رد: التحليل الكلاسيكى والفنى للعملات ... وائل فاروق
معركة اليورو الفاصلة ميدانها شواطئ إيطاليا الجميلة
إدوارد ألتمان وموريزيو إسنتاتو
شهدنا على مدى أكثر من عقدين تدهور الأوضاع الاقتصادية في عدة بلدان أوروبية. وسرعان ما أدى هذا إلى قيام المجتمع المالي بصورة منتظمة، بتقييم الوضع الصحي لعدة بلدان طرفية جنوبي القارة الأوروبية، فضلا عن تهاوى التصنيفات ذات الدرجة الاستثمارية وارتفاع معدلات العوائد المطلوبة على الدين الحكومي لهذه الدول. ومع استمرار البنك المركزي الأوروبي في تقديم حزم الإنقاذ، يبحث كثيرون الآن عن البلد التالي الذي سيتعرض لهجوم مالي ويتساءلون حتى عما إذا كان اليورو سيظل قائماً.
ويشعر بعض المحللين بأن إسبانيا هي المعقل الأخير فيما يتعلق ببقاء اليورو، لكننا لا نرى ذلك. إننا نعتقد أن المعركة النهائية سيتم خوضها على شواطئ إيطاليا الرائعة، الأمر الذي سيتمخض عن ظهور روما إما بطلا، وإما وغدا فيما يتعلق ببقاء اليورو. ويرغب معظم الساسة الأوروبيين بشدة في أن ينتهي التدافع على كثير من أعضاء ''نادي'' اليورو وأن تعمل عمليات إنقاذه على إعادة الثقة. ولسوء الحظ هذا حلم من المحتمل أن ينهار عندما تواجه قطعة الدومينو التالية - إسبانيا - تمحيصا مكثفا لملاءتها المالية.
إن إسبانيا التي يبلغ حجم دينها الحكومي ضعفي حجم دين اليونان لديها نواحي ضعف معروفة جيداً – وتحديداً لديها اقتصاد ضعيف، ومعدل بطالة يتجاوز 20 في المائة، وانهيار عقاري مدمر وما يترتب على ذلك من أزمة مصرفية. والحاجة لعملية إنقاذ محتملة لإسبانيا ليست ممكنة فحسب، بل مرجحة ويمكن إدارتها حتى مع تصاعد أعباء الدين الإجمالي المترتبة على شركائها الآخرين الأقوى منها في اليورو، وعلى بنكها المركزي، وعلى صندوق النقد الدولي.
وهكذا، فإننا نستدير إلى إيطاليا. إن الدين السيادي المالي المترتب على البلد، والذي يبلغ قرابة ألفي مليار دولار، يفوق الدين المترتب على أي من الحكومات الأخرى الواقعة في المشاكل. وبينما يعتمد بقاء اليورو في النهاية على الحقائق السياسية، فإننا نشعر أن ''معركة'' السوق المالية لليورو ستصل إلى تخوم إيطاليا. فإذا أضيف دينها إلى الأعباء المتزايدة المترتبة على الاتحاد الأوروبي وعلى صندوق النقد الدولي، فإنه قد يكون ببساطة كبيراً جداً وعندها سينهار اليورو. ويدعم نظريتنا استخدام مقياس جديد لتقدير العافية المالية للدول.
فبالإضافة إلى التحليلات القياسية للأخطار التي تتهدد الاقتصاد الكلي من قمته إلى أسفله، والتي يجري الإعلان عن متغيراتها ومناقشتها باستمرار، فإننا نعتقد أنه يمكن تقييم معظم البلدان عبر عافية قطاعاتها الخاصة وقوتها. إن المقياس الذي طورناه يعتبر نسخة بسيطة وأقوى من نقاط – ألتمان Z المعروفة. وينطوي هذا المقياس على حساب النقاط الائتمانية لإحدى الشركات والتي تم أخذها من ثلاثة أنواع من المتغيرات وهي
1) معدلات الأداء الثابت والخطر الأساسية، كالربحية والمديونية والسيولة. (2) مقاييس حقوق الملكية في سوق الأسهم. (3) إحصائيات سوق المال والإحصائيات الاقتصادية، كمعدلات خطورة دين الشركات ومعدلات البطالة. لقد طبقنا أنموذجنا على تسعة بلدان أوروبية وعلى الولايات المتحدة قبل أن تتضح الأزمة في أوائل عام 2009 ومرة أخرى في أوائل عام 2010، فوجدنا في معظم تلك البلدان أن التسلسل الهرمي للخطر السيادي كان ملحوظاً.
