لمقال الثاني عن ازمة الدولار والبنك المركزي المصري
بسم الله العظيم .. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
في 19 من شهر فبراير تحدثنا عن ازمة الدولار مع المركزي المصري وتحدثنا في المقال السابق عن بعض ابعاد الازمة التي نمر بها الان وبعض التلميحات عن السبل الواجب اتباعها من قبل المركزي المصري لخلق الدولار في النظام المصرفي الرسمي ..
وتنبأنا بوصول الدولار الى مستويات ال 10 جنيهات اذا لم يتحرك المركزي على الفور باتخاذ اجرائات صحيحه .. وهو ما كان .. ووصل سعر صرف الدولار مقابل الجنية في السوق الموازيه في مطلع الشهر الحالي الى مستويات 9.50 ثم 9.86 ثم لامس مستويات ال 10 جنيهات في بعض مناطق الوجه البحري ,, ووصل الحال الى 11.40 في بعض المناطق خارج حدود الدولة المصرية (مطار دبي) على سبيل المثال
مما دفع البنك المركزي الى اتخاذ بعض الخطوات التي اشرنا اليها في المقال السابق ..
- كنا قد اشرنا الى ان المركزي ينبغي عليه ان يرفع الحد الاقصى للسحب اليومي للعملة الاجنبيه للافراد الطبيعيين كما الشركات .. وبخطوه ممتازه اقدم البنك على تعديل القانون الخاص به بازالة الحد الاقصى من التعاملات اليومية والشهريه للافراد الطبيعيين والاعتباريين والشركات ايضا ,, ولن يكون الحد للسحب اليومي 10000 $ مفعلا بعد اليوم .. مما يعكس زياده الثقه في النظام المصرفي .. ( هنرجع للنقطه دي ثاني)
-اشرنا ايضا الى ضرورة خلق دولار جديد واقدم البنك على خطوة اخرى وهي شهادات استثمارية جديده متوفره في بنك مصر والاهلي .. قال محمد الإتربى، رئيس بنك مصر إن بنكى الأهلى المصرى وبنك مصر سوف يصدران شهادة ادخار بفائدة 15% سنويًا ويصرف العائد
كل 3 أشهر، ومدة الشهادة 3 سنوات. وأضاف الإتربى، إن شراء الشهادة سوف يقتصر على التنازل على العملات الأجنبية والشراء بنفس قيمة المبلغ بالجنيه المصرى تلك الشهادة، والعرض سارى لمدة شهرين فقط، والبيع سوف يبدأ اليوم الاثنين من الاسبوع الجاري ..
وهذا القرار
يعتبر بمثابه ضربه قويه لسوق الصرف الموازي للسوق الرسمي خصوصا بعد رفع حد الايداع والسحب .. فالبنك حرك اصابعه ليخلق جوا من الثقه .. ثم عزز هذه الثقه واستغلها لصالح الايداعات الدولاريه في حسابات البنوك الحكوميه ..
واستجاب السوق فورا لتلك الاجرائات بتراجع السوق الموازيه خلال تعاملات الاسبوع من المستويات التاريخيه عند 10 جنيهات الى سعر 8.95 اليوم الثلاثاء ليعلن نجاح خطه البنك في القضاء (مؤقتا) على الفارق بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء
ولكن هناك بعض التخبطات في قرار اخر للبنك المركزي وقد اشرنا اليه في المقال السابق .. فقد صرح محافظ المركزي المصري سابقا ان سياسه البنك لا تنوي مطلقا تخفيض قيمة الجنيه وعلى الرغم من هذا ففي الاسبوع الحالي تم تقديم دفعه طارئه للبنوك من النقد الاجنبي
بسعر 8.85 ليتم عرضه في البنوك بسعر 8.95 .. مما يعني خفض قيمة الجنيه المصري بقيمه 112 قرشا دفعه واحده .. الامر الذي دعى الكثير من متابعين قرارات البنك المركزي المصري باتهام المحافظ ( بالسرقه او باستغلال المنصب ) لماذا ؟
دا رأي احد الكتاب على الفيس بوك قال بالملخص كده واخلي المسؤولية الشخصية منه :
(في يوم 10 مارس قام البنك المركزي المصري بطرح عطاء نقدي بقيمة 500 مليون دولار بسعر 7.80 اي قبل ان يطرح عطائه الجديد بالسعر الجديد باربع ايام فقط وللاسف جاء هذا بالتزامن مع قرار ازالة الحد الاقصى من الايداعات في البنك .. بمعنى اي فرد او مؤسسه اشترت الدولار من يوم 10 مارس فقط
بسعر 7.80 ربحت خلال 4 ايام 112 قرش تقريبا ربحا (رسميا) .. مما اثار الشكوك من ان تكون هناك استفاده لشركات او افراد او مؤسسات بعينها .. او ان طارق عامر نفسه لم يكن على علم بقراره الصادر بعد 4 ايام .. فالاولى مصيبه .. والثانية مصيبه اكبر)
على الرغم من ان التعليق اعلاه منطقي الا ان هناك احتمال ان تكون الازمة كبيره الى حد ابعد من ذلك .. ومن الممكن ان تكون دفعه الدعم الصادرة بتاريخ 10 مارس هي دفعه لسداد مديونيات مؤجله للمستوردين وتم توزيعها بالكامل لسداد هذه المديونيات المتاخره مما دعى البنك الى طرح دعم دولاري جديد على الفور بعد 4 ايام فقط
المحافظ القديم تم اقالته بسبب رفعه لسعر الصرف 30 قرشا فقط .. والمحافظ الحالي رفع سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه في ليله وضحاها 112 قرش تقريبا .. نعلم جيدا انه كان حملا ثقيل (ومازال) ان يحافظ البنك على اسعار صرف غير واقعيه عند مناطق 7.80 السابقه
ولكن التخبط في التصريحات وقوة التدخل في الاسواق بصورة مفاجئه انما يعكس عدم وضوح الرويه لدى رواد البنك المركزي المصري ووهو ما سيخلق حتما رغم المحاولات جوا من القلق لدى الاستثمار الاجنبي عن مستقبل السياسه النقديه في مصر ..
