• 11:31 مساءاً




قصص روايات رومانسية

إضافة رد
أدوات الموضوع
الصورة الرمزية مادنيس
عضو فـعّـال
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 1,276
معدل تقييم المستوى: 15
مادنيس is on a distinguished road
17 - 04 - 2011, 09:02 PM
  #1
مادنيس غير متواجد حالياً  
افتراضي قصص روايات رومانسية
قصص روايات رومانسية




لم يكن لدي المزيد من المحاضرات اليوم فقد اعتذر مدرس محاضرة 12-1 منذ يوم قبل أمس بلباقة مما فوت علينا حماسة انتظاره في قاعة الخوارزمي لربع ساعة حسب العرف الدارج، لنبدأ بعدها العد التنازلي في الثواني العشر الأخيرة فيما يشبه ذلك الذي نراه حين تطلق ناسا صاروخاً جديداّ!
ورغم أني ظننت أني سأحظى ببقية هذا النهار لنفسي وهو أمر لم يحصل منذ انتهاء الامتحان الثاني إلا أن سؤالاً عابراً ألقاه مدرس مادة علم الوراثة ما لبث أن حَسُنَ في عينه فقرر - لما لم يحصل منا على إجابة ترضيه - أن يجعل لعلامة إجابته نسبة في الامتحان الـثالث، مما اضطرني إلى عدم التغاضي عنه كما أفعل أن داهمني الوقت أو ثقلت علي الأعمال.
والسؤال على طرافته بدا لي لأول وهلة ممتنعاً منغلقاً ، "يحتاج إلى زمرة عرافين كي تفك طلاسمه" ولم تزدني الوهلة الثانية و ما تبعها إلا اقتناعا بكم هو مهمةً صعبة هذا السؤال! فإيجاد وجه الشبه بين (الأمريكيين الأفارقة )و(فراشات هاواي) بدا شيئاً فكاهياً لا بد أن يعلن عن نفسه في أي لحظة كطرفة! ولما لم تشي ملامح الأستاذ بهذا عزمت الأمر وإلى المكتبة شددت الرحال وبين قاعاتها المختلفة احترت للحظة قبل أن تنتصر بفارق بيّن قاعة النت على قاعة الدوريات العلمية والكتب ورسائل الدكتوراه والمراجع وسائر القاعات ! فإليها عجّلت الخطو وللحظة تسمرت أصابعي في الهواء فوق لوحة المفاتيح قبل أن أقرر أن أكتب السؤال كما هو علّ معجزة ما تحصل فتنهمر بين يدي الإجابة مرّة واحدة دون جهد، إلا أنني لم أحصل سوى على إجابات مختلفة "الأمريكيين الأفارقة ، تاريخ السود، مشاهير السود، العبودية في أمريكا، الفراشات حقائق وصور، فراشات هاواي ويكبيديا،..."إذن لم يفلح الأمر فصار لزاماً عليّ أن ابدأ بالبحث في أحد طرفي السؤال، وفي هذه اللحظة بالذات بدا لي أن البدء من الأمريكيين الأفارقة إنما هو ضربٌ من الجنون لكوني لا أعلم ما الذي أبحث عنه وسأضيع زمناً بين الحرب الأهلية ولنكولن ومارتن لوثر كنغ والتمييز العنصري والتمييز المضاد.. لذلك عزمت أمري أن أبدأ بالفراشات فحياة لا تزيد عن بضع أيام قد لا تخفي ذات الكم من الأسرار والمعلومات ، وهكذا كان....
مررت أصابعي تباعاً على الحروف، وكصديق وفيّ عاجلني جوجل بالخيارات، وبشعور خفي بالقوة وتحقيق الذات تخيرت منها ما يحمل امتداداً علمياً يمكن الوثوق به، ورغم تقديري الكبير لهذه المساعدة القيمة من هذا الجهاز الرائع إلا أن فيّ حاجة لم تبارحني لأن ألمس الأوراق بيدي لأفهمها كما يجب، ولربما تسهم جلسة هادئة في ظل شجرة وارفة من أشجار الجامعة بتعزيز الفهم... على هذا نويت، فطبعت الأوراق ومضيت إلى غايتي.
خرجت من مدخل المكتبة واتجهت من فوري نحو اليمين جهة برج الساعة، ثم تجاوزتها باتجاه مدرج "الرفاعي" قبل أن أنحرف إلى اليمين ثانية فأعود باتجاه كلية العلوم ولكن من الشارع العلوي شبة الخالي حيث المساحة أقل اكتظاظاً وأكثر جمالاً.. وصلت إلى غايتي وفي بقعة أحبها جلست، وبعد أن أدرت النظر فيما حولي رددته إلى الأوراق علّ الله يفتح عليّ الذي استعصى وانغلق..!