إن نتيجة ''المعركة'' الإيطالية غير واضحة. إننا نعلم أن إيطاليا، رغم ضخامة دينها العام وتباطؤ اقتصادها وشيخوخة سكانها وعدم اتضاح أوضاعها السياسية، تتمتع بمستودع رأسمال ثري من المستهلكين والشركات، وأن نسبة تصل إلى 65 في المائة من دينها العام الحالي ربما كانت مترتبة على أفراد إيطاليين خاصين ومؤسسات إيطالية خاصة.
إضافة إلى ذلك، يوجد لدى إيطاليا عدة ميزات نسبية وبخاصة صناعتي السياحة والأزياء فيها، وبعض الشركات القوية، وقطاع مصرفي آخذ في التحسن، ناهيك عن قطاع الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم الذي يتسم بالديناميكية، لكنه هش. ورغم ذلك، فإن مقياسنا الخاص بالخطر الائتماني الكلي، وإن أصبح أفضل مما كان قبل عامين، يضع إيطاليا بين أخطر قطاعات الشركات الخاصة. وإذا عانت سوق الأسهم الأوروبية، وبخاصة سوق الأسهم الإيطالية، من انكماش آخر، فمن المؤكد عندها أن يتعمق مقياسنا الخاص بالخطر ويترك دين الحكومة الإيطالية عرضة لهجوم السوق نفسه الذي تعرضت له البلدان الطرفية الأخرى، مع ما يرافق ذلك من زيادة في أسعار الفائدة وارتفاع أقساط التأمين على القروض.
وحتى في هذه الأيام، ورغم تدني أسعار الفائدة، تتحدث المفوضية الأوروبية عن أن الفوائد التي تدفعها الحكومة الإيطالية كنسبة مئوية من ناتجها المحلي الإجمالي تبلغ 4.8 في المائة، ما يجعلها في المرتبة الثانية بعد اليونان التي تبلغ هذه النسبة فيها 6.7 في المائة، وتعتبر أعلى بكثير من جميع البلدان الأوروبية الرئيسية الأخرى ومن الولايات المتحدة (2.9 في المائة). لا بل أن نسبة البرتغال أقل؛ عند 4.2 في المائة.
وحتى الآن، أظهرت معايير سوق التأمين على مقايضات العجز عن سداد الائتمان والمعايير الأخرى للأسواق وجود بعض القلق بشأن إيطاليا، لكنه ليس كبيراً جداً، رغم تحذير وكالة موديز من أنها قد تخفض تصنيف الدين الإيطالي وسط مخاوف من انتقال العدوى إليها من اليونان. إن الاحتمال الضمني لعجز إيطاليا عن السداد، استناداً إلى فروقات العوائد على مقايضات العجز عن سداد الائتمان، متوسط نسبياً (13.4 في المائة، ارتفاعاً من 9 في المائة قبل شهر). لكنها مسألة وقت فقط حتى نرى ما إذا كانت إيطاليا ستصبح بطل اليورو أو وغده.
ـــــــــــــــــ
إدوارد ألتمان، أستاذ كرسي ماكس إل. هين للعلوم المالية في مدرسة الأعمال في جامعة نيويورك. وموريزيو إسنتاتو، الرئيس التنفيذي والمؤسس لـ ''كلاسيس كابيتال''.
التوقيع
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حى لا يموت وهو على كل شىء قدير ...سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب اليك...