• 11:41 مساءاً




قصة سرايا عابدين ويكيبيديا

إضافة رد
أدوات الموضوع
عضو فـعّـال
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 1,467
معدل تقييم المستوى: 13
Polymers is on a distinguished road
13 - 09 - 2014, 12:10 PM
  #1
Polymers غير متواجد حالياً  
افتراضي قصة سرايا عابدين ويكيبيديا


«سرايا عابدين» لا يروي قصّة الخديوي إسماعيل
الخطّ الذي يفصل الأعمال الدرامية عن الأعمال التاريخية يكاد يكون رفيعاً لدرجة أنّ أيّ عملية انتقاد منحازة تقدر على قطعه ونثر أشلائه في محيطات إعلام هائجة. لكن عندما تتزاوج الدراما بالتاريخ، وتمتزج الشخصيات الحقيقية بمخيّلة الكتّاب وإبداع المخرجين تولَد قصص قادرة على إغناء أحاديث الصالونات والأفران وملاعب المدارس على حد سواء.


الدراما التاريخية تمتلك حرّية معالجة الأحداث التاريخية





share

print

favorite




-T
+T




منذ أيام هوميروس ومروراً بعصر شيكسبير ووصولاً إلى أيامنا هذه، كان التاريخ وما زال نبعاً لا ينضب يرتشِف منه صنّاع الدراما والمسرح. ولطالما كانت ردّة فعل الكتّاب على الأحداث التاريخية والمواد المتوافرة في الكتب القديمة متفاوتة ومختلفة على حسب الرغبات الإجتماعية السائدة في زمن الكتابة أو حتى الميل الشخصي.

تمتلك الدراما التاريخية حرّية معالجة الأحداث التاريخية وإعادة صياغتها وتنظيمها بحيث تصبح أكثر وظيفية في تطوير النصّ لاستحضار روح الفرادة والوحدانية ولخلق «الأساطير الجديدة».

في مسلسل «سرايا عابدين» الذي تعرضه محطة MBC خلال شهر رمضان، وبعد مرور أكثر من نصف عدد حلقات العمل، لا يبدو أنّ هذا المسلسل يروي حصراً قصّة حياة الخديوي إسماعيل (قصي خولي) الذي حكم مصر بين عامي 1863 و1879 وساهم في إدخال الحداثة إلى كامل مفاصل الدولة وتطبيق خطط إصلاحية على مختلف الصعد البرلمانية والإدارية والقضائية والإعمارية والإقتصادية والثقافية وغيرها، ولا يسعى العمل إلى إلهاء المشاهد في زواريب السياسة العثمانية في القرن التاسع عشر، بل يجتهد في كلّ حلقة إلى إغراقنا في قصص الحبّ والخيانة والمؤامرات التي أصابت بسهامها حكّام القصر كما خدّامه.

ومن ورقة البَردي إلى الكتاب ومنه إلى التلفزيون والسينما كانت تفاصيل قصص الحبّ المزّينة بالألماس والمعفّرة بالتراب داخل أسوار قصور الحكّام والملوك محطّ اهتمام عشّاق الدراما.

وفي فلك هذا الحبّ القادر على إصابة قلوب الأغنياء والفقراء، يحصل جميع المشاركين في العمل من باشاوات وأميرات وخادمات وطباخين وعبيد وجواري على حصتهم من السيناريو، ويتساوون بأدوارهم أمام عدسة المخرج عمرو عرفة الذي حوّل المسلسل إلى عمل درامي يرتكز على بطولة شخصيات وأدوار وليس بطولة أسماء ونجوم.

قصة سرايا عابدين ويكيبيديا



في القرن التاسع عشر كانت سرايا عابدين تكتظّ بالناس الذين يعيشون من أجل إرضاء الخديوي إسماعيل واستعطافه، لكنّ السراي في القرن الواحد والعشرين إمتلأت بطاقم من الممثلين المصريين والسوريين واللبنانيين يعملون لإنعاش الدراما العربية في واحد من أضخم إنتاجاتها.

واللعنة العثمانية التي لاحقت بلادنا العربية منذ اكثر من 500 عام، والتي ساهمت في ترسيم حدودنا وتعيين حكّامنا وجلّادينا، عادت لتصيبنا اليوم بمقارنة الإنتاجات العربية بمثيلاتها التركية. وعلى رغم تحدّر العائلات التي حكمت مصر حتى بداية القرن العشرين من أصول تركية، إلّا أن الهوية العربية فرضت نفسها على «سرايا عابدين» وحرّرته من الكلوستروفوبيا التي غلّفت مشاهد «حريم السلطان».

وعندما يوجد أمام المشاهد العربي عمل درامي تزيّن تاجه عملاقة التمثيل المصرية يسرا (خوشيار هانم)، والممثل السوري المبدع قصي خولي (الخديوي اسماعيل) والممثلة الجميلة غادة عادل (شمس قادين) إلى جانب المبدعة اللبنانية كارمن لبّس (نازلي هانم) وغيرهم الكثير من النجوم، لا يمكن تشبيه العمل بغيره، بل يصحّ وضعه مرجعاً مستقبليّاً للأعمال الدرامية التاريخية والمقارنة به.

في «سرايا عابدين» الجميع حصل على حصته من الحب والخيانة، حتى كدنا نعتقد أن الجميع تساوى بالأدوار، لكنّ نجوم العمل الأساسيين وضعوا الخطوط العريضة التي رُسِمت على أساسها الأحداث من الناحيتين السايكولوجية والدرامية... وبعد أن حرصت كاتبة العمل هبة مشاري حمادة على إيقاع جميع الممثلين في الحبّ على اختلاف أشكاله، أبدعَ النجوم في ترسيم معالم القصر الإنسانية.

وفيما تولّت خوشيار هانم (يسرا) الواقعة في حبّ ممتلكاتها تصوير البرودة التي تغلّف قلوب الحاكمات، وازنَت دورها نازلي هانم (كارمن لبّس) التي كانت حبّة السكر التي تحلّي مرارة العيش خلف أبواب القصور الموصدة.

كثيرة هي المراجع والكتب التي يمكن التعرّف فيها الى إنجازات الخيدوي إسماعيل السياسية والى أسماء زوجاته وأبنائه وبناته، والتفرّس في كافة تفاصيل حياته من دون أخطاء، لكن لا يوجد مرجع في المكتبات يخبرنا عن أسماء الخدّام والجواري والطبّاخين الذي سهروا على راحة الخديوي، ولا يوجد معجم يفسّر علاقات الغرام المحرّمة في أقبية القصور ودهاليزه.

وكتب التاريخ المذهّبة التي لم تترك على صفحاتها مكاناً سوى لقصص الملوك والحكّام، بات في إمكانها اليوم أن تغتاظ من دراما مرصّعة بإبداعات نجوم عرب لتروي قصص أولئك المفروض عليهم قراءة التاريخ وليس صناعته.


قصة سرايا عابدين ويكيبيديا

التوقيع

sign
رد مع اقتباس


إضافة رد



جديد مواضيع استراحة بورصات


11:41 PM