• 7:11 صباحاً




ثورة القاهرة الاولى ضد الاحتلال الفرنسى

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 843
معدل تقييم المستوى: 13
لازلت انتظر is on a distinguished road
15 - 02 - 2012, 11:50 PM
  #1
لازلت انتظر غير متواجد حالياً  
افتراضي ثورة القاهرة الاولى ضد الاحتلال الفرنسى





سلسلة الثورات المصرية في العصور الحديثة ( ثورة القاهرة الأولي 1798 ) ضد الفرنسيين




كائنة الحاج محمد بن قيمو المغربي التاجر الطرابلسي وهو أنه كان بينه وبين بعض نصارى الشوام المترجمين مافسة فأنهى الى عظماء الفرنسيس أنه ذو مال وأنه شريك عبد الله المغربي تابع مراد بك فأرسلوا بطلبه فذهب الى بيت الشيخ عبد الله الشرقاوي لنسابة بينهما فقال الشيخ للقواسة المرسلين بعد سؤالهم عن سبب طلبهم له فقالوا لدعوة ليست شرعية فقال لهم في غد أحضروا خصمه ويتداعى معه فإن توجه الحق عليه ألزمناه بدفعه‏.‏
فرجعت الرسل وتغيب الرجل لخوفه فبعد مضي مقدار نحو ساعة حضر نحو الخمسين عسكريًا من الفرنسيس الى بيت الشيخ وطالبوه به فأخبرهم أنه هرب فلم يقبلوا عذره وألحوا في طلبه ووقفوا ببنادقهم وأرهبوا فركب المهدي والدواخلي الى صاري العسكر وأخبروه بالقضية وبهروب الرجل فقال ولأي شيء يهرب فقالوا من خوفه فقال لولا أن جرمه كبير لما هرب وأنتم غيبتموه وأظهر الحنق والغيظ فلاطفاه واستعطفا خاطر الترجمان فكلمه وسكن غيظه ثم سأل عن منزله ومخزنه فأخبراه عنهما فقال نذهب معكما من يختم عليهما حتى يظهر في غد فاطمأنوا لذلك ورجعوا عند الغروب وختموا على مخزنه ومنزله فلما أصبح النهار فلم يظهر الرجل فأخذوا ما وجدوه فيهما من البضائع والأمانات‏.‏
وفي يوم الأحد 26 ربيع الثاني سنة 1213 هـ - 7 أكتوبر 1798 م ذهبوا الى الديوان وعملوا مثل عملهم الأول حتى تمموا أسماء المنتخبين بديوان مصر من الثغور المشايخ والوجاقلية والقبط والشوام وتجار المسلمين وذلك الترتيب غير ترتيب الديوان
وفي يوم الاثنين 27 ربيع الثاني سنة 1213 هـ - 8أكتوبر 1798 م اجتمعوا بالديوان ونادى المنادي في ذلك اليوم بالأسواق على الناس بإحضارهم حجج أملاكهم الى الديوان والمهلة ثلاثون يومًا فإن تأخر عن الثلاثين يضاعف المقرر ومهلة البلاد ستون يومًا ولما تكامل الجميع شرع ملطي في قراءة المنشور وتعدد ما به من الشروط مسطور وذكر من ذلك أشياء منها أمر المحاكم والقضايا الشرعية وحجج العقارات وأمر المواريث وتناقشوا في ذلك حصة من الزمن وكتبوا هذه الأربعة أشياء أرباب ديوان الخاصة يدبرون رأيهم في ذلك وينظرون المناسب والأحسن وما فيه الراحة لهم وللرعية ثم يعرضون ما دبروه يوم الخميس وما بين ذلك له مهلة وانفض المجلس‏.‏ واستهل
فى يوم الخميس أول شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 11 أكتوبر 1798 م واجتمعوا بالديوان ومعهم ما لخصوه واستأصلوه في الجملة فأما أمر المحاكم والقضايا فالأولى إبقاؤها على ترتيبها ونظامها وعرفوهم عن كيفية ذلك ومثل ذلك ما عليه أمر محاكم البلاد فاستحسنوا ذلك إلا أنهم قالوا يحتاج الى ضبط المحاصيل وتقريرها على أمر لا يتعداه القضاة ولا نوابهم فقرروا ذلك وهو أنه كان عشرة آلاف فما دونها يكون على كل ألف ثلاثون نصفًا وإذا كان المبلغ مائة يكون على الألف خمسة عشر فإن زاد على ذلك فعشرة واتفقوا على تقرير القضاة ونوابهم على ذلك وأما حجج العقارات فإنه أمر شاق طويل الذيل فالمناسب فيه والأولى أن يجعلوا عليها دراهم من بادئ الرأي ليسهل تحصيلها ويحسن عليها السكوت ويكون المحصول أعلى وأدنى وأوسط وبينوا القدر المناسب بتفصيل الأماكن وكتبوه وأبقوه حتى يرى الآخرون رأيهم فيه وانفض الديوان وفي ذلك اليوم نودي في الأسواق بنشر الثياب والأمتعة خمسة عشر يومًا وقيدوا على مشايخ الأخطاط والحارات والقلقات بالفحص والتفتيش فعينوا لكل حارة امرأة ورجلين يدخلون البيوت للكشف عن ذلك فتصعد المرأة الى أعلى الدار وتخبرهم عن صحة نشرهم الثياب ثم يذهبون بعد التأكد على أهل المنزل والتحذير من ترك الفعل وكل ذلك لذهاب العفونة الموجبة للطاعون وكتبوا بذلك أوراقًا لصقوهم بحيطان الأسواق على عادتهم في ذلك‏.‏
وفيه حضر الى البيت البكري جم غفير من أولاد الكتاتيب والفقهاء والعميان والمؤذنين وأرباب الوظائف والمستحقين من الزمني والمرضى بالمرستان المنصوري وأوقاف عبد الرحمن كتخدا وشكوا من قطع رواتبهم وخبزهم لأن الأوقاف تعطل إيرادها واستولى على نظارتها النصارى القبط والشوام جعلوا ذلك مغنمًا لهم فواعدهم على حضورهم الديوان وينهوا شكواهم ويتشفع لهم فذهبوا راجعين‏.‏
وفيه قدمت مراكب من جهة الصعيد وفيها عدة من العسكر مجروحين‏.‏
وفيه وضعوا على التلال المحيطة بمصر بيارق بيضًا فأكثر الناس من اللغط ولم يعلموا سبب

وفي يوم الأحد 4 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 14 أكتوبر 1798 ماجتمعوا في الديوان وأخذوا فيما هم فيه فذكروا أمر المواريث فقال ملطي مشايخ أخبرونا عما تصنعونه في قسمة المواريث فأخبروه بفروض المواريث الشرعية فقال ومن أين لكم ذلك فقالوا من القرآن وتلوا عليهم بعض آيات المواريث فقال الإفرنج نحن عندنا لا نورث الولد ونورث البنت ونفعل كذا وكذا بحسب تحسين عقولهم لأن الولد أقدر على التكسب من البنت فقال ميخائيل كحيل الشامي وهو من أهل الديوان أيضًا نحن والقبط يقسم لنا مواريثنا المسلمون ثم التمسوا من المشايخ أن يكتبوا لهم كيفية القسمة ودليلها فسايروهم ووعدوهم بذلك - وانفضوا وفي ذلك اليوم عزلوا محمد آغا المسلماني آغات مستحفظان وجعلوه كتخدا أمير الحاج واستقروا بمصطفى آغا تابع عبد الرحمن آغا مستحفظان سابقًا عوضًا عنه ونودي بذلك‏.‏
وفي يوم الاثنين 5 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 15 أكتوبر 1798 م عملوا لهم ديوانًا وكتبوا لهم كيفية قسمة المواريث وفروض القسمة الشرعية وحصص الورثة والآيات المتعلقة بذلك فاستحسنوا ذلك‏.‏

