الدولار الأميركي على أهبّة الإستعداد لتسجيل تحرّك حقيقي إذا ما تحوّلت مخاوف الأسواق الى ذع

الدولار الأميركي على أهبّة الإستعداد لتسجيل تحرّك حقيقي إذا ما تحوّلت مخاوف الأسواق الى ذعر

أحكم نفور المخاطر قبضته مرّة جديدة على الأسواق، بيد أنّ الوضع الراهن يختلف عن ذلك الذي ساد في يوليو/أغسطس.

• لم يوفر بنك الاحتياطي الفدرالي للمضاربين أي تفاصيل جديدة، واختار عملية تويست عوضًا عن جولة ثالثة من التيسير الكمّي
• سجّل كلّ من مؤشر S&P500 والداو أكبر هبوط له طوال يومين في أعوام، وصبّ ذلك لصالح الدولار
• حقّق الدولار الأميركي ارتفاعًا ملحوظًا، بيد أنّه قد يتراجع قبل استكمال الموجة الصعودية

أحكم نفور المخاطر قبضته مرّة جديدة على الأسواق، بيد أنّ الوضع الراهن يختلف عن ذلك الذي ساد في يوليو/أغسطس. بإمكاننا تصنيف ذلك التحرّك تحت خانة الإختراق الفنّي. وما نلحظ تبلوره حاليًا هو أكثر ارتباطًا بالأساسيات. علاوة على ذلك، ما يجعل الوضع أكثر غرابة (خطورة) هو بروز تلك المشاعر العارمة في الوقت عينه الذي نختبره فيه حدود الحوافز والمخاطر المعنوية. بالنسبة الى الدولار، تعتبر هذه الأوضاع مثالية.
إذا ما كنّا في صدد كتابة لائحة بميزات العملة، فإنّه لمن الواضح تمامًا افتقار العملة الأميركية الى تلك السمات. بالنسبة الى الأخضر: معدّلات الفائدة قريبة من الصفر وستبقى ثابتة عند ذلك المستوى لسنوات عدّة؛ تشهد الأنشطة الاقتصادية تباطؤًا ملحوظًا؛ تبعد الأسواق القلقة رؤوس الأموال عن الإستثمارات الفعّالة؛ وبات وضعها كملاذ آمن يرزح تحت وطأة ضغوطات دائمة (كرّر وزير المالية الصيني الأسبوع السابق دعوته التي تحثّ صندوق النقد الدولي على تنويع احتياطاته). وفي ظلّ ظروف مماثلة، عندما تشهد الأسواق الأوسع نطاقًا استقرارًا أو توسّعًا؛ تتسارع تلك المشاكل لتقويض جاذبية الدولار. مع ذلك، ثمّة ميزة يتمتّع بها الدولار وتفتفر اليها العملات البديلة وهي التكاثر. تعدّ العملة الإحتياط الأوّل بالنسبة الى العالم، يتمّ استخدامها في معظم البورصات وتستعمل لشراء السلع المادّية والخدمات. بتعبير آخر، إنّها تتمتّع بالسيولة.
يشجّع نفور المخاطر رؤوس الأموال على الإبتعاد عن المواقع المحفوفة بالمخاطر (تلك التي تنطوي على مخاطر أكبر مقارنة بعائداتها المحتملة) والتهافت على الملاذات الآمنة. يحدث ذلك بهدف تفادي المخاطر وإعادة رؤوس الأموال الى موطنها الأصلي. مع ذلك، ووسط تحرّك منظّم مماثل، ثمّة العديد من البدائل لتحوّل "نفور المخاطر" هذا بالتزامن مع ملاذات آمنة تنافسية وعملات تمويلية أكثر تكاثرًا. مع ذلك، عندما تتحوّل المخاوف الى ذعر وتبدأ الأسواق بعدم إنجاز وظائفها المألوفة؛ وحدها الأصول الأكثر سيولة تجتاز تلك المحنة. يشير ذلك الى أنّ الدولار وسندات الخزانة الأميركية وصناديق الأموال الأميركية هي الملاذ الأخير.
في هذا الصدد، تبلور اختراق الزخم الصعودي الذي ظهر في الفصل الأوّل من العام 2009 وتلقى الدعم من موجة الحوافز؛ وانتقلنا الى مرحلة الحاجة الى تبديد المخاطر. ومن أجل إحراز المزيد من التقدّم في طريق الأزمة المالية المسدود، نحتاج الى أن تبدأ خطوط رؤوس الأموال بالتجمّد وفوائد المضاربة القريبة الأجل بالإرتفاع. إنّ ذلك في صدد الحدوث. وبالإضافة الى إعلان بنك الاحتياطي الفدرالي عن وضع حدّ للحوافز؛ رأينا تخفيض تصنيف أبرز المصارف (بنك أميركا وسيتي وويلز فارغو)، وبلوغ تكاليف المقايضات مع النظام المصرفي الأوروبي ذروة أعوام عدّة، الى جانب تزايد تكاليف الضمان (تكاليف التذبذبات الكامنة وأقساط مقايضات الديون الإئتمانية). لسنا بحاجة الى تبلور مستجدّات سلبية أكثر لحفاظ أسواق رؤوس الأموال على تدهورها والدولار على تسارعه الصعودي- إنّه الإتّجاه المهيمنالآن. على الرغم من ذلك، من الضروري اتّخاذ الحذر من زيادة عدد المواقع في خضمّ موجة نفور المخاطر هذه.
وفي حين طرأ تحوّل على الإتّجاه السائد وتحرّكات الأسعار؛ ثمّة دائمًا تصحيحات للتحرّكات الأكبر. وعندما يتعلّق الأمر بتصفيات ناجمة عن الذعر، تتنامى فرص التدخّل والتلاعب. عندما تتجمّد أسواق رؤوس الأموال والإئتمان، تتدهور الاقتصادات وتظهر التوتّرات الإجتماعية. في هذه الحالات، يتّخذ المسؤولون الخطوات اللازمة لإحلال الهدوء. مع ذلك، ماذا يستطيعون الفعل هذه المرّة؟ امتنع بنك الاحتياطي الفدرالي (أكبر مصرف مركزي في العالم) عن اعتماد المزيد من الحوافز. تمّ تجاهل المساعي الهادفة الى تقويض الأزمة الأوروبية. نتوقّع أن نلمس جهود منسّقة خلال الأجل القريب. من المرجّح أن تولّد تحرّكات مماثلة تحرّكات وجيزة وحافلة بالتذبذبات؛ إلاّ أنّ ذلك لن يقلب المعادلة القائمة.