جدل بعد مشروع قانون "الشعب": تحويل بورسعيد إلي مدينة حرة.. بين نعم ولا

أثار مشروع قانون عودة المدينة الحرة لبورسعيد والذي يناقشه مجلس الشعب حاليا.. الكثير من ردود الافعال المختلفة ففيما اعرب البعض ممن يعملون في قطاع التجارة والصناعة عن غضبهم مؤكدين ان تطبيق القانون سيزيد من نسبة تهريب السلع من بورسعيد إلي خارجها مع حرمان خزينة الدولة من الرسوم الجمركية ولفتوا إلي أنه سيضر بالصناعة المصرية وسيؤدي إلي اغلاق الكثير من المصانع التي سيتجه اصحابها إلي الاستيراد أو التهريب.

تساءل آخرون عن سبب صدور مثل هذا القانون حاليا وما إذا كان فرقعة انتخابية أم لا؟
أكد عدد ممن لم يلق القانون ترحيبا كافيا لديهم علي ضرورة الاهتمام ببورسعيد لتكون مدينة صناعية انتاجية والعمل علي اقامة العديد من المصانع بها لخلق فرص عمل كبيرة خاصة لابناء المحافظة والمحافظات المجاورة.
وطالب من جهة أخري البعض بالاستعانة بأهل الخبرة قبل اصدار قانون اقتصادي لأن القوانين الاقتصادية إذا كانت خاطئة ستعود بالضرر علي البلد كلها.

الشارع البورسعيدي من ناحيته كان له رأي آخر إذ عمته الفرحة وأكد التجار والمستوردون ان عودة بورسعيد مدينة حرة سيبعث فيها الحياة من جديد بعد تهميش عاشته في عهد المخلوع.

فرحة كبيرة عمت الشارع البورسعيدي بعد ان اعلنت لجنة المقترحات بمجلس الشعب موافقتها علي مشروع قانون عودة العمل بقانون المنطقة الحرة والذي تقدم به الدكتور رشيد عوض عضو مجلس الشعب عن حزب الوسط ببورسعيد.
في الشارع التجاري قال مجدي الشامي تاجر ومستورد أننا في لهفة لصدور القرار بعد صدمة عاشتها بورسعيد 30سنة من المعاناة في ظل النظام البائد مبينا ان هذه القرارات لصالح المواطن البورسعيدي لان الحصة السابقة التي وزعت قبل 2006 لم يستفد منها أي بورسعيدي بالإضافة الي القرار المرشد رقم 2 الذي حرم بورسعيد من 100سلعة.

الحاج فوزي شوربة مستورد أقمشة اكد ان بورسعيد لأول مرة تتنفس الصعداء بعد ان استأثر رجال الاعمال ¢ الحيتان¢ بالبطاقات الاستيرادية الكبيرة وكانت حصة المحافظة كلها تمثل نفس حجم استيراد تاجر واحد في الاسكندرية أو القاهرة لسلعة واحدة.

وأوضح ايهاب صالح تاجر بشارع الحميدي ان بورسعيد كادت تموت من الكساد التجاري الذي لحق بها من جراء هذا القرار الظالم في عهد المخلوع مبارك عقابا لها علي معارضته لها.

ومن جهته أكد محمود فؤاد أمين عام ائتلاف تجار بورسعيد ان القرار انصف بورسعيد التي ظلت في طي النسيان والتهميش في ظل الحكم البائد مطالبا باعادة توزيع الحصص الاستيرادية والبطاقات الخاصة بها بشكل عادل.. يعيد الحق لاصحابه وهم تجار ومستوردي بورسعيد وبالتساوي فلا يعقل ان تكون هناك بطاقة قيمتها 33 ألف جنيه وأخري لاتزيد قيمتها الاستيرادية علي 4500 جنيه ولا يعقل ايضا ان يظل 80% من تلك البطاقات في حوزة أفراد ليسوا من تجار بورسعيد وذلك منذ بدء توزيعها لأول مرة عام 1989 وحتي الآن بينما نسبة ال 20% المتبقية من تلك البطاقات في حوزة تجار ومستوردي المدينة فقط.

