ربما يكون هذا القرار قد أتخذ سلفاً وقد تم تحديد تاريخ الخروج ولكن لم يتم إعلانه بعد بانتظار الوقت المناسب والذي قد يكون في أحد أيام أجازة السوق في العالم كله, عند صدور الإعلان وعلى المدى القصير قد يكون التأثير محدوداً على أوروبا لقوة اقتصادها بالرغم من أي شيء آخر, شاملاً ومدمراً لليونان واقتصادها وبنوكها وشركاتها ومواطنيها اللذين سيستيقظون يوماً على عدم قدرة القطاع العام أو الخاص على دفع أي رواتب وهذا سيشمل دون أدنى شك العاملين في أي مطعم ومتجر صغير أو حتى كشك بيع الزهور, وهنا ستأتي الفرصة لمتصيدي الفرص حول العالم من مستثمرين وحكومات دول غنية واللذين سيهجمون بكل قوة وتنافس وشراسة لشراء كل شيء في اليونان وبأرخص واقل الأثمان حتى أنهم سيشترون سيولة اليورو من أيدي اليونانيين وما تبقى من أرصدتهم.
ولكن ما تأثير هذا الوضع على بقية الدول في الإتحاد الأوروبي أو بالأخص على اليورو كعملة يتم التعامل بها دولياً؟
في الحقيقة لو أجرينا مقارنة بين الاقتصاد الأوروبي والاقتصاد الأمريكي المهتريء والمثقل بالديون لكانت النتيجة طبعاً في صالح الاقتصاد الأوروبي على كل حال وقد يرتبك العالم عند خروج اليونان لفترة ثم نعود فنكتشف أن بيع اليورو قد توقف تماماً لأسباب أهمها أن أوروبا أقوى اقتصادياً كلما غادرها اقتصاد ضعيف كاليوناني مثلاً وكلما كانت دول اليورو اقل وأقوى اقتصادياً كلما رأينا أن اليورو يكتسب قوة أكثر, والسبب الآخر لتوقف بيع اليورو هو جفافه تماماً حينها وفتح الكثير والكثير من مراكز البيع التي ستكون بدورها وقوداً كافياً لصعود اليورو وبقوة طالما أن نية بقائه موجودة لدى بقية دول اتحاد أوروبا وسيبدأ اليورو بالصعود مرة أخرى لمئات النقاط مع كل خبر اقتصادي بسيط أو تصريح مسئول أوروبي عادي, أما وقت صدور خبر خروج اليونان فسيكون موعداً لتشكل موجات قوية من الصعود وموجات من الهبوط ستشكل خطراً ساحقاً على أي حساب صغير بمتوسط خمسين ألف دولار أدنى قليلاً أو أعلى قليلاً وعندها ستكون مقاعد المتفرجين هي المكسب الحقيقي للمتداول الذكي وحتى تستقر الأوضاع ويجب أن لا ننسى أن جميع الدول العظمى أاقتصادياً تملك مليارات من الأرصدة على شكل يورو والكل سيهب حينها لاصطياد اليورو من مستوياته الدنيا وعلى رأس تلك الدول ستكون الصين واليابان ودول الخليج طبعاً. كما أن أمريكا وقتها لن تقف متفرجة على دولارها وهو يئن من الصعود ويضع آخر المسامير في نعش اقتصادها وحينها ستكون طباعة المزيد من أوراق الدولار لأضعافه والحد من تفاقم صعوده هو الحل الوحيد للبنك المركزي الأمريكي.
أما أفضل استثمار ومن الآن وحتى صدور الخبر فهو الذهب ولا شيء غير الذهب أبداً والذي سيكون فوق ألفين دولار بكثير وذلك دون أدنى شك.
يجب أن لا ننسى أو نتجاهل أبداً أن مشكلة ديون اليونان المساوية لعشرين ضعف دخلها القومي لا تعد سوى مجرد زوبعة متناهية الصغر في البرميل الأوروبي, فلو قورنت هذه الزوبعة بالعاصفة التي ستحدثها ديون أسبانيا والبرتغال أو الإعصار الذي ستحدثه إثارة مشكلة ديون ايطاليا المسكوت عنها عمداً والتي بلغت مائتي ضعف دخلها القومي لعرفنا أن نهاية اليورو ليست أبدا بخروج اليونان.
التوقيع
(الَّلذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)
حسبي الله ونعم الوكيل