الضرائب التى وضعها الديوان والفرنسيين هى سبب ثورة / تمرد المصريين بالقاهرة
وفي يوم السبت 10 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 20 أكتوبر 1798 م عملوا الديوان وأحضروا قائمة مقررات الأملاك والعقار فجعلوا على الأقل ثمانية فرانسة والأوسط ستة والأدنى ثلاثة وما كان أجرته أقل من ريال في الشهر فهو معافى وأما الوكائل والخانات والحمامات والمعاصر والسيارج والحوانيت فمنها ما جعلوا عليه ثلاثين وأربعين بحسب الخمسة والرواج والاتساع وكتبوا بذلك مناشير على عادتهم وألصقوها بالمفارق والطرق وأرسلوا منها نسخًا للأعيان وعينوا المهندسين ومعهم أشخاص لتمييز الأعلى من الأدنى وشرعوا في الضبط والإحصاء ( إنفض الديوان دون أن يستطيع تخفيف الضرائب التى إستحدثها الفرنسيين , لذلك لم يكد ينفض حتى شيعت نار الثورة فى القاهرة - عبد الرحمن الرافعى - الحركة القومية ج1 ص 117 ) وطافوا ببعض الجهات لتحرير القوائم وضبط أسماء أربابها ولما أشيع ذلك في الناس كثر لغطهم واستعظموا ذلك والبعض استسلم للقضاء فانتبذ جماعة من العامة وتناجوا في ذلك ووافقهم على ذلك بعض المتعممين ( كانمن بين هؤلاء المتعممين بعض مشايخ الأزهر الذين أغضبهم عدم إشراك بونابرت إياهم فى منظمات أو دواوين الحكومة " الوطنية " الجديدة ومؤسساتها , وفضلاً عن ذلك فقد أصدر السلطان فرماناً يحرض المسلمين على القيام ضد الكفرة الفرنسيين , كما أن زعيمى المماليك " مراد بيك وأبراهيم بيط " ظلا يبعثان بالرسائل إلى الأزهر لتحريك الفتنة - راجع ما كتبه د/ فؤاد شكرى - عبدالله جاك مينو ص 112 ) الذي لم ينظر في عواقب الأمور ولم يتفكر أنه في القبضة مأسور فتجمع الكثير من الغوغاء من غير رئيس يسوسهم ولا قائد يقودهم

وأصبحوا يوم الأحد 11 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 21 أكتوبر 1798 م متحزبين وعلى الجهاد عازمين وأبرزوا ما كانوا أخفوه من السلاح وآلات الحرب والكفاح وحضر السيد بدر وصحبته حشرات الحسينية وزعر الحارات البرانية ولهم صياح عظيم وهول جسيم ويقولون بصياح في الكلام نصر الله دين الإسلام فذهبوا الى بيت قاضي العسكر وتجمعوا وتبعهم ممن على شاكلتهم نحو الألف والأكثر فخاف القاضي العاقبة وأغلق أبوابه وأوقف حجابه فرجموه بالحجارة والطوب وطلب الهرب فلم يمكنه الهروب وكذلك اجتمع بالأزهر العالم الأكبر وفي ذلك الوقت حضر دبوي بطائفة من فرسانه وعساكره وشجعانه فمر بشارع الغورية وعطف على خط الصنادقية وذهب الى بيت القاضي فوجد ذلك الزحام فخاف وخرج من بين القصرين وباب الزهومة وتلك الأخطاط بالخلائق مزحومة فبادروا إليه وضربوه وأثخنوا جراحاته وقتل الكثير من فرسانه وأبطاله وشجعانه فعند ذلك أخذ المسلمون حذرهم وخرجوا يهرعون ومن كل حدب ينسلون ومسكوا أطراف الدائرة بمعظم أخطاط القاهرة كباب الفتوح وباب النصر والبرقية الى باب زويلة وباب الشعرية وجهة البندقانيين وما حاذاها ولم يتعدوا جهة سواها وهدموا مساطب الحوانيت وجعلوا أحجارها متاريس للكرنكة لتعوق هجوم العدو في وقت المعركة ووقف دون كل متراس جمع عظيم من الناس وأما الجهات البرانية والنواحي الفوقانية فلم يفزع منهم فازع ولم يتحرك منهم أحد ولم يسارع وكذلك شذ عن الوفاق مصر العتيقة وبولاق وعذرهم الأكبر قربهم من مساكن العسكر ولم تزل طائفة المحاربين في الأزقة متترسين

نهب بيوت المسيحيين وسبى نسائهم
فوصل جماعة من الفرنساوية وظهروا من ناحية المناخلية وبندقوا على متراس الشوائين وبه جماعة من مغاربة الفحامين فقاتلوهم حتى أجلوهم وعن المناخلية أزالوهم ذلك ذلك زاد الحال وكثر الرجف والزلزال وخرجت العامة عن الحد وبالغوا في القضية بالعكس والطرد وامتدت أيديهم الى النهب والخطف والسلب فهجموا على حارة الجوانية ونهبوا دور النصارى الشوام والأروام وما جاورهم من بيوت المسلمين على التمام وأخذوا الودائع والأمانات وسبوا النساء والبنات وكذلك نهبوا خان الملايات وما به من الأمتعة والموجودات وأكثروا من المعايب ولم يفكروا في العواقب وباتوا تلك الليلة سهرانين وعلى هذا الحال مستمرين

الثوار المسلمين يقولون : نادوا يا سلام من هذه الآلام يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف


وأما الإفرنج فإنهم أصبحوا مستعدين على تلال البرقية والقلعة واقفين وأحضروا جميع الآلات من المدافع والقنابر والبنبات ووقفوا مستحضرين ولأمر كبيرهم منتظرين وكان كبير الفرنسيس أرسل الى المشايخ مراسلة فلم يجيبوه عنها ومل من المطاولة هذا والرمي متتابع من الجهتين وتضاعف الحال ضعفين حتى مضى وقت العصر وزاد القهر والحصر فعند ذلك ضربوا بالمدافع والبنبات على البيوت والحارات وتعمدوا بالخصوص الجامع الأزهر وجرروا عليه المدافع والقنبر وكذلك ما جاوره من أماكن المحاربين كسوق الغورية والفحامين فلما سقط عليهم ذلك ورأوه ولم يكونوا في عمرهم عاينوه : " نادوا يا سلام من هذه الآلام يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف " وهربوا من كل سوق ودخلوا في الشقوق وتتابع الرمي من القلعة والكيمان حتى تزعزعت الأركان وهدمت في مرورها حيطان الدور وسقطت في بعض القصور ونزلت في البيوت والوكائل وأصمت الآذان بصوتها الهائل فلما عظم هذا الخطب وزاد الحال والكرب ركب المشايخ الى كبير الفرنسيس ليرفع عنهم هذا النازل ويمنع عسكره من الرمي المتراسل ويكفهم كما تكف المسلمون عن القتال والحرب خدعة وسجال فلما ذهبوا إليه واجتمعوا عليه عاتبهم في التأخير واتهمهم في التقصير فاعتذروا إليه فقبل عذرهم وأمر برفع الرمي عنهم وقاموا من عنده وهم ينادون بالأمان في المسالك وتسامع الناس بذلك فردت فيهم الحرارة وتسابقوا لبعضهم بالبشارة واطمأنت منهم القلوب وكان الوقت قبل الغروب وانقضى النهار وأقبل الليل وغلب على الظن أن القضية لهاذل وأما الحسينية والعطوف البرانية فإنهم لم يزالوا مستمرين وعلى الرمي والقتال ملازمين ولكن خانهم المقصود وفرغ منهم البارود والإفرنج أثخنوهم بالرمي المتتابع بالقنابر والمدافع الى أن مضى من الليل نحو ثلاث ساعات وفرغت من عندهم الأدوات فعجزوا عن ذلك وانصرفوا وكف عنهم القوم وانحرفوا وبعد هجعة من الليل دخل الإفرنج المدينة كالسيل ومروا في الأزقة والشوارع لا يجدون لهم ممانع كأنهم الشياطين أو جند إبليس( الصورة المقابلة : الفرنسيين يدخلون القاهرة بعد أن هرب المسلمين ) وهدموا ما وجدوه من المتاريس ودخل طائفة من باب البرقية ومشوا الى الغورية وكروا ورجعوا وترددوا ما هجعوا وعلموا باليقين أن لا دافع لهم ولا كمين وتراسلوا ارسالًا ركبانًا ورجالًا

