال الربع الثاني و 5% خلال الربع الأول من العام 2010.
كما وقد انخفض متوسط ​​العائد على القروض العقارية لمدة 30 سنة عقب الإعلان عن البرنامج التحفيزي الجديد، حيث انخفضت العوائد الى أدنى مستوياتها في 40 عاما لتصل إلى 4.17% في تشرين الثاني/نوفمبر، وعلى الرغم من أن العوائد بدأت بالارتفاع منذ ذلك الحين، إلا أن المحللين فسّروا ذلك الارتفاع بأن الطلب المتزايد على القروض العقارية كان السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع في العوائد، إلا أن ذلك الارتفاع لم يكن مستقرا وبقي ضعيفا، وكان السبب وراء ذلك هو عدم التيقن بالتطلعات الاقتصادية لقطاع المنازل الأمريكي، حيث على الرغم من التحسن في الأوضاع الاقتصادية العامة، إلا أن قطاع المنازل بقي متخلّفا عن الركب.
ومما ناقشناه أعلاه فعلى ما يبدو وأن الأنشطة الاقتصادية تحسنت بعد إطلاق البرنامج التحفيزي الثاني، ولكن يكمن السؤال هنا، هل كان هذا التحسن فقط نتيجة الخطة التحفيزية الجديدة؟ أم كانت هناك المزيد من العوامل التي أثرت على الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة؟ وإذا كانت الخطة التحفيزية السبب الرئيسي وراء تقدم الأنشطة، إلى أي مدى قدمت الخطة دعما للنمو الاقتصادي؟
للإجابة على هذه الأسئلة نحتاج أولا إلى دراسة الآثار المباشرة وغير المباشرة للخطة التحفيزية الثانية، وبدءا بالتأثيرات المباشرة على أسعار الفائدة طويلة الأجل، حيث شهدت أسعار الفائدة طويلة الأجل انخفاضا في الواقع، وكان هذا واحدا من الدوافع الرئيسية وراء إطلاق برنامج جديد، حيث أن النشاطات الاقتصادية في قطاع المنازل الأمريكي كانت متعثرة، وعلى الرغم من دلائل التحسن الطفيف الذي طرأ في الفترة الاخيرة على أنشطة قطاع المنازل، إلا أن القطاع لم بظهر أي علامات استقرار، وثبت بأن القطاع قد يحتاج الى مزيد من الوقت لتحقيق الاستقرار، ولهذا فإننا نعتقد بأنه لولا البرنامج التحفيزي الثاني لكان قطاع المنازل في حالة أسوأ بكثير مما هو عليه.
أما بالنسبة لتوقعات التضخم، فكان هناك العديد من العوامل لعبت دورا في زيادة توقعات التضخم خلال الفترة الماضية، إلا أن ارتفاع أسعار الطاقة في خضم الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط ومناطق شمال أفريقيا أسهمت في رفع توقعات التضخم، وتبعا لذلك فإن المسألة لم تكن واضحة إذا كانت توقعات التضخم قد ارتفعت بغض النظر عن ارتفاع أسعار الطاقة، ومن هذا المنطلق فيمكن أن نقول بأن توقعات التضخم تأثرت بشكل نسبي من الخطة التحفيزية الثانية.
ويمكن قول الشيء نفسه عن التضخم، إلا أن أسعار السلع الأساسية استمرت في الارتفاع على الرغم من الضعف الاقتصادي، حيث ارتفعت أسعار السلع وسط ضعف الدولار الامريكي، وهذا ما يقودنا إلى قيمة الدولار الأمريكي، فقد انخفض الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية عقب الإعلان عن التدخل الفدرالي الثاني، وكان لانخفاض قيمة الدولار اثار تتمثل في ارتفاع أسعار السلع الأساسية على نطاق عالمي، مما أشعل مخاوف التضخم، حيث وصلت المخاوف إلى البنك المركزي الأوروبي، لهذا كان رد البنك المركزي سريعا بأن أعلن بأنه سيرفع أسعار الفائدة في نيسان/ أبريل.