كنت أعلم أن فعلي هذا ليس إلا مقدمة لإيجاد الإجابة، لكنني كنت أرجو أن أقرأ معلومة ما تدق جرساً في رأسي المكتظة ...أعني شيئاً في سلوك الفراشات أو صفاتها الخلقية يشابه شيئاً مما أعلم عن الأفارقة أو تاريخ السود ...وبدأت أقرأ..
كان المكان مناسباً جداً للموضوع فبين جمال الفراشات الآخاذ-بالرغم من دورة حياتها المقتضبة- كان حفيف الأشجار وتغريد الطيور ومناغاة عصفورين صغيرين يتقافزان بين الأغصان بغبطة أمراً ساحراً لم تزده نسمات تتخلل من بين الشجر إلا رونقاً..وفي حرم هذا الجمال عرفت أنواعها وتسمياتها العلمية ووصف لبعض أجناسها وما تشابه منها مع غيرها من فراشات في أماكن يفصلها البحر عنها، وحين ابتدأ الحديث عن هجرتها شعرتُ بالاقتراب مما أريد.. ثم مررت مروراً عابراً بملاحظة تقول أن الفراشات في الساحل أكبر حجماً منها في أي مكان آخر، مع تعليل لعالم يرد الأمر إلى تطور وراثي جعل الفراشات -التي عانت طويلاً من رياح قوية ترمي بها في الماء والبلل للفراشة مقتلها- جعلها تطور جيناتها الوراثية، فيكبر حجمها ويزداد لتقاوم فعل الريح وتتغلب على قوتها فتنجو بروحها.. شعرت في تلك اللحظة كم هو متقن هذا الكون ، وكم هي قوية إرادة البقاء، وكم هو مغرور هذا الإنسان الذي يظن أنه وحده من يحمل أسرار الكون بين جنبيه...شيء ما قال لي أنني وصلت إلى غايتي ولم يبق لي سوى أن أجد تطوراً وراثياً ما لدى السود تجعلهم أقدر على البقاء...وأول ما خطر لي كان اللون وما له من أثر على التكيف والتحمل، لكن الأمر كان ليكون أكثر منطقية لو كان الأستاذ سأل عن الأفارقة بالمطلق وليس عن الذين اقتيدوا على متن سفن العبودية إلى أمريكا ، فالمنطق يدعوني لأجنب البنية والتركيب الجسدي واللون إذ لا بد أن للأمر علاقة بالهجرة والظروف الصعبة للرحلة... وهنا بالذات تذكرت تعليلاُ لـ" أوبرا وينفري" المذيعة الشهيرة عزت فيه سبب انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم بين السود إلى رحلتهم الطويلة، قالت يومها أن الظروف الصعبة التي مرّ بها أجدادها جعل الوحيدين الذين استطاعوا الوصول إلى العالم الجديد على قيد الحياة هم أولئك الذين خزّن جسدهم كميات من الملح جعلتهم يعانون فيما بعد من ارتفاع مزمن في ضغط الدم ورّثوه لابنائهم من بعد ، وأذكر أنني تساءلت يومها كيف أن ظرفاً ما أوجب تطوراً جينياً مورّثاُ لم تفلح سنين الحرية التي تلت باقناع ذات الجسد بأنه لم يعد يحتاج هذا المكنيزم المفيد للبقاء في زمن الشدة المضر في أزمنة أخرى...؟!
كم هو عظيم هذا الكون ليشي بعظمة الله خالقه!وكم هو زاخر بالأسرار ..في اللحظة التي قررت أن بقائي في تلك البقعة قد طال وأنه آن لي على رغم استمتاعي بأن أعود إلى البيت كي نجتمع معاً على طاولة الغداء وكي يتسنى لي التأكد مما وصلت إليه من افتراض لأصوغه فيما بعد وأطبعه..وقبل أن انتهي من جمع أشيائي المتناثرة على المقعد لمحت أربعاً من عمال البستنة في الجامعة قادمين نحو إحدى الأشجار التي مررت عنها في طريق قدومي حاملين بين أيديهم أدواتٍ ميزت منها منشارين أحدهما يدوي والآخر كهربائي، وتناهى لسمعي نقاشهم الطريف حول من سيتسنى له استخدام الآلي اليوم تساءلت حينها ما ستؤول اليه البقعة التي سينحسر منها الشجر هذه المرة لعله فرع لـ"بلانيت هوليود" ربما ؟ تبسمت بينما أنا اقترب منهم حين انطلقت صيحات الانتصار من حامل المنشار الآلي لما انكسر نصل المنشار اليدوي فور أن قرّبه البستاني من الشجرة "أفسح مجالاً للحضارة ..!" أمر زميله باستهزاء واقترب بثقة أكسبته إياها التكنولوجيا نحو الشجرة لكن ما أن لامسها حتى ارتد بقوة مع صرخة ألم مفاجئة، وسقط على بعد متر من الشجرة، قربي تماماً فجفلت


