الذين كانوا بحران وغيرهما من مدن أقليم الجزيرة، وانضم إليهم من سلم من معركة عين جالوت، وساروا حتى قاربوا البيرة التي كانوا قبل ذلك قد هدموا أسوارها وابراج قلعتها واضحت مكشوفة فادرك الملك السعيد بن بدر اللؤلؤ الذي كان والياً على حلب خطورة الموقف فيها، وارسل نجدة من عنده لمساعدة أهل البيرة في الدفاع عن مدينتهم، إلا أن هذه القوة الإسلامية لم تستطع الصمود أمام الجموع وايقاف زحفهم إلا أن ذلك التجمع لم يجد نفعاً أمام كثافة الجموع المغولية، واضطر المسلمون بقيادة حسامالذي خلف الملك السعيد على حلب إلى التراجع إلى الخلف لاستدراجإلى مكان أفضل لمنازلتهم فتراجع إلى حماه التي فيها الملك المنصور صاحبها، وفيها رأى توسيع الرقعة على بالضعف أمامهم بهدف اعطاء نفسه فرصة كافية لحشد أكبر عدد من الجيوش الإسلامية فوصله بحمص الملك المنصور صاحب حماه ومعه اخوه الملك الأفضل علي ومعها عساكر حماه، كما انضم إليه في الوقت نفسه الملك الأشرف صاحب حمص وفي حمص اعاد تنظيم جيوش الإسلام مرة أخرى وجهزها بالعدة والعتاد استعداد لمنازلة المغول، الذين وصلوا إلى حمص في المحرم من سنة 659هـ/ديسمبر 1260م حيث دارت بين الطرفين معركة حامية الوطيس عند قبر خالد بن الوليد ـ رضي الله عنهـ من بلاد الشام، ولما سمع المغول بمقدم ذلك الجيش دخلهم الهلع والخوف فولوا الأدبار هاربين باتجاه الشرق وطهرت بلاد الشام مرة أخرى من نير الاحتلال المغولي، واستطاع المسلمون أن يتجاوزوا هذه المحن العظيمة وأثبت التاريخ بوقائعه وشواهده، أن هذه الأمة أصلب ما تكون عودة وأشد ما تكون قوة وأعلى ما تكون همة، عندما تحيط بها الشدائد، وتحل بساحتها الأزمات وتتبلد في سمائها الغيوم، فهي حينئذ تستجمع قواها وتستشير كوامنها، وتظهر ذخائرها وتقف في مواجهة الهجمات الغازية، والمحن القاسية، بإيمان صلب، وصبر جميل، وثبات نبيل وتوكل على الله حتى يجعل الله لها من عسرها يسراً ومن ضيقها فرجاً، ومن مأزقها مخرجاً ومن ظلام ليلها صبحاً مشرقاً ونهاراً مضيئاً، وبهذا أثبتت الأمة عراقتها وأصالتها وأنها قادرة على أمتصاص الهزائم واجتياز المحن والشدائد العظام والوصول إلى بر الأمان في النهاية بسلام
التعديل الأخير تم بواسطة خادم القرآن ; 01 - 05 - 2012 الساعة 11:55 PM