الفرنسيين يدخلون الأزهر بالخيول

ثم دخلوا الى الجامع الأزهر وهم راكبون الخيول وبينهم المشاة كالوعول ( الصورة الجانبية للجامع الأزهر )‏.‏
وتفرقوا بصحته ومقصورته وربطوا خيولهم بقبلته وعاثوا بالأروقة والحارات وكسروا القناديل والسهارات وهشموا خزائن الطلبة والمجاورين والكتبة ونهبوا ما وجدوه من المتاع والأواني والقصاع والودائع والمخبآت بالدواليب والخزانات ودشتوا الكتب والمصاحف على الأرض طرحوها وبأرجلهم ونعالهم داسوها وأحدثوا فيه وتغوطوا وبالوا وتمخطوا وشربوا الشراب وكسروا أوانيه وألقوها بصحنه ونواحيه وكل من صادفوه به عروه ومن ثيابه أخرجوه وأصبح يوم الثلاثاء فاصطف منهم خرب بباب الجامع فكل من حضر للصلاةيراهم فيكر راجعًا ويسارع وتفرقت طوائفهم بتلك النواحي أفواجًا واتخذوا السعي والطواف بها منهاجًا وأحاطوا بها إحاطة السوار ونهبوا بعض الديار بحجة التفتيش على النهب وآلة السلاح والضرب وخرجت سكان تلك الجهة يهرعوا وللنجاة بأنفسهم طالبون وانتهكت حرمة تلك البقعة بعد أن كانت أشرف البقاع ويرغب الناس في سكناها ويودعون عند أهلها ما يخافون عليه الضياع والفرنساوية لا يمرون بها إلا نادرًا ويحترمونها عن غيرها في الباطن والظاهر فانقلب بهذه الحركة منها الموضوع وانخفض على غير القياس المرفوع ثم ترددوا في الأسواق ووقفوا صفوفًا مئينًا وألوفًا فإن مر بهم أحد فتشوه وأخذوا ما معه وربما قتلوه‏.‏
مطالبة المسيحيين ما سرقة المسلمين من بيوتهم ونسائهم
ورفعوا القتلى والمطروحين من الإفرنج والمسلمين ووقف جماعة من الفرنسيس ونظفوا مراكز المتاريس وأزالوا ما بها من الأتربة والأحجار المتراكمة ووضعوها في ناحية لتصير طريق المرور خالية وتحزبت نصارى الشوام وجماعة أيضًا من الأروام الذين انتهبت دورهم بالحارة الجوانية ليشكوا لكبير الفرنسيس ما لحقهم من الزرية واغتنموا الفرصة في المسلمين وأظهروا ما هو بقلوبهم كمين وضربوا فيهم المضارب وكأنهم شاركوا الإفرنج في النوائب وما قصدهم المسلمون ونهبوا ما لديهم إلا لكونهم منسوبين إليهم مع أن المسلمين الذين جاوروهم نهبهم الذعر أيضًا وسلبوهم وكذلك خان الملايات المعلوم الذي عند باب حارة الروم فيه بضائع المسلمين وودائع الغائبين فسكت المصاب على غصته واستعوض الله في قضيته لأنه إن تكلم لا تسمع دعواه ولا يلتفت الى شكواه .

الفرنسيين يقبضون على من حمل السلاح ضدهم
وانتدب برطلمين للعسس على من حمل السلاح أو اختلس وبث أعوانه في الجهات يتجسسون في الطرقات فيقبضون على الناس بحسب أغراضهم وما ينهيه النصارى من أبغاضهم فيحكم فيهم بمراده ويعمل برأيه واجتهاده‏.‏
ويأخذ منهم الكثير ويركب في موكبه ويسير وهم موثوقون بين يديه بالحبال ويسحبهم الأعوان بالقهر والنكال فيودعونهم السجونات ويطالبونهم بالمنهوبات ويقررونهم بالعقاب والضرب ويسألونهم عن السلاح وآلات الحرب ويدل بعضهم على بعض فيضعون على المدلول عليهم أيضًا القبض وكذلك فعل مثل ما فعله اللعين الآغا وتجبر في أفعاله وطغى‏.‏
وكثير من الناس ذبحوهم وفي بحر النيل قذفوهم ومات في هذين اليومين وما بعدهما أمم كثيرة لا يحصي عددها إلا الله وطال بالكفرة بغيهم وعناديهم ونالوا من المسلمين قصدهم ومرادهم

إخراج عسكر الفرنسيين من الأزهر بعد طلب الشيوخ
وأصبح يوم الأربعاء 14 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 24 أكتوبر 1798 م فركب فيه المشايخ أجمع وذهبوا لبيت صاري عسكر وقابلوه وخاطبوه في العفو ولاطفوه والتمسوا منه أمانًا كافيًا وعفوًا ينادون به باللغتين شافيًا لتطمئن بذلك قلوب الرعية ويسكن روعهم من هذه الرزية فوعدهم وعدًا مشوبًا بالتسويف وطالبهم بالتبيين والتعريف عمن تسبب من المتعممين في إثارة العوام وحرضهم على الخلاف والقيام فغالطوه عن تلك المقاصد فقال على لسان الترجمان ( الصورة المقابلة : ترجمان بالملابس الرسمية ) نحن نعرفهم بالواحد فترجوا عنده في إخراج العسكر من الجامع الأزهر فأجابهم لذلك السؤال وأمر بإخراجهم في الحال وأبقوا منهم السبعين أسكنوهم في الخطة كالضابطين ليكونوا للأمور كالراصدين وبالأحكام متقيدين‏.‏
ثم أنهم فحصوا على المتهمين في إثارة الفتنة فطلبوا الشيخ سليمان الجوسقي شيخ طائفة العميان والشيخ أحمد الشرقاوي والشيخ عبد الوهاب الشبراوي والشيخ يوسف المصيلحي والشيخ اسمعيل البراوي وحبسوهم ببيت البكري وأما السيد بدر المقدسي فإنه تغيب وسافر الى جهة الشام وفحصوا عليهم فلم يجدوه وتردد المشايخ لتخليص الجماعة المعوقين فغولطوا واتهم أيضًا ابراهيم أفندي كاتب البهار بأنه جمع له جمعًا من الشطار وأعطاهم الأسلحة والمساوق وكان عنده عدة من المماليك المخيفين والرجال المعدودين فقبضوا عليه وحبسوه ببيت الآغا‏.‏

رد بعض أمتعة الأقباط التى سرقها المسلمين
وفي يوم الأحد 18 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 28 أكتوبر 1798 م توجه شيخ السادات وباقي المشايخ الى بيت صاري عسكر الفرنسيين وتشفعوا عنده في الجماعة المسجونين ببيت الآغا وقائمقام والقلعة فقيل لهم وسعوا بالكم ولا تستعجلوا فقاموا وانصرفوا‏.‏
وفيه نادوا في الأسواق بالأمان ولا أحد يشوش على أحد مع استمرار القبض على الناس وكبس البيوت بأدنى شبهة ورد بعضهم الأمتعة التي نهبت للنصارى‏.‏

فيلق المغاربة ينضم إلى الجيش الفرنسى
وفيه توسط القلقجي لمغاربة الفحامين وجمع منهم ومن غيرهم عدة وافرة وعرضهم على صاري عسكر فاختار منهم الشباب وأولي القوة وأعطاهم سلاحًا وآلات حرب ورتبهم عسكرًا ورئيسهم عمر المذكور وخرجوا وأمامهم البطل الشامي على عادة عسكر المغاربة وسافروا جهة بحري بسبب أن بعض البلاد قام على عسكر الفرنساوية وقت الفتنة وقاتلوهم وضربوا أيضًا مركبين بها عدة من عساكرهم فحاربواهم وقاتلوهم فلما ذهب أولئك المغاربة سكنوا الفتنة وضربوا عشمًا ( هى بلدة تابعة لمركز الشهداء محافظة المنوفية ) وقتلوا كبيرها المسمى بابن شعير ونهبوا داره ومتاعه وماله وبهائمه وكان شيئًا كثيرًا جدًا وأحضروا إخوته وأولاده وقتلوهم ولم يتركوا منهم سوى ولد صغير جعلوه شيخًا عوضًا عن أبيهم وسكن العسكر المغربي بدار عند باب سعادة ورتبوا له من الفرنسيس جماعة يأتون إليهم في كل يوم ويدربونهم على كيفية حربهم وقانونهم ومعنى إشاراتهم في مصافاتهم فيقف المعلم والمتعلمون مقابلون له صفًا وبأيديهم بناقدهم فيشير إليهم بألفاظ لغتهم كأن يقول مردبوش فيرفعونها قابضين بأكفهم على أسافلها ثم يقول مرش فيمشون صفوفًا الى غير ذلك‏.‏
وفيه سافر برطلمين الى ناحية سرياقوس ومعه جملة من العسكر بسبب الناس الفارين الى جهة الشرق فلم يدركهم وأخذ من في البلاد وعسف في تحصيلها ورجع بعد أيام‏.‏







