• 8:28 صباحاً




الآسراء والمعراج

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 386
معدل تقييم المستوى: 15
عادل الاسد is on a distinguished road
30 - 06 - 2011, 06:46 AM
  #1
عادل الاسد غير متواجد حالياً  
افتراضي الآسراء والمعراج
في ذكرى الإسراء.. لن تُحرَّر القدسُ إلا بالدماء



لقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج تسليةً ومكرمةً لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد المعاناة والعذاب الشديد الذي لاقاه الرسول- صلى الله عليه وسلم- من قِبَل أهل قريش، فقد حُثي التراب فوق رأسه، وبُصِق في وجهه الشريف، ووُضِع سلا الجزور على رأسه وهو ساجد في ظل الكعبة، حتى جاءت فاطمة- رضي الله عنها- فطرحت عن ظهره، فرفع رأسه ثم قال: "اللهم عليك بقريش".



وحاول عقبة بن أبي معيط خنقَه حتى كادت أنفاس الرسول- صلى الله عليه وسلم- أن تخرج بين يديه، فجاء الصدِّيق ليدفع هذا الكافر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ (غافر: من الآية 28)، ثم خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف كي يبلغ دعوة الله، ولكنه وجد قلوبًا عاتيةً، فكانوا أقبح من ردِّ أهل مكة.. أغرَوا سفهاءَهم وصبيانَهم بقذف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالحجارة حتى سال الدم الطاهر من جسده الشريف، ثم وقف يناجي ربه قائلاً: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين.. أنت رب المستضعفين وأنت ربي.. إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟! أم إلى عدو ملكته أمري..؟! إن لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي.. أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلُح عليه أمر الدنيا والآخرة ألا تُنزل بي غضبَك أو يحل عليَّ سخطُك، لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".



بعد هذا كله أراد- صلى الله عليه وسلم- أن يدخل مكةَ، فسأله زيد- رضي الله عنه- متعجبًا كيف تعود يا رسول الله إلى مكة وقد أخرجوك؟! قال- صلى الله عليه وسلم-: "يا زيد، إن الله جاعلٌ لما ترى فرجًا ومخرجًا"، ودخل- صلى الله عليه وسلم- مكة في جوار المطعم بن عدي المشرِك، وصلى في الكعبة تحت حماية حِراب المطعم وأولاده.



لقد استحق الحبيب محمد- صلى الله عليه وسلم- بعد هذا المشوار الطويل أن يكون في رحاب مولاه ليرَى من آيات ربه الكبرى ليزداد ثقةً ويقينًا بنصر الله وتأييده له ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: 47)، كانت هذه الضيافة الربانية تمهيدًا لمرحلة المجابهة مع أعداء الله، وهذه سنة الله في عباده المؤمنين أن يكون معهم في مواجهة الباطل، فالله سبحانه حين كلَّف موسى بمواجهة فرعون أراه الله آياتِه الكبرى؛ لأن مواجهة الباطل- المتمثل بفرعون- تحتاج إلى مزيد من الصبر والثبات على الحق.. قال تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى* قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى* فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى* قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُُولَى* وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى* لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى* اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ (طه: 17-24).



يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله (4/2334): إن موسى- عليه السلام- ذاهِبٌ لمواجهة أقوى ملك في الأرض وأطغى جبار.. إنه ذاهبٌ لخوض معركة الإيمان مع الطغيان.. إنه ذاهبٌ إلى خضمِّ الأحداث والمشكلات مع فرعون أول الأمر، ثم مع قومه بني إسرائيل وقد أذلَّهم الاستعباد الطويل وأفسد فطرتهم، وأضعف استعدادهم للمهمة التي هم منتدَبون لها بعد الخلاص، فربه يُطلعه على أنه لن يذهب غفلاً من التهيؤ والاستعداد، وأنه لم يرسل إلا بعد التهيئة والإعداد، وأنه صُنع على عين الله منذ زمان، ودرِّب على المشاقِّ وهو طفلٌ رضيع، ورافقته العناية وسهرت عليه وهو صغير ضعيف، وكان تحت سلطان فرعون وفي متناوله وهو مجرد من كل عدَّة ومن كل قوة فلم تمتد إليه يد فرعون؛ لأن يد القدرة كانت تسنده وعين القدرة كانت ترعاه في كل خُطاه، فلا عليه اليوم من فرعون وقد بلغ أشده وربه معه، قد اصطنعه لنفسه واستخلصه واصطفاه".



