بداية، نريد أن نظهر تساؤلنا عن سبب التشاؤم الذي يسود الأسواق المالية! فالمتداولون مع البيانات الاقتصادية السلبية كانوا يشيرون إلى أنهم متفائلون لأن البيانات السلبية تدعم احتمال تدخّل الفيدرالي الأمريكي في الأسواق لدعم الاقتصاد، و نرى بأن البيانات السلبية في أوروبا لم تؤخذ بعين الاعتبار سابقاً في ظل حالة من الاستقرار تجاه أزمة الديون السيادية التي انخفض القلق منها، و في الاقتصاد الدولي، أصبحت البيانات الاقتصادية السلبية لا يهتم لها المتداولون لأنهم يرون البنوك المركزية في العالم سوف تدعم الاقتصاد الدولي لمنع انزلاقه.
لكن، ما الذي حصل اليوم ؟ و لماذا عاد التشاؤم في الأسواق المالية؟ يشير المحللون بأن انخفاض الثقة في الاقتصاد الأوروبي في أكبر انخفاض في الثقة منذ شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2008 سبب ضرب في الثقة في الأسواق المالية و ذكّر المتداولين في أزمة الديون السيادية. و تشير فئة أخرى من المتداولين عن قلقهم تجاه أزمة الديون بعد قيام إيطاليا بطرح ناجح للسندات و كذلك الموافقة من قبل رئيس الوزراء الإيطالي على خطط تقشف، إذ أن هذا أيضاً ذكّرهم في أزمة الديون السيادية!
انخفض مؤشر الثقة في الاقتصاد الأوروبي من مستوى 103.0 إلى 98.3، فيما نرى بأن مؤشر مناخ الأعمال شهد انخفاضاً من مستوى 0.44 نقطة إلى 0.07 نقطة، و كذلك انخفضت معظم مؤشرات الثقة، و حتى مؤشر ثقة المستهلك الذي جاء أفضل من التوقعات، إلا أنه ما زال في السلب عند قيمة 16.5- نقطة.
إن هذه البيانات كانت ضربة وجّهت لليورو هذا اليوم، و في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي بعد اجتياح الأسواق المالية حالة من الهذيان و القلق مجدداً، نرى بأن سعر صرف اليورو مقابل الدولار انخفض بشكل واضح هذا اليوم لينخفض من مستوى 1.4532 إلى مستوى 1.4382 قبل أن يعود للتداول في مستويات بين الدعم 1.4410 و المقاومة 1.4455. إن التحليل الفني يشير إلى أن الزوج بحاجة لأن يستقر فوق الدعم المشار له، و فوق 1.4365 الفاصل الأهم من أجل دعم مزيد من الإيجابية، و إلا انخفض و فشلت الموجة الصاعدة في حال تم كسر تلك المستويات من الدعم.
لو نظرنا إلى أسواق الأسهم الأوروبية اليوم، سوف نرى أداء هزيل لمؤشر كاك الفرنسي، مع ميل للهبوط في مؤشر داكس الألماني الذي يتداول الآن ( في تمام الساعة 11:16 بتوقيت غرينتش ) بانخفاض يقارب 0.45%. إن هذا الأداء يظهر لنا حذراً عاد من جديد للأسواق المالية الأوروبية، و تشير العديد من الجهات في العالم إلى أن سبب ذلك هو بيانات أوروبا السلبية اليوم، إلى جانب حالة عدم اليقين من مستقبل الاقتصاد الدولي و الخوف من أزمة الديون الأوروبية.
خلال الجلسات القليلة الماضية، تم الإشارة إلى أن المتداولون انخفض قلقهم تجاه النمو في الاقتصاد الدولي و أزمة الديون الأوروبية وسط توقعات أن يقوم الفيدرالي الأمريكي بإقرار سياسة تخفيف كمي ثالثة، و اليوم نرى المتداولين عادوا للقلق لنفس تلك الأسباب، هذا ما تقوله العديد من الجهات، لكن نحن نعتقد بأن كل هذا عبارة عن عمليات جني أرباح من قبل مضاربين في الأسواق استغلّوا الارتفاع الذي حصل سابقاً، و كانت بيانات أوروبا اليوم سبب لحصول بعض عمليات جني الأرباح.