ثورة القاهرة الاولى ضد الاحتلال الفرنسى






وفي يوم الأربعاء 21 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 31 أكتوبر 1798 م خاطب الشيخ محمد المهدي صاري عسكر في أمر ابراهيم أفندي كاتب البهار وتلطف به بمعونة بوسليك المعروف بمدير الحدود وهو عبارة عن الروزنامجي ونقله من بيت الآغا الى داره وطلبوا منه قائمة كشف عما يتعلق بالمماليك بدفتر البهار‏.‏
وفي يوم الخميس 22 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 1 نوفمبر 1798 م سافر عدة من المراكب نحو الأربعين بها عسكر الفرنسيس الى جهة بحري‏.‏
وفي ليلة السبت 24 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 3 نوفمبر 1798 م حضر هجان من ناحية الشام وعلى يده مكاتبات وهي صورة فرمان وعليه طرة ومكتوب من أحمد باشا الجزار وآخر من بكر باشا الى كتخدائه مصطفى بك ومكتوب من ابراهيم بك خطابًا للمشايخ وذلك كله بالعربي ومضمون ذلك بعد براعة الاستهلال والآيات القرآنية والأحاديث والآثار المتعلقة بالجهاد ولعن طائفة الإفرنج والحط عليهم وذكر عقيدتهم الفاسدة وكذبهم ونحيلهم وكذلك بقية المكاتبات بمعنى ذلك فأخذها مصطفى بك كتخدا وذهب بها الى صاري عسكر فلما اطلع عليها قال هذا تزوير من ابراهيم بك ليوقع بيننا وبينكم العداوة والمشاحنة وأما أحمد باشا فهو رجل فضولي لم يكن واليًا بالشام ولا مصر لأن والي الشام ابراهيم باشا وأما والي مصر فهو عبد الله باشا بن العظم الذي هو الآن والي الشام فأنا أعلم بذلك وسيأتي بعد أيام والي ويقيم معه كما كانت المماليك مع الولاة‏.‏
وورد خبر أيضًا بانفصال محمد عزت عن الصدارة وعزل كذلك أنفار من رجال الدولة وفي مدة هذه الأيام بطل الاجتماع بالديوان المعتاد وأخذوا في الاهتمام في تحصين النواحي والجهات وبنوا أبنية على التلول المحيطة بالبلد ووضعوا بها عدة مدافع وقنابر وهدموا أماكن بالجيزة وحصنوها تحصينًا زائدًا وكذلك مصر العتيقة ونواحي شبرا وهدموا عدة مساجد منها المساجد المجاورة لقنطرة انبابة الرمة ومسجد المقس المعروف الآن بأولاد عنان على الخليج الناصري بباب البحر وقطعوا نخيلًا كثيرة وأشجار الجيزة التي عند أبي هريرة قطعوها وحفروا هناك خنادق كثيرة وغير ذلك وقطعوا نخيل جهة الحلي وبولاق وخربوا دورًا كثيرة وكسروا شبابيكها وأبوابها وأخذوا أخشابها لاحتياج العمل والوقود وغير ذلك‏.‏
وفي ليلة الأحد حضر 25 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 4 نوفمبر 1798 م جماعة من عسكر الفرنسيس الى بيت البكري نصف الليل وطلبوا المشايخ المحبوسين عند صاري عسكر ليتحدث معهم فلما صاروا خارج الدار وجدوا عدة كثيرة في انتظارهم فقبضوا عليهم وذهبوا بهم الى بيت قائمقام بدرب الجماميز وهو الذي كان به دبوي قائمقام المقتول وسكنه بعده الذي تولى مكانه فلما وصلوا بهم هناك عروهم من ثيابهم وصعدوا بهم الى القلعة فسجنوهم الى الصباح فأخرجوهم وقتلوهم بالبنادق وألقوهم من السور خلف القلعة وتغيب حالهم عن أكثر الناس أيامًا وفي ذلك اليوم ركب بعض المشايخ الى مصطفى بك كتخدا الباشا وكلموه في أن يذهب معهم الى صاري عسكر ويشفع معهم في الجماعة المذكورين ظنًا منهم أنهم في قيد الحياة فركب معهم إليه وكلموه في ذلك فقال لهم الترجمان اصبروا ما هذا وقته " ! وتركهم وقام ليذهب فى بعض أشغاله , فنهض الجماعة أيضاً وركبوا إلى دورهم .

وفي يوم الثلاثاء 27 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 6 نوفمبر 1798 م حضر عدة من عسكر الفرنسيس ووقفوا بحارة الأزهر فتخيل الناس منهم المكروه ووقعت فيهم كرشة وأغلقوا الدكاكين وتسابقوا الى الهروب وذهبوا الى البيوت والمساجد واختفت آراؤهم ورأوا في ذلك أقضية بحسب تخمينهم وظنهم وفساد مخيلهم فذهب بعض المشايخ الى صاري عسكر وأخبروه بذلك وتخوف الناس فأرسل إليهم وأمرهم بالذهاب فذهبوا وتراجع الناس وفتحوا الدكاكين ومر الآغا والوالي وبرطلمين ينادون بالأمان وسكن الحال وقيل إن بعض كبرائهم حضر عند القلق الساكن بالمشهد وجلس عنده حصة هؤلاء كانوا أتباعه ووقفوا ينتظرونه ولعل ذلك قصدًا للتخويف والإرهاب خشية من قيام فتنة لما أشيع قتل المشايخ المذكورين وهو الأرجح‏.‏
وفيه كتبوا أوراقًا وألصقوها بالأسواق تتضمن العفو والتحذير من إثارة الفتنة وأن من قتل من المسلمين في نظير من قتل من الفرنسيس‏.‏
وفيه شرعوا في إحصاء الأملاك والمطالبة بالمقرر فلم يعارض في ذلك معارض ولم يتفوه بكلمة والذي لم يرض بالتوت يرضى بحطبه‏.‏
وفيه أيضًا قلعوا أبواب الدروب والحارات الصغيرة غير النافذة وهي التي كانت تركت وسومح أصحابها وبرطلوا عليها وصالحوا عليها قبل الحادثة وبرطلوا القلقات والوسايط على إبقائها وكذلك دروب الحسينية فلما انقضت هذه الحادثة ارتجعوا عليها وقلعوها ونقلوها الى ما جمعوه من البوابات بالأزبكية ثم كسروا جميعها وفصلوا أخشابها ورفعوا بعضها على العربات الى حيث أعمالهم بالنواحي والجهات وباعوا بعضها حطبًا للوقود وكذلك ما بها من الحديد وغيره‏.‏
وفي ليلة الخميس 29 شهر جمادى الأولى سنة 1213 هـ - 8 نوفمبر 1798 م هجم المنسر على بوابة سوق طولون وكسروها وعبروا منها الى السوق فكسروا القناديل وفتحوا ثلاثة حوانيت وأخذوا ما بها من متاع المغاربة التجار وقتلوا القلق الذي هناك وخرجوا بدون مدافع ولا منازع‏.‏
وفي يوم الخميس المذكور ذهب المشايخ الى صاري عسكر وتشفعوا في ابن الجوسقي شيخ العميان الذي قتل أبوه وكان معوقًا ببيت البكري فشفعهم فيه وأطلقوه‏.‏

حادثة نهب المسلمين لأجهزة العلماء بدار العلم فى بيت مصطفى كاشف طرا
وفى يوم السبت 1 شهر جمادى الثانية سنة 1213‏ هـ - 10 نوفمبر 1798 م .‏
فيه كتبوا عدة أوراق على لسان المشايخ ( عبارة عن لسان المشايخ تعنى فى كثير الأحيان فتوى - وقد قال المعلق على كتاب الجبرتى فى الحاشية أسفل صفحة 279 : عبارة على لسان المشايخ لا يفهم منها أن المشايخ قد كتبوها حقاً أو أقروها ... فإذا كان قد كتبوها فلا بارك الله فيهم ولا فى أمثالهم !! ) وأرسلوها الى البلاد وألصقوا منها نسخًا بالأسواق والشوارع‏.‏
وصورتها‏:‏ نصيحة من كافة علماء الإسلام بمصر المحروسة

نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ونبرأ الى الله من الساعين في الأرض بالفساد