قصص روايات رومانسية



...!
مرت لحظات قبل أن اطمئن أنه بخير حين قام ونفض ثيابه...حينها غرق اثنين من الرجال بالضحك بينما طافت صفرة شديدة على وجه الرجل ذي المنشار اليدوي !
كنت قد نسيت كل هذا الأمر حين وصلت إلى البيت، أو تناسيته، فقد كان جوعي ورائحة طبخ أمي كفيلان بأن ينسياني أمراً كهذا ...ربما كان هذا أفضل فبرغم ما سيراه أخوتي من نكتة في الأمر، إلا أن أمي ستوبخنا على اتخاذنا مشكلة أحد ما -مهما صغرت- موضوعاً للضحك، وستقابل محاولاتي طمأنتها ان الرجل كان بخير حين قام بتأكيدها أن الضربة "الساخنة!" لا يمكن تقييم خسائرها حالاً ، وأن الأمر قد يضطر رجلاً بعمره إلى لزوم السرير بضعة أيام لذا فمن الأفضل أن أروي لهم حكاية السؤال الغريب عوضاً عنها!
من حسن حظي أنني كنت آخر الواصلين فانضممت حال وصولي لهم على المائدة، وانغمسنا لدقائقٍ بصخبنا المعتاد قبل أن تهدأ الضجة قليلاً..
-" أين صحن السلطة؟" تساءل أبي حين لم يره بقربه حسب أوامر الطبيب...
تلعثمت أمي قليلاً بالإجابة قبل أن تخبره أنها لم تستطع إعداده.. أخذ أبي الأمر ببساطة وأوشك أن يغادر مقعده ليغسل بعض حبات الخضار ويقطعها إلى جانب الطبق...
-"لا..!" ارتفع صوت أمي .."لن يحصل شيء إن فاتتك يوماً واحداً..!"
نظرنا جميعاً نحو أمي باستغراب لم يلبث أن تحول في عيني أبي إلى عتب..ثم أمام ثقل نظراتنا بررت بتلعثم أنه لن يجد سكيناً جيده ليقطع بها الخضار ..ولما قلل أبي من قوة حجتها، مؤكداً أن هذه لم تكن مشكلة بالأمس ولا قبله أبداً، وأن السكاكين لا تفقد حدتها جميعاً بين ليلة وضحاها، وأن هناك طريقة لشحذها وان فعلت ، وأنها لا بد أن تتذرع بامر أكثر منطقية لتبرر غرابة ما فعلت..!
حين سمعت أمي نبرة أبي اللائمة قامت على الفور وأحضرت خيارة ومجموعة سكاكين
-"حاول بنفسك إن لم تكن تصدق.!!" قالت بنبرة متحدية قبل أن تنفجر على حين غرّة بالبكاء!!
لم يقدر أحد سوى شقيقي الأكبر على كسر حدة الصمت الذي لا يقطعه سوى نشيج أمي المكتوم
-"أمي على حق!!" أعلن بصوت خافت وهو يرمي السكين من يده..."السكاكين حادة...لكن أمي على حق..!" وغرق مثلنا جميعاً– حتى شقيقي ذا الثلاثة أعوام!!- ثانية في لجة الصمت...
بدت الثواني التالية ثقيلة جداً وبطيئة، كنت أحاول فيها -وأنا عالمة البيت كما يحلو لهم القول- أن ابحث عن تبرير منطقي للأمر: ثمار ذات قشور أقسى من المعتاد، رطوبة أفسدت النصال، هرمون ما جعل ثمار الأمس ذاتها مختلفة الطبيعة اليوم، شيء ما ..أي شيء..!!
لم يقطع حبل أفكاري المتشابك إلا رنين هاتفي الخلوي..كنت أحتاج أن اتجاوز اللحظة بفعل روتيني، فاجبت
-"ألو.."
-"القناة السابعة بسرعة...."هذا كل ما قاله صوت صديقتي المتلهفة قبل أن تغلق الهاتف وبحركة ميكانيكية متعجلة اسرعت إلى الريموت، وشغلت التلفاز، وعينت القناة...كان النقاش محتدماً بين عالمٍ ومذيع، كان المذيع يسأله بنبرة اتهام:
-أين كانت دراساتكم وابحاثكم في هذه الفترة؟ ما من تغيير وليد اللحظة.. لا بد من قراءات اغفلتها بديهتكم الغبية !"
-"كنا معاً جميعاً على متن قارب واحد.. " رد العالم بغضب.."كانت حياتي وحياة ابنائي على المحك أيضاً، وكنا لنلحظ دلالات أمرٍ بهذه الخطورة لو أنها ظهرت..!"
ارتجفتُ حين ذكر كلمة "حياة.." وعلمت أن الأمر كما ظننا جميعاً جلل...
قلبت نحو قناة إخبارية أخرى، وأخرى ..