انطلقت الأسواق البريطانية اليوم بإيجابية! فقد عوّضت في ارتفاع اليوم ما لم تقم به خلال عطلة يوم أمس، و نرى حالياً مؤشر فوتسي البريطاني يتداول بارتفاع مقداره 2.38% تقريباً. لكن، الجنيه الإسترليني لم يكن سعيد الحظ هذا اليوم ! فقد انخفض انخفاضاً كبيراً مقابل الدولار الأمريكي. نجد بأن سعر صرف الجنيه الإسترليني قد انخفض بعد ملامسته للأعلى عند سعر 1.6421 دولار للجنيه الإسترليني الواحد، و لامس الأدنى عند 1.6276 دولار للجنيه، و حالياً، ما زال الزوج يتداول في مستويات قريبة جداً من الأدنى الذي تحقق اليوم.
البيانات الاقتصادية التي صدرت من بريطانيا اليوم كانت مختلطة، لكن قوّة الدولار الأمريكي هي السبب وراء كل هذا الانخفاض في سعر صرف الجنيه الإسترليني. أما بحسب التحليل الفني، فالفشل في الثبات فوق سعر 1.6550 سبب كاف لدفع الزوج للانخفاض، و الآن يقف أمامنا مستوى الدعم الهام جداً 1.6205 و الذي بكسره قد لا يبقى للجنيه أمل بأن يرتفع على الأنظمة الزمنية اللحظية، هذا بحسب ما يرى ا لمحللون الفنيون.
يوم آخر ممل لتداولات زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني. نطاق تداول الزوج هذا اليوم كان محدوداً في مستويات بين 76.97 و 76.63 ين للدولار الأمريكي الواحد، و هذا النطاق المعتاد الذي ساد معظم التداول منذ العاشر من هذا الشهر ما زال مستمراً. على الدولار الأمريكي أن يحقق استقراراً فوق سعر 76.95 ليثبت لنا بأنه قادر على اتخاذ مسار صاعد، حيث أن التحليل الفني يشيد في هذا المستوى و أهمية اختراقه من أجل تأكيد الإيجابية. لكن، الفشل في الثبات فوقه، يعني فشل الدولار في اتخاذ اتجاه صاعد مقابل الين، رغم إيجابية تداولاته اليوم مقابل سلّة العملات الأجنبية.
اتجاه المتداولين نحو الأصول المنخفضة العائد اليوم، و التي على رأسها الدولار الأمريكي و الين الياباني تثبت لنا حالة القلق في الأسواق المالية، و هذه الحالة من القلق مبررة فعلاً بسبب ضعف الاقتصاد الدولي و التباطؤ في نشاطاته الاقتصادية، كذلك بسبب أزمة الديون السيادية الأوروبية و المشاكل الاقتصادية الأمريكية. لكن ما يجعلنا في حيرة، هو أن الظروف لم تختلف كثيراً بين اليوم و يوم أمس! فالظروف نفسها، لكن نظرة المتداولين تختلف ! و في النهاية لا نستطيع إلا أن نقول، أن الأسواق المالية تتحرك بين قوى الطلب و العرض، و اليوم يتجّه الطلب نحو الأصول المنخفضة العائد بعد بيع الأصول المرتفعة العائد، و هذا يعني حالة من القلق و عمليات جني الأرباح.
التوقيع
جميع مشاركاتي لا تمس الواقع بصلة ... واي تشابه بينها وبين الواقع فهي أغرب من الخيال
الدولار يرتفع مستفيداً من قلق يعم الأسواق
المواضيع المتشابهه 