نعرف أهل مصر المحروسة من طرف الجعيدية وأشرار الناس حركوا الشرور بين الرعية وبين العساكر الفرنساوية بعدما كانوا أصحابًا وأحبابًا لسوية وترتب على ذلك قتل جملة من المسلمين ونهبت بعض البيوت ولكن حصلت ألطاف الله الخفية وسكنت الفتنة بسبب شفاعتنا عند أمير الجيوش بونابرته‏.‏
وارتفعت هذه البلية لأنه رجل كامل العقل عنده رحمة وشفقة على المسلمين ومحبة الى الفقراء والمساكين ولولاه لكانت العسكر أحرقت جميع المدينة ونهبت جميع الأموال وقتلوا كامل أهل مصر فعليكم أن لا تحركوا الفتن ولا تطيعوا أمر المفسدين ولا تسمعوا كلام المنافقين ولا تتبعوا الأشرار ولا تكونوا من الخاسرين سفهاء العقول الذين لا يقرأون العواقب لأجل أن تحفظوا أوطانكم وتطمئنوا على عيالكم وأديانكم فإن الله سبحانه وتعالى يؤتي ملكه من يشاء ويحكم ما يريد وتخبركم أن كل من تسبب في تحريك هذه الفتنة قتلوا من آخرهم وأراح الله منهم العباد والبلاد ونصيحتنا لكم أن لا تلقوا بأيديكم الى التهلكة واشتغلوا بأسباب معايشكم وأمور دينكم وادفعوا الخراج الذي عليكم الدين النصيحة والسلام‏.‏
وفيه أمروا بقية السكان على بركة الأزبكية وما حولها بالنقلة من البيوت ليسكنوا بها جماعتكم المتباعدين منهم ليكون الكل في حومة واحدة وذلك لما دخلهم من المسلمين حتى أن الشخص منهم صار لا يمشي بدون سلاح بعد أن كانوا من حين دخولهم البلد لا يمشون به أصلًا إلا لغرض والذي لم يكن معه سلاح يأخذ بيده عصا أو سوطًا أو نحو ذلك وتنافرت قلوبهم من المسلمين وتحذروا منهم وانكف المسلمون عن الخروج والمرور بالأسواق من الغروب الى طلوع النهار ومن جملة من انتقل من الدرب الأحمر الى الأزبكية كفرلي المسمى بأبي خشبة ( الصورة المقابلة لـ الكفرلى " أبو خشبة " ) وهو يمشي بها بدون معين ويصعد الدرج ويهبط منها أسرع من الصحيح ويركب الفرس ويرمحه وهو على هذه الحالة وكان من جملة المشار إليهم فيهم والمدبر لأمور القلاع وصفوف الحروب ولهم به عناية عظيمة واهتمام زائد كان يسكن ببيت مصطفى كاشف طرا وفي وقت الحادثة هجمت على الدار العامة ونهبوها وقتلوا منها بعض الفرنساوية وفر الباقون‏.‏
فأخبروا من بالقلعة الكبيرة فنزل منهم عدة وافرة وقف بعضهم خارج الدار بعد أن طردوا المزدحمين ببابها وضربوهم بالبندق ودخل الباقون فقتلوا من وجدوه بها من المسلمين وكانوا جملة كثيرة وكان بتلك الدار شيء كثير من آلات الصنائع والنظارات الغريبة والآلات الفلكية والهندسية والعلوم الرياضية وغير ذلك مما هو معدوم النظير كل آلة لا قيمة لها عند من يعرف صنعتها ومنفعتها فبدد ذلك كله العامة وكسروه قطعًا وصعب ذلك على الفرنسيس جدًا وقاموا مدة طويلة يفحصون عن تلك الآلات ويجعلون لمن يأتيهم بها عظيم الجعالات‏.‏ وممن قتل في وقعة هذه الدار الشيخ محمد الزهار‏.‏
وفي يوم الأربعاء 5 شهر جمادى الثانية سنة 1213‏ هـ - 14 نوفمبر 1798 م أفرجوا عن ابراهيم أفندي كاتب البهار وتوجه الى بيته‏.‏
وفي السبت 8 شهر جمادى الثانية سنة 1213‏ هـ - 17 نوفمبر 1798 م قتلوا أربعة أنفار من القبط منهم إثنان من النجارين قيل إنهم سكروا في الخمارة ومروا في سكرهم وفتحوا بعض الدكاكين وسرقوا منها أشياء وقد تكرر منهم ذلك عدة مرار فاغتاظ لذلك القبطة‏.‏
وفيه كتبوا عدة أوراق وأرسلوا منها نسخًا للبلاد وألصقوا منها بالأخطاط والأسواق ذلك على لسان المشايخ أيضًا ولكن تزيد صورتها عن الأولى‏.‏ وصورتها

نصيحة من علماء الإسلام بمصر المحروسة

نخبركم يا أهل المدائن والأمصار من المؤمنين ويا سكان الأرياف من العربان والفلاحين أن ابراهيم بك ومراد بك وبقية دولة المماليك أرسلوا عدة مكاتبات ومخاطبات الى سائر الأقاليم المصرية لأجل تحريك الفتنة بين المخلوقات وادعوا أنها من حضرة مولانا السلطان ومن بعض وزرائه بالكذب والبهتان‏.‏
وبسبب ذلك حصل لهم شدة الغم والكرب الزائد واغتاظوا غيظًا شديدًا من علماء مصر ورعاياها حيث لم يوافقوهم على الخروج معهم وتركوا عيالهم وأوطانهم فأرادوا أن يوقعوا الفتنة والشر بين الرعية والعسكر الفرنساوية لأجل خراب البلاد وهلاك كامل الرعية وذلك لشدة ما حصل لهم من الكرب الزائد بذهاب دولتهم وحرمانهم من مملكة مصر المحمية ولو كانوا في هذه الأوراق صادقين بأنها من حضرة سلطان السلاطين لأرسلها جهارًا مع أغوات معينين ونخبركم أن الطائفة الفرنساوية بالخصوص عن بقية الطوائف الإفرنجية دائمًا يحبون المسلمين وملتهم ويبغضون المشركين وطبيعتهم أحباب لمولانا السلطان قائمون بنصرته وأصدقاء له ملازمون لمودته وعشرته ومعونته يحبون من والاه ويبغضون من عاداه ولذلك بين الفرنساوية والموسكوف غاية العداوة الشديدة من أجل عداوة المسكوف القبيحة الرديئة‏.‏
والطائفة الفرنساوية يعادون حضرة السلطان على أخذ بلادهم إن شاء الله تعالى ولا يبقون منهم بقية فننصحكم أيها الأقاليم المصرية أنكم لا تحركوا الفتن ولا الشرور بين البرية ولا تعارضوا العساكر الفرنساوية بشيء من أنواع الأذية فيحصل لكم الضرر والهلاك ولا تسمعوا كلام المفسدين ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون فتصبحوا على ما فعلتم نادمين وإنما عليكم دفع الخراج المطلوب منكم لكامل الملتزمين لتكونوا بأوطانكم سالمين وعلى أموالكم وعيالكم آمنين مطمئنين لأن حضرة صاري عسكر الكبير أمير الجيوش بونابارته اتفق معنا على أنه لا ينازع أحدًا في دين الإسلام ولا يعارضنا فيما شرعه الله من الأحكام ويرفع عن الرعية سائر المظالم ويقتر على أخذ الخراج ويزيل ما أحدثه الظلمة من المغارم فلا تعلقوا آمالكم بابراهيم ومراد وراجعوا الى مولاكم مالك الملك وخالق العباد فقد قال نبيه ورسوله الأكرم الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها بين الأمم عليه أفضل الصلاة والسلام‏.‏