واشار إلي أن الحصة الاستيرادية الجديدة التي أقرها المجلس العسكري بقيمة 37 مليون جنيه لتضاف إلي حصة المنطقة الحرة اثلجت صدور تجار المدينة خاصة بعدما تم توزيعها في صورة بطاقات استيرادية جديدة مما سيؤدي إلي انعاش التجارة بالحرة شريطة ان يصدر قرار بعودة ال 100 سلعة التي أخذتها حكومات الوطني السابقة من بورسعيد عنوة.

واتفق معه محمود طلبة تاجر ومستورد بالحميدي مؤكدا ان القرار جيد واعاد الروح لبورسعيد من جديد مبينا ضرورة تنشيط السياحة الداخلية لبورسعيد بتنظيم الرحلات الجماعية من مختلف محافظات مصر إلي الحرة ومنح تلك الرحلات الجماعية خصومات تحفيزية بالقري السياحية للمحافظة.

ويري مجدي كمال مدير عام جمعية مستثمري المنطقة الحرة العامة ببورسعيد: ان القرار صائب 100% بشرط ان لا تكون آلية تنفيذه محصورة في نشاط الاستيراد للسلع الاستهلاكية فقط.. فنحن نريد ان تتحول بورسعيد في المرحلة المقبلة إلي "هونج كونج" وسنغافورة أخري بالشرق الأوسط ولن يتحقق ذلك إلا بآليات جديدة تعمل علي ادخال الصناعات الثقيلة والمغذية إلي بورسعيد وخاصة في أراضيها الجديدة بمنطقة شرق التفريعة حيث الميناء المحوري العبقري هناك والذي استطاع خلال سنوات محدودة فقط ان يصبح الميناء الثاني في حوض البحر المتوسط.
واضاف ان حلمنا الآن هو استغلال عودة المنطقة الحرة للعودة بها إلي مخططها الأول في الصناعة والتصدير وليس الاستيراد فقط للسلع الاستهلاكية ففي هذا مردود اقتصادي واجتماعي كبير لابناء المحافظة والمحافظات الاخري.
واقترح كمال ضرورة ان يتبع الجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة ببورسعيد أحد وزراء الحكومة المعنيين بالاقتصاد وتنميته لتكون قراراته سريعة وملزمة علي أن يكون بقية اعضاء الجهاز المعاون من مجلس ادارة المنطقة الحرة الحالية من بورسعيد.

..والاقتصاديون: ينعش المدينة الباسلة اقتصاديا.. ويعالج البطالة

علي الجانب الآخر أكد خبراء الاقتصاد ان اعادة مدينة بورسعيد كمنطقة حرة سيعيد احياءها اقتصاديا وسينعش اسواق المدينة الباسلة مع فتح الباب أمام استيراد السلع والمنتجات الأجنبية ذات الجودة العالية وبالتالي تحصيل رسوم وجمارك عليها كمصدر تمويل جديد للخزانة العامة للدولة وشددوا علي ضرورة التوسع في إنشاء العديد من المناطق الحرة في المحافظات المختلفة لاسيما سيناء والاستفادة من مقوماتها الهائلة محذرين في الوقت ذاته من المنافسة الشديدة للمنتجات المحلية والتي تهددها بالتوقف.

لفت الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي بأكاديمية السادات إلي أن تحويل بورسعيد إلي منطقة حرة له انعكاس ايجابي علي الاقتصاد القومي خاصة ان بورسعيد كانت منتعشة اقتصاديا إبان الفترة التي كانت فيها المدينة حرة تجاريا وأوضح انه في حالة تنفيذ هذا القرار فسيوفر علاجا حقيقيا لمشكلة البطالة لأن بورسعيد تفتقر للمقومات الاقتصادية المختلفة زراعيا وصناعيا وتعتمد علي تقديم خدمات للسفن العابرة وتحصيل رسوم وجمارك نظير الانتظار في الميناء والأرصفة.