في حين أشار الفدرالي الأمريكي بأن هناك واحدا من الآثار الإيجابية التي تشكلت من الخطة التحفيزية الثانية، وهو الارتفاع الأخير في أسواق الأسهم، وهذا الأثر الذي كان بالنسبة للفدرالي الأمريكي مرتبط "بعامل الثروة"، وعلى الرغم من أن ذلك قد يكون صحيحا وهو أن الخطة التحفيزية الثانية أشعلت واحدة من أقوى الارتفاعات في تاريخ أسواق الأسهم، إلا أن هذه المكاسب كانت غير مستقرة، ويعود السبب في ذلك إلى أن المستثمرين لا يزالون قلقون إزاء التطلعات المستقبلية للاقتصاد، حيث كانت أية بيانات غير مشجعة تؤثر على ثقة المستثمرين، وعلى الرغم من الاتجاه العام الصادر للأسهم إلا أننا شهدنا تقلبات كبيرة.
ويجب أن نشير بأنه من المبكر أن نرى أثر عامل الثروة على مستويات الإنفاق لدى المستهلك، حيث على الرغم من ارتفاع مستويات الإنفاق إلا أن هذا الارتفاع كان معتدلا، ومع العلم أن إنفاق المستهلكين يمثل ما يصل إلى ثلثي نمو الاقتصاد الأمريكي، إلا أن مستويات النمو لا تزال ضعيفة إلى حد ما، مما يعني أن عامل الثروة لم ينعكس على إنفاق المستهلكين على الأقل حتى الآن، وبالتالي فإن عامل الثروة وعلى الرغم من أهميته للاقتصاد إلا أنه لا يزال غير متصل في هذه المرحلة مع تقدم مرحلة التعافي.
أما بالنسبة للبطالة، فيمكن أن يعزى الانخفاض الأخير في معدلات البطالة إلى البرنامج التحفيزي الثاني، وذلك وسط عدم وجود أية عوامل أخرى واضحة، حيث انخفض معدل البطالة في شباط/فبراير من 2011 إلى 8.9%، وهذا بعد الارتفاع الذي شهدته معدلات البطالة خلال تشرين الثاني/نوفمبر للعام 2010 حيث وصلت إلى 9.8%، ومع ذلك لا يمكننا حقا التأكد من أن الانخفاض في معدل البطالة كان فقط بسبب البرنامج التحفيزي، ولكن يمكننا القول بأنه كان للتدخل الفدرالي الثاني دورا رئيسيا في انخفاض معدل البطالة، وهذا بالطبع في حال بقيت معدلات البطالة حول المستويات الحالية، و لكن في حال عودة معدلات البطالة للارتفاع مجددا فإن هذا يعني بأن الخطة التحفيزية الثانية كان لها تأثير طفيف على انخفاض معدلات البطالة.
ومن هنا يمكننا القول بأنه كان للبرنامج التحفيزي الثاني آثار إيجابية وسلبية على الاقتصاد الأمريكي، حيث شهدنا من ناحية تحسن الأنشطة الاقتصادية بشكل نسبي، ومن ناحية أخرى بدأت التهديدات التضخمية بالظهور نوعا ما في الولايات المتحدة، ولكن السؤال الذي سيطرح الآن، هل سيقوم الفدرالي الأمريكي بتقليص تدخله أو حتى إيقاف البرنامج التحفيزي قبل نهاية الربع الثاني؟ ولكنني أشكّ في حدوث ذلك.
وخلافا للبنك المركزي الأوروبي، فقد كان الفدرالي الأمريكي أكثر هدوءا في التعامل مع التضخم دائما، وهذا حتى في فترة الأزمة المالية، حيث كان البنك المركزي الأوروبي متحفظا نوعا ما في موقفهم تجاه السياسة النقدية، وهذا لأن لديهم مشكلة أكبر من الفدرالي الأمريكي، حيث أن مشكلة الفدرالي الرئيسية تتمركز في النقص في سيولة النظام المالي، تلك المشكلة التي انتشرت في العالم بما فيها أوروبا، ولكن هناك مشكلة أكبر تلوح في الأفق الأوروبي، المشكلة التي تتمثل في توسع وتفاقم ديون دول أوروبية عديدة.