الخميس 13 شهر جمادى الثانية سنة 1213‏ هـ - 22 نوفمبر 1798 م قتلوا شخصين عند باب زويلة أحدهما يهودى ولم يتحقق السبب فى قتلهما . وفيه أخرجوا من بيت نسيب ابراهيم كتخدا صناديق ضمنها مصاغ وجواهر وأواني ذهب وفضة وأمتعة وملابس كثيرة‏.‏
وف السبت 15 شهر جمادى الثانية سنة 1213‏ هـ - 24 نوفمبر 1798 م حضر جماعة من الفرنساوية بباب زويلة وفتحوا بعض دكاكين السكرية وأخذوا منها سكرًا وضاع على أصحابه‏.‏
وفيه دلوا على إنسان عنده صندوقان وديعة لأيوب بك الدفتردار فطلبوه وأمروه بإحضارهما فأحضرهما بعد الإنكار والحجد عدة مرار فوجدوا ضمنهما أسلحة وجواهر وسبح لؤلؤ وخناجر مجوهرة وغير ذلك‏.‏
وفي الخميس 20 شهر جمادى الثانية سنة 1213‏ هـ - 29 نوفمبر 1798 م كتبوا عدة أوراق مطبوعة وألصقوها بالأسواق مضمونها أن في يوم الجمعة حادي عشرينه قصدنا أن نطير مركبًا ببركة الأزبكية في الهواء بحيلة فرنساوية فكثر لغط الناس في هذا كعادتهم فلما كان ذلك اليوم قبل العصر تجمع الناس والكثير من الإفرنج ليروا تلك العجيبة وكنت بجملتهم فرأيت قماشًا على هيئة الأدية على عمود قاتم وهو ملون أحمر وأبيض وأزرق على مثل دائرة الغربال وفي وسطه مسرجة بها فتيلة مغموسة ببعض الأدهان وتلك المسرجة مصلوبة بسلوك من حديد منها الى الدائرة وهي مشدودة ببكر وأحبال وأطراف الأحبال بأيدي أناس قائمين بأسطحة البيوت القريبة منها فلما كان بعد العصر بنحو ساعة أوقدوا تلك الفتيلة فصعد دخانها الى ذلك القماش وملأه فانتفخ وصار مثل البكرة وطلب الدخان الصعود الى مركزه فلم يجد منفذًا فجذبها معه الى العلو فجذبوها بتلك الأحبال مساعدة لها حتى ارتفعت عن الأرض فقطعوا تلك الحبال فصعدت الى الجو مع الهواء ومشت هنيهة لطيفة ثم سقطت طارتها بالفتيلة وسقط أيضًا ذلك القماش وتناثر منها أوراق كثيرة من نسخ الأوراق المبصومة فلما حصل لها ذلك انكسف طبعهم لسقوطها ولم يتبين صحة ما قالوه من أنها على هيئة مركب تسير في الهواء بحكمة مصنوعة ويجلس فيها أنفار من الناس ويسافرون فيها الى البلاد البعيدة لكشف الأخبار وإرسال المراسلات بل ظهر أنها مثل الطيارة التي يعملها الفراشون بالمواسم والأفراح‏.‏
قتل الكلاب فى حوارى مصر
وفي تلك الليلة طاف منهم أنفار بالأسواق ومعهم مقاطف بها لحوم مسمومة فأطعموها للكلاب فمات منها جملة كثيرة فلما طلع النهار وجد الناس الكلاب مرمية وطرحى بالأسواق وهي موتى فاستأجروا لها من أخرجها الى الكيمان وسبب ذلك أنهم لما كانوا يمرون في الليل وهم سكوت كانت الكلاب تنبحهم وتعدو خلفهم ففعلوا بها ذلك وارتاحوا هم والناس منها‏.‏
وفي الأربعاء 26 شهر جمادى الثانية سنة 1213‏ هـ - 5 ديسمبر 1798 م سافر عدة عساكر الى جهة مراد بك وكذلك الى جهة كرداسة ( مركز الجيزة ) بسبب العربان وكذلك الى السويس والصالحية وأخذوا جمال السقائين برواياها وحميرهم ولكن يعطونهم وفيه ظفروا بعدة ودائع وخبايا بأماكن متعددة بها صناديق وأمتعة وأسلحة وأواني صيني وأواني نحاس قناطير وغير ذلك وانقضى هذا الشهر وما حصل به من الحوادث الكلية والجزئية التي لا يمكن ضبطها لكثرتها‏.‏
منها أنهم أحدثوا بغيط النوبي المجاور للأزبكية أبنية على هيئة مخصومة منتزهة يجتمع بها النساء والرجال للهو والخلاعة في أوقات مخصوصة وجعلوا على كل من يدخل إليه قدرًا مخصوصًا يدفعه أو يكون مأذونًا وبيده ورقة‏.‏

المؤرخ المسلم الجبرتى يقول عن العلوم الفرنسية : لا تسعها عقول أمثالنـــــــا
تعمير مصر وإنشاء مركز للعلوم
ومنها أنهم هدموا وبنوا بالمقياس والروضة وهدموا أماكن بالجيزة ومهدوا التل المجاور لنقطرة الليمون وجعلوا في أعلاه طاحونًا تدور في الهواء عجيبة وتطحن الأرادب من البر وهي بأربعة أحجار وطاحونًا أخرى بالروضة تجاه مساطب النشاب وهدموا الجامع المجاور لقنطرة الدكة وشرعوا في ردم جهات حوالي بركة الأزبكية وهدموا الأماكن المقابلة لبيت صاري عسكر حتى جعلوها رحبة متسعة وهدموا الأماكن المقابلة لها من الجهة الأخرى والجنائن التي خلف ذلك وقطعوا أشجارها وردموا مكانها بالأتربة الممهدة على خط معتدل من الجهتين مبتدأ من حد بيت صاري عسكر الى قنطرة المغربي وجددوا القنطرة المذكورة وكانت آلت الى السقوط وفعلوا بعدها كذلك على الوضع والنسق بحيث صار جسرًا عظيمًا ممتدًا ممهدًا مستويًا على خط مستقيم من الأزبكية الى بولاق قسمين‏:‏ قسم الى طريق أبي العلا وقسم يذهب الى جهة التبانة وساحل النيل وبطريقة الطريق المسلوكة الواصلة من طريق أبي العلا وجامع الخطيري الى ناحية المدابغ وحفروا في جانبي ذلك الجسر من مبدئه الى منتهاه خندقين وغرسوا بجانبه أشجارًا وسيسبانًا وأحدثوا طريقًا أخرى فيما بين باب الحديد وباب العدوى عند المكان المعروف بالشيخ شعيب حيث معمل الفواخير وردموا جسرًا ممتدًا ممهدًا مستطيلًا يبتدي من الحد المذكور وينتهي الى جهة المذبح خارج الحسينية وأزالوا ما يتخلل بين ذلك من الأبنية والغيطان والأشجار والتلول وقطعوا جانبًا كبيرًا من التل الكبير المجاور لنقطرة الحاجب وردموا في طريقهم قطعة من خليج بركة الرطلي وقطعوا أشجار بستان كاتب البهار المقابل لجسر بركة الرطلي وأشجار الجسر أيضًا والأبنية التي بين باب الحديد والرحبة التي بظاهر جامع المقس وساروا على المنخفض بحيث صارت طريقًا ممتدة من الأزبكية الى جهة قبة النصر المعروفة بقبة العزب جهة العادلية على خط مستقيم من الجهتين‏.‏
وقيدوا بذلك أنفارًا منهم يتعاهدون تلك الطرق ويصلحون ما يخرج منها عن قالب الاعتدال بكثرة الدوس وحوافر الخيول والبغال والحمير وفعلوا هذا الشغل الكبير والفعل العظيم في أقرب زمن ولم يسخروا أحدًا في العمل بل كانوا يعطون الرجال زيادة عن أجرتهم المعتادة ويصرفونهم من بعد الظهيرة ويستعينون في الأشغال وسرعة العمل بالآلات القريبة المأخذ السهلة التناول المساعدة في العمل وقلة الكلفة كانوا يجعلون بدل الغلقان والقصاع عربات صغيرة ويداها ممتدتان من خلف يملؤها الفاعل ترابًا أو طينًا أو أحجارًا من مقدمها بسهولة بحيث تسع مقدار خمسة غلقان ثم يقبض بيديه على خشبتيها المذكورتين ويدفعها أمامه فتجري على عجلتها بأدنى مساعدة الى محل العمل فيميلها بإحدى يديه ويفرغ ما فيها من غير تعب ولا مشقة وكذلك لهم فؤوس وقزم محكمة الصنعة متقنة الوضع وغالب الصناع من جنسهم ولا يقطعون الأحجار والأخشاب إلا بالطرق الهندسية على الزوايا القائمة والخطوط المستقيمة وجعلوا جامع الظاهر بيبرس خارج الحسينية قلعة ومنارته برجًا ووضعوا على أسواره مدافع وأسكنوا به جماعة من العسكر وبنوا في داخله عدة مساكن تسكنها العسكر المقيمة به وكان هذا الجامع معطل الشعائر من مدة طويلة وباع نظاره منه أنقاضًا وعمدًا كثيرة‏.‏
ومنها أنهم أحدثوا على التل المعروف بتل العقارب بالناصرية أبنية وكرانك وأبراجًا ووضعوا فيها عدة من آلات الحرب والعساكر المرابطين فيه وهدموا عدة دور من دور الأمراء وأخذوا أنقاضها ورخامها لأبنيتهم وأفردوا للمديرين والفلكيين وأهل المعرفة والعلوم الرياضية كالهندسة والهيئة والنقوشات والرسومات والمصورين والكتبة والحساب والمنشئين حارة الناصرية حيث الدرب الجديد وما به من البيوت مثل بيت قاسم بك ( الصورة المقابلة بيت قاسم بيك ) وأمير الحاج المعروف بأبي يوسف وبيت حسن كاشف جركس القديم والجديد الذي أنشأه وشيده وزخفره وصرف عليه أموالًا عظيمة من مظالم العبادة وعند تمام بياضه وفرشه حدثت هذه الحادثة ففر مع الفارين وتركه فيه جملة كبيرة من كتبهم وعليها خزان ومباشرون يحفظونها ويحضرونها للطلبة ومن يريد المراجعة فيراجعون فيها مرادهم فتجتمع الطلبة منهم كل يوم قبل الظهر بساعتين ويجلسون في فسحة المكان المقابلة لمخازن الكتب على كراسي منصوبة موازية لتختاة عريضة مستطيلة فيطلب من يريد المراجعة ما يشاء منها فيحضرها له الخازن فيتصفحون ويراجعون ويكتبون حتى أسافلهم من العساكر وإذا حضر إليهم بعض المسلمين ممن يريد الفرجة لا يمنعونه الدخول الى أعز أماكنهم ويتلقونه بالبشاشة والضحك وإظهار السرور بمجيئه إليهم وخصوصًا إذا رأوا فيه قابلية أو معرفة أو تطلعًا للنظر في المعارف بذلوا له مودتهم ومحبتهم ويحضرون له أنواع الكتب المطبوع بها والأقاليم والحيوانات والطيور والنباتات وتواريخ القدماء وسير الأمم وقصص الأنبياء بتصاويرهم وآياتهم ومعجزاتهم وحوادث أممهم مما يحير الأفكار ولقد ذهبت إليهم مرارًا وأطلعوني على ذلك‏.‏
صورة رسول الإســـــلام
فمن جملة ما رأيته كتاب كبير يشتمل على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومصورون به صورته الشريفة على قدر مبلغ علمهم واجتهادهم وهو قائم على قدميه ناظرًا الى السماء كالمرهب للخليقة وبيده اليمنى السيف وفي اليسرى الكتاب وحوله الصحابة رضي الله عنهم بأيديهم السيوف وفي صفحة أخرى صورة الخلفاء الراشدين وفي الأخرى صورة المعراج والبراق وهو صلى الله عليه وسلم راكب عليه من صخرة بيت المقدس وصورة بيت المقدس والحرم المكي والمدني وكذلك صورة الأئمة المجتهدين وبقية الخلفاء والسلاطين ومثال اسلامبول وما بها من المساجد العظام كأياصوفية وجامع السلطان محمد وهيئة المولد النبوي وجمعية أصناف الناس لذلك وكذلك السلطان سليمان وهيئة صلاة الجمعة فيه وأبي أيوب الأنصاري وهيئة صلاة الجنازة فيه وصور البلدان والسواحل والبحار والأهرام وبرابي الصعيد والصور والأشكال والأفلام المرسومة وما يختص بكل بلد من أجناس الحيوان والطيور والنبات والأعشاب وعلوم الطب والتشريح والهندسيات وجر الأثقال وكثير من الكتب الإسلامية مترجم بلغتهم ورأيت عندهم كتاب الشفاء للقاضي عياض ويعبرون عنه بقولهم شفاء شريف والبردة للبوصيري ويحفظون جملة من أبياتها وترجموها بلغتهم ورأيت بعضهم يحفظ سورًا من القرآن ولهم تطلع زائد للعلوم وأكثرها الرياضة ومعرفة اللغات واجتهاد كبير في معرفة اللغة والمنطق ويدأبون في ذلك الليل والنهار وعندهم كتب مفردة لأنواع اللغات وتصاريفهما واشتقاقاتها بحيث يسهل عليهم نقل ما يريدون من أي لغة كانت الى لغتهم في أقرب وقت

