كل إنسان يحرص أن يكون في أجمل صورة، في خلقته وحُلته، والحد المعقول من ذلك أمر محمود فالله جميل يحب الجمال، ودين الإسلام يدعو إلى الطهارة والجمال.
النفوس مجبولة على حب الجمال، فقد فطرت على حب كل جميل من المخلوقات والانجذاب إليه والجمال صفة مدح، فكم تغنى الشعراء بالجمال وأهله وفتنوا به يقول
أحدهم:
رأيت بها بدرًا على الأرض ماشيًا *** ولم أر بدرًا قطُ يمشي على الأرض.
ويقول آخر:
يزداد توريد خديها اذا لحظت *** كما يزيد نبات الأرض بالمطرِ
فالورد وجنتها والبرق بسمتها *** وضوء بهجتها أضوى من القمرِ
ويقول ثالث:
هذي العيونُ، وذلك القَدُّ *** والشيحُ والريحان والنَّدُّ
هذي المفاتنُ في تناسُقها *** ذكرى تلوح، وعِبْرَةٌ تبدو
سبحانَ من أعطَى، أرى جسدًا *** إغراؤه للنفس يحتدُّ
عينانِ ما رَنَتا إلى رجل *** إلا رأيتَ قُواه تَنْهَدُّ
من أين أنتِ، أأنجبتْك رُبًا *** خُضرٌ، فأنتِ الزَّهر والوردُ؟
ولذا فكل إنسان يحرص أن يكون في أجمل صورة، في خلقته وحُلته، والحد المعقول من ذلك أمر محمود فالله جميل يحب الجمال، ودين الإسلام يدعو إلى الطهارة [
] والجمال، لكن الأمر تجاوز ذلك إلى ما يشبه الهوس فكم خسر الناس وخاصة النساء [ ] في هذه الأيام في سبيل التجميل والتجمل الكثير من الأموال، فمن
تأمل حجم مصروفات الإنفاق على أدوات التجميل وعمليات التجميل أصابه الذهول، فقد ذكرت جريدة الشرق الأوسط في عددها [ 12737 السبت 08 ذو الحجة
1434 ه 12 أكتوبر 2013] أن حجم استهلاك السيدات السعوديات في الطب التجميلي ومنتجاته تجاوز 60 مليار ريال خلال عام 2011.
في مثل هذا الجو المشحون بتنافس شركات أدوات التجميل نكشف لعشاق الجمال أخطر سر للجمال عجزت عن تسويقه تلك الشركات وغفل عنه الكثير ممن يبحث عن
الجمال، ترى ما هو هذا السر؟ هذا السر هو العناية بجمال الباطن، فجمال الباطن يزيد الظاهر جمالًا وبهاءً وفساد الباطن يكسب الظاهر قبحًا وشينًا، وجمال الباطن إنما
يكون بالأعمال الصالحة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الحسن والجمال الذي يكون عن الأعمال الصالحة في القلب [ ] يسري إلى الوجه، والقبح
والشين الذي يكون عن الأعمال الفاسدة في القلب [ ] يسري إلى الوجه، ثم إن ذلك يقوى بقوة الأعمال الصالحة والأعمال الفاسدة؛ فكلما كثُر البر والتقوى [
] قوى الحسن والجمال، وكلما قوى الإثم والعدوان قوى القبح والشين، حتى ينسخ ذلك ما كان للصورة من حسن وقبح.
فكم ممن لم تكن صورته حسنة ولكن له من الأعمال الصالحة ما عظم به جماله و بهاؤه، حتى ظهر ذلك على صورته".
ويؤكد هذا الإمام ابن القيم [ ] رحمه الله فيقول: "فكل من لم يتق الله عز وجل في حسنه وجماله انقلب قبحًا وشينًا يشينه به بين الناس، فحسن الباطن يعلو
قبح الظاهر ويستره، وقبح الباطن يعلو جمال الظاهر ويستره".
ولعلنا نكشف السر الأعظم لوصفة الجمال من خلال الأعمال التالية:
أولًا: سلامة القلب [ ] وصحته: القلب [ ] ملك الأعضاء وفي صحته و سلامته ونوره سلامة الأعضاء وضياءها ونورها فعن حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