• 7:44 مساءاً




جريدة الشروق اليومية التونسية

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 843
معدل تقييم المستوى: 13
لازلت انتظر is on a distinguished road
01 - 03 - 2012, 01:28 AM
  #1
لازلت انتظر غير متواجد حالياً  
افتراضي جريدة الشروق اليومية التونسية
هل مصر فعلاً ليست تونس؟

عندما اندلعت الثورة التونسية وأطاحت بالديكتاتور زين العابدين بن على فى 14 يناير الماضى خرج علينا مسئولو النظام المصرى السابق بالقول «إن مصر ليست تونس»، وكانوا يقصدون بذلك تثبيط همم المصريين وإقناعهم بأن ما حدث فى تونس غير قابل للتكرار فى مصر لأن النظام هناك فاقد للشرعية أما هنا فإن قاعدته الشعبية واسعة لا تهزها الحركات الاحتجاجية ولا المؤسسات الشعبية الموازية لمؤسسات الدولة. وبعد عشرة أيام اندلعت الثورة المصرية وتبين أن مصر يمكن أن تكون تونس.

وعندما جلسنا أمام الفضائيات نتابع بإعجاب شديد تقاطر التونسيين على صناديق الاقتراع للتصويت بنسبة تتراوح حتى تاريخ كتابة المقال بين 70 و90%، خرج من بيننا هذه المرة من يقول إن مصر ليست تونس. ومنطق هؤلاء أن التطور الاجتماعى- الاقتصادى فى تونس مختلف عن نظيره فى مصر، فنسبة الأمية تدور حول 25 % لديهم وتربو على 40% لدينا، والتونسيون عندما يهاجرون فإنهم يختارون فرنسا وإيطاليا أما المصريون فإن وجهتهم المفضلة هى بلدان الخليج وخصوصا السعودية وما أدراك ما السعودية. والأهم أن جذور العلمنة التى غرسها بورقيبة منذ الاستقلال عام 1956 تعهدها بن على بعدما أطاح بورقيبة عام 1987، أما فى مصر فإن تديين السياسة بدأ مع السادات « الرئيس المؤمن» الذى ضرب اليساريين بالإسلاميين واستمر مع مبارك الذى ضرب المواطنة بتغذية الفتنة الطائفية. وفى كل الأحوال فإن القائلين إن مصر ليست تونس يريدون سواء بسوء نية أو بحسن نية إفهامنا أننا ينبغى أن نحلم « على قدنا»، فلا نتوقع انتخابات خالية من العنف كتونس ولا إقبالا مرتفعا على التصويت مثلما حدث فيها. بل إن البعض ذهب إلى توقع نسبة للتصويت فى الانتخابات البرلمانية المقبلة تقل عن نسبة التصويت فى الاستفتاء والتى بلغت حوالى 42%، إما خوفا من البلطجة أو يأسا من التغيير.







جريدة الشروق اليومية التونسية







فى رأيى أنه رغم الاختلافات بين البيئتين التونسية والمصرية إلا أن عناصر التشابه بينهما أكثر. والأهم أنه فور نجاح الثورتين فى إطاحة رئيسيهما فإن فرص مصر كانت أفضل بكثير من تونس فى إقامة نظام ديمقراطى حقيقى. أولا لأن هامش الحرية السياسية والإعلامية الموروث من عهد مبارك والأكبر من نظيره الموروث بما لا يقاس من عهد بن على، هذا الهامش سمح للعديد من الحركات الاحتجاجية بأن تنشط على الساحة المصرية خصوصا بين عامى 2005 و2011. كما أن الشراكة التى تحققت أيام الثورة المصرية بين جماعة الإخوان المسلمين ومختلف القوى السياسية كان يمكن البناء عليها بعد الثورة، وفى المقابل فإن حركة النهضة التونسية انقطعت صلتها بالمجتمع واضٌطر زعيمها راشد الغنوشى للإقامة فى المنفى منذ مطلع التسعينيات، علما بأن المرة الأولى والأخيرة التى ترشحت فيها حركة النهضة لمجلس النواب كانت فى عام 1989 على قوائم المستقلين.

السبب الثانى الذى كان يجعل فرص مصر فى إقامة نظام ديمقراطى أفضل من تونس أن بن على هرب إلى السعودية وصار بعيدا عن متناول الثوار، أما فى مصر فقد عُزل مبارك وسافر إلى منتجعه المفضل فى شرم الشيخ الأمر الذى ساعد على تقديمه للمحاكمة. السبب الثالث والأخير أن من تولى إدارة الدولة بعد إطاحة بن على كان هو فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب بحكم الدستور التونسى، والمبزع هو أحد أعمدة نظام بن على وحاله فى ذلك كحال د. فتحى سرور الذى كان يمكنه خلافة مبارك أيضا بنص الدستور المصرى، لكن الذى حدث هو أن الجيش عزل مبارك وتولى هو إدارة البلاد.