وقال انه من مميزات عودة بورسعي دمدينة حرة توفير كافة السلع والمنتجات التي تحتاجها المصانع والشركات والتي تستخدم في مكونات الادخال بالاضافة إلي تحقيق منافسة حقيقية للمنتجات الواردة وتوسيع رقعة الاختيار للمواطنين واشار إلي ضرورة التوسع في إنشاء المناطق الحرة بمختلف المحافظات خاصة سيناء لأنها تملك المقومات الهائلة لذلك.

ويري الدكتور صلاح الجندي استاذ الاقتصاد جامعة المنصورة ضرورة المضي قدما في هذا الاتجاه لاسيما ونحن في عصر الحرية والانفتاح علي العالم والاقتصاد المحلي يحتاج إلي تنوع مصادره ومقوماته ليستطيع النهوض من كبوته الحالية.

ويشدد في الوقت ذاته علي ضرورة الاسراع في اعادة تأهيل المنتجات المحلية بما يتماشي مع مستويات الجودة العالمية بالاضافة إلي العمل علي تخفيض سعره لينافس غيره من المنتجات واضاف ان الصناعات الصغيرة والمتوسطة المستفيد الأول من القرار الذي سيوفر المكونات الصناعية اللازمة لهذه الشركات.

الصناع: مدينة إنتاجية.. أفضل

اعترض الصناع علي عودة بورسعيد كمدينة حرة مؤكدين ان هذا القانون سيزيد التهريب لأن زيادة الحصص الاستيرادية.. لا تحتاج إليها بورسعيد ولكن سيتم تهريبها إلي خارج المدينة مما يساهم في تدهور الصناعة المصرية وطالبوا بتحويل بورسعيد إلي مدينة صناعية انتاجية وتشجيع اقامة المصانع التي ستخلق فرق عمل كبيرة.

يقول يحيي زنانيري رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة ان هذا القانون يعتبر رشوة انتخابية فلماذا في هذا التوقيت يتم زيادة الحصص الاستيرادية لبورسعيد متسائلا: هل يعقل ان بورسعيد وحدها تحتاج إلي كل هذا الكم الكبير من البضائع المستوردة؟ وأكد ان بورسعيد مدينة واعدة سواء سياحيا أو تجاريا أو صناعيا.. وبدلا من منح رشوة تعود علي عدد محدود من التجار ننمي المدينة لنحولها إلي منطقة حرة صناعية.

ويقول مجدي طلبة الرئيس السابق للمجلس التصديري للملابس الجاهزة الممثلة ان القرارات الحالية تتخد علي انها قرارات عكسية للقرارات التي صدرت في النظام السابق والاقتصاد لا ينجح بالقرارات العكسية واضاف ان قرار انشاء مدينة حرة في بورسعيد.. ايام السادات.. كانت الفكرة بسبب عودة هونج كونج للصين وجاءت الفترة لتصبح بورسعيد بديلا عن هونج كونج ونقطة تجارة وتوزيع لدول الشرق الأوسط وافريقيا الا انها تحولت إلي مدينة استهلاكية تعتمد كل الاعتماد علي السلع الاستهلاكية واصبحت بؤرة من بؤر التهريب وبالتالي كان لها تأثير سلبي علي الصناعة المصرية علي الرغم من انها نواة لمدينة انتاجية خاصة وان بها المنطقة الحرة الصناعية وتعتبر صناعة الملابس في هذه المنطقة قوية جدا.. وتساءل: لماذا لم نعمل علي تحويلها إلي منطقة انتاجية خاصة وان 30% من اجمالي صادرات الملابس في مصر من هذه المنطقة فلماذا نعيدها إلي أن تصير مدينة استهلاكية فقط تسببت في اغراق السوق بالسلع المهربة وحذر من العواقب السلبية المتوقعة علي الكثير من المصانع المصرية.. حيث سيتحول اصحاب المصانع الصغيرة إلي الاستيراد أو تهريب البضائع وطالب مجدي طلبة بضرورة الاستعانة بأهل الخبرة قبل اصدار أي قرار اقتصادي.
المصدر: الجمهورية المصرية

التوقيع