في ذكرى الإسراء والمعراج على الأمة أن تعود إلى سالف عهدها.. أن تقرأ أوائل سورة الإسراء التي تتحدث عن إفساد بني إسرائيل مرتين، ففي هذه الآيات بُشرى بأن عباد الله المخلصين هم الذين سيفتحون بيت المقدس، ويدمروا ما بناه بنو صهيون، وقد مرَّت الإفسادة الأولى حين خانوا الله ورسوله فأجلاهم محمد- صلى الله عليه وسلم- عن المدينة المنورة واستأصل شأفتهم، وأما الإفسادة الثانية فهي التي نعيشها اليوم فقد بلغ العدو الصهيوني من العتوِّ والإجرام ما لم يشهده في أي وقت مضى.. قال تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأََنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾ (الإسراء 7).



يقول الشيخ الشعراوي- رحمه الله- في تفسيره (14/8363): "فإذا كانت الكرَّة الآن لليهود، فهل ستظل لهم على طول الطريق؟! لا.. لن تظل لهم الغلبة، ولن تدوم لهم الكرَّة على المسلمين بدليل قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ﴾.. أي إذا جاء وقت الإفسادة الثانية لهم، وفي الآية بشارةٌ لنا أننا سنعود إلى سالف عهدنا، وستكون لنا يقظةٌ وصحوةٌ نعود بها إلى منهج الله وإلى طريقه المستقيم، وعندها ستكون لنا الغلبة والقوة وستعود لنا الكرَّة على اليهود".



إن فكرة التجمع القومي لبني صهيون اليوم في فلسطين والذي نادى به بلفور في إعطاء وطن قومي لهم في فلسطين وأيدت ذلك القوى الكبرى المعادية للإسلام، وما ينادي به زعماؤهم من ربْط أرض فلسطين بتوراتهم المزيَّفة وادعائهم بأنها أرض الميعاد قد وهبَها الرب لهم كما صرح بن جوريون أمام العالم حين قال: قد لا يكون لنا في فلسطين حقٌّ من منطلق سياسي أو قانوني، ولكن لنا في فلسطين الحق من منطلق وأساس ديني، ثم قال: لا معنى لفلسطين من دون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل، ولا معنى لقيام دولة إسرائيل بدون فلسطين!!



أما ما قاله نتنياهو يوم أن نجح في الانتخابات واستلم رئاسة الوزراء فيؤكد على هذه السياسة الخبيثة، فقد قال: لقد صوَّت اليهود أخيرًا للتوراة، ثم قال بكل وقاحة: لا مجال للحديث في أي مفاوضات عن تقسيم القدس، فإن القدس عاصمةٌ أبديةٌ لإسرائيل.. إن وجود اليهود في فلسطين وتجمعهم من شتى أقطار الأرض له حكمةٌ ربانيةٌ في إثارة نفوس المؤمنين؛ لأن هذا الإجرام الصهيوني المتغطرس يحرك كوامن النفوس نحو الإيمان بالله سبحانه، فلا ترى راحةً لها إلا بالرجوع إلى الله، وهذا ما نلمسه حقيقةً حينما اقتحم شارون المسجد الأقصى، فكانت انتفاضة الأقصى التي أجبرت العدو الصهيوني على الاندحار من قطاع غزة ﴿وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ (الإسراء 104).



إن القرآن الكريم يحدثنا ويؤكد لنا أن القدس لا تُسترد ولا تتحرر إلا بالدماء الطاهرة إلا بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله إلا عن طريق الإقدام والاقتحام.. قال تعالى: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ* قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ* قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (المائدة: 21-23)، وأحسب أن وعد الله قد تحقق في انتفاضة الأقصى المباركة على يد المجاهدين الصادقين، على يد الاستشهاديين الذي اقتحموا على اليهود مغتصباتهم فذُبِحوهم ذبحَ الخراف، وتحقق وعد الله في حرب الأنفاق التي زلزلت أركان بنيانهم فخرَّ عليهم السقف من فوقهم، تحقق بصواريخ المقاومة التي زَرَعت الرعب في قلوبهم، فأصبحت شبحًا يطاردهم ليل نهار، وتحقق بصمود الشعب الفلسطيني الأسطوري أمام الآلة العسكرية الصهيونية، فكانت بداية تحقيق وعد الله باندحار اليهود عن غزة مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأََنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾ (الإسراء 7)، وسنكمل المشوار حتى دحر الاحتلال من كل أرضنا الحبيبة فلسطين بإذن الله.



رد مع اقتباس

عضو الماسي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 37,798
معدل تقييم المستوى: 52
محمد حمدى ناصف is on a distinguished road
افتراضي رد: الآسراء والمعراج
2#
16 - 11 - 2017, 07:09 AM
جزاكم الله خيرا

ودى واحترامى



سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
بعدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته
محمد حمدى ناصف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع القسم الاسلامي

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أنشودة قم عانق أرض الأسراء لفرقة الوعد remas rozan استراحة بورصات 0 07 - 09 - 2009 01:39 AM


08:28 AM