تاريخ التسجيل: Feb 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 943
خبرة السوق: 1 الى 3 سنوات
معدل تقييم المستوى:
13
رد: مسرحيه الليره التركيه وتخفيض التصنيف الائتماني و الله يرحمه جدي حيضربني بالكرباج ( الس
مقتطفات من مقالة للكاتب يوسف الشريف
نحن أمام مسرحية كبيرة، عنوانها استخدام الأزمة السياسية بين تركيا وأمريكا من أجل التغطية على أسباب انهيار الليرة التركية الحقيقي، وعلى العكس مما يتم الترويج له من أن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقراراته بشأن تركيا، هي السبب الرئيسي لهذا الانهيار التاريخي لليرة التركية، إلا أن الحقيقة هي أن ما يحدث لليرة التركية سببه سوء إدارة الاقتصاد التركي، وكان سيحدث آجلاً أو عاجلاً، وسواء انفجرت أزمة القس الأمريكي أندرو برونسون المسجون في تركيا أو لا.
إن المحللين الاقتصاديين كانوا قد حذروا منذ مطلع هذا العام من اقتراب أزمة سيولة مالية ستواجه تركيا خريف هذا العام، وبناء على هذه التقارير لجأ الرئيس أردوغان إلى تقريب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من نوفمبر 2019 إلى يونيو الماضي، لتجنب اللجوء إلى الانتخابات تحت وطأة أزمة اقتصادية. حدث ذلك دون أي تأثير من واشنطن أو من العلاقات معها. أزمة الليرة التركية الحالية هي أزمة مالية وليست اقتصادية وهناك فرق، فالأزمة تتلخص في تعاظم ديون القطاع الخاص في تركيا والتي بلغت 217 مليار دولار حسب بيانات البنك المركزي، منها 20 مليار دولار تستحق السداد خلال شهري سبتمبر وأكتوبر القادمين، هذا بالإضافة إلى تعاظم العجز في ميزان التجارة الخارجية الذي بلغ 57 مليار دولار أي ما يعادل 6.5% من الدخل القومي.
ديون القطاع الخاص التركي تتعاظم مثل كرة الثلج منذ عام 2013، والحكومة التركية تقدم حلولاً ترقيعية وجزئية من أجل الحفاظ على المظهر العام والصورة الخارجية للاقتصاد التركي، من خلال ضخ أموال ضرائب المواطنين، لدعم القطاع الخاص ودعم سعر الليرة الذي نلاحظ أنه بدأ مسيرة التراجع منذ عام 2013.
هناك محللون أتراك يقولون إن السعر الحقيقي لليرة التركية عالميا حاليا هو 7.3 ليرة للدولار، وإن ضخ الأموال قبل الانتخابات ساعد في تأخر هبوطها إلى هذا السعر، أما اليوم فإن الحكومة توقفت عن ضخ الأموال وتركت الليرة لتلاقي مصيرها، وعلى الأغلب فإن الحكومة التركية تنتظر حتى يتم تصحيح سعر الليرة عالميا وتصل إلى 7.5 أو 8 ليرة للدولار حتى تتدخل من جديد، إما برفع سعر الفائدة قليلا وإما بضخ المزيد من الاحتياطات. وحتى يتم تصحيح سعر الليرة عالميا يتم استغلال الأزمة مع واشنطن للتغطية على السبب الحقيقي لهذه الازمة، وتبرأة ساحة الحكومة منها
الرئيس أردوغان يعلم أن أزمته السياسية مع واشنطن لن تنتهي إلا بالإفراج عن القس برونسون، لكنه لا يمانع في إطالة أمد الأزمة للتغطية على فشل سياسات حكومته الاقتصادية، والظهور في صورة المتحدي لأقوى قوة سياسية في العالم، مستعيناً بالإعلام المحلي الذي يسيطر على غالبيته، والإعلام الإخونجي الذي يدعمه إقليميا للترويج لأطروحاته، وضعف المعارضة السياسية في تركيا. إذ لا ضرر في أن تتحول أمريكا إلى "الشيطان الأكبر" لعدة أشهر في نظر المواطن التركي، قبل أن يكتشف الحقيقة بعد ذلك ويدفع ثمنها من جيبه لا من رصيد الرئيس أردوغان السياسي.
ملاحظة أخيرة: عدم اكتراث الرئيس أردوغان بإطالة الأزمة مع واشنطن للأسباب المذكورة أعلاه والتي تحقق له فوائد سياسية داخليا، سيزيد الضغط على إدارة الرئيس ترامب التي تحاول إنهاء أزمة القس برونسون قبل الانتخابات النصفية نوفمبر المقبل من أجل كسب تأييد الناخبين، وهو ما يساعد الرئيس أردوغان على رفع سقف مطالبه السياسية في مفاوضاته مع ترامب وواشنطن، وقد يبدو ذلك ذكاء سياسيا من قبل الرئيس أردوغان، لكنه يأتي على حساب اقتصاد تركيا وجيب المواطن الذي انتخبه ووثق به.