رد: تحليلات شركه اف اكس سى ام ...
إذا ما حظينا يومًا بمثال جيّد على معادلة المخاطر/ المكاسب في الأسواق، سيتمثّل قطعًا بالعملة الموحّدة. فعلى الرغم من عدم حفاظ اليورو على معدلات الفوائد الأعلى ما بين نظرائه (لا يزال يوفر الدولار الأسترالي والنيوزيلندي عوائد أفضل)؛ إلا أنّه لا يزال يتمتّع بالمناعة عينها لنظرائه الأغلى ثمنًا. الى ماذا يعود هذا الأداء المتميّز؟ هل أنّه التفاؤل الذي لا يزال سائدًا على الرغم من مواجهة اليورو بعضًا من أسوأ المخاطر الأساسيّة التي تهدّد أيًّا من الأسواق الرئيسيّة؟ تعتبر الاضطرابات الماليّة التي تقضّ مضجع اليونان والبرتغال من المشاكل التي تمسّ جوهر اليورو والاتحاد النقدي الأوروبي الذي يمثّله. وفي معادلة المخاوف والجشع التي تحدّد هذه السوق (وسائر الأسواق الأخرى)، ثمّة خلّل واضح – وهو يتمحور بشكل أساسي حول في التقليل من شأن المخاطر الراهنة والمتنامية. فإذا أردنا تقييم موعد انهيار اليورو، ينبغي التركيز على توقعات عدم الاستقرار.
كانت آفاق اليورو العامّة سلبيّة لبعض الوقت؛ بيد أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة تحديد العمليّات التجاريّة بناءً على هذا المنحى. فقد شهدنا تاريخيًّا العديد من الفترات التي تقبّلت فيها حشود المستثمرين درجات مفرطة من المخاطر أو استعاضوا عن العائدات المرتفعة باتجاه واضح المعالم. يبدو أن هذا الأمر يتحدّى منطق الأساسيّات؛ والأكثر دقّة من ذلك، فإنه يعكس تحيّز الأسواق – التي بدورها تحدّد الأسعار. أما على صعيد الاضطرابات الماليّة التي تعترض منطقة اليورو، فإن المشاكل باتت غنيّة عن التعريف، ما يدفع العديد الى الاعتقاد بأنّه سبق أن تمّ أخذها بعين الاعتبار بالكامل. مع ذلك، فإن التداعيات المحتملة الكاملة المترتّبة عن أزمة الديون/العملات لا تزال غير معروفة، في وقت توفر الجهود التي يبذلها البنك المركزي الأوروبي لإبقاء التضخّم قيد السيطرة لمضاربي الأجل القريب ارتباكًا ملائمًا. إذا ما لم يسفر اجتماع وزراء ماليّة المجموعة الأوروبيّة خلال اليومين الأوّلين من الأسبوع عن حلول لأزمة اليونان، والبرتغال، وإيرلندا؛ من المرجّح أن يوفر صورة أوضح للاضطرابات التي تعصف في المنطقة.
بغية إدراك التداعيات المترتّبة على الأسواق والناجمة عن الحدث، من الضروري معرفة ما الذي يحدق به الخطر. تحتلّ اليونان الواجهة، وهي التي أدّت الى انزلاق المنطقة في المرحلة الثانية من التدهور المالي. وعلى الرغم من أنّ المسؤولين لا يقرّون بذلك، بيد أنّه ليس من المستبعد أن تهدّد اليونان نظرائها في الإتّحاد الأوروبي بعدم الامتثال للقيود النقدية (التي تأتي جنبًا الى جنب مع العملة) إلاّ إذا ما تمّ إضفاء بنود أكثر تكيّفًا. قليلة هي السيناريوهات التي ستشجّع على خطوة مماثلة وتؤدّي الى الموافقة على تقديم مساعدة إضافية للعضو (بغضّ النظر عن التوقعات المحدّثة للمفوضّية الأوروبية بشأن اليونان والتي أظهرت ابتعاد هذه الأخيرة عن المستوى المستهدف لها، نسبة ديون تصل الى 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام). مع ذلك، من المرجّح أن يساهم أيدعم إضافي يقدّم لهذه البلاد المثقلة بالديون في تشجيع ايرلندا والبرتغال (التي شهدت مؤخّرًا توترات سياسية، إذ صوّت المواطنون ضدّ برامج التقشّف) على التماس الأمر عينه. ووسط توسيع دائرة الإنقاذ الى أكثر من 250 مليار يورو في وقت سابق، ستقودنا جولات أخرى من التكييف الى الإقتراب من الهاوية.
هل سيوفر هذا الإجتماع الهزّة التي ستزعزع المعادلة القائمة في السوق؟ كثيرة هي فرص تبلور السيناريو المذكور. وتمامًا كما شهدنا خلال الإجتماعات السابقة، يبرع الساسة في إطلاق وعود واهية في الأسواق. وفي ظلّ رفض ألمانيا المزيد من التعديلات من دون تقديم بالمقابل ضمانات بإجراء تقدّم، يستبعد أن نلحظ أي تحسّن هادف. بناء على ما تقدّم، يعتبر ارتداد اليورو السيناريو ذات الفرص الأوفر؛ إلاّ أنّ هذا التحرّك سيتلاشى بسرعة فائقة بما أنّالعديد يرجّحون فشل المنطقة في التخلّص من توتّراتها. يتواجد العنصر الذي يضطلع بدور في تحديد فرص تبلور هذا السيناريوبمعزل عن أساسيات اليورو. إذا ما تعثّرت شهية المخاطر العالمية، سيتخلّى التّجار عن الأصول الأكثر اضطرابًا- بما فيها اليورو.