●●●


نحن إذن لسنا كتونس لا لأننا نختلف اجتماعيا واقتصاديا عنها لكن لأننا اخترنا مسارا سياسيا مختلفا وأضعنا فرص تميزنا النسبى بعد الثورة. تونس فعلت ما يتفق مع المنطق فبدأت بانتخاب المجلس التأسيسى الذى يضع الدستور قبل أن تشرع فى بناء مؤسسات الدولة، ونحن فعلنا العكس. وتونس استحدثت منذ وقت مبكر (فبراير 2011 ) الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة لإدارة المرحلة الانتقالية فسحبت جزءا من الصلاحيات التشريعية من رئيس الدولة وتفرغت لمهمتها الحصرية بعيدا عن قضايا الاحتجاجات والإضرابات، أما نحن فلم نعرف مثيلا لتلك الهيئة التونسية المتخصصة التى لم تُمثل فيها كل القوى السياسية هذا صحيح، لكنها ضمت اثنى عشر حزبا من بين الأبرز على الساحة التونسية. وتونس استخرجت من هذه الهيئة (فى سبتمبر 2011) ما يعرف بإعلان المسار الانتقالى الذى رسم خريطة طريق واضحة وبتوقيتات محددة للتحول الديمقراطى، وتعهدت القوى الموقعة عليها تعهدا أدبيا بتعهدات مختلفة أبرزها إبعاد المساجد ودور التربية وأماكن العمل عن الدعاية الانتخابية، أما فى مصر فمن وقعوا على وثيقة المجلس العسكرى سحبوا توقيعاتهم ومنهم من أصر على تديين دعايته الانتخابية.

لم يكن المخاض التونسى سهلا لكن كان فيه شد وجذب، تأجلت انتخابات المجلس التأسيسى من 24 يوليو إلى 16 أكتوبر ثم إلى 23 أكتوبر، وتسبب هذا التأجيل فى أزمة بين الغنوشى وهيئة حماية الثورة. واندلعت أزمتان حادتان بين الإسلاميين والعلمانيين بسب فيلم « لا ربى لا سيدى « وفيلم «بيرسو-بوليس «، وجرت اضطرابات ومواجهات حادة بين شباب الثورة وقوى الأمن على خلفية قضايا مطلبية والتراخى فى محاسبة الفاسدين. لكن فى النهاية جرت الانتخابات فى صورة محترمة وحضارية، وكان أبرز مظاهر هذا التحضر خروج الغنوشى بعد فوزه ليعلن تمسكه بحقوق المرأة وتلك رسالة يفهمها كل من قرأ مجلة الأحوال الشخصية فى تونس. كما خرج أحمد الشابى زعيم الحزب الديمقراطى التقدمى ليعلن قبوله بالهزيمة.


●●●


فى الانتخابات ليس مهما من يفوز، المهم أن يكون الفوز شريفا لا يُنتزع بالعنف أو بتوظيف الدين، وأن يكون حقيقيا بأن يمثل الناخبون الأكثرية الساحقة ممن لهم حق الاقتراع. وإذا لم نكن قد سلكنا مسلك تونس حتى تاريخ إجراء الانتخابات، فلا ينبغى أن نستسلم لدعاة ترويعنا من العنف القادم فى الانتخابات وليخرج منا كل أحد ليصوت كما سبق له أن خرج فى ثورة يناير،فلعل تلك تكون هى الوسيلة الوحيدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه على طريق اللحاق بتونس.





جريدة الشروق اليومية التونسية

التوقيع

توقيع
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع استراحة بورصات

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جريدة الشروق التونسية الرياضية *angel* استراحة بورصات 0 18 - 10 - 2011 05:27 PM
جريدة الشروق التونسية pdf *angel* استراحة بورصات 0 18 - 10 - 2011 05:21 PM
جريدة الشروق التونسية اليومية *angel* استراحة بورصات 0 18 - 10 - 2011 05:09 PM
جريدة الشروق التونسية اليوم *angel* استراحة بورصات 0 18 - 10 - 2011 05:07 PM
جريدة الشروق التونسية *angel* استراحة بورصات 0 18 - 10 - 2011 05:05 PM


07:44 PM