ينبغي الان على الحكومة دراسه سبل مكافحه وكبح وحش التضخم الذي اطلق صراحه محافظ المركزي المصري بقرار خفض قيمة الجنيه بهذا الشكل المفاجئ على المدى الطويل .. اما على المدى القصير فان ارتفاع الاسعار من وجهه نظري القاصره سيكون مفتعلا ناتج عن جشع بعض التجار..
ازمة مفتعله على وشك الظهور ..
ازمة ادعاء التضخم .. بالرغم من ارتفاع سعر الدولار رسميا في البنك الا ان هذا لا يعني مطلقا ارتفاع حتمي في اسعار السلع المستورده على الفور .. لماذا ؟
لان البنك لم يكن يستطيع تغطيه مستلزمات الاستيراد للسلع الاساسيه والثانوية في وقت الازمة الحقيقية وكان المستوردون يلجئون الى السوق الموازيه لشراء الدولار باسعار مرتفعه ثم ايداعها في البنك وبالتالي من المفترض ان تكون الاسعار التي استوردو بها في وقت الازمة هي الاعلى على الاطلاق ..
اما الان فان البنك اصبح على صدد توفير الدولار من اكثر من مصدر وبسعر اقل كثيرا من السعر السابق ,, حتى ان قام المستورد بشراء الدولار في الوقت الراهن من السوق الموازيه فان السعر انخفض اكثر من 100 قرش كامله في مستهل الاسبوع الحالي ..
من غير المنصف ان نعمم افتعال الازمة على جميع المتعاملين بالدولار .. فمن حق شركات الطيران مثلا ان تقوم برفع تكلفه التذاكر الخاصه بها بنفس نسبه تخفيض سعر الجنيه وهي ما تقارب 12 % تقريبا ..لموازنة سعر التذكره الموحد او لمعادلة قيمة الخسائر الناتجه عن انخفاض قيمة الجنيه المصري ..
اما على المدى المتوسط الى الطويل فكما ذكرنا فان الحكومة تواجه خطر التضخم الحقيقي خصوصا مع استمرار البنك المركزي بطبع المزيد من العملة المصريه لتغطيه التكاليف الحكومية والمرتبات والمعاشات مع انخفاض احتياطي النقد الاجنبي لديه ..
بجانب ما سبق فان التضخم سيتولد من ارتفاع الطلب على السلع الاساسيه خصوصا مع اقتراب دخول موسم شهر رمضان الكريم اي بعد 3 شهور تقريبا (سينتهي عرض الشهادات الدولارية بفائده 15 % بعد شهرين ولن يقبل البنك بيع شهادات اخرى بعد هذا الموعد) ..
ولمواجهه ارتفاع الطلب الكلي سوف يكون على الحكومة فرض المزيد من الضرائب او رفع الدعم عن بعض السلع لينخفض مستوى دخل الفرد الحقيقي فينخفض الطلب الكلي على السلع والخدمات فينخفض العرض الكلي تباعا فينتج عنه تخفيض الطلب على الاستيراد والدولار بالطبع ولكن هذه الاساليب قد لا تكون مجديه للاسف في هذا التوقيت تحديدا خصوصا بعد رفع الدعم عن بعض المرافق
مثل المياه والكهرباء والبنزين .. مما يعني ان المواطن لن ييتقبل فكره فرض المزيد من الضرائب او رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية
هل تم القضاء على السوق السوداء بالفعل ؟ ام ان التاريخ يعيد نفسه ؟
القرارات التي اتخذها المحافظ في اغلبها قرارات وقتيه بمعنى ان تاثيرها لحظي لحين ظهور جديد اما ان نظن بان السوق الموازيه قد تم القضاء عليها فهذا تصور غير موفق في حقيقة الامر
ومن الممكن ان نبرهن على ذلك من تاريخ البنك المركزي مع الدولار والسوق الغير رسمية
في علوم التحليل التقني مر جميعنا بعبارة التاريخ يعيد نفسه .. وعند النظر الى تاريخ المركزي المصري مع السوق السوداء سوف نلاحظ ان البنك يقوم بردود افعال تتبع حركه الدولار في السوق الموازي .. البنك المركزي المصري هو التابع بقراراته للسوق السوداء وليس العكس كمنظم لسوق الصرف في مصر ..
في سنة 2013 تقريبا سعر الدولارالرسمي في البنك كان 6 جنيه وسعره في السوق الموازية كان 6.85 فارق تقريبا 85 قرش
وفي سنة 2014 كان في البنك سعر الدولار 6.80 وفي السوق الموازية 7.8 بفارق 1 جنية
وبالتتابع في 2015 سعر الدولار الرسمي بقى 7.80 وفي السوق الموازية اصبح 8.60 بفارق 80 قرش
والنهارده في 2016 سعر الدولار بقى 8.95 تقريبا في السوق الرسمي .. الدور على السوق الموازية للرد على السعر الحالي الرسمي
هل يعيد التاريخ نفسه في العام الحالي لنرى استقرار الدولار في السوق الموازي عند 10 جنيهات ؟؟
اعتقد ان الجواب عند السيد محافظ البنك المركزي
دمتم في رعاية الله
بقلم .. علي عبده
التوقيع
مواضيع افتخر بها
.