يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد ، أستجير برب الفلق من شر ما خلق من الخلق .
واختلف أهل التأويل في معنى ( الفلق ) فقال بعضهم : هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، قال : ثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله ، عمن حدثه عن ابن عباس قال : ( الفلق ) : سجن في جهنم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : ثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن رجل ، عن ابن عباس ، في قوله : ( الفلق ) : سجن في جهنم .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا العوام بن عبد الجبار الجولاني ، قال : قدم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشأم ، قال : فنظر إلى دور أهل الذمة ، وما هم فيه من العيش والنضارة ، وما وسع عليهم في دنياهم ، قال : فقال : لا أبا لك أليس من ورائهم الفلق ؟ قال : قيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم إذ فتح هر أهل النار .
حدثنا ابن البرقي ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا نافع بن يزيد ، قال : ثنا يحيى بن أبي أسيد عن ابن عجلان ، عن أبي عبيد ، عن كعب ، أنه دخل كنيسة فأعجبه حسنها ، فقال : أحسن عمل وأضل قوم ، رضيت لكم الفلق ، قيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره .
وقال آخرون : هو اسم من أسماء جهنم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت خيثم بن عبد الله يقول : سألت أبا عبد الرحمن الحبلي ، عن ( الفلق ) ، قال : هي جهنم .
وقال آخرون : الفلق : الصبح .
ذكر من قال ذلك :
قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، قال : ( الفلق ) : الصبح .
حدثني علي بن الحسن الأزدي ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، مثله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ( الفلق ) : فلق الصبح .
وقال آخرون : ( الفلق ) : الخلق ، ومعنى الكلام : قل أعوذ برب الخلق .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : لنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( الفلق ) : يعني : الخلق .
ثم اختلف أهل التأويل في المظلم الذي عني في هذه الآية ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منه ، فقال بعضهم : هو الليل إذا أظلم .
ذكر من قال ذلك :
تفسير سورة الفلق للطبري
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( غاسق ) قال : الليل ( إذا وقب ) قال : إذا دخل .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( إذا وقب ) يقول : إذا أقبل . وقال بعضهم : هو النهار إذا دخل في الليل ، وقد ذكرناه قبل .
وقال آخرون : هو كوكب . وكان بعضهم يقول : ذلك الكوكب هو الثريا .
ذكر من قال ذلك :
وقال آخرون : بل الغاسق إذا وقب : القمر ، ورووا بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا .
حدثنا محمد بن سنان ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر . فقال : "يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا ، فإن هذا الغاسق إذا وقب" .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : ما من شيء أقرب إلى الشرك من رقية المجانين .
ذكر من قال ذلك :
وقال آخرون : بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية أن يستعيذ من شر اليهود الذين حسدوه .
ذكر من قال ذلك :
وأولى القولين بالصواب في ذلك ، قول من قال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شر كل حاسد إذا حسد ، فعابه أو سحره ، أو بغاه سوءا . [ ص: 706 ]
آخر تفسير سورة الفلق
تفسير سورة الفلق للطبري