تقارير عن الخسائر من مناطق عديدة من العالم: من افريقيا وامريكا الجنوبية واستراليا.. كلها تتحدث عن ظاهرة غريبة وتقدم تفسيرات متباينة ...مذيعة مذعورة تتساءل بصوت متهدج إن كان الكوكب "يتمرد.." وآخر أشد رباطة جأش يسأل عالم دين إن كان من المنطقي أن تكون نهاية العالم "خضراء..!"
في قناة أخرى كان أحد نشطاء البيئة- لعله من جماعة السلام الأخضر- ينظر بعينين متقدتين تثيران الرعب نحو الشاشة
- "هذا بالذات ما يليق بجشعكم وقرفكم...! وسختم المحيطات وقطعتم الأشجار..أنا لا ألوم النبات أبداً إن تآمر عليكم ..إنه مكنيزم دفاعي مُحق ومبرر..!
كم مرة قلنا أن قطع ما يوازي 46.800 ملعب كرة قدم يومياً من الغابات المطيرة لن يمر دون آثر ..؟
دوماُ كنا نحذر من الدمار والعقاب ودوماً كنتم تعيشون يومكم وتهملون الغد...!
لا غد بعد الآن" قال ثم بدأ صوته يتغير.." غير انكم ستجروننا معكم.. لن تفرق الأشجار بين إنسان مجحف وآخر عادل...سيحل العقاب على الجميع..."
- هل تدعي أن هناك تآمراً من الغطاء النباتي على العنصر البشري..؟"
- "العنصر البشري صار كائناً طفيلياً، والنبات أقدم منا على الكوكب.. أما نحن فضيوف.. ولقد كنا ضيوفاً ثقالاً جداً لا بد من طردهم!"
-" كيف تدعي أن هناك اتفاق بين النباتات وليس لها طرق للتعبير..أو أدوات للتواصل أو .."
-"ليس لها طرقاً "نعرفها" لماذا لا نريد أن نصدق أن معرفتنا محدودة..؟نحن رغم غرورنا وإيماننا المطلق بالعكس لا نعرف كل شيء! النبات متصل بالأرض : الكوكب وهنا يحص التناقل النشط للبيانات والمشاعر عبرها وعبر ذبذبات لا نحسها تنتقل في الهواء..النبات تخاطب، حاكمنا واصدر الحكم ....لا أحد يستطيع ينكر أن هناك الكثير من الأدلة!"
كانت القنوات ممتلئة بتعابير تشرح ما حصل وتضعه في خانة صراع البقاء والدفاع الفطري عن النوع والوجود وعدم الاستسلام للفناء دون مقاومة والشعور بالخطر وكان هناك بعض متحمسين أغبياء يدعون إلى حرق كل النبات وكأن لنا دونه بقاء..!
إلا أن الأمر بات واضحاً الآن :لا بدونه..ولا معه!
سمعنا صوت تحطم في الطابق العلوي فسرت موجة رعب إلا أننا حملنا بعض الأشياء من الغرفة القريبة قبل أن نغادر مسرعين نحو الحديقة....كان الهرج بنتشر في كل الحي كنا نستطيع أن نرى الجيران يتجمهرون في الشارع على عجلٍ، وصوت البكاء يعلو من بعض النسوة والأطفال..لكنّها نظرات الحيرة والضعف في أعين الرجال التي كانت تؤلم أكثر!
أقسم أني أستطعت أن ارى حركة ملحوظة للعين لنمو نباتات الحدائق نحو البيوت، وحين نظرت لاعرف سبب تكسر الزجاج في الطابق العلوي، رأيت غصن شجيرة "المجنونة" بألوانها الزاهية كألوان الحرب..أهدانا إياها خالي حين انتقلنا قبل بضع سنين إلى هنا... "جهنمية " كان يدعوها! كانت أغصانها تمتد عبر الزجاج إلى داخل الغرفة لتحتل البيت......أو لتحرره ربما!
في غمرة نوبات الذعر، تساقط بعض الناس أرضاً ... "تدفق الأدرينالين..." همست لنفسي لكن شاباً بصوت مختنق نظر نحوي تماماً وهو يحيط رقبته بيده، وقال بصوت كأنه الفحيح:
"لقد توقفت عن اطلاق الأكسجين ..!!"قالها برعب قبل أن ينهار إلى الأرض ....ثم صمت كل شيء!


[عذراً, فقط الأعضاء يمكنهم مشاهدة الروابط ]


قصص روايات رومانسية


رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع استراحة بورصات


11:31 PM