وهنا نشير بأن سياسة الفدرالي الأمريكي لا تزال متساهلة إلى حد كبير، خاصة بمقارنتها مع البنوك المركزية الأخرى في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، لا يمكن لأحد بأن يجزم ما إذا كانت سياسة الفدرالي النقدية الحالية ستؤدي الى نتائج عكسية أم لا، وتبقى هذه التكهنات مجرد آراء لمحللين اقتصاديين، حيث لم يكن أحد يتوقع بأن أسعار النفط الخام ستتجاوز مستويات 100 دولار للبرميل خلال هذا العام، إلا أن هذا حصل بالفعل خلال الربع الأول.
ومع ذلك فلا أزال مؤيدا لسياسة التخفيف الكمي، و لا أعتقد حقا بأن الفدرالي الأمريكي سيغير البرنامج قبل انتهائه في حزيران/يونيو القادم، ذلك لأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال هشا، كما أن مرحلة التعافي لا تزال غير مستقرة، إذ أن الفدرالي الأمريكي لن يلجأ إلى أي أسلوب قد يهدد انتعاش الاقتصاد الأمريكي، وبناءا على ذلك فإنه من المستبعد أن نشهد أي تغيير في السياسة النقدية للفدرالي الأمريكي قبل النصف الثاني من هذا العام.
وهذا ما يعيدنا إلى السؤال الذي طرحناه في بداية هذا المقال، هل تمكنت الخطة التحفيزية الثانية من دعم الاقتصاد الأمريكي؟ وهنا نشير بأنه على ما يبدو وأنها ساعدت ودعمت الاقتصاد بالفعل وإن كانت هناك بعض الآثار السلبية، ولكن الآثار العامة حتى الآن بشأن أداء الاقتصاد تبقى إيجابية إلى حد ما، وهذا ما يجعلني أعتقد أن الفدرالي الأمريكي كان على حق عندما تدخل ببرنامج تحفيزي جديد.
التاريخ سيحكم على السيد برنانكي ومعاونيه على القرارات التي اتخذوها، حيث أن تلك القرارات سيكون لها تأثيرات قابلة للقياس، ولا يمكن لأحد أن يجزم ما كان من الممكن أن يحصل في حال لم يتدخل الفدرالي الأمريكي ويتبنّى خطة تحفيزية ثانية.
واضعين بعين الاعتبار بأن الأزمة المالية التي مرت على الولايات المتحدة والتي اعتبرت أسوأ أزمة منذ الكساد العظيم ثبت أنها أكثر تعقيدا مما اعتقد الكثير، حيث أن عددا قليلا من المحللين توقع أن الاقتصاديات الرئيسية في العالم ستقع في دائرة الركود نتيجة لتلك الأزمة، كما أن التطورات التي واكبت الأزمة كانت بأسوأ مما توقع الجميع أيضا، ولكن على ما يبدو وأن الاقتصاديات الرئيسية أظهرت بأنها قادرة على الوقوف مرة أخرى، ونحن نعيش الآن في مرحلة الانتعاش التي من شأنها ان تؤدي في النهاية إلى ازدهار اقتصادي، ولكن لا يمكن لأحد أن يشكّ أنه من دون الدعم الهائل المقدم من الفدرالي الأمريكي أو حتى البنوك المركزية الأخرى في جميع أنحاء العالم، لكنّا الآن نعيش في أزمة الكساد العالمي الأعظم على مر التاريخ...

التوقيع

جميع مشاركاتي لا تمس الواقع بصلة ... واي تشابه بينها وبين الواقع فهي أغرب من الخيال
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع الاخبار الاقتصادية - اخبار سوق العملات


12:18 PM