علوم الفلك

وعند توت الفلكي وتلامذته في مكانهم المختص بهم الآلات الفلكية الغريبة المتقنة الصنعة وآلات الارتفاعات البديعة العجيبة التركيب الغالية الثمن المصنوعة من الصفر المموه وهي تركب ببراريم مصنوعة محكمة كل آلة منها عدة قطع تركب مع بعضها البعض برباطات وبراريم لطيفة بحيث إذا ركبت صارت آلة كبيرة أخذت قدرًا من الفراغ وبها نظارات وثقوب ينفذ النظر منها الى المرئي وإذا انحل تركيبها وضعت في ظرف صغير‏.‏
وكذلك نظارات للنظر في الكواكب وأرصادها ومعرفة مقاديرها وأجرامها وارتفاعاتها واتصالاتها ومناظراتها وأنواع المنكابات والساعات التي تسير بثواني الدقائق الغريبة الشكل الغالية الثمن وغير ذلك

المصورون (يسجلون ما يروه )

وأفردوا لجماعة منها بيت ابراهيم كتخدا السناري وهم المصورون لكل شيء ومنهم اريجوا المصور وهو يصور صور الآدميين تصويرًا يظن من يراه أنه بارز في الفراغ بجسم يكاد ينطق حتى أنه صور صورة المشايخ كل واحد على حدته في دائرة وكذلك غيرهم من الأعيان وعلقوا ذلك في بعض مجالس صاري عسكر وآخر في مكان آخر يصور الحيوانات والحشرات وآخر يصور الأسماك والحيتان بأنواعها وأسمائها ويأخذون الحيوان أو الحوت الغريب الذي لا يوجد ببلادهم فيضعون جسمه بذاته في ماء مصنوع حافظ للجسم فيبقى على حالته وهيئته لا يتغير ولا يبلى ولو بقي زمنًا طويلًا‏.‏

معمل الكيمياء
وكذلك أفردوا أماكن للمهندسين وصناع الدقائق , وسكن الحكيم "رويا" ببيت ذى الفقار كتخدا بخوار ذلك , ووضع آلاته ومساحقه وأهوانه فى ناحية , وركب له تنانير وكوانين .... لتقطير المياة والأدهان , وإستخراج الأملاح وقدور عظيمة , وبرامات , وجعل له مكاناً أسفل وأعلى , وبها رفوف عليها القدور المملوءة بالتراكيب والمعاجين , والزجاجات المتنوعة , وبها كذلك عدة من الأطباء والجرايحية
صناعة الحكمة والطب الكيميائى

وأفردوا مكاناً فى بيت حسن الكاشف جركس لصناعة الحكمة والطب الكيميائى وبنوا فيه تنانير مهندمة , وألات تقطير عجيبة الوضع , وألات تصاعيد الأرواح , وتقاطير المياة وخلاصات المفردات , وأملاح الأرمدة المستخرجة من الأعشاب والنباتات , وإستخراج المياة الجلاءة والحلالة وحول المكان الداخل قوارير وأوان من الزجاج البلورى المختلف الأشكال والهيئات على الرفوف والسدلات , وبداخلها أنواع المستخرجات .
ومن أغرب ما رأيته فى هذا المكان , أن بعض المتقيدين لذلك أخذ زجاجة من الزجاجات الموضوع فيها بعض المياة المستخرجة , فصب منها شيئاً فى كأس , ثم صب عليها شيئاً من زجاجة أخرى , فعلا الماءان , وصعد منه دخان ملون , حتى أنقطع وجف ما فى الكأس , وصار حجراً أصفر , فقلبه على البرجات حجراً يابساً , أخذناه بأيدينا ونظرناه , ثم فعل ذلك بمياة أخرى فصارت حجراً أزرق , وبأخرى فجمد حجراً أحمر ياقوتياً - وأخذ مرة شيئاً قليلاً جداً من غبار أبيض , ووضعه على السندال وضربه بالمطرقة بلطف فخرج له صوت هائل كصوت القرابانة أنزعجنا منه , فضحكوا منا , وأخذ مرة زجاجة فارغة مستطيلة فى مقدار الشبر صفة الفم , فغمسها فى ماء قراح موضوع فى صندوق من الخشب , مصفح من الداخل بالرصاص وأدخل معها أخرى على غير هيئتها , وأنزلهما فى الماء وأصعدهما بحركة حبس الهواء فى أحدهما , وأتى آخر بفتيلة مشتعلة , وأبرز ذلك فم الزجاجة من الماء , وقرب الآخر الشعلة إليها فى الحال فخرج ما فيها من الهواء المحبوس وفرقع بصول هائل أيضاً .. وغير ذلك من الأمور الكثيرة , وبراهين حكمية تتولد من أجتماع العناصر وملاقاة الطبائع .
الكهرباء الإستاتيكية
ومثل الفلكة المستديرة التى يديرون بها الزجاجة , فيتولد من حركتها شرر يطير بملاقاة أدنى شئ ويظهر له صوت وطقطقة , وإذا مسك علاقتها شخص - ولو خيطاً لطيفاً متصلا بها - ولمس الزجاجة المتصلة بها ولمس آخر الزجاجة الدائرة , أو ما قرب منها بيده الأخرى , أرتج بدنه , وإرتعد جسمه , وطقطقت عظام أكتافه وسواعدة فى الحال برجة سريعة ومن لمس هذا اللامس أو شيئاً من من ثيابه , أو شيئاً متصلاً به .. حصل له ذلك , ولو كانوا ألفاً أو أكثر , ولهم فيه أمور وأحوال وتراكيب غريبة , ينتج منها نتائج لا تسعها عقول أمثالنا!
وأفردوا أيضاً مكاناً للنجارين وصناع الألات والأخشاب وطواحين الهواء والعربات واللوازم لهم فى أشغالهم وهندساتهم وأرباب صنائعهم
ومكان آخر للحدادين وبنوا فيه كوانين عظاماً , وعليها منافيخ كبار يخرج منها الهاواء متصلاً كثيراً بحيث يجذبه النافخ من أعلى بحركة لطيفة , وصنعوا السندانات والمطارق والعظام , لصناعات الألات من الحديد والمخارط , وركبوا المخارط عظيمة لخرط الفلوزات الحديد الضخمة , ولهم فلكات مثقلة يديرها الرجال للمعلم الخراط للحديد بالأقلام المتينة الجافية , وعليها حق صغير معلق مثقوب , وفيه ماء يقطر على محل الخرط لتبريد النارية الحادثة من الإصطكاك , وبأعلى هذه الأمكنة صناع الأمور الدقيقة , مثل , البراكارات , وألات الساعات , والألات الهندسية المتقنة ... وغير ذلك .

=================
أسباب الثورة
المؤرخ نيقولا الترك في مذكراته يؤكد ان من اسباب ثورة القاهرة ان المصريين كانوا يرون نساءهم وبناتهم مكشوفات الوجوه‏,‏ مملوكات من الأفرنج جهارا‏..‏ ماشيين معهن في الطريق نايمين قايمين في بيوتهم‏..‏ فكانوا يكادون يموتون من هذه المناظر‏,‏ وناهيك عن تلك الخمامير التي اشتهرت في كامل الاسواق جهارا‏,‏ حتي وفي بعض الجوامع ايضا‏..‏ هذه الرؤيا كانت تجعل المسلمين يتنفسون الصعداء ويطلبون الموت في كل ساعة‏.‏
وأما المؤرخ ج‏.‏ كريستوفر هيرولد فإنه يرجع اسباب الثورة الي تحريض الطبقة الغنية والوسطي‏,‏ لأنها اضيرت في تجارتها‏,‏ ولأنها كانت تتحمل اكبر قسط من الضرائب وهو يلاحظ أن هذه الطبقات ومشايخ الديوان ظلوا بعيدين عن الثورة ويوعز كذلك سببا آخر وهو تحريض بعض المشايخ الذين لم ينالوا الحظوة لدي الفرنسيين كما نالها غيرهم‏.‏
ويري البعض الآخر أن من اسباب الثورة تحريض ابراهيم بك الهارب للشام‏,‏ وتحريض الجزار والي عكا‏..‏ والرسائل التي كان يرسلها السلطان العثماني مع الرسل وكانت تتلي علي الناس في الجوامع والشوارع‏..‏ وكان يتوعد فيها الفرنسيين بهزيمة منكرة‏..‏ ويزف للأهالي بشري يقول فيها‏:‏
وستغطي مراكب عالية كالجبال سطح البحار وستصل مدافع تبرق وترعد وأبطال يزدرون بالموت في سبيل الله ليطاردوا الفرنسيين‏!
************** المؤرخ العربي نيقولا الترك.‏ قال عن بداية الثورة يوم الأحد‏21‏ أكتوبر‏1798‏:‏
في ذات يوم نهار الاحد في عشرين ربيع آخر نزل أحد المشايخ الصغار وكان من مشايخ الازهر وبدأ ينادي في المدينة أن كل مؤمن موحد بالله عليه بجامع الازهر لأن اليوم ينبغي لنا أن نغازي فيه الكفار‏.‏
وقد بدأت أحداث الثورة في السادسة صباحا حين ردد المؤذنون من فوق المآذن نداءات الثورة وانطلق بعض الثوار في الشوارع يعلنون الثورة ويطالبون الناس بالتوجه للازهر الذي تحول الي مقر قيادة الثورة‏.‏
وبسرعة تكونت مجموعات مسلحة ببنادق عتيقة وبالعصي والسكاكين وأخذت تقيم المتاريس في الشوارع والحواري وتقف خلفها‏,‏ وبدأت تتقاطر الي القاهرة جموع شعبية من الضواحي القريبة لتشترك في الثورة‏,‏ وقد احس الفرنسيون بالخطر منذ الساعات الاولي للصباح وأبلغوا نابليون بذلك‏,‏ الا انه اعتقد انه عمل تافه غير خطير‏..‏ وتوجه ومعه بعض قواده لتفقد بعض التحصينات في الروضة ومصر القديمة‏,‏ وبدأت القوات الفرنسية في التجمع لمواجهة الخطر‏..‏
وفي نحو الساعة الثامنة بدأت اول أحداث الثورة العنيفة حين ذهب ديبوي القائد العسكري للقاهرة علي رأس عدد من الجنود لمواجهة الشغب الذي حدث‏,‏ فقتلته الجماهير الثائرة في الشوارع‏,‏ فكان بذلك اول من سقط من الفرنسيين‏,‏ وبدأت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين‏,‏ وفي هذا الوقت أبلغ نابليون بما حدث فرجع سريعا‏.‏
بدأت مجموعات من الثوار تهاجم مراكز الفرنسيين وخصوصا مقر قيادتهم في الأزبكية‏..‏ ومهاجمة باقي المراكز والدوريات‏..‏ ونجح الثوار في احتلال القسم الأكبر من القاهرة وبدأ عدد القتلي من الطرفين يتزايد في الشوارع نتيجة المعارك الدامية‏.‏
وسقط اللواء سولكوفسكي ياور نابليون وعدد كبير من الجنود الفرنسيين‏,‏ وقاتل الثوار من وراء المتاريس ومن شرفات المنازل‏,‏ وأدت أبواب الحارات وظيفة السواتر‏.‏
وحاول نابليون وقف الثورة وأرسل مشايخ الديوان والعلماء الكبار ليطلبوا من الثوار وقف الثورة‏,‏ فرفضوا واتهموهم بأنهم صاروا أدوات في يد الفرنسيين‏,‏ واعلنوا تصميمهم علي مواصلة القتال‏.‏
وحين تأكد نابليون من فشل هذه المساعي بدأ يضع خطة القضاء علي الثورة‏,‏ فأرسل بقواته وطوقت القاهرة لتمنع المتطوعين القادمين من الاقاليم للاشتراك في الثورة‏,‏ وأصدر أوامره بوضع مدافع علي المقطم والتلال العالية لتعاون مدفعية القلعة في ضرب القاهرة بالقنابل كحل للقضاء علي الثورة بعد أن خسر الفرنسيون كثيرا في معارك الشوارع التي لم يألفوها من قبل‏,‏ وفي نفس الوقت كان الثوار يستعدون لليوم التالي من أيام الثورة‏.‏
بدأ يوم الاثنين‏22‏ أكتوبر باستئناف القتال في الشوارع وسقط المزيد من القتلي‏,‏ ولنا أن نتصور أي بسالة تلك التي كان الثوار يتمتعون بها حين كانوا يهاجمون بالنبابيت المدافع الفرنسية التي كانت تحصدهم حصدا‏,‏ ومع ذلك كانوا يهاجمون‏,‏ وعند الظهر بدأت المدفعية الثقيلة ومدافع الهاوتزر والمورتار تصب سيلا من قنابلها علي الأحياء الثائرة‏,‏ وبدأ الجنود الفرنسيون يتقدمون تحت ستارة من نيران المدفعية ليحتلوا أحياء الثورة شارعا شارعا‏..‏ واستمر ضرب المدفعية حتي المساء‏





ثورة القاهرة الاولى ضد الاحتلال الفرنسى



التوقيع

توقيع
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع استراحة بورصات

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ثورة القاهرة الأولى 1798 لازلت انتظر استراحة بورصات 0 15 - 02 - 2012 11:49 PM